مدرسة حوانيت عاشور

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
المدرسة العاشورية

تعرف بالمدرسة العاشورية، وبمدرسة حوانيت عاشور، نسبة للنّهج الذي تفتح عليه.وهي تقع بمقربة من مدرسة ابن تافراجين، في ملتقى أنهج سيدي إبراهيم الرياحي من ناحية، ونهج حوانيت عاشور الذي يفضي إلى نهج سيدي محرز من ناحية أخرى. أسّسها الباي علي باشا الأول (1756 - 1735)، الذي اشتهر باهتمامه وولعه الشديدين ببناء المدارس. وقد كانت هذه المدرسة أولى مدارسه التي تمّ بناؤها حوالي سنة 1740م. إذ تفيدنا إحدى الوقفيات المؤرخة بأواخر شعبان من سنة 1151 / 12 ديسمبر 1738، أنّ الباشا حبس منزلا لفائدة مدرّس بالعاشورية. وحبست هذه المدرسة على طلبة علم المذهب المالكي. وقد خصّص الباي أوقافا مهمّة عليها وعلى المدرّس وعلى الطلبة.

وأصدر علي باشا سنة 1159/ماي 1749 قرارا يمكّن طلبة العلم بالحاضرة من الالتحاق بالمدرسة وحضور الدروس التي تلقى بها إلى جانب بقية الطلبة المقيمين. وقد عيّن الباي مدرسا مالكيّا يقوم بدور الامام في الوقت نفسه.وكلّفه بتقديم ثلاثة دروس يوميا في الفقه، والتوحيد والنحو ورواية صحيح البخاري في الأشهر المقدسة وبالاشراف بنفسه على شؤون المدرسة.

ويفيدنا الصغير بن يوسف أنّ أوّل مدرّس بالعاشورية هو الشيخ أبو محمد عبد الله السويسي الذي واصل التدريس بها إلى سنة 1177 / 1763 أي حتى فترة حكم علي باي بن حسين بن علي. وبعد وفاته تولّى التدريس الشيخ أبو محمد عبد الكبير بن أحمد الشريف، الذي توارثت أفراد عائلته هذه الخطة. ومن أبرز طلبة هذه المدرسة، محمود مقديش صاحب نزهة الأنظار، والعياضي الباجي صاحب مفاتح النصر، كما تفيدنا المصادر بأنّ إبراهيم الرياحي قد سكن بهذه المدرسة.

مكوّنات المدرسة[عدّل]

مدرسة حوانيت عاشور

تتكوّن مدرسة حوانيت عاشور من صحن، ومسجد، وغرف لسكنى الطلبة، وميضأة، وصومعة، ومكتب. وهي تُعدّ من أكبر مدارس الحاضرة، إذ تمسح 900 م². مدخلها باب بسيط يحيط به إطاران، الأول من الكذال المزخرف، والآخر من الحجارة المنقوشة. هذا الباب يؤدي إلى سقيفتين ذواتي مدخل معطوف. الأولى مستطيلة الشكل، تحيط بها من الجانبين دكّانتان من الكذال تتخللهما تجويفات على شكل محاريب، يُصعد إليها بدرجتين، ويوجد على يسار الداخل سقيفة أخرى تحتوي أيضا على طاقات بشكل محاريب، يواجهها سلم يفضي مباشرة إلى الصحن.

