أبو الحسن الكراي

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[ق 11هـ/17م]

هو واحد من أبرز شيوخ التصوف الذين ظهروا في ق11هـ/17م بمدينة صفاقس وأثّروا في سير الحياة الروحية بها وعلى الأخصّ في الإنشاد الصوفي الذي يصطلح عليه لدى الصوفيّة"بمالوف الجد" أي "الإنشاد المقدس" بخلاف مالوف الهزل أي الغناء الدنيوي. وهو سليل الولي الصالح العلاّمة سيدي علي الكرّاي المشهور ب"بو بغيله أو صاحب البغيلة". أمّا نسبه الكامل فهو: أبو الحسن بن أبي بكر بن أحمد بن محمد البراني بن عمر بن الشيخ الصالح سيدي علي الكراي. وقد ذكر أنّ جدّه هذا هو الجد الأعلى من السادة الوفائية (طريقة صوفية تنسب إلى سيدي محمد وفاء صاحب الزاوية الوفائيّة بمصر حسب ما ذكره المناوي في "طبقات الصوفية"). ولهذه الزاوية حرم كبير وفيها ميعاد يقام في كلّ يوم جمعة لذكر اسم الله والصلاة على نبيّه، وتذكر السلسلة نفسها أنّ نسبه متّصل بالخليفة الثالث عثمان بن عفان.

أمّا فيما يخص نشأته وتكوينه فتذكر المصادر أنّه تلقّى تكوينا دينيّا متينا منذ حداثة سنّه في مجال اللغة والآداب والحديث النبوي والتصوف على شيوخ من أبرزهم عبيد المنتصر بن أحمد اللومي الذي كان آنذاك مفتي مدينة صفاقس. ويبدو أنّه أخذ أسرار الطريقة الصوفية وآدابها عن الشيخ الوحيشي القيرواني وكان ذلك سنة 1055هـ/1645م.

وقد جمع الشيخ أبو الحسن الكراي إلى جانب فضائل الزهد والتقوى والورع اعتناق المبادئ الصوفية القائلة بأهميّة فكرة الحب الالهي وايثارها مبدأ أساسيّا. فنظم في هذا الغرض قصائد وموشحات كثيرة فاق عددها الخمسين وتوزّعت على ثلاث عشرة نوبة مالوف، وضعت في "سفينة" خاصة بها، واعتمد فيها مؤلّفها أسلوبا في متناول كلّ قارئ مستمع ومريد إذ مزج بين العربيّة الفصحى والدارجة المهذبة رغم عمق المعاني والأفكار التي انطوت عليها هذه السفينة. وتنشد هذه النوبات على طريقة المالوف الأندلسي وفي الترتيب نفسه من حيث تسلسل المقامات. وقد جمعت هذه الموشحات إضافة إلى ما نظمه تلاميذه ومريدوه في سفر أطلق عليه اسم: "ديوان سيدي أبي الحسن (الكرّاي) ". وقد ألّف أبو الحسن الكرّاي نص "وظيفة" (منظومة في التسبيح والذكر) أرسلها إلى مصر وتولّى شرحها الشيخ عبد الوهاب الأزهري المصري. ولأبي الحسن الكراي تآليف متعددة مايزال أغلبها مخطوطا، ولعلّ أبرزها "المورد العذب الزلال في مناقب الجد أبي بغيلة". وإلى عصرنا هذا يقام بزاويته "العمل" بعد كلّ ظهر يوم جمعة وتنشد نوبات "مالوف الجدّ" إضافة إلى موشّحات وبراول في الغرض ذاته.