محمد بوشربية

من الموسوعة التونسية
نسخة 08:50، 21 فبفري 2017 للمستخدم Bhikma (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1903 - 1952م]

يعد محمد بوشربية من أبرز شعراء القيروان وتونس عموما في النصف الأول من القرن العشرين نظرا إلى بروزه في الحقل الأدبي شاعرا مدافعا عن بلاده، ومربيا يبث في الناشئة بذور الوطنية ومبادئ الأخلاق الفاضلة. فقد ولد بالقيروان سنة 1903 وبها زاول تعليمه الابتدائي باللغتين العربية والفرنسية، وانتقل بعد ذلك إلى العاصمة ليزاول الدراسة بجامع الزيتونة بداية من سنة 1922 ويحرز على شهادة التطويع سنة 1928.

وما أن تخرج في جامع الزيتونة حتى عمل محررا بجريدة القيروان ثم قيّما بالزيتونة باقتراح من المرحوم العلامة محمد الطاهر بن عاشور ونجح بعد ذلك في مناظرة التدريس سنة 1934 بعد أن اعترض سبيله مرات عديدة عملاء الاستعمار الذين رأوه خطرا عليهم في تلك المؤسسة، ولكن إصراره على مزاولة التدريس انتصر على أعدائه فاشتغل أستاذا وكان في مهمته ناجحا إلى أبعد الحدود خصوصا وقد كان يحرر مقالات في صحف ذلك الوقت كالنهضة والزهرة والقيروان وغيرها وينظم القصائد البليغة. وهكذا تواصل عطاء محمد بوشربية في التعليم والصحافة والأدب والخطابة ومناهضة الاستعمار، حتى زج به في السجون ورأى من تعذيب المستعمر ألوانا، لأنه كان يعبر عن مواقف الزعماء، فقد كانت بعض الصحف أحيانا تحذف بعض أبيات قصائده الحماسية فتكتفي بالاشارة إلى أن ذلك من عمل الرقابة. ولقد توفي الشاعر يوم19 جويلية 1952 في مستشفى جندوبة إثر تعرضه وبعض رفاقه لحادث سيارة أليم قرب مدينة عين دراهم أثناء نزهة صيفيّة، ونقل جثمانه إلى مدينة القيروان ودفن بمقبرتها يوم 20 جويلية.

ومما يحسب للفقيد حبه الشديد لمدينته عاصمة الأغالبة شأنه في ذلك شأن محمد الفائز وصالح السويسي ومحمد الحليوي والشاذلي عطاء الله وغيرهم من شعراء القيروان، بل لعلّ هيامه بها يفوق هيامهم، وفي ذلك يقول محمد الشاذلي عطاء الله، في مقال له بجريدة الفكر: "بوشربية لا ينسى مسقط رأسه ولا يستطيع أن يكتم حنينه إلى الربع العامر وعطفه على التربة الزكية والبلد الحبي". ومن سمات الشاعر محمد بوشربية نزعته الاصلاحية التقدميّة في عصر كان أغلب الناس فيه متزمتين، رافضين لكل تغيير أو إصلاح، بحيث كان أستاذا ناجحا مع تلاميذه بفضل روحه العصرية وشدّة إخلاصه لوطنه واتقاده حماسة، نازعته فيها قوى الاستعمار والرجعية، ولكنه كان في شعره صامدا مناضلا حتى وفاته.

وقد ترك أشعارا لم تجمع في ديوان إلى أن تولت مؤسسة بيت الحكمة في قرطاج إصداره بتكليف الأستاذ الحبيب بن فضيلة للقيام بالعمل، بمناسبة تظاهرات القيروان عاصمة الثقافة الاسلامية. فاشتمل الديوان على ترجمة لحياة الشاعر، وتبويب لشعره الوطني، والوجداني وللمراثي وشعر المناسبات إضافة إلى قسم الزفرات أو "الزهرات" وهي عبارة عن مقطوعات قصيرة تختزل كل مقطوعة منها موضوعا، قال عنها محمد بوشربية نفسه: "الزفرات هي مجموعة مقاطع نظمت في أوقات مختلفة حسب نزعات متعددة وخواتم متباينة".