شارل نيكول

من الموسوعة التونسية
نسخة 12:43، 22 جانفي 2017 للمستخدم Bhikma (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث
شارل نيكول

[1866 - 1936م]

ولد العالم الطبيب شارل نيكول (Charles Nicolle) سنة 1866 بفرنسا ونشأ في روان (Rouen) وعرف طفولة قاسية إذ فقد أباه، وفقد سمعه وهو لم يتجاوز بعد 18 سنة، وهو ما جعله يتجه إلى الأدب وكتابة الشعر فألف كتاب الطبيعة وأهداه إلى الشاعر ألفراد دي فيني (A.de Vigny) أمير الشعراء وشاعر الألم، وكاد ذلك يثنيه عن مواصلة دراسته للمسائل الطبية التي تاقت إليها نفسه. وفي سنة 1899 نجح دون كبير عناء في مناظرة أطباء مستشفيات باريس المقيمين، ولمّا بدأ سمعه يثقل عاد إلى مسقط رأسه حيث عُين أستاذا مساعدا ثمّ مديرا لمخبر البكتريات بمدرسة الطب بروان. وفي سنة 1902 قبل شارل نيكول إدارة معهد باستور بتونس بعد أن عهد إليه به أستاذه أميل رو (Emile Roux). وقد تأثّر شديد التأثّر لفراقه "روان" وقال حرفيا: "وداعا أيها المستشفى العزيز، أيتها المدينة الملحميّة، وداعا يا أصدقاء، يا مشروعات لا تفنى، وداعا أيها المخبر الصغير، إنّ مجهودات عالم مبتدئ لم تقدر في ثماني سنوات على إزالة استخفاف الناس الراسخ فيهم رسوخا شديدا".

وكان وصوله إلى تونس في جوان 1903 ليشرع في القيام بأبحاثه. وكانت الحمى الصفراء (typhus) قد أصابت وقتئذ أناسا في سجن جڨار (يبعد 80 كلم عن العاصمة) فاتّصل شارل نيكول بالطبيب المباشر وطلب زيارتهم. غير أنّه أصيب بمرض نفث الدم فعطل ذلك جهوده التي لم يكتب لها أنّ تثمر إلاّ سنة 1908 حين قدّم أوّل اكتشاف في ميدان الطبّ له علاقة بمرض الطفيليات الأحادية الخلية (leishmaniose). وبرز في معالجة الجذام (lèpre) والوباء (peste) والكوليرا والسهال الباسيلي والحمى المتوهّجة وقد أنشأ من أجلها العبارة التي صارت متداولة: مرض المستقبل. وقد كان ميله البالغ إلى الملاحظة أحد الأسباب التي أوصلته إلى أهمّ مكتشفاته في ميدان الطبّ وذلك بضبط الطريقة التي ينتقل بها مرض التيفوس، وبيان إمكان القضاء على تسرب العدوى، كما بيّنت دراساته لمرض الزكام الذي انتشر بين سنتي (1917 - 1918م) أنّ سبب هذا المرض هو الحمّى الراشحة (virus filtrant) وليس باسيل بفايفر. في هذه الفترة عالج أمراض "الرمد" و"التهاب الملتحمة" والحمى التيفويدية، والمرض الفطري وأمراض الدودة المعوية، كما درس سمّ العقارب. وتناول شارل نيكول في آثاره العلمية أمهات المسائل البيولوجية التي ضحّى من أجلها فخلف آثارا عدّة لا تزال تقدم دروسا في الكوليج دي فرانس منها "مدخل إلى مهنة الطب التجريبي"، و"نشوء الأمراض المعدية، حياتها وزاولها".

والناظر في هذه المؤلّفات يجد أنّها تكوّن فلسفة برمّتها في ميدان البيولوجيا. وكان شارل نيكول يجمع إلى التفكير الرصين والعبقرية العلمية خيالا أدبيّا خلاّقا جسّده في كتابة القصّة الطويلة والقصيرة. وكانت كتابته تمتاز بسهولة الأسلوب وكثرة الصور، وكانت عبارته جميلة منتقاة وهو ما جعل الدّارسين يعتبرونه من أكبر كتّاب عصره وأجودهم صنعة. وقد حصل شارل نيكول على أعلى تتويج يمكن أن يحلم به أمثاله وهو جائزة نوبل في الطبّ . وقد كانت وفاة شارل نيكول سنة 1936. ومازال يسمّى باسمه مستشفى من أكبر مستشفيات مدينة تونس.