الطاهر الخميري

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1899 - 1973م]

ولد الطاهر الخميري سنة 1899 بالعاصمة التّونسية حيث تلقّى دراسته الابتدائيّة بكتّاب سيدي البنّاني في حيّ باب سويقة ثم التحق بالجامع الأعظم، وكان من ضمن تلاميذ المدرسة الخلدونيّة عندما وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها. وأهمّ ذكرى ردّدها عن هذه الحقبة في حياته إعجابه ببعض معلّميه لا سيما منهم محمد الأصرم (1858 - 1925) الذي قدّم بحوثا تتعلّق بالتّربية والتّعليم في "مؤتمر المستعمرات" المنعقد بمرسيليا من 5 إلى 9 سبتمبر 1906 و"مؤتمر شمال إفريقيا" المنعقد بباريس من 6 إلى 8 أكتوبر 1908. وإثر الحرب سافر الطّاهر الخميري إلى المغرب الأقصى حيث استقرّ بمدينة طنجة، تلك المدينة التي تركت في نفسه أكبر الأثر لأنّها لقّنته أوّل درس في الحياة العملية ألا وهو الاعتماد على النّفس. فبدأ كفاحه العلميّ بتعلّم اللغة الانڨليزية حتى حصّل منها على ما يؤهّله للالتحاق بإحدى الكلّيات. وعندئذ ارتحل إلى إنڤلترا وتابع دراسته بها. وفي مطلع الثّلاثينات، قدم مصر حيث شغل خطّة مدرّس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. وهناك تعرّف إلى ثلّة من الأدباء والشّعراء كزميله بالجامعة عندئذ الأستاذ حسن الزيّات والدكتور حسين هيكل والكاتب النّاقد إبراهيم عبد القادر المازني والشّاعر حافظ إبراهيم والكاتب المصلح أحمد أمين الذي ظلّ على صلة به حتى بعد مغادرته مصر.

وكانت مدّة إقامته بمصر فرصة مكّنته من إعداد كتاب عنوانه: زعماء الأدب العربي المعاصرون، نشر الجزء الأول منه بالانڤليزية إثر عودته إلى بريطانيا في أواخر عام 1930. وقرّضته كثير من الصّحف الاڤليزية والعربية وألقى الصّحفي الهادي العبيدي محاضرة عنه في "جمعية الكتّاب والمؤلّفين التونسيّين". ومن بريطانيا انتقل إلى ألمانيا حيث قضّى الجزء الأكبر من حياته في الغربة وانكبّ على دراسة علم النفس التّطبيقي وعلم الاجتماع.

وفي سنة 1936 أحرز شهادة الدّكتوراه من جامعة هامبورغ. وكان موضوع الأطروحة "مفهوم العصبية عند ابن خلدون". وفي الأثناء استكمل عُدّته المعرفية، وتعلم خاصة الكثير من اللّغات القديمة والحديثة مثل اليونانية واللاّتينية والعبرية والفارسية بالإضافة إلى العربية والانڤليزية والألمانية والفرنسية. ومن تآليفه في الألمانية، مشاركته في وضع قاموس عربي - ألماني، مطوّل في النحو العربي. واستمرّ يدرّس بجامعة هامبورغ مدّة 17 سنة. وفي خضمّ التحوّلات التي تلت الحرب العالمية الثّانية، التحق بالمكتب العربي بلندن سنة 1946، ونشط في فرعه الخاصّ بالمغرب العربي. وكان المصلح العربي الزعيم موسى بك العلمي قد أسّس هذا المكتب سنة 1945 وتفانى الدكتور الطّاهر الخميري في الدّعاية للقضيّة التّونسية والتّعريف بها لدى الرأي العام الأنڤلوسكسوني، وكان من دُعاتها المتحمّسين. فقد كثّف اتّصالاته بمكتب الاعلام التونسي بباريس الذي أسّسه المناضل جلّولي فارس سنة 1947، وبمكتب الحزب الحرّ الدستوري التّونسي بالقاهرة، وخاصّة بالزّعيم الحبيب بورقيبة. ومن أهمّ الأعمال التي أنجزها مكتب المغرب العربي بلندن: - إصدار دورية نصف شهرية باللّغة الانڤليزية تبحث في شؤون العالم العربي والمغرب العربي - إصدار كُتّيبين: الأوّل يتعلّق بالقضية التونسية والثاني بالقضية اللّيبية سنة 1946 - الاتّصال بالصّحفيين ومدّهم بالارشادات الكافية مباشرة عمّا يحدث بالمغرب العربي أو الاتّصال إذا أمكن بوكالات الأنباء وخاصة بمحطّة الاذاعة البريطانية - مدّ الباحثين والمؤلّفين سواء كانوا شرقيين أو غربيين الرّاغبين في دراسة المغرب العربي بما يحتاجونه من إرشادات ومعلومات - إقامة المؤتمرات الصّحفية والحفلات التّكريمية للشّخصيات أو الزعماء العرب الزّائرين لندن - الردّ على ما ينشر بالصّحافة الانڤليزية والأمريكية من الأنباء والأخبار المخالفة للواقع. وفي سنة 1948، أنشأ المكتب قسما اقتصاديا خاصّا بالمغرب العربي تضاهي أعماله ما يجري في المفوضيات العربية وغيرها من السّفارات الدّولية.

