نجيب المورالي

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1927 - 2004م]

ولد الدكتور نجيب المورالي في تونس العاصمة حيث تلقّى دراسته الثانوية بالمدرسة الصادقية. ثم واصل دراساته العليا بكليّة الطبّ بباريس. وتخرّج في مستشفياتها. وعند عودته إلى تونس سنة 1957, عُيّن رئيس مصلحة الجراحة بمستشفى المهديّة إلى سنة 1961. ثمّ خلف الدكتور علي العقبي على رأس مصلحة الجراحة في مستشفى سوسة. والتحق سنة 1963 بفريق الأستاذ زهير السافي. فكان من أبرز مساعديه. وفي سنة 1964، قرّر التخصّص في البحوث السرطانيّة رغم الشعور السائد حينذاك بانسداد آفاقها وضعف الآمال في شفاء المصابين بذلك الداء الفتّاك. لكنّه تمكّن من إقناع السلط الطبّية بضرورة تأسيس مركز وطنيّ للبحوث السرطانية. وتجسّم المشروع عند التقائه بالأستاذ دينوا (Denoix) مدير معهد غستاف روسي بباريس.

والتحق بذلك المعهد فعلا وظل يعمل في مصلحة الجراحة به إلى سنة 1967. ولمّا رجع إلى تونس وفي انتظار بناء المعهد الوطني للسرطان، اشتغل إلى جانب ثلّة من كبار الأطبّاء الأجانب في جناح من مستشفى الحبيب ثامر. واختصّ الفريق في معالجة الأورام الخبيثة. ثمّ عُيّن طبيبا مديرا للمعهد الوطني للسرطان ورئيس قسم الجراحة به، بمساعدة الدكتورة فرانسواز التبّان. وفي سنة 1973 سُمّي أستاذا محاضرا مبرّزا ثمّ أستاذا للجراحة السرطانيّة. وتعزّز الفريق بعدد من المتخصّصين التونسيّين أمثال الدكاترة الغراب وكمّون وابن عطيّة واللوز ومطيمط والجزيري الذين تكوّنوا جميعا في معهد غستاف روسي بباريس. ولئن عُيّن الدكتور نجيب المورالي خبيرا لدى المنظّمة العالميّة للصحّة، فقد بقي شديد التعلّق بمعهده. فسعى جاهدا إلى أن يجعل منه مركزا مرجعيّا لدى تلك المنظّمة الدولية في مجاليْ سرطان الثدي وعنق الرّحم.

وجلب إليه كبار المتخصّصين الفرنسيّين والإيطاليّين والأمريكيّين الذين ألقوا فيه عدّة محاضرات، كما أشرك المعهد في برنامج البحث مع معهد Bethesda الأمريكيّ وخاصّة في مجالي السرطان الالتهابي للثدي والإصابات اللمفاوية الخبيثة، كما تمكّن من بعث شراكة مثاليّة مع معهد غستاف روسي الفرنسي. فانتظمت سنويّا أيّام دراسية في البحوث السرطانية بإشراف المعهديْن. وتكفّل المعهد الفرنسي بتكوين جميع الإطارات الطبّية المُعدّة للالتحاق بالمعهد التونسي، كما أوفدت بعثات من الإطارات الطبيّة المساعدة بهدف التربّص. وتولّى أيضا نشر عدّة مقالات في المجلاّت الدولية، كان لها صداها البعيد. وفي خصوص تنظيم الأعمال داخل المعهد، سار الدكتور المورالي على نهج معهد غستاف روسي، حيث كانت كلّ الملفّات تُناقشها فرق متعدّدة التخصّصات. وبالاضافة إلى ذلك، سعى إلى تقريب الأطبّاء من المرضى. فنظّم في سوسة وصفاقس عيادات شهريّة في مجالي الجراحة وأمراض الأذن والأنف والحنجرة. وقام بحملات استكشافية مع أعضاده داخل الأحياء الشعبيّة (للكشف عن سرطان الثدي وعنق الرّحم).

وبفضله أُحدثت مصلحة علم الأوبئة والسجلّ الوطني للسرطان، كما نظّمت الدراسات بحيث يتلقّى كلّ طبيب حدّا أدنى من المعلومات في مجال السرطان ونُظّمت حملات تحسيسيّة عبر الاذاعة والتلفزة في عدّة مناسبات. ولقد حقّق الدكتور المورالي نجاحا باهرا تجسّد في تراجع الأشكال المهلكة من سرطان الثدي (المعروف بالسرطان الالتهابيّ) إذ بلغت، عند افتتاح المعهد، 55% من سرطان ثدي المرأة في تونس (وهي من أعلى النسب في العالم) وأصبحت لا تتجاوز حاليّا 10% (فغدت شبيهة بنسب البلدان المتقدّمة طبّيا). وفي السنوات الأخيرة من حياته كوّن جمعيّة جراحيّة خاصّة، اشتغل فيها مع ثلّة من قدماء أصدقائه وأعضاده، تحدوه دائما الشجاعة نفسها لمقاومة الشدائد بمعنويّاته العالية المعهودة.