حسن حسني عبد الوهاب

من الموسوعة التونسية
نسخة 08:19، 20 فبفري 2017 للمستخدم Bhikma (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث
حسن حسني عبد الوهاب

[1884 - 1968م]

هو حسن حسني بن صالح بن عبد الوهاب بن يوسف الصمادحي التجيبي، بمدينة تونس يوم 21 جويلية 1884، وتوفّي بصلامبو، من ضواحي تونس، يوم 9 نوفمبر 1968. وكان ممن تناولوا بالبحث والتأليف موضوعات متنوّعة من العلوم والمعارف. وهو ينتمي إلى أسرة من ذوي الجاه وأرباب المراتب والمناصب في الدولة التونسية. فقد شغل جدّه عبد الوهّاب بن يوسف الشارني الذي وهب اسمه لكامل الأسرة، وظائف إدارية وتشريفاتية ضمن حاشية البايات، كما كان والده صالح بن عبد الوهاب، موظّفا ساميا وعمل مترجمًا ضمن عدّة بعثات تونسية إلى أوروبا، وتولّى عدّة مناصب إدارية في عهد "الحماية الفرنسية"، منها منصب عامل على قابس والمهدية، وكان له شغف بالتاريخ فكتب مؤلفا في أخبار المغرب الأقصى لم ينشر. وفي سنة 1904، اضطرّ حسن حسني عبد الوهاب، إثر وفاة والده، إلى قطع دراساته العليا القصيرة بباريس، حيث كان يتابع دروسه في العلوم السياسية بعد تخرّجه في المدرسة الصادقية. والتحق بسلك الوظيفة الإدارية من سنة 1905 إلى سنة 1920. وشغل إثر ذلك خطّة عامل على التوالي، بجبنيانة في سنة 1925، ثم بالمهدية في سنة 1928، وبنابل في سنة 1935. وبذل جهودا جمّة من أجل نشر التعليم ونشر الثقافة في تلك الربوع بإنشاء المدارس الابتدائية بمنطقة جبنيانة، وإلقاء المحاضرات الأسبوعية بنفسه في المهدية حول تاريخ البلاد التونسية، والتبرّع بالكتب على مكتبات المهدية ونابل. وقد عاد إلى العمل في صلب الإدارة المركزيّة بتونس في سنة 1939، وكلّف بعد إحالته على المعاش، برئاسة جمعيّة الأوقاف. ثمّ شغل من ماي 1943 إلى جويلية 1947، منصب وزير القلم والإستشارة لدى الباي محمد الأمين الأوّل آخر بايات تونس (1943 - 1957).

وتولّى غداة استقلال البلاد التونسية، من سنة 1957 إلى سنة 1962، إدارة معهد الآثار والفنون، حيث قام بتدريب عدد من الشبّان التونسيين على الحفريات والبحوث الأثرية. وأحدث خمسة متاحف في مختلف أنحاء البلاد، منها أربعة متاحف خاصة بالفنّ العربي الاسلامي، تبرّع لها بجميع القطع التاريخية التي تتألف منها المجموعة الخاصة النفيسة التي كان يملكها، كما كان في الوقت نفسه يسهم في الحركة الفنيّة والأثريّة بنشر مقالات وكتابة توطئات للمؤلفات التي كان يشجّع على إعدادها ويساعد الباحثين على إصدارها. وكان يحسّ في نفسه بدافع قويّ وقد تجسم ذلك منذ سنة 1905 في الدروس التي كان يلقيها بالجمعية الخلدونية حول تاريخ تونس، ثم بالمدرسة العليا للغة والآداب العربية، من سنة 1913 إلى سنة 1924، حول التاريخ الاسلامي. وقد ساعده في ذلك التحاقه سنة 1920 بإدارة خزينة الوثائق العامة للبلاد التونسية. وقد جهّز هذه الإدارة بفهارس جامعة للوثائق، ثم بإدارة جمعية الأوقاف، كما أتاح له تولّيه منصب عامل بعدة مناطق من التراب التونسي، الفرصة لمزيد الاطلاع على البلاد، وعلى ما كان مغمورا، إلى حدّ ذلك الوقت، من تاريخها الحديث وتراثها الثقافي، ومكّنه من الاحتكاك بالسكان بمختلف أجناسهم ولهجاتهم القبلية. وفي سنة 1933 ألقى سلسلة من المحاضرات على منبر معهد الدراسات الاسلامية بباريس.

