«محمد صالح الجابري»: الفرق بين المراجعتين

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سطر 19: سطر 19:
  
 
* القصة التونسية نشأتها وروادها، مؤسّسات بن عبد الله، تونس 1975.  
 
* القصة التونسية نشأتها وروادها، مؤسّسات بن عبد الله، تونس 1975.  
 
 
* ديوان الشعر التونسي الحديث، الدار العربية للكتاب، تونس 1976.  
 
* ديوان الشعر التونسي الحديث، الدار العربية للكتاب، تونس 1976.  
 
 
* دراسات في الأدب التونسي،، الدار العربية للكتاب، تونس 1976.  
 
* دراسات في الأدب التونسي،، الدار العربية للكتاب، تونس 1976.  
 
 
* أبعد المسافات، مؤسّسة بن عبد الله، تونس 1977.  
 
* أبعد المسافات، مؤسّسة بن عبد الله، تونس 1977.  
 
 
* يوميات الجهاد الليبي، الدار العربية للكتاب، تونس 1980.  
 
* يوميات الجهاد الليبي، الدار العربية للكتاب، تونس 1980.  
 
 
* النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين بتونس، الدار العربية للكتاب 1982.
 
* النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين بتونس، الدار العربية للكتاب 1982.
 
* الأدب الجزائري في تونس، [[المجمع التونسي للعلوم والاداب والفنون - بيت الحكمة|بيت الحكمة]]، تونس 1991.  
 
* الأدب الجزائري في تونس، [[المجمع التونسي للعلوم والاداب والفنون - بيت الحكمة|بيت الحكمة]]، تونس 1991.  
 
 
* [[محمود بيرم التونسي]] في تونس، دار الغرب الاسلامي، بيروت 1987.  
 
* [[محمود بيرم التونسي]] في تونس، دار الغرب الاسلامي، بيروت 1987.  
 
 
* رحلات جزائرية، دار الغرب الاسلامي، بيروت 2008.  
 
* رحلات جزائرية، دار الغرب الاسلامي، بيروت 2008.  
  

مراجعة 13:45، 29 ديسمبر 2016

[1940 - 2009م]

ولد بتوزر في 8 فيفري 1940. درس المرحلة الابتدائية بالرديف وتوزر والثانوية بجامع الزيتونة بتونس العاصمة، حيث نال شهادة التحصيل سنة 1961. اشتغل على إثرها معلّما لمدة خمس سنوات. كان يتردّد في أثنائها على مجالس الثقافة ومقاهيها المشهورة في تونس العاصمة. ثم التحق بجامعة بغداد سنة 1967. ومنها حصل على الاجازة في اللغة والاداب العربية سنة 1971. عين إثرها أستاذا بالتعليم الثانوي لسنوات وملحقا بوزارة الثقافة منذ سنة 1973 ثم مديرا للمركز الثقافي التونسي في ليبيا. ومنذ سنة 1979 التحق بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. فكان له الدور الكبير في التعريف بالثقافة العربية وآدابها وحضارتها وفي الاشراف على الموسوعات الأدبية والعلمية التي أنجزتها المنظمة ومنها موسوعة العلماء والأدباء العرب والمسلمين (وقد صدر منها 19 مجلّدا) ولم ينقطع عن تحصيل العلم الذي واصله بعد الالتحاق بوزارة الثقافة سنة 1973. فأحرز على شهادة الدراسات المعمّقة سنة 1980 من الجامعة الجزائرية ثم الدكتوراه في الاداب من الجامعة نفسها سنة 1987 بأطروحة تناولت موضوع النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين في تونس.

نشاطه التأليفي

لم يتخصّص محمد صالح الجابري في لون واحد من الكتابة. وإنّما ألف في مختلف الأجناس من شعر وقصّة قصيرة ومسرح ومقال صحفي. وأنتج للاذاعة والتلفزة بعض المسلسلات. وأخرج للناس بحوثا ودراسات أدبية وفكرية. واهتمّ بالتحقيق والتراث. فهو من هذه الجهة كاتب موسوعي جمع بين الابداع والنقد وبين إنتاج الأدب والتأريخ له. لمحمد صالح الجابري مؤلفات في الابداع بصنوفه وفي النقد والدراسة والتوثيق. ويمكن تصنيف كتاباته إلى أبواب:

الرواية والقصة القصيرة يوم من أيام زمرا، (رواية، 1968). إنه الخريف يا حبيبتي،(مجموعة قصصية 1971), البحر ينشر ألواحه (رواية 1975) الرخ يجول في الرقعة (مجموعة قصصية 1977), ليلة السنوات العشر (رواية، 1982).

