الطباعة الرسمية في تونس

من الموسوعة التونسية
نسخة 19:36، 24 جانفي 2017 للمستخدم Bhikma (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

ظهرت الطباعة في تونس في مطلع القرن 19م في أول مطبعة حجرية كان أهداها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لحمودة باشا سنة 1806م مع السفينة الحربية فرنكلن (Franklin) التي نقلت وفد السفارة برئاسة سليمان ململّي إلى تونس، لكنّ الأخبار لم تسجّل لنا منشوراتها. ويبدو أنّها المطبعة نفسها التي طبع بها المشير الأوّل أحمد باي (1837 - 1855م) الأوراق النقدية الأولى إذ يستبعد أن تكون طبعت في المطبعة الحجرية الخاصّة التي أنشأها القس بورقاد (Bourgade) سنة 1845م بمدرسته الحرّة الكائنة بزنقة المبشّر المتفرّعة عن نهج سيدي المرجاني. وكانت طباعتها سنة 1263هـ/1847م حسب ابن أبي الضياف. وكان ذلك بدار المال بساحة سيدي زهمول، وهي المعروفة بقشلة سيدي عامر، وذلك بتوكيل من محمود بن عيّاد وإشراف الوزير الأكبر مصطفى خزنه دار. ومن تلك الأوراق النقديّة مجموعة توجد بالخزينة العامة.

وفي عهد المشير الثاني محمّد باي (1855 - 1859م) جهزت المطبعة الحجرية بآلات فرنسية، وجعل مقرّها بنهج الحفصية. وكان غرضه نشر التشريعات الرسميّة مثل قانون عهد الأمان (1857). كان ذلك سنة 1274هـ/1857م. وبعد سنتين جلب لها الحروف الحديدية. وكان أوّل مطبوعاتها نصّ عهد الأمان على ورقة واحدة وزّعت في حفل مشهود بقصر باردو يوم 10 سبتمبر 1857. وكان ثانيها لائحة التراتيب الداخلية، وثالثها عهد الأمان مع شرحه.

وفي عهد المشير الثالث محمد الصادق باي (1859 - 1882م) تواصل تشغيل المطبعتين، الحجرية والحديدية، باسم "مطبعة الحكومة التونسية". فصدرت بالأولى طوابع جبائية سنة 1284هـ/1867م وأطلس جغرافي من تأليف محمد بن حميدة، كاتب المطبعة والمتخصّص في الطباعة، سنة 1290هـ/1873م. وصدر بالثانية "الرائد التونسي". وأوّل عدد بتاريخ يوم الأحد 4 محرّم 1277 / 23 جويلية 1860 تضمّن أمر التأسيس للمطبعة والجريدة معا. وهو بتاريخ سابق طبعا إذ كتب في 28 ذي الحجّة الحرام سنة 1276 / 17 جويلية 1860 للجنرال حسين مستشار الأمور الخارجية ورئيس المجلس البلدي تكليفا له بالاشراف عليها وتذكيرا له بالأمر المؤرخ في 12 جمادى الثانية 1276/جانفي 1860 في صيغة عقد امتياز للانڨليزي ريشارد هولت يتألّف من 13 مادّة ويخوّل لهذا التاجر الانڨليزي إنشاء مؤسسة طباعة وصحافة باللغات العربية والأجنبية بإشراف الدولة التونسية الممثلة في شخص رئيس المجلس البلدي (المادة 1). وهذه المؤسسة يمكن أن تسمّى "المطبعة الرسميّة" بالبلاد التونسية (المادة 5). وذلك على شروط، منها أنّ يكون مقرّها بمقرّ المجلس البلدي، أي دار حسين، حيث المعهد الوطني للتراث اليوم. غير أنّ عقد الامتياز لم ينفّذ، فأشرفت الدولة على المشروع بنفسها بمقتضى الأمر المذكور أعلاه الموجّه إلى الجنرال حسين تكليفا له بالمطبعة وب"الرائد التونسي". فكان له ذلك طيلة عشرين سنة، ساعده فيها تقنيّا أوغست قربيرون (Auguste Garbeiron) الفرنسي، ومنصور كرلتي (M.Carleti) الايطالي أصلا، الشّامي نسبة ولغة، وساعده فيها إداريّا الكاتب الأوّل مصطفى لازغلي إلى سنة 1279 - 1280هـ/1863م تاريخ استخلاف ابنه حسن، كما ساعده في رئاسة التحرير محمود قابادو ومحمد السنوسي بإدارة بيرم الخامس إلى سنة الاستعمار (1881). ثمّ كلّف حسن لازغلي صاحب أوّل "رزنامة" تونسيّة بالنظارة ورئاسة التحرير إلى سنة 1319هـ/1901م تاريخ تكليف محمّد بن الخوجة إلى سنة 1915م. فانتقلت المطبعة إلى نهج الدريبة المفتح على نهج دار الجلد، وألغيت رئاسة التحرير، وأرجع النظر على "الرائد التونسي" إلى إدارة الاقتصاد ثمّ إلى الادارة العامّة للداخلية ثمّ إلى الكتابة العامة للحكومة التونسية وأصبح يصدر في نشرتين بالعربية والفرنسية مقصورتين على النصوص التشريعية، وذلك منذ صدور الأمر المؤرّخ في 18 ربيع الأوّل 1300 / 27 جانفي 1883. على أن ّ النشرة الفرنسية كانت تطبع خارج المطبعة الرسمية التي ظلّت عربية، وذلك بمقتضى عقد امتياز تبرمه الدولة مع مطابع خاصّة مثل سابي (S.A.P.I) إلى تاريخ 25 صَفَر 1365 / 28 جانفي 1946 تاريخ إنشاء "المطبعة الرسمية للمملكة التونسية" المستعملة للّغتين. وذلك بعد اقتناء أجهزة فرنسية وتجديد أجهزة المطبعة العربية. وهي الان مطبعة الاتحاد العام التونسي للشغل بعدد 42 نهج 18 جانفي 1952 بتونس، (نهج بروفنس سابقا)، في موقع مطبعة فرنسية خاصة على ملك جوزيف ألوسيو (Joseph Aloccio). وكانت قد اندلع فيها حريق فاشترتها الحكومة التونسية في عهد الكاتب العام ريني برويياي (René Brouillet). ثمّ انتقلت في جوان 1973 إلى مقرّها الجديد الحالي بشارع فرحات حشاد برادس بمساعدة رئيس بلديتها عبد الله فرحات، وذلك في آخر فترة إدارة محيي الدين الدرويش (1959 - 1974). وقد سمحت لها تجهيزاتها المتطوّرة بالاعلاميّة بتوسيع صلاحياتها لتشمل النشر الإداري والقانوني والجامعي والتوثيق القانوني. ذاك ما نصّ عليه الأمر عدد 587 لسنة 1981 المؤرّخ في 30 أفريل 1981 المنقّح والمتمّم للأمر عدد 165 لسنة 1966 المؤرّخ في 18 أفريل 1966 المتعلّق بتنظيم "المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية".