المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
متحف دار الحوت

يعتبر المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار من أعرق المؤسسات العلمية في مجال علوم البحار على المستوى العربي والإفريقي إذ أسّسه سنة 1924 الباحث الفرنسي Henry Heldt. وكان يسمّى حينئذ المحطّة الأقيانوسية بصلامبو ويشتمل على مخبر علميّ ونواة لمتحف بحري. ويتميز هذا المعلم بموقع جغرافي مهمّ داخل الموانئ البونية بقرطاج.ويطلّ على كامل خليج تونس.

واعتبارا لتّطور قطاع الصّيد البحري على المستوى الوطني والاهتمام المتزايد بالمنظومة البيئية والوعي الحاصل بضرورة المحافظة على الثّروات البحرية وترشيد استغلالها قد مرّ المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار عبر السنين بعدّة مراحل أعيدت فيها هيكلته على المستوى العلمي والاداري قصد تمكينه من مواكبة التطوّر الحاصل في مجالات تخصّصه ومن ثمّة الاسهام في وضع الاستراتيجيات الوطنية للنهوض بقطاع الصيد البحري وتربية الأحياء المائية والمحافظة على البيئة البحرية.

وفي هذا الإطار ترتكز المهام الموكولة إلى المعهد بالأساس على القيام ببحوث علميّة ودراسات ميدانيّة ذات صبغة تنمويّة في مجالات تخصّصه وكذلك توفير الإحاطة العلميّة والفنيّة للمستثمرين الخواصّ ومعاضدة المجهود الوطني في مجال التكوين والتأطير الجامعي. ومن محاور اهتمام المعهد البارزة نخصّ بالذّكر دراسة مخزون الكائنات البحرية الحيّة بالسواحل التونسية وتقويمها وتطوير تقنيات الصيد البحري ومعدّاته وتربية الأحياء المائية ودراسة البيئة البحرية والمحافظة على التنوّع البيولوجي البحري. هذه البرامج ينجزها حوالي مائة باحث من المعهد مع إسهام عدّة باحثين من مؤسسات جامعية وعلمية وطنية، كما أنّ للمعهد عدّة برامج علميّة ذات صبغة دولية في إطار شراكة ثنائية متعدّدة الأطراف مع جلّ البلدان المتوسّطية واليابان وكندا وغيرها.

أمّا على مستوى البنية الأساسية واعتبارا لطول الشّريط السّاحلي التّونسي الذي يبلغ حوالي 1300 كم من ناحية والخصوصيات البيئية والبيولوجيّة لمختلف مناطق الصيد من ناحية أخرى فإنّه تتوفر للمعهد بالاضافة إلى مقرّه الاجتماعي بصلامبو ومحضنة مؤسّسات بالمنستير عدّة مراكز ساحلية بكل من خير الدين وحلق الوادي والمنستير وصفاقس وبشيمة. وستدعم هذه البنية الأساسية بخمسة مراكز ساحلية جديدة بكل من طبرقة والمهدية وقرقنة وقابس وجرجيس. وتؤلف كلّ هذه المراكز الساحليّة شبكة علمية يرتكز نشاطها على خصوصيّات الجهات المعنيّة وينصهر صلب الأولويات الوطنية.

لينجز المعهد برامجه العلميّة على طول الشّريط الساحلي وبأعالي البحار يتوفّر لديه أسطول بحري يتكوّن من عدّة مراكب سّاحلية ومنها خاصّة الباخرة العلمية (حنبعل) التي اقتناها في إطار التعاون التونسي الياباني سنة 1998. وهي تعدّ مكسبا وطنيّا مهمّا باعتبار توظيفها لقطاعات مختلفة كالبيئة والفلاحة والصحّة والسياحة وغيرها. وتتميّز هذه الباخرة بقدرتها على الابحار لمدة 15 يوما على نحو متواصل، كما أنّها مجهّزة بأحدث وسائل الابحار والسّلامة. وتتوفّر على متنها عدّة مخابر تسمح بالقيام بدراسات متعددة التخصّصات في مجال علوم البحار كالصيد التجريبي القاعي والعائم وأخذ عينات من مياه البحر والرواسب في أعماق مختلفة تصل إلى حدود 4000م والتقويم الحيني لمخزون الأسماك الصغيرة العائمة.

أمّا في مجال تفتّح المعهد على محيطه العلمي والجامعي وبالاضافة إلى عمليات استقطاب الطلبة وتأطيرهم في إطار ترّبصات وإعداد شهادتي الماجستير والدكتوراه فإنه تتوفّر بالمعهد الأدوات التالية:

  • مرصد البحر بصلامبو: بالرغم من حداثة هذا الانجاز فإنّه يعتبر همزة الوصل بين المعهد ومحيطه العلمي الوطني والدوليّ. فكلّ المعطيات والبيانات العلمية التي يتوصّل إليها في مختلف برامج البحث تخزن وتعالج بالاعتماد على برمجيات خصوصية ثمّ تتبادل مع مؤسّسات علميّة وجامعيّة وطنيّة ودوليّة وفقا لمقتضيات اتّفاقيات تبرم للغرض.
  • المكتبة العلميّة المختصّة في علوم البحار بصلامبو: تعتبر هذه المكتبة من أهمّ المكاسب الوطنية بناء على ثراء الرصيد العلمي المتوفّر بها إذ تحتوي على حوالي 40 ألف عنوان في تخصّص علوم البحار من ضمنها الدوريات الورقية والالكترونية والأطروحات والتقارير والخرائط البحرية والوثائق السمعيّة والبصرية، كما تتوفّر في هذه المكتبة عدّة مجلّدات ومخطوطات نّادرة يرجع تاريخ إصدارها إلى القرن الخامس عشر، مع العلم أنّ هذه المكتبة مفتوحة للعموم ويؤمّها سنويا حوالي ألفي باحث وطالب.

أمّا على المستوى الثقافي والبيداغوجي فإنّه يوجد بمقرّ المعهد بصلامبو المتحف البحري (دار الحوت) الذي صار منارة تاريخية وقبلة الزّائرين من مختلف أنحاء الجمهورية. وعلى قدر أهميّة الدور الثقافي الذي يقوم به هذا المتحف في التعريف بمختلف مكوّنات البحر والكائنات البحرية بوجه عامّ فإنّه يسهم أيضا بقسط وافر في توعية الزائرين بضرورة المحافظة على البيئة البحرية وتعريفهم بأهمّ الأسماك الموجودة في السواحل التّونسية وتقنيات الصّيد المعتمدة، كما توجد بهذا المتحف أيضا مجموعات مرجعية متعدّدة من الطيور البحرية والبرية والقوقعيات والأسماك والاسفنج وغيرها من الكائنات البحرية التي يمكن للزائرين معاينتها داخل مراب في أحجام وأشكال مختلفة.

موقع المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار: http://www.instm.agrinet.tn