  • المسرح: كيف لا أحبّ النهار؟، (مسرحية 1979)

البحوث والدراسات

الشعر التونسي المعاصر، الشركة التونسية للتوزيع، تونس 1974.

  • القصة التونسية نشأتها وروادها، مؤسّسات بن عبد الله، تونس 1975.
  • ديوان الشعر التونسي الحديث، الدار العربية للكتاب، تونس 1976.
  • دراسات في الأدب التونسي،، الدار العربية للكتاب، تونس 1976.
  • أبعد المسافات، مؤسّسة بن عبد الله، تونس 1977.
  • يوميات الجهاد الليبي، الدار العربية للكتاب، تونس 1980.
  • النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين بتونس، الدار العربية للكتاب 1982.
  • الأدب الجزائري في تونس، بيت الحكمة، تونس 1991.
  • محمود بيرم التونسي في تونس، دار الغرب الاسلامي، بيروت 1987.
  • رحلات جزائرية، دار الغرب الاسلامي، بيروت 2008.

وأشرف على موسوعة العلماء والأدباء العرب والمسلمين التي أصدرتها الألكسو، كما سبق أن ذكرنا.

محمد صالح الجابري ناقدا

من شواغل محمد صالح الجابري نقد الأدب التونسي والتأريخ لأهمّ أعلامه واتجاهاته على مدار قرن، امتدّ من أواخر القرن التاسع عشر إلى العقود الأخيرة من القرن العشرين. ولم تقتصر دراساته على المدار الجغرافي التونسي. وإنمّا شمل القطرين الجزائري والليبي وعليه يمكن النظر في مدوّنته النقدية في محورين اثنين:

