قصور الساف

من الموسوعة التونسية
نسخة 07:46، 25 جانفي 2017 للمستخدم Bhikma (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

تعد قصور السّاف أنموذجا للتّعمير في العصر الوسيط. فقد كانت القرية القديمة أجّر (Aggar) الواقعة في فيض وادي قلات، لا تبعد عنها سوى كيلومترين. وقد استمرّ العمران غامضا بهذه النّاحية من العهد البيزنطي إلى بداية العصر الحفصي، تاريخ ظهور قصور السّاف. فماذا حصل طيلة هذه الحقبة؟ كيف اندثرت أجّر وعمّرت قصور الساّف؟ هل كان ذلك نتيجة فيضانات وادي قلات، أو عوامل تاريخية أخرى، مقترنة بتراجع دور ميناء سلقطة؟ الثّاّبت أن التّسمية الجديدة: قصور الساّف تحيل إلى نمط جديد من التّوطين والتّعمير منذ بداية العصر الوسيط. فالقصور هي تجمّعات سكنية تتميّز بمدخل واحد وصحن متوسّط. وسواء أكانت قصورا مقترنة بطائر السّاف، أم قصور الوادي، باعتبار أن الوادي بالبربرية هو سوق - ساف، فإنّ هذه القرية كانت على الأرجح موجودة في العهد الفاطمي الزّيري.

على أنّ ذكرها لأول مرّة يعود إلى القرن الساّبع هـ/XIII م، إذ استقرّ بها في ذلك العصر أحد أعلام إفريقية الصّوفية. وهو الطّاهر المزوغي (572 - 647هـ/1176 - 1249م) وأنشأ بها زاوية ومسجدا جامعا مازال يحمل اسمه إلى حدّ الآن. وقد أسهمت هذه الزاوية في إعادة تعمير القرية وظهور أسرة من الصلحاء إلى جانب النّواة الأصلية من "البلدية".

في القرن الثّامن هـ/بقتم تواصلت سلطة هذه الأسرة الصّوفية، إذ خلّدت قُبرية اسم واحد من أحفاد الطّاهر المزوغي. وهو أبو الحسن علي بن أبي القاسم، المولود سنة 776هـ/1374م المتوفّي سنة 859هـ/1459م. وذكرت نقيشة ثانية حفيده : أبا الفضل أبا القاسم بن أبي عبد اللّه محمّد المتوفّى سنة 873هـ/1467م. أمّا القُبرية الثّالثة المتبقّية، فقد اقترنت بشيخ قاد حملة مقاومة الغزاة الإسبان بتونس وبالمهدية سنة 957هـ/1550م وقد توفّي في تلك المعركة.ذ

وقد أحيطت القرية بسور في هذه الحقب المضطربة. فذكرت بعض أبوابه: باب القصر والباب الجديد. تواصل تعمير هذه القرية في العهد العثماني. وقد اكتست زواياها أهمّية محليّة ووطنيّة، إذ حبّست لفائدتها الأراضي في عدّة جهات من البلاد التّونسيّة ومنحت سلطة البايات القائمين عليها امتيازات في عدم دفع الضّرائب.