محمد الشاذلي النيفر

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
محمد الشاذلي النيفر

[1911 - 1997م]

هو الشيخ محمّد الشاذلي ابن قاضي الجماعة الشيخ محمّد الصادق النّيفر (ت 1937)،, ووالدته شريفة ابنة الشيخ محمّد عزّوز من عائلة الوليّ الصالح سيدي علي عزّوز (1705) دفين زغوان. ولد يوم 29 جوان 1911 في مدينة تونس بنهج الحفصيّة في بيت علم ومجد. تلقّى دراسته الابتدائيّة في البيت وفي الكتّاب على أيدي بعض المؤدبين، وبعد أن حفظ نصيبا من القرآن الكريم وتعلّم مبادئ اللغة العربيّة التحق بالمدرسة القرآنيّة التي أنشأها الصحافي الشاذلي المورالي لمنافسة المدارس "الفرنسيّة العربيّة" وقتئذ. ثمّ انخرط في سلك تلامذة جامع الزّيتونة في ذي القعدة 1342/جوان 1924 لمواصلة دراسته الثانوية، فتفرّغ للعلم بجدّ وكدّ، وانتقل بنجاح من سنة إلى أخرى في أثناء سنوات المرحلة الأولى، وإثر ذلك ارتقى إلى المرحلة الثانية وتدرّج في مراتبها دون استمرار إلى أن أحرز في صفر 1349/جويلية 1930 شهادة ختم الدّروس الثانوية بجامع الزيتونة المعروفة عهدئذ بشهادة التطويع. ثم التحق بقسم الدّراسات العليا بالجامع الأعظم وانتقل من طبقة إلى أخرى إلى أن نجح في مناظرة التدريس من الطبقة الأولى في شعبان 1372/ماي 1953.

وقد تتلمذ في مختلف مراحل التعليم بجامع الزيتونة لنخبة من الأساتذة نخصّ بالذكر منهم والده الشيخ محمّد الصادق النيفر (1881 - 1937) الذي كان أوّل من أجازه في الحديث وقرأ عليه شرح التنقيح للقرافي وموطأ الامام مالك وعارضة الأحوذي في شرح صحيح الترمذي وشرح المحلّي لجمع الجوامع وقواعد الونشريسي الأصولية وغيرها. وأخذ أيضا عن شيخ الاسلام محمّد العزيز جعيّط شرح المحلّي على جمع الجوامع في أصول الفقه ومختصر بن الحاجب الأصلي بشرح العضد وصحيح مسلم بشرح النووي والموافقات للشاطبي ومقدمة ابن الصلاح في مصطلح الحديث. كما أخذ أيضا عن المفتي الحنفي الشيخ الحطّاب بوشناق والمشايخ بلحسن النّجار ومحمّد العربي الماجري ومحمّد الزغواني وأحمد بن عثمان ومحمّد البشير النيفر. ولم تسمح الظروف للشيخ الشاذلي النيفر بمتابعة دروس الامام محمّد الطاهر ابن عاشور، ولكنّه حصل منه على إجازة في الحديث. وقد استرعى انتباه شيوخه وأقرانه في مراحل التعلم المختلفة بإقباله على العلم وقدرته على الاستيعات وحسن سلوكه ودماثة أخلاقه.

تراوحت مسيرة الشيخ الشاذلي النيفر بين الوظيفة والتدريس والبحث العلمي فانخرط في سلك مدّرسي جامع الزيتونة في أكتوبر 1934 وفاز في مناظرة التدريس من الطبقة الثانية في نوفمبر 1943 ثم في مناظرة التدريس من الطبقة الأولى في ماي 1953. وبالإضافة إلى دروسه في الجامع الأعظم كلّف بتدريس العلوم الاسلاميّة بالمدرسة الصادقيّة ومعهد كارنو ودار المعلّمين بتونس. وبعد الاستقلال عيّن مدرّسا بالكليّة الزيتونيّة للشريعة وأصول الدّين أولا برتبة أستاذ مساعد (1968) ثم برتبة أستاذ محاضر (1975) وأخيرا برتبة أستاذ كرسي (1981). واستمرّ في مباشرة التدريس في الجامعة الزيتونية إلى آخر سنة 1990. وقد تخرّجت عليه جموع غفيرة من التلاميذ والطلبة الذين شغلوا أعلى المناصب في التربية والتعليم والقضاء والإدارة.

وإلى جانب مهامه التعليمية والتربوية، باشر الشيخ محمّد الشاذلي النفير الخطط الإداريّة التالية: حاكم بالمجلس العقاري المختلط ومدير مدارس سكنى الطلبة والحيّ الزيتوني (1951) وعضو بلجنة تنظيم المكتبة الأحمدية والمكتبة العبدليّة (1957) وإمام خطيب بجامع النفافتة بحي باب الأقواس من سنة 1946 إلى آخر حياته. وانتخب عميدا للكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدّين في سنة 1977 وجدّد انتخابه في سنة 1980. وبالاضافة إلى وظائفه التربوية والاداريّة انتخب عضوا في المجلس القومي التأسيسي من 1956 إلى 1959، ثم انتخب عضوا في مجلس الأمّة من 1959 إلى 1964 وأعيد انتخابه مرتين الأولى من سنة 1981 إلى 1986 والثانية من 1986 إلى 1989.

