معهد باستور بتونس

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
معهد باستور بتونس سنة 1900

لمحة تاريخية عن المعهد[عدّل]

يُعد لويس باستور (Louis Pasteur) (1822 - 1895م) من أشهر علماء الكيمياء والبيولوجيا الفرنسيّين. اهتمّ أساسا بالبحث في الأمراض المُعدية ووسائل الوقاية منها. واهتمّ خصوصا بداء الكلب والجمرة الخبيثة. ولقد جدّدت أعماله حول التطهير والتعقيم فنّ العلاج تجديدا جذريّا. وفي سنة1893، كلّف باستور أحد أقربائه "أدريان لوار" (Adrien Loir) بتأسيس مركز للتّلقيح بتونس أطلق عليه اسم "معهد باستور" وتولّى إدارته إلى سنة 1902. وتطوّر المعهد بعد ذلك بفضل تفاني عدّة علماء وأطبّاء متميّزين، أشهرهم شارل نيكول (Charles Nicolle) الذي ظلّ إلى سنة 1936 رمزا له والذي استحقّت مكتشفاته العلميّة (تحديد ناقل التيفوس) جائزة نوبل في الطبّ سنة 1928 ثمّ خلفه علماء أفذاذ أمثال إتيان بورني (Etienne Burnet) حتّى سنة 1943 وإرنست كونساي (Ernest Conseil) وغيرهما. وقد نُشرت أعمالهم الرّائدة في أرشيف المعهد. وبعد الاستقلال، واصل معهد باستور بتونس رسالته إذ عرف تطوّرا مهما في عهد مديره الأستاذ عمر الشاذلي (من سنة 1963 إلى سنة 1988), الذي كان أيضا العميد المؤسّس لأوّل كليّة طبّ في تونس.

شارل نيكول في معهد باستور بتونس

مشمولات المعهد[عدّل]

بموجب القانون 35 / 58 المؤرخ في 15 مارس1958، يُعتبر معهد باستور بتونس مؤسّسة بحث علميّ تعتمد الطرائق "الباستورية". وأهمّ مشمولاته القيام بكل التحقيقات والمهمّات والتحاليل أو البحوث العلمية التي تُعنى إمّا بالصحّة العموميّة البشريّة أو بالصحّة الحيوانية أو بتنمية تونس الاقتصاديّة. وهو مكلّف بتهيئة المنتجات البيولوجيّة مثل اللقاحات والأمصال ومولّدات المضادّ (antigènes) التي يُعتبر إنتاجها ضروريّا.

وصدر بعد ذلك القانون 20 / 87 الذي كلّف معهد باستور بامتياز توريد اللقاحات والأمصال وبواعث التّجاوب (allergènes) ومراقبة هذه المنتجات وتسويقها واستعمالها ثمّ صار المعهد يُنتجها في وقت لاحق. يوجد حاليّا في معهد باستور بتونس 64 إطارا علميّا من ذوي الخبرة العالية، مكلّفون بالبحث العلميّ في 4 مخابر و3 وحدات بحث تموّلها وزارة الصحّة العمومية، كما يوجد فيه عدد من المهندسين والمهندسين المساعدين والفنيّين السّامين والممرّضين والاداريّين. وزيادة على المخابر الموجودة بساحة باستور بتونس والوحدات الحيوانية بسكّرة، أنشئت فضاءات جديدة لاحكام تنظيم المناشط البحثيّة، مثل مبنى ابن سينا الذي دشّن سنة 1994 (فضاء إضافي ب 1500م²) ومثل البناية الجديدة التي أنجزت سنة 2005 (فضاء ب 5000م²)، كما وسّع فضاء المكتبة وجدّد.

يعدّ معهد باستور بتونس مركزا مرجعيّا إقليميّا لمنظمة الصحّة العالميّة في داء شلل الأطفال. وهو مركز متعاون مع هذه المنظّمة للتّكوين والبحث في علم المناعة، كما أنّه مركز متعاون مع برنامج المخطّط المتوسّطي للعمل الصحّي. ويعدّ معهد باستور بتونس مركزا مرجعيّا لجراثيم الشيجالا (shigelles) والسلمونلاّ (salmonelles) والكوليرا لمراقبة حمّى المستنقعات والكشف عن داء الكلب.