دراسة الأدب التونسي شعره وسرده

تؤلّف مؤلفاته النقدية رافدا من الروافد الأساسية في دراسة الأدب التونسي شعره وسرده ونقده. ففي كتابه الشعر التونسي المعاصر يقف على معالم هذا الشعر طيلة قرن كامل امتدّ من سنة 1870 إلى سنة 1970 أي منذ تباشير النهضة الفكرية والأدبية في تونس. وفي فصول هذا الكتاب الخمسة يدرك القارئ المراحل الكبرى لمسار هذا الشعر وعوامل نشأته وخصائصه المضمونية والفنية. فقد خصّص الكاتب الفصل الأول لرصد ملامح الأدب التونسي في الفترة المتراوحة بين 1869 و1881، مبرزا خصائص مرحلة النشأة للشعر الحديث وما يربط بين شعرائه من وشائج الرؤية التي عمادها التتلمذ. أمّا الفصل الثاني فخصّصه لدراسة الشعر التونسي من عام 1811 إلى عام 1914. ويحلّل في هذا السياق الدور الثقافي الذي كان للصحف التي صدرت في تونس في تلك السنوات، في سياق ما عكسته حركة الانبعاث الأدبية من تأثير، مبرزا دور الأدباء في إنعاش الحركة الأدبية بكتاباتهم في الصحف. ولعلّ هذا ما جعل من الشعر العصري مدارا عليه تتنافس الصحف في نشر أجوده وأمتعه..ولمتابعة هذا المسار يخصّص الفصل الثالث للحديث عن هوية الشعر التونسي في الفترة المتراوحة من سنة 1914 إلى سنة1934، مبرزا العوامل السياسية والاجتماعية والفكرية الحافة بهذه المرحلة، محلّلا الدور النضالي الذي اضطلعت به ثلة من الأدباء، معتبرا أنّ الشاعر محمد الشاذلي خزندار هو أوّل مؤسس للشعر السياسي التونسي. وبمقتضى ذلك خصّص له ولمصطفى آغا حيّزا درّس فيه حياتهما وشعرهما ومواقفهما الوطنية.وعلى هذا المنوال من الرصد والتحليل يخصّص الفصل الرابع لرصد واقع الشعر التونسي من سنة 1934 إلى سنة 1940 ويبين أثر بعض المجلاّت في الحياة الثقافية والأدبية للبلاد وقتئذ من قبيل مجلة العالم الأدبي لصاحبها زين العابدين السنوسي ومجلّة الزمان التي أشرف عليها محمود بيرم التونسي. وفي هذا السياق أيضا يبرز دور المجالس والمقاهي والنوادي الأدبية في تشكيل المشهد الأدبي.ويخصّص المؤلف خاتمة هذا الفصل للاطلال على شعر محمد العريبي "ابن تومرت" وللحديث عن جوانب من شخصيته الناشطة والمناضلة وليدرس أيضا شعر محمود بيرم التونسي، كاشفا مواقف هذا الشاعر النضالية وإيمانه العميق بشرف الكلمة ونبلها. وفي الفصل الخامس من هذا الكتاب يبرز المؤلف دور الشاعر والباحث محمد البشروش الذي أصدر عام 1938 مجلّة المباحث. وقد التفّ حولها نخبة من الباحثين والكتّاب التونسيين ويشير إلى الدور التجديدي الذي وسم النتاج الشعري لموجات جديدة متلاحقة. ولم يكتف الدارس برصد تيّارات الشعر عامّة وذكر أعلامها في كل طور من أطوار تجدّده. وإنّما وقف على نماذج منها، دارسا حياة كل أديب ومحلّلا لجوانب من شعره مؤكّدا ما به تختصّ هذه الموجة الشعرية من نزعة إلى تجديد الأدب شكلا ومضمونا. ولعلّ أهم ما يحدّد منهج الجابري وأسلوبه في التأريخ للأدب التونسي كونه منهجا يجمع بين التأريخ وتحليل الظواهر الأدبية تحليلا نسقيا يربط بين الأديب وسياقه الثقافي العام وبين الأديب وسائر الأدباء الذين يشتركون معه في بعض الخصائص بغية رصد المختلف والمؤتلف بين أجيال الكتاب، وصولا إلى صيغة تصنيفية تشترك فيها زمرة من الأدباء.وعلى هذا النهج من الشمولية والافادة ستكون سائر مؤلفاته الأخرى.ويعدّ كتابه ديوان الشعر التونسي المعاصر الصادر سنة 1976 عن الدار العربية للكتاب امتدادا لكتابه الأول الذي جمع فيه مختارات من قصائد الشعراء الذين عرّف بهم في الكتاب السابق. وفيه يسعى إلى التعريف بالنصّ الشعري التونسي، باختلاف اتجاهاته وأزمنة تأليفه. ويجئ كتابه القصة التونسية نشأتها وروّادها لينقّب فيه عن النصوص القصصية المنشورة في الصحائف القديمة وينفض عنها الغبار، مسلّطا الضوء على الروّاد الأوائل من كتّاب القصّة في تونس. وما كتابه دراسات في الأدب التونسي الصادر سنة 1976 إلاّ جمع لمقالات أسماها الكاتب في مقدمته (محاولات أدبية)، ساعيا في إطار مشروعه الكبير إلى مزيد التعريف بتجارب الكتّاب المنتمين إلى بلد "يعيش تحوّلات فكرية متفاعلة مع أهمّ أحداث العصر، ومستجيبة لكلّ الطموح الانساني". ففي هذا الكتاب نجد بحوثا تتعلّق بالرواية من قبيل "المضمون السياسي في الرواية التونسية" وتتّصل بالقصّة تصنيفا وتنظيرا من قبيل "اتجاهات القصّة التونسية في الثلاثينات" و"نظرية القصّة التونسية في الثلاثينات". وقد أثار الباحث بعض المسائل التي تتّصل بتجربة مصطفى خريف ومدى اعتباره قصّاصا. وأعاد قراءة سيرة علي الدوعاجي الانسان والزجّال، معتبرا أنّه استبدل كلّ الكنوز بلقب "فنان الغلبة". وفي إطار التنويع بين أجناس الكتابة، اهتمّ محمد صالح الجابري في هذا الكتاب بشواغل الشعر التونسي والشعر الحرّ وبأهمّ كتاّبه وبحضور النضال الجزائري في هذا الشعر.وانفتحت بعض مقالات هذا الكتاب على التواصل الأدبي بين المشرق والمغرب وعلى إثارة ما يتعلق بأدب المرأة في تونس.