نشاطه الثقافي والعلمي[عدّل]

عرف الشيخ محمّد الشاذلي النيفر منذ شبابه الباكر بنشاطه المتنوّع والمكثّف في الجمعيّات الثقافية والأدبية. فقد تولى في 1936 رئاسة "جمعيّة الشبان المسلمين"، كما أسهم في تأسيس "جمعية الزيتونيين" في سنة 1936 و"الشبيبة الزيتونية" في سنة 1937. وانتخب عضوا في "هيئة جمعية بيت الحكمة التونسيّة" التي تأسّست في سنة 1944 برئاسة العلامة حسن حسني عبد الوهاب. وكان من مؤسّسي مجلة "الجامعة" التي صدر عددها الأوّل في شهر جويلية 1937، وقد أسهم في تحريرها، وأشرف على شؤونها المالية إلى أن اضطرّت إلى الاحتجاب إثر ظهور العدد الصادر في شهر ماي 1938 بسبب ما تعرّض له أصحابها من مضايقات السلطة الاستعماريّة بعد حوادث 9 أفريل 1938. وأسهم في تأسيس جريدة "الزيتونة" التي صدر عددها الأوّل في 8 نوفمبر 1953، واختصّ بتحرير افتتاحيّاتها التي كانت تتناول بالدّرس موضوعات سياسيّة شتّى تتعلّق بالخصوص بمصير الأمّة والدفاع عن الزيتونة والمطالبة بإصلاحها، وقد استمرّت هذه الجريدة في الصدور إلى شهر مارس 1957. كما أسهم في تحرير عدّة جرائد ومجلاّت ثقافية أخرى نخص بالذكر منها: "المجلة الزيتونية" و"الثريّا" و"المباحث" و"الهداية" و"جوهر الاسلام" و"النهضة الأدبيّة" و"العمل" و"الحريّة" و"الصباح" و"المجلة الصادقيّة" (في سلسلتها الجديدة) ومجلة "الدعوة" المغربيّة ومجلة "المنهل" السعودية. والجدير بالذكر أنّ الشيخ محمّد الشاذلي النيفر ألقى عدّة محاضرات على منابر الجمعيات الأدبيّة والثقافية في البلاد التونسيّة، ومختلف الجامعات بعدّة بلدان منها الجزائر والمغرب والأردن والمملكة العربيّة السعوديّة والولايات المتحدة الأمريكيّة.

وشارك ببحوث ودراسات قيّمة في عدّة ندوات دوليّة نخص بالذكر منها: مؤتمر العالم الاسلامي بكراتشي (1951) والندوة الاسلاميّة العالمية بلاهور (1958)، وأسبوع الفقه الإسلامي بالرياض (1975), والمؤتمر الثالث للسيرة النبوية في الدوحة (1979)، وملتقى الفكر الاسلامي بالجزائر (في عدّة دورات) والدروس الحسنيّة بالمغرب... وتجدر الإشارة إلى أنّ الشيخ محمد الشاذلي النيفر اضطلع إلى آخر رمق من حياته بالمهام التالية:

  • رئيس رابطة الجمعيات القرآنية: وهو الذي أسّسها منذ بداية السبعينات وسهر على حظوظها. وتتولّى الرابطة تنظيم مباراة وطنيّة في حفظ القرآن كلّ سنة وتسند للقارئين جوائز ماليّة محترمة.
  • عضو بالمجلس التأسيسي لرابطة العالم الاسلامي بمكّة المكرّمة ومجمع الفقه الاسلامي التابع لها، وقد كان حريصا على حضور أشغال المجلس وإلقاء محاضرة في كل ّ سنة.
  • رئيس جمعيّة دار المربّي بتونس.

ولم تقتصر دروس الشيخ محمّد الشاذلي النيفر على الجامعة الزيتونيّة، بل تجاوزتها إلى محلّ سكناه الكائن بمنفلوري حيث كان يجمع مساء كلّ يوم أربعاء ثلّة من المشايخ والأساتذة الأجلاء لدراسة كتابين أحدها موطأ الامام مالك بن أنس رضي اللّه عنه برواية أبي الحسن القابسي والاخر كتاب الاستذكار في مذهب علماء الأمصار لابن عبد البرّ القرطبي. فكان الشيخ يتولّى شرح الأحاديث والتعليق عليها ثم يوزّع الدرس مطبوعا على الحاضرين، تعميما للفائدة.

آ ثاره[عدّل]

اشتهر الشيخ محمد الشاذلي النيفر بإنتاجه الفكري الغزير. فقد صدر له ما لا يقلّ عن 20 كتابا، بما فيها التآليف التي حقّقها، وذلك بالاضافة إلى البحوث والدّراسات الكثيرة المنشورة على صفحات الجرائد والمجلاّت على مدى ستّين عاما. والجدير بالملاحظة أنّ آخر ما ألّفه وحقّقه ديوانه وكتاب الصلاة المششية الذي أتمّ تحقيقه قبل أيام قليلة من وفاته.

ببليوغرافيا[عدّل]

  • النيفر محمد الشاذلي، عنوان الأريب عما نشأ في المملكة التونسية من عالم وأديب، المطبعة التونسية، تونس،1932.