ويحيط بالصحن المستطيل الشكل رواق من الجهات الأربع. وترتكز مساقط أقواسه على أعمدة من الكذال الفاتح اللون. وتحمل هذه الأعمدة نوعين من التيجان وعلى حين يحتوي كل من الرواق الجنوبي والغربي والشرقي على تيجان من الطراز التركي، يشتمل الجانب الشمالي على تيجان من الطراز الأندلسي المغربي. ونجد أركان الرواق مدعومة بثلاثة أعمدة مجمّعة. وينتهي أعلى الرواق بإفريز مغطّى بالقرميد الأخضر اللمّاع، كما تحتوي هذه المدرسة على 24 غرفة معدّة لسكنى الطلبة تتفاوت مساحاتها، إلى جانب بيت المؤذنين. ويحتوي الطابق الأرضي على 16 غرفة والبقية نجدها بالطابق الأول الذي يُصعد إليه بمدرج. حيث حافظ قسم فقط على معالمه الأولى وهو الواقع في الزاوية الجنوبية الغربية على حين جدّدت بقية الغرف. وقد سقّفت كلّ البيوت بأقبية طويلة. وتتخلل كل واحدة منها نافذة مربعة الشكل، وقد أطّرت مداخل أبوابها بالكذال المنقوش. أمّا فيما يخصّ أرضية الصحن فهي مفروشة ببلاطات من الكذال.

يحتلّ المسجد الواجهة الجنوبية للمدرسة، وهو مستطيل الشكل، يمسح تقريبا 50.53. ندخل إليه من باب يحيط به إطار من الكذال المزخرف بوريدات صغيرة. يتوسّط هذا المدخل شباكان، طمسا، وبابان في أقصى اليمين وأقصى الشمال استغنى عنهما وتحوّلا لاحقا إلى نافذتين أضيفت إليهما قضبان حديدية. أمّا سقف المسجد فهو يتكوّن من أقبية متقاطعة يتوسّط كل مفتاح عقد زهرة. ويستند هذا السقف إلى أربعة أسورة رخامية ذات تيجان تركية. تقسّم هذه الأعمدة المسجد إلى ثلاثة بلاطات وأسكوبين. ويكاد هذا المسجد يخلو من الزخرفة لبساطته باستثناء جدار القبلة الذي يتوسّطه المحراب.

يحيط بالمحراب إطار من الرخام، يشبه إطار باب المسجد، إلا أنّه يتميّز عنه بألوان فقرات عقده المتداخلة المتناوبة بين الأسود والأبيض.ويستند القسم الأعلى منه إلى عضادتين يحدّ كلاّ منهما عمود من الرخام الأسود يعلوه تاج من الطراز الأندلسي المغربي، في حين يتّخذ الجزء الأسفل منه شكلا إسطوانيا مغطّى ببلاطات مختلفة الألوان. أمّا طاقية المحراب، فلها شكل صدفة.


تقع الصومعة في أقصى يمين الرواق بالزاوية الشمالية الشرقية منه. ويبلغ ارتفاعها 30.15 م.وهي مربّعة الشكل ذات قاعدة صغيرة، على الطراز الأندلسي المغربي المحلّي. هذه الصومعة بسيطة وخالية من الزخارف. وهي مقسمة إلى ثلاثة أقسام. الأوسط به نافذة صغيرة، أمّا الثالث فتحتوي كل واجهة منه على نافذتين متوامتين على شكل محراب. وتنتهي الصومعة بجامور مربع محلّى بشرفات مسنّنة تعلوه ثلاث كرات نحاسية يزين أطرافها هلال. وتفيدنا وقفية هذه المدرسة، أنّ الباشا أضاف أيضا مكتبا أو كتابا يقع حاليا على يمين الداخل إلى العاشورية في أول نهج حوانيت عاشور.ويحيط بمدخل بابه إطار من الكذال الفاتح المنقوش. يحتلّ هذا المكتب الطابق العلوي، ويُصعد إليه بسلّم يفضي بنا إلى غرفة مستطيلة الشكل مقسّمة بقوسين حيث يرتكز مسقط كلّ قوس على عمودين متوامين يحملان تيجانا من النوع الأندلسي المغربي. هذا المكتب أو الكُتاب مازال يمارس وظيفته الأصلية وهي تعليم القرآن الكريم. تبقى مدرسة حوانيت عاشور من أكبر مدارس الحاضرة التي أسسها علي باشا، وهي تتميّز بشساعتها وبساطتها، وصومعتها، وتكمن أهميتها في محافظتها على ملامحها الأصلية رغم التحويرات التي أدخلت عليها.