دراسة الأدب المغاربي الجزائري والليبي على وجه الخصوص

اهتمّ محمد صالح الجابري بالتأريخ للحركة الثقافية والأدبية للبلاد المغاربية، مركّزا اهتمامه على الجزائر وليبيا وتونس، كما يتجلّى ذلك في دراساته وبحوثه التي تتناول الثقافة والأدب التونسيين كما أسلفنا القول. ففي خصوص الأدب والثقافة الجزائريين وتحديدا في كتابه الموسم بالنشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين بتونس (1900 - 1962) يسلّط الضوء على النشاط العلمي ودور ابن باديس فيه. ونظرا إلى الحضور اللافت للجزائريين بتونس في النصف الأوّل من القرن العشرين يرصد الباحث مختلف المناشط الطلابية والصحفية والوطنية للمثقّفين والمصلحين الجزائريين وطلاب العلم، معتمدا على أعداد هائلة من الصحائف والمجلات التونسية الصادرة في الفترة المدروسة. أمّا في كتابه الأدب الجزائري في تونس فقد درس موضوع الشعر والمقاومة مركّزا اهتمامه على عناصر الهويّة والعروبة والنهضة وصلة الوفاء بتونس. وبحث، أيضا، في السياق نفسه وفي مجال الأدب القصصي والروائي، طلائع القصة والرواية. وأبان عن الموضوعات التي اهتمّ بها هذا الأدب من قبيل نضال المرأة والضمير الوطني وقضايا تونسية في القصّة الجزائرية. وذيّل كتابه هذا بملاحق تعدّ مرجعا مهمّا من مراجع الأدب الجزائري في هذه الحقبة. وعلى هذا المنوال من التحقيق العميق والبحث الرصين كان درسه لتاريخ الجهاد الليبي الحديث في الصحافة التونسية. لذلك يعدّ كتابه يوميات الجهاد الليبي، الصادر عن الدار العربية للكتاب سنة 1980 وثيقة تاريخية عن النشاط النضالي الليبي وعن الصلات الحميمة التي تجمع الشعبين التونسي والليبي. وبالروح نفسها، روح المحقق المحلّل، المنتمي إلى القيم الجمالية والانسانية الرفيعة والمؤيد لأنفاس التجديد والتطوّر والتنوير عرّف بالأديب محمود بيرم التونسي وخصّه بكتاب في جزأين عنوانه محمود بيرم التونسيتفي تونس، دار الغرب الاسلامي بيروت1987، بعد أن كان تحدّث عنه وعن نضاله في تونس ونشاطه الأدبي والصحفي وعلاقاته بجماعة تحت السور وبرجال السياسة في الفصل الرابع من كتاب الشعر التونسي المعاصر بعنوان "محمود بيرم التونسي، نصوص الزمرّد"

محمد صالح الجابري مبدعا

تميّز محمد صالح الجابري، فضلا عن كونه شاعرا، بكتاباته السردية القصصية والروائية.والمطّلع على مجمل هذه الأعمال يلاحظ ميله إلى الأدب السردي الواقعي الذي يجمع بين التسجيلي والتاريخي في أسلوب واضح مباشر، عليه مسحة جمال مصدرها التوهّج بالواقع الحيّ والكشف عن تفاصيله دون إسقاط. فقد اهتمّ في روايته "يوم من أيام زمرا" بأوضاع عمال المناجم في عهد الاستعمار وكشف عن معاناتهم وعن وجه من وجوه الكفاح النقابي الوطني في مناجم الجنوب، مركّزا اهتمامه على شخصية إبراهيم وترحّله بين الأزمات ورغبته في الخلاص الفردي والجماعي، ناسجا من قصته قصصا أخرى. ولعلّ هذا ما عناه محمود طرشونة بقوله "فهذا المسلك الواقعي الذي سلكه محمد صالح الجابري في مختلف رواياته وبالخصوص في "يوم من أيام زمرا" جعله يركّز على شخصية رئيسية يتتبع تطوّرها في ضوء الأحداث التي تعيشها أو تساهم في إنشائها كما يركّز على الشخصيات الأخرى التي لا يصحّ أن نعتبرها ثانويّة بما أنّ كلاّ منها تحمل وزر قصّتها، فيتكوّن نسيج الرواية من مجموعة قصص تتشابك وