مستشفى الرابطة

من الموسوعة التونسية
نسخة 09:17، 21 فبفري 2017 للمستخدم Bhikma (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث
مستشفى الرابطة

المحجر الصحي بالرابطة (1897 - 1924)[عدّل]

لمّا استفحل وباء الجدريّ سنة1897، فكّرت السّلطة في استخدام مبنيين قديمين مقامين على أرض تمسح أكثر من أربعة هكتارات، فوق ربوة بالجبل الأخضر كانا يتّخذان مقرّين ل "رابطة الطعام". وهي إدارة كانت مكلّفة باستخلاص أداء العشر على الحبوب، الموظّف على السكّان المقيمين في سهول مجردة ومنطقة تونس.

وبعد انقراض وباء الجدري، تقرّر إغلاق محجر الرابطة وتوزيع المصابين بأمراض معدية على مختلف المستشفيات في تونس وإيوائهم مع سائر المرضى. لكنّ السّلطة اضطرّت إلى فتح هذا المحجر الصحيّ مجدّدا عند عودة وباء الجدريّ (1905) وظهور حالات كثيرة من الطاعون (1907) وانتشار وباء التيفوس (1909) والجدريّ (1910) ثمّ استفحال وباء الكوليرا في السنة نفسها. وسرعان ما أصبح المحجر الصحيّ غير كاف لاستقطاب الأعداد المتزايدة من المصابين. فلجأت السّلطة إلى إقامة أجنحة وخيمات على عجل وإلى استدعاء فرق من الجيش لعزل المرضى، لأنّ المحجر لم يكن مسيّجا. لكنّ تفاقم المشكلات الصحيّة وتكاثر التشكّيات من سوء التنظيم أدّيا إلى تسييجه سنة 1911 ثمّ إلى إلحاقه إداريّا بالمستشفى الصّادقي سنة 1912. وكان وقتئذ يحتوي على 180 سريرا ضمن 9 أجنحة معزولة، لكن في حالة متردّية. ويعود الفضل في تحسينها آنذاك إلى المدير الطبي إرنست كونساي (Ernest Conseil) المتخصّص في الأمراض الدخيلة.

مستشفى الأمراض المعدية (1924 - 1931)[عدّل]

وفي سنة 1923، أضيف إلى المحجر الصحيّ بالرابطة جناحان مخصّصان للمصابين بالسلّ. وأصبح يسمّى مستشفى الأمراض المعدية.وبمرور السنين غدا المستشفى الصادقي، في العشرينات، غير قادر على تلبية الحاجات الصحيّة للسكّان المسلمين بتونس العاصمة وداخل البلاد. فتقرّر تقسيمه إلى قسمين وتخصيص مستشفى الأمراض المعدية للمصالح الطبيّة. فأصبح سنة 1930 مستشفى عامّا وفرعا للمستشفى الصادقي.

مستشفى إرنست كونساي (1930 - 1984)[عدّل]

هكذا سمّي مستشفى الأمراض المعدية بعد وفاة الدكتور إرنست كونساي. لمّا أصبح مستشفى عامّا، فقد بات من الضروريّ بناء جناحين جديدين يتّسع كلّ منهما لأربعة وأربعين سريرا. وانطلقت الأشغال سنة 1928، ولم يبدأ العمل بالجناحين الاضافيّين إلاّ سنة 1931، عندما استقبلا مرضى الطبّ العامّ من المستشفى الصادقي. لكنّ مستشفى إرنست كونساي ظلّ يشكو من نقائص كثيرة في مستوى التنظيم والتسيير، كما ظلّ سيّء السمعة عند السكّان نظرا إلى قلّة الأعوان العاملين فيه، إذ لم يتجاوز في سنة 1941 عدد المرسّمين منهم 13 وعدد المساعدين 15 وعدد العمّال القارّين 32 وعدد الأطبّاء 8. وكانت مصلحة مرضى السلّ في حالة يرثى لها من الفوضى والاهمال. وباتت "مستودعا للمشرفين على الموت" على حدّ تعبير الدكتور محمود الماطري.

ولم يكن يوجد في الرّابطة ولا في المستشفى الصّادقي أي مخبر حقيقي. فكان الأطباء مضطرّين إلى إجراء التحاليل في مخابر خارجيّة وبالخصوص في معهد باستور. وكان أعوان المستشفيات يقطعون مسافات داخل العاصمة، وقد وضعوا أنابيب الزرع في جيوبهم أو حملوا بأيديهم قطعا تشريحيّة أو عيّنات عفنة، كما لم تكن توجد في المستشفى قاعة للجثث. فكان من الضروري حملها إلى المستشفى الصّادقي على متن عربة يدويّة، كان السّائق يدفعها أمامه، فينزل بالجثث يوميّا من ربوة الرابطة إلى المستشفى الصّادقي. وابتداء من سنة 1947، أصبح مستشفى إرنست كونساي يتمتّع بالشخصيّة المدنيّة ويعتبر مؤسّسة عموميّة فرعيّة. وفي بداية الاستقلال، نقلت أغلب مصالح المستشفى الصّادقي إلى الرابطة. ولمّا فتحت كليّة الطبّ أبوابها سنة 1964 وتخرّجت فيها الأفواج الأولى من الأطباء الخارجيّين والمقيمين، تغيّر المستشفى تغيّرا تامّا وانتظمت به مناشط التدريس. وفي ظرف سنوات قليلة، تطوّرت هذه المؤسّسة الصحيّة لتصبح مستشفى عصريّا عامّا.وفي نهاية الخمسينات وبداية الستينات، شيّدت أجنحة للجراحة وأمراض الأذن والأنف والحنجرة وأمراض الفم، كما شيّدت عدّة مخابر وركّزت مصالح لأمراض المعدة والأمعاء وطبّ الأطفال وأمراض القلب والطبّ الاشعاعي، على الرّغم من الصّعوبات المنجرّة عن رحيل الأطباء الأجانب إثر الاستقلال.

مستشفى الرّابطة (1985)[عدّل]

وابتداء من جانفي1985، أصبح مستشفى إرنست كونساي يسمّى مستشفى الرابطة نظرا إلى عدم تخصّصه في الأمراض المعدية واحتوائه على الكثير من التخصّصات الطبيّة. والملاحظ أنّ عدّة مصالح أغلقت مثل مصلحة الأمراض الرئوية (الدكتور عبد الرحمان كمّون) التي انتقلت إلى معهد عبد الرحمان مامي بأريانة، أو مصلحة تقويم الأعضاء (الدكتور محمّد الطّيب القصّاب) التي تحوّلت إلى المركز الوطني لتقويم الأعضاء بقصر السعيد.

ومن أبرز الأطباء الذين أسّسوا و/أو أداروا مصالح مستشفى الرابطة على مرّ السنين:

  • عمر خلفت (1960 - 1987) في مصلحة الأمراض الجلديّة (32 سريرا).
  • علي بلكاهية (1974 - 1995) في مصلحة جراحة الأذن والفكّين (80 سريرا).

أما اليوم، فإنّ من يزور مستشفى الرابطة تسترعي انتباهه مساحته الشاسعة وكثرة مصالحه وتنوّع تخصّصاته ووفرة الأعوان العاملين فيه من الاطار الطبّي والمساعد والموازي. ويعدّ، إلى جانب مستشفى شارل نيكول، ثاني أكبر المستشفيات المدنيّة العامّة بتونس العاصمة، من جهة الخدمات العصريّة وتجهيزاته الجيّدة ومؤهّلات إطاراته.