محمود الباجي

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1906 - 1987م]

هو محمود بن محمّد بن قاسم الباجي. ولد بالقيروان في جمادى الأولى سنة 1324هـ/جوان 1906م، وبها حفظ القرآن الكريم، وتلقى مبادئ القراءات على والده ثم دخل تونس، وانخرط في سلك طلبة التعليم بجامع الزيتونة حتى حصل على شهادة التطويع سنة 1345هـ/1927م، وكان عمره وقتها واحدا وعشرين عاما فالتحق بمدرسة الحقوق التونسيّة التي كانت بإدارة الأمور العدلية وحصل على شهادة الحقوق سنة 1349هـ/1930م.

كان في أثناء دراسته للحقوق يشتغل كاتبا بإشراف شيخ المدينة إذّاك الشاذلي العقبي. وإثر حصوله على شهادة الحقوق التونسيّة، شارك في مناظرة القضاة سنة 1394هـ/1930م. وبقاعة المناظرة الكبرى من إدارة الأمور العدلية التي كانت تعطى بها الدروس وهي في الوقت نفسه خزانة الملفّات المحكوم فيها - وقبل الشروع في توزيع الموضوع الكتابي لليوم الأول في القانون المدني، أشعر بأنه ممنوع عليه إتمام المناظرة ولا تسوغ له المشاركة فيها، إذ اعتبر عدوّا لفرنسا بسبب نشاطه السياسي الذي رفعت فيه مذكرة من البوليس الاستعماري.

لكنّه أعاد الكرّة في المناظرة التي أجريت سنة 1351هـ/1932م فنجح وكان الفائز الأول، ولذا ألحق بمحكمة سوسة الابتدائية. ولم تدم إقامته بهذه المدينة مدة طويلة، فقد كان له نشاط وطني إذ شارك في المظاهرات التي حدثت احتجاجا على أوامر التجنيس والشائعة التي راجت وقتها كذبا بصدور فتوى من أهل الشرع تقضي بقبول توبة المتجنّس، وكان ذلك سنة 1352هـ/1933م. فحرّر المراقب المدني بسوسة ضدّه وشاية وطلب إبعاده عن سوسة.

فنقل محمود الباجي في رجب 1352هـ/أكتوبر 1933م نقلة عقاب إلى قفصة، ورغم أن حالة الغضب كانت تعصف به، ورغم أن مدير العدلية وعد بإرجاعه في أقرب وقت إلى تونس، فقد استقرّ بقفصة مدّة ثمانية أعوام، وطاب له المقام بها وأنشأ ناديا ثقافيا بها.

وهناك لقى الهادي المدني وأصبحت قفصة محطة تذاع منها الأشعار والمساجلات الأدبية وتشدّ إليها الرّحال، ويطيب بها المقام، وعرف القضاة أنّها محطة العلم والأدب والراحة والاستقرار، وأدركت الادارة هذه الحقيقة فنقلت المدني إلى قابس، ونقلت الباجي إلى باجة.

وفي عام 1359هـ/1940م عيّن محمود الباجي حاكم تحقيق بالمحكمة الابتدائية بباجة فكان مثال الرّجل النّصوح والوطني المخلص والقاضي الواسع الاطّلاع.

وقد أقام بباجة حتى نقل إلى المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، فتدرّج في خطط القضاء فسمّي عضوا بمجلس الوزارة وباشر عضوية الدائرة الجنائية الثانية فأظهر براعة فائقة، وهو متخصّص في هذه المادّة ونال إعجاب القضاة كافّة.

وفي هذه الفترة أسهم في نشر صفحة قضائية بجريدة الصباح. وفي 19 صفر سنة 1380هـ/13 أوت 1960م ارتقى إلى خطة مستشار بمحكمة التعقيب إلى أن أحيل على المعاش في جمادى الثانية سنة 1391هـ/غرّة جويلية سنة 1971.

فانقطع للعلم والأدب والخطابة والصحافة والتأليف حتى أدركته المنية صباح يوم الاثنين 15 ذي الحجّة الحرام سنة 1407هـ/10 أوت 1987م ودفن في اليوم نفسه بمقبرة الزلاّج.