أحمد الصافي

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1882 - 1935م]

ولد السياسي أحمد الصافي سنة 1882 بتونس العاصمة درس بمعهد كارنو ثم التحق بكلية الحقوق بباريس. انخرط منذ عهد الشباب في "حركة الشباب التونسي" وكان أوّل بروز له في معركة الجلاّز (1911). امتهن أحمد الصافي المحاماة منذ سنة 1909، ونال مكانة مرموقة لدى جمهور التونسيين، في تونس العاصمة وفي داخل البلاد، فكان الحرفاء يتوافدون على مكتبه من مختلف مناطق البلاد التونسية لما عُرف عنه من جدّية وحرص على خدمة حقوق التونسيين من ناحية، ولعدم التشدّد في تقاضي أجرة أتعابه من ناحية أخرى. انتخب أمينا عامّا للحزب الدستوري التونسي سنة 1920 فكان الشخصية الثانية في الحزب بعد مؤسسه الشيخ عبد العزيز الثعالبي، وتحمّل أعباء تسيير الحزب مدّة هجرة الشيخ عبد العزيز الثعالبي التي دامت 14 عاما. وعُرف بحرصه على موارد الحزب وبدعمه المالي له كما ذكر أحمد توفيق المدني (حياة كفاح ج1). ترأس أحمد الصافي في 18 جوان 1920 الوفد الدستوري الأول إلى باريس وكانت له اتصالات باليسار الفرنسي وبالمنظمات الحقوقية الفرنسية في إطار التعريف بالقضية التونسية وبمطالب الشعب التونسي، وأكّد في تصريح لجريدة "الجمهورية الصغيرة" الفرنسية 1920 معاناة الشعب التونسي قائلا " إننا نعيش حاليا تحت نظام الحكم المطلق بل ربّما حكم اللاّشرعية، ولا يوجد واحد من بني جنسنا يمثلنا لدى الحكومة ويبلّغ لها مطالبنا... هناك مكاتب تعدّ نصوص الأوامر ليوقّع عليها الباي في الحال، وهذا كلّ ما يحكمنا".

ورأى أحمد الصافي أنّ علاج الوضع المتردّي الذي يعيشه التونسيون يتحقّق بإعداد الميثاق الدستوري الذي يقضي بالفصل بين السلط وينصّ على مسؤولية الحاكم أمام الشعب، ويضبط الحريات والحقوق وينصّ على احترام الأفراد، مذكّرا بعريضة مطالب الحزب الثمانية. وترأس الصافي في نوفمبر 1924 الوفد الدستوري الثالث لدى الحكومة الفرنسية غداة نجاح الكتلة اليسارية في انتخاب 11 ماي 1924 وصعود إدوارد هيريو لرئاسة الحكومة الفرنسية، لتأكيد المطالب السالفة وإقناع الحكومة الفرنسية ومجلس النوّاب والأحزاب الفرنسية بضرورة الاستجابة لمطالب الشعب التونسي، ولم يكن لجهوده والفريق المصاحب له أيّ نتائج تذكر، بل دعا هيريو وزير الداخلية الفرنسية إلى مراقبة أحمد الصافي باعتباره "يعمل في البلاد التونسية من أجل بلوغ أهداف منافية للسيادة الفرنسية".

كان الصافي من أبرز المناوئين لمشروع التجنيس وللقوانين الصادرة بشأنه سنة 1923 معتبرا في رسالة احتجاج وجهها إلى الرئيس الفرنسي بتاريخ 2/10/1923 "أنّ هذا المشروع يهدّد الاسلام والهوية الوطنية التونسية، كما يعتبر من الناحية القانونية خرقا مزدوجا للمعاهدات باعتبار تونس بلدا محميّا له شخصيته القضائية التي لا يجوز خرقها". تقدّم أحمد الصافي بصفته أمينا عاما للحزب الحر الدستوري برسالة إلى مؤتمر الرابطة ضدّ القمع الاستعماري والامبرياليّة المنعقد ببروكسيل من 10 إلى 14 فيفري 1927 تلاها نيابة عنه الشاذلي خير الله وممّا جاء فيها "إنّه بعد خمسة وأربعين عاما من انتصاب الحماية لم يسُدْ سوى التفقير... وإننا نتأسّف على الماضي ونتألّم من الحاضر ولكنّ المستقبل سيكون أسوأ إذا لم يواصل الشعب التونسي إلى النهاية الكفاح الذي يخوضه اليوم والذي يشكّل سبيله الوحيد إلى النجاة". تصدّى الصافي بشدة لكلّ مظاهر الانشقاق عن الحزب الحرّ الدستوري التونسي (القديم) وكان له موقف صارم من الحزب الاصلاحي الذي أسّسه المحامي حسن القلاتي (1921) كما كان من أبرز المناوئين لجماعة الديوان السياسي (1934). كان أحمد الصّافي في طليعة المحامين المدافعين عن النقابيين الموقوفين إثر إضطرابات بنزرت (1924).(كما كان أبرز المدافعين عن الطلبة الذين اعتقلوا إثر مظاهرات الاحتجاج على انعقاد المؤتمر الافخارستي في ماي 1930. توفّي سنة 1935 بعد حياة قصيرة لكنّها حافلة بجليل الأعمال في سبيل القضية التونسية.