وإثر حصول تونس على استقلالها، رجع الطاهر الخميري إلى وطنه. واستقرّ فيه نهائيا حتى وافاه الأجل سنة 1973. وكانت هذه الحقبة الأخيرة من حياته ثريّة بالانتاج في الميدان الثقافي والأدبي. فقد غطّت كتاباته مجالات متعدّدة: كتب في الثّقافة وفي المجتمع وفي اللّغة وفي النّقد الأدبي وفي الفلكلور وكتب للاذاعة، وأخرج برامج إذاعية ثمّ تلفزية. وترجم للمسرح، فكان أول تونسيّ بل مغربي يترجم من الانڤليزية إلى العربية مباشرة: من ذلك مسرحيتان من تأليف شكسبير: مسرحية "هملت" التي ترجمها للفرقة البلدية للمسرح وصدرت عن الدّار التّونسية للنّشر سنة 1968 ومسرحية "عُطيل" التي صدرت في السّنة نفسها. وبالاضافة إلى الكتب التي نشرها بالانڤليزية أو الألمانية أو العربية، خلّف الطاهر الخميري مقالات ودراسات عدّة لا تزال متناثرة في الدوريات التونسية والأجنبية نخصّ بالذكر منها مجلة "النّدوة" الشهرية وجريدة "الشّعب". وقد حصر الباحث حفناوي عمايرية مؤلّفاته باللّغة العربية في تسعة عناوين:

  • مرآة المجتمع الذي صدر بتونس ضمن سلسلة "كتاب البعث" في سنة 1956.
  • مكافحة الثقافة الذي صدر بتونس ضمن السلسلة نفسها في سنة 1957، وهو كُتيّب جمع فيه مقالات تدور حول مفهوم الثّقافة عامة والثّقافة التّونسيّة خاصّة.
  • الاسهام في تحقيق كتاب ابن أبي الضياف إتحاف أهل الزّمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان. فقد كان الطاهر الخميري أوّل من اهتمّ بهذا العمل وباشره ثم التحق به آخرون حتى صدر الكتاب في 8 أجزاء، تونس، (1963 - 1966).
  • منتخبات من الأمثال العاميّة التّونسية صدر عن الدّار التّونسية للنشر سنة 1967 جمع فيه 2470 مثلا.
  • قاموس العادات والتّقاليد التّونسية نشر قسما منه من حرف الهمزة إلى حرف الزّاي. وهو بصدد التّحقيق وقيد النّشر بمجلة الفنون والتقاليد الشعبية التي تصدر عن المعهد الوطني للتراث.
  • مسرحيتا "هملت" و"عطيل" التي أشرنا إليهما آنفا.
  • مسرحية "أقفاص وسجون" لهارولد بنتر" (H.Pinter) عرّبها وأخرجها الفنان علي بن عياد في مسرح المغرب العربي عام 1971. وكانت من آخر أعمال الأديب الطّاهر الخميري والفنّان علي بن عياد.
  • التّربية الاسلامية للسنة السّادسة من التعليم الثانوي بالاشتراك مع محمّد توفيق السلاّمي ومحمد الحبيب السلامي، نشر المركز القومي البيداغوجي، تونس.