وبوصفه عضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة منذ تأسيسه سنة 1932 - وكان يمثل في الحقيقة داخل هذا المجمع بلدان المغرب العربي الثلاثة - أسهم إسهاما بعيد المدى في أشغال مختلف اللجان، متميّزا "بتفتّح فكري يعمل على التوفيق بين متطلبات العصر وبين أصول الحضارة الاسلامية". وكان أيضا عضوا بمجمع دمشق منذ إنشائه، وعضوا بمجمع بغداد، وعضوا مراسلا بمجمع النقائش والآداب الجميلة بفرنسا منذ سنة 1939، وبمعهد مصر، وبالمجمع التاريخي بمدريد، وبهيئة إدارة الموسوعة الإسلامية. وقد أسهم منذ سنة 1905، بوصفه مندوبا رسميا من الحكومة التونسية، في أشغال معظم المؤتمرات الدولية للمستشرقين، وفي العديد من الندوات والملتقيات، ممّا ساعده على ربط علاقات مثمرة دائمة بعدد كبير من العلماء المستشرقين والمشارقة. وشارك في مؤتمر الموسيقى العربيّة عام 1930 بالقاهرة، وكانت مشاركته جد بارزة. وكان في حصول حسن حسني عبد الوهّاب على لقب الدكتوراه الشرفية من جامعة القاهرة سنة 1950، ومن جامعة الجزائر سنة 1960 - وكانت لا تزال إذ ذاك فرنسية - اعتراف بقيمته العلمية، كما كانت جائزة رئيس الجمهورية التونسية، وقد أحرزها بالتحديد يومين قبل وفاته (يوم 7 نوفمبر 1968)، بمثابة التتويج لجهود حياة طويلة حافلة بالأعمال الجادّة وتشتمل هذه الأعمال على الآثار التالية:

  • باللغة العربية: المنتخب المدرسي من الأدب التونسي، تونس، 1908. وقد أعيد نشره ثانية بالقاهرة سنة 1944، كما نشر من جديد بتونس، سنة 1968، في صيغة جديدة، بعنوان المجمل; بساط العقيق في حضارة القيروان وشاعرها ابن رشيق، تونس، 1912; خلاصة تاريخ تونس، وقد نشر ثلاث مرات بتونس فيما بين 1918 و1958، مع مراجعته وتحيينه بمناسبة كلّ طبعة; قواعد علم الاقتصاد، تونس 1919; شهيرات التونسيات، تونس 1934, 1966; الطاري، في المجلة الزيتونية، تونس (ماي 1940) ; نسيم بن يعقوب، الندوة، تونس (جانفي 1953) ; العناية بالكتب وجمعها في افريقية التونسية، (1955)، الإمام المازري، تونس 1955; ورقات عن الحضارة العربية بإفريقية التونسية تونس 1965 - 72(3 مجلدات) ; العرب والعمران بافريقية، الفكر، ديسمبر 1968 - 28 - 31.
  • باللغة الفرنسية: غلبة المسلمين على صقلية (La domination musulmane en Sicile)، تونس 1905; لمحة عامة عن دخول العناصر الأجنبية بالبلاد التونسية (Coup d'oeil général sur les apports ethniques étrangers en Tunisie), تونس، 1917; تطوّر الموسيقى العربية بالمشرق والمغرب والأندلس ( Le développement de la musique arabe en Orient,au Maghreb et en Espagne)، تونس 1918; شاهد على الفتح العربي بالأندلس (Un témoin de la conquê te arabe de l'Espagne) تونس، 1992; ديناران نورمنديان مضروبان بالمهدية (Deux dinars normands frappés à Mahdia) بمجلة R.T 215-18، 1930؛ منعرج في التاريخ الأغلبي: ثورة منصور الطنبذي صاحب المحمدية Un tournant de l'histoire(aghlabide,l'insurrection de Mansur Tunbudhi,seigneur de la Muhammadiyya, بمجلة R.T،52-343,1937 ; حول الاسم العربي لمقاطعة المزاق (Du nom arabe de la Byzacène), بمجلة

R.T 1939, 199 - 201; مدن عربية اندثرت (Villes arabes disparues)، ضمن الأعمال المهداة لوليام مرسيباريس، 1950، 1 - 15; النظام العقاري بصقلية في العصر الوسيط (القرنين التاسع والعاشر) (IXè et X siècles)Le régime foncier en Sicile au Moyen Age) تحقيق مع ترجمة لكتاب الأموال للداودي بالتعاون مع فرحات الدشراوي، ضمن مجموع دراسات في الاستشراق مهداة إلى روح ليفي بروفنصال باريس، 44 - 401 ,II ,1962.

