«الأعياد الموسمية»: الفرق بين المراجعتين

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
(أنشأ الصفحة ب'الأعياد الموسميّة التونسيّة هي التي ترجع دوريّا في موعد ما من السنة وتقتضي القيام بطقوس وشعا...')
(لا فرق)

مراجعة 13:49، 28 نوفمبر 2016

الأعياد الموسميّة التونسيّة هي التي ترجع دوريّا في موعد ما من السنة وتقتضي القيام بطقوس وشعائر ومهرجانات خاصّة بها، وتنقسم هذه الأعياد إلى دينية وموسميّة:

أوّلا: الأعياد الدينيّة

إنّ المواسم الاسلاميّة في الأصل لا تزيد عن العيدين: عيد الفطر وعيد الأضحى، ثمّ أضيف إليهما في بلادنا عيد عاشوراء خلال العهد الفاطمي ثم المولد النبويّ الشريف في العهد الحفصي، وأخيرا ما يسمّى "بالمواسم الفاضلة" في رجب وشعبان ورمضان.

1 - عيد الفطر (أو العيد الصغير)

من عادات أهل تونس في عيد الفطر صنع الحَلْوَيات والمرطّبات، وهي محلّية وشرقيّة وأندلسيّة. فالحلويّات المحلّية هي المقروض القيرواني المحشوّ بالتمر أو اللوز أو الفستق، وكعك السميد أو الحمص أو الذرة البيضاء، والحلويات الأندلسيّة هي كعك الورقة (أو كعك زغوان) وطاجين الفستق وطاجين اللوز.

والحلويات الشرقية هي بالخصوص البقلاوة. أما القطائف فلا تصنع في العيد بل في سهرات رمضان.

ومن عادات التونسيّين في عيد الفطر لبس الجديد، وهذا فيه تنشيط للصناعات التقليديّة والمتاجر، بحيث إنّ أرباب الصناعات التقليديّة من برانسيّة وتارزيّة وفوطاجيّة وشوّاشيّة وبلغجيّة وحرائريّة، يقضون شهر رمضان وهم يشتغلون ليلا ونهارا ولا يوفون بالطلب. فعيد الفطر هو الموسم الاقتصادي الأكبر لأرباب الصناعات التقليديّة. ومن الملاحظ أن أهل تونس من أكثر الشعوب حبّا لأبنائهم وعناية بشؤون عائلاتهم.

فيتحفون أطفالهم بالهبات النقديّة ويشترون لهم اللّعب. لذلك تفتح مغازات خاصّة ببيع اللعب بالقصبة حتى أصبحت لعب الأطفال تسمّى "دبش القصبة"، ثمّ تحوّلت تلك المغازات الخاصّة إلى حيّ الحلفاوين. أمّا بعد الاستقلال فقد أصبحت اللّعب تباع طوال السنة في سائر المغازات.

وصلاة العيد عند المالكيّة لا تنعقد إلاّ بمكان يقع في الهواء الطلق يسمّى "المصلّى" وكان إمام المصلّين في العهود الاسلاميّة الأولى هو الأمير ذاته، ولذلك يوجد في مدينة تونس بين قصر السلطان الحفصي بالقصبة والمصلّى الواقع في أعلى ربض باب الجزيرة، شارع كبير يسمّى "الممرّ" يمرّ به السلطان في موكب فخم وصفه لنا العمري في "مسالك الأبصار" والقلقشندي في الجزء الخامس من "صبح الأعشى". وأمّا في القيروان فيسمّى هذا الشارع بالسّماط الأعظم، ينطلق من دار الامارة بباب نافع إلى الجامع الكبير ثم إلى باب تونس.

وحدّثنا ابن عذاري في كتابه "البيان المغرب" عن موكب الأمراء الأغالبة في القرن الثالث الهجري حين كانوا يخرجون من قصورهم برقّادة الواقعة على بعد 7 كم جنوب القيروان، فيزُورُون المدينة والعلماء والصلحاء والمرضى ويتصدّقون ويوسعون على الناس ويطلقون سراح المساجين ويمرّون بالسماط الأعظم، وقد فرش بالزرابي المبثوثة وعطّر بالعطور المرشوشة وبخّر ببخور العود والنّد، وزخرفت دكاكينه وجدرانه بالحريريّات والشموع والثريّات وأنواع التحف الفاخرة. ويتلى القرآن الكريم بالأصوات الرخيمة وتقام الحفلات الدينيّة وتنشد المدائح والأذكار.

2 - عيد الأضحى (أو العيد الكبير)

من عادات أهل تونس في عيد الأضحى "تحجيج" كبش الأضاحي بأن يذبح ويعلّق في سلخه كأنّه ذبح بمكّة إبّان الحجّ. ومن عاداتهم طبخ طعام يسمّى "الحلالم" وهو حساء يتّخذ من عجين مفتول ومقطّع كأنّه حبّات أرز يحسى حسوا. ومن عاداتهم تفويح الخبز بالأبزار مثل السمسم وغيره، وطليه بالدهن ومحّ البيض.

