مصطفى بن عزوز

من الموسوعة التونسية
نسخة 09:19، 24 فبفري 2017 للمستخدم Bhikma (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1220 - 1282هـ/1805 - 1866م]

كانت ولادته في بلدة البرج القريبة من طولقة بصحراء الزّاب من أعمال بسكرة. وهذه البلدة معروفة باسم برج ابن عزّوز نسبة إلى والده الولي الصالح سيدي محمد بن عزوز، الذي أسّس زاويته الشهيرة فيها (زاوية ابن عزوز) وعمّرها بالذّكر والعبادة، وهي الزّاوية الأم للزاويتين (زاوية علي بن عمر) في طولقة و (زاوية مصطفى بن عزّوز) في نفطة، وما تفرّع عنهما من زوايا عدّة في القطرين الجزائري والتونسي. ولد الشيخ مصطفى بن عزوز سنة 1805 - 1806م.

نشأ في رعاية أبيه الذي أشرف على تربيته وسلوكه في طريق الفضيلة والكمال، وكان منذ طفولته في أحضان الايمان والتقوى والتصوّف. تلقّى علومه في مدرسة والده وحفظ القرآن الكريم وتجويده وترتيله. وما إن بلغ الرابعة عشرة من عمره حتى توفّي والده عن عمر يناهز ثلاثا وستّين سنة، ودفن في زاويته ببلدة البرج. بعد وفاة والده وبوصاية منه، أخذ تلميذه وصهره وخليفته الشيخ علي بن عمر على عهدته الاشراف والعناية بالشيخ مصطفى بن عزّوز، ورعاه الرّعاية الصّادقة التي هيأته ليكون من بعده شيخ زاويته (زاوية علي بن عمر) في طولقة.

وكان الشيخ مصطفى قد شرع في تأسيس زاوية نفطة بناء على طلب وتوجيه من شيخه علي بن عمر. وذهب إلى الجنوب التونسي واختار بلدة نفطة مقرّا للزاوية. وعاد إلى طولقة لزيارة شيخه ومقام والده في البرج. وفي أثناء هذه الزيارة القصيرة توفي شيخه علي بن عمر، فتولّى رئاسة الزاوية لمدّة ستة أشهر فقط. ولمّا آنس في ابن شيخه علي بن عثمان التقوى والكفاية للقيام بأعمال الزاوية سلّمه المهمّة وعاد إلى زاويته في نفطة.

اختار الشيخ مصطفى بن عزوز بلدة نفطة موطنا له ولعائلته لقربها من الحدود الجزائرية (على بعد كيلومترات) وسهولة الانتقال عبر الصحراء بين البلدين لأهداف بعيدة المدى ومنها مساعدة المجاهدين ضدّ الاستعمار الفرنسي في الجزائر. كتب الشّيخ إبراهيم خريف في كتابه القيم "المنهج السديد في التعريف بقطر الجريد": "ورد على بلدة نفطة من بلاد الزاب مهاجرا، القدوة المرشد، صفوة البررة، وخلاصة الصالحين الخيرة، صاحب المآثر العديدة، والأخلاق الحميدة، الشيخ سيدي مصطفى بن عزّوز البرجي، فاستوطن مع عائلته وعدد كبير من أتباعه وأشياعه، فأقبلت عليه البلاد، وهرعت إليه العباد، يلتمسون بركته ويستمدّون فيوضاته. ثم أحدث زاويته المشهورة المشتملة على عدد كبير من المساكن لايواء الواردين عليه من كل صقع، وإنشاء مطابخ لاطعام كل من يرد من أبناء السبيل وغيرهم". أنشأ في زاويته مدرسة مهمّة لتعليم القرآن الكريم وحفظه وتدريس فنون العلم كافّة، وجهز بيوت السكنى للمتفرّغين للقراءة والتّعليم، أحضر لها كبار علماء الدّين من الجهات كافّة.

ومن المدرّسين فيها العلاّمة محمد المدني بن عزوز، والفقيه العالم أبو العباس أخو الشيخ مصطفى، والشيخ محمد الصالح بن حمادي، والشيخ محمد بن عزوز، وجلب لها من بلدة قفصة العالم الشيخ أحمد السنوسي بن عبد الرحمان القفصي، ومن مدينة توزر العلاّمة الجليل إبراهيم بوعلاق التوزري، والشيخ أحمد الأمين بن عزوز، والشيخ التارزي بن عزوز. و تصدّر كل من هؤلاء لتدريس العلوم من عقلية ونقلية، فانتفعت بهم البلاد، وكثير من المدرّسين غير هؤلاء من الفضلا، وعلماء الدين، احتفلت بهم هذه المدرسة. توفّي آخر ليلة من ذي الحجة سنة 1282هـ/ماي 1866م، ودفن بزاويته بنفطة.