  • تحقيق نصوص: أعمال الاعلام لابن الخطيب (القسم الخاص بإفريقية وصقلية) ضمن مجموع الذكرى المئوية لميلاد أمّاري (Centenario della nascita di M.Amari)، بالرمو، 427 ,II ,1910 - 94; رسائل الانتقاد لابن شرف، دمشق، 1912; ملقى السبيل للمعري، دمشق، 1912; وصف افريقية والاندلس، مقتطف من ابن فضل الله العمري، تونس، 1920; كتاب يفعول للصاغاني، تونس، 1924; التبصّر في التجارة للجاحظ، دمشق، 1933, القاهرة 1935, بيروت 1966; آداب المعلمين لمحمد بن سحنون، تونس، 1934; الجمانة في إزالة الرطانة، مجهول المؤلف، القاهرة، 1953; رحلة التجاني، تونس 1958.

وتشتمل هذه الآثار أيضا على العديد من المقالات باللغتين العربية والفرنسية، بعضها لم ينشر، في حين نشر البعض الآخر في الموسوعة الاسلامية (E.I.)، وفي الدوريات الصادرة بالبلاد التونسية وأوروبا والمشرق. (انظر مجلة الفكر - ديسمبر 1968، ص 96 - قائمة المقالات التي نشرها في هذه المجلة). وقد أعيد نشر بعض هذه المقالات وعدد من الدراسات المذكورة آنفا ضمن كتاب ورقات، سواء لأنها وجدت في هذا الكتاب السياق المناسب لها، أو لأن طبعاتها الأولى قد نفدت.

وسواء أكانت هذه الأعمال في شكل كتب دراسية أم في شكل دراسات مفردة الموضوع، فقد خصّصها في معظمها لابراز ما تتميّز به البلاد التونسية من تاريخ وحضارة عربيّيْن ضمن منظور يشمل الأدب وعلوم اللغة والدين، دون التفريط مع ذلك في العلوم الخالصة "الصحيحة" وفي الفنون. وهذه الأعمال توحي إلينا مسبّقا بصورة المصنّف الضخم الذي أعدّه المؤلف، وهو ثمرة أكثر من ستين سنة أنفقها الرجل في البحوث والدراسات المتواصلة في صبر وأناة، وقد سماه "كتاب العمر" لأنه خلاصة مجهود حياته بأكملها. ويشتمل هذا الكتاب على عدّة مجلدات، ويضمّ تراجم ما يناهز الألف رجل من العلماء والأدباء الذين ولدوا بتونس أو عاشوا بها منذ تاريخ الفتح العربي للبلاد. وقد سبق للمؤلف أن أعلن عن هذا الكتاب، فيما يبدو، منذ سنة 1953، بعنوان تاريخ تونس الكبير (مقدمة الطبعة الثالثة من خلاصة تاريخ تونس). وعهد بنشره إلى أحد الأدباء التونسيين وهو السيد محمد العروسي المطوي. (انظر بالخصوص مجلة الفكر، ديسمبر 1968, ص 86).

والمحاولة القصصية الوحيدة التي نعرفها له هي أقصوصة كتبها باللغة الفرنسية بعنوان "الليلة الأخيرة بغرناطة" (Dernière veillée à Grenade )وقد نشرت بمجلة "نهضة شمال إفريقيا" (La Renaissance nord africaine)، تونس، العدد 3، مارس 1905) ونقلها إلى العربية حمادي الساحلي في مجلة قصص، العدد 17، أكتوبر 1970. وهي تنبئ بحرص المؤلف على إحياء الحضارة العربية الاسلامية، وهو الشعور الذي لازمه في جميع بحوثه. وهذه المحاولة القصصية تنمّ، بالاضافة إلى ذلك، عن موهبة الرجل الأدبيّة.

هذا وقد ألهمت أعمال حسن حسني عبد الوهاب، المتميزة إلى أبعد حدّ بالتنوّع في نطاق وحدتها، ووجّهت جهود أجيال من الباحثين، بما لها من ثراء زاخر في مدّها العلمي الذي تجاوز حدود المجال التونسي ليشمل قطاعات فسيحة من الثقافة العربية الاسلامية، وبما امتاز به صاحبها من وضوح في التقديم والعرض، ومن متانة وأناقة في الأسلوب. وإنّ إشعاع هذا الرجل عالما ومؤدّبا - وهو الذي كان مجلسه يشكل مدرسة حقيقية من آخر ما عرفته تونس من هذا القبيل فيما يبدو - هو إشعاع لا يزال دافقا فيّاضا بفضل ما وهبه إلى المكتبة الوطنية بتونس من مخطوطات مجموعته الخاصة التي تعدّ ما يقارب الألف مجلّد، والتي تشكل اليوم بهذه المكتبة مخزون الكتب الذي يحمل اسمه. (انظر الكشف المنشور بالخصوص في حوليات الجامعة التونسية، (1970) 133- 272، وكذلك إعلان الهبة، ضمن كلمته بمناسبة إحرازه على جائزة رئيس الجمهورية التونسية، وهي الكلمة المنشورة بمجلة الفكر، ديسمبر 1968، ص 85 - 87.