والتونسيّون من ذوي الأصل الأندلسي يصنعون "الباناضج" وهو عجين يبسط ويحشى باللحم المفروم ويطوى في شكل هلال ويرسل إلى الفرن. ويصنعون "المجامع" وهو عجين مبسوط يحشى بالتمر ويلفّ جانب منه على بيضة أو جوزة. ويقدّد لحم الأضاحي ويجفّف على الشرائط ويغلّى في الزيت ليبقى طوال السنة، كما يصنع "المرقاز" وهو النقانق عند المشارقة، أي أمعاء الضأن محشوة باللحم والكبد ويشوى هذا أو يقلى.

3 - المولد النبويّ

لقد صار المولد النبويّ مهرجانا عظيما لا سيما بالقيروان. فتسرد فيه قصّة ميلاد الرسول (ص)، وهي ملحمة غنائيّة رائعة قد تجمّعت فيها صنائع الفنّ الموسيقي. وتعدّ صبيحة يوم المولد العصائد على اختلاف أنواعها. وأكبر موكب مولدي ينظّم بالقيروان في مقام الصحابي أبي زمعة البلوي المتوفّى في غزوة الأنصار سنة 31هـ/651م الذي دفنت معه في قبره شعرات الرسول (ص).

4 - عاشوراء

أمّا عادات عاشوراء التي يرجع تاريخ ظهورها إلى العهد الفاطمي فقد جمعت بين آثار البربر والفاطميّين والمالكيّة. فمن آثار البربر إيقاد النار والقفز عليها. ومن آثار الفاطميّين صنع التماثيل من الحلوى وتمثيل روايات شعريّة. ومن آثارهم أيضا عدم تقليم الأظافر والامتناع عن الخياطة.

ومن جهة أخرى يعمد النسوة إلى تكحيل العيون وتسويك الشفاه ثمّ زيارة المقابر وطبخ الدجاج وصنع الحلويات المختلفة، فيقول الناس:

"الفطير وما يطير". كما تزيّن أركان البيوت بشرائط الثمار والأزهار، وتباع الطبول والمزامير للأطفال وتشترى الفاكهة الجافّة من جوز ولوز وبندق وفستق وشرائح تين مجفّف وزبيب.

وكانت في القديم تصنع حلويات عاشوراء، وهي قمح يطبخ في الماء ويخلط بالفواكه الجافّة ويصبّ عليه الحليب.

5 - المواسم الفاضلة 

وهي في الغالب اليوم الأوّل والنصف وليلة السابع والعشرين من رجب وشعبان ورمضان، وجمعة "الرغائب" وهي أول جمعة من شهر رجب. وفي هذه المواسم يوسّع ربّ البيت على العيال وتقام الحفلات الدينيّة الليليّة "المبايت" وتذكر الأوراد بعدد معيّن له خصائصه، كتلاوة اسم اللطيف في رجب، وقد وردت أحاديث في ذلك، وصنّفت مؤلّفات في فضائل رجب وشعبان ورمضان، من ذلك الكتاب الذي ألّفه علي النوري الصفاقسي.

ثانيا: الأعياد الموسميّة 1 - رأس العام الهجري

وفيه يؤكل الفول الذي هو مورد حياة ونشأة جديدة وفيه خضرة من علامات البركة. وليلة رأس العام يطبخ كسكسي دون فلفل ولا طماطم، ويزيّن بقديد عيد الأضحى. ومن الغد تطبخ الملوخيّة، تيمّنا بخضرتها. وصبيحة يوم رأس العام تصنع الحلويّات والمرطبّات لتكون السنة سعيدة، ويتجنب الناس البكاء والغضب والاغضاب حتى تكون السّنة مفعمة بالأفراح وخالية من الأتراح. ولا بدّ من لباس الجديد والتزّين ومباركة الناس بعضهم لبعض.

2 - رأس السّنة الميلاديّة

لمّا انتصبت الحماية الفرنسيّة سنة 1881م أدخلت في عادات النّاس الاحتفال برأس السنة الميلاديّة بشيء من التكتّم في الأوّل ثم باندفاع فيما بعد.

3 - رأس العام العجمي أسّس يوليوس قيصر التقويم اليولياني في سنة 46 قبل المسيح وبقي الناس عليه. ولمّا فتح المسلمون إفريقية أقرّوا السنة الهجريّة لكنّها لا توافق الفلاحة لأنّها ترتكز على حساب الأشهر القمريّة، والحال أنّ إفريقية بلاد فلاحيّة أساسا.

فأقرّ الوالي موسى بن نصير إلى جانب السنة الهجرية السنة اليوليانية أو العجميّة، واستمرّ الناس عليها في ترتيب فلاحتهم وسارت عليها أمثالهم الشعبيّة كقولهم: "مطرة مارس ذهب خالص" و"مارس البخيل" إذا كان قليل المطر،