أبرز مناشطه[عدّل]

تركّز نشاط معهد باستور بتونس، عند تأسيسه، على إيجاد حلول عاجلة وعمليّة للمشكلات الصحيّة الكبرى، لاسيما أنّ المستشفيات كانت لم تتعدّ مهمّتها، في تلك الفترة، العلاج ولم تكن لها الوسائل التّقنيّة واللوجستيّة لاجراء التحاليل الطّبيّة. وفي مراحل لاحقة تنوّعت مناشط معهد باستور بتونس تبعا لتطوّر المناخ الصحيّ. فأصبح مخبرا مركزيّا للصحّة العموميّة يتولّى أعمال البحث في مجال الأوبئة. ولم يقتصر على دراسة الجراثيم المسبّبة للأمراض وأثرها في ضحاياها بل تعدّاها إلى مراقبة طرق العدوى وناقلات الافات. وفي سنة 1958، أحدث بقابس مركز تابع للمعهد متخصّص في حفظ الصحّة وعلم الأوبئة التّطبيقي على الأمراض الصحراوية، كما توسّعت مناشط المعهد لتشمل ميادين مثل الفلاحة والمحيط (الأمراض المنقولة عبر الماء). ومن مناشط معهد باستور في ميدان التّدريس ما بعد الجامعي، اضطلاعه ابتداء من سنة 1974 بتكوين نظريّ وتطبيقي للمتخصّصين في علم المناعة وعلم الحساسيّة. وفي مجال التكوين الوثيق الارتباط بمجال البحث أشرف المعهد، في السّنوات الأخيرة، على خمس أطروحات دكتوراه دولة و43 أطروحة دكتوراه موحّدة في العلوم و179 شهادة تعمّق في البحث. وخصّص في الوقت نفسه للنّجباء من الطلبة منحا وتربّصات في معهد باستور بباريس أو في المنظمة العالمية للصحة أو في الولايات المتّحدة وكندا.

ولمعهد باستور بتونس إسهام بالغ الأهميّة في النشريّات العلميّة الدّوليّة وفي البحوث ذات الصبغة الصّناعية، إذ يعود الفضل إليه في إسناد براءات اختراع دوليّة. يتولّى معهد باستور بتونس التصدّي لحمّى المستنقعات باعتباره مركز مقاومة ومراقبة في الوقت نفسه. وهو يختصّ في مقاومة الاصابات بالاسهال بجميع أنواعها وكذلك مقاومة الاصابات بداء الكلب وجدريّ الغنم. أمّا المراقبة فتخصّ داء نيوكستل (Newcastle) وأنفلونزا الطيور ومرض جنون البقر وتتركّز بالخصوص على الموادّ الغذائية والمياه. وطوّر معهد باستور بتونس قدراته باقتناء تجهيزات عصريّة على مستوى المخابر وبتوفير الحواسيب لكلّ الاطارات العلمية وربطها بشبكة الانترنات. قد ساعدته المعرفة المعمّقة لخريطة البلاد في مجال الأوبئة على النجاح في:

  • القضاء المُعلن على حمّى المستنقعات.
  • التغلّب على الرمد الحُبيْبي والمرض البقيري (bilharziose).
  • التّنقيص المهمّ في الاصابات بداء الرّيكتسيات (rickettsiose).

ومن جهة أخرى سمحت برامج البحث بالتعرّف إلى أنواع جديدة من الجراثيم (سلمونلاّ تونس وسلمونلاّ باردو) والقيام بدراسات رائدة في مجال سرطان الأنف والحنجرة - وهما أكثر نوع السرطان انتشارا في تونس - إضافة إلى إبراز دور القطّ في العدوى بالاصابات الطّفيليّة(toxoplasmose) من قبَل فريقيْن أحدهما ينتمي إلى معهد باستور بتونس.

موقع معهد باستور بتونس:http://www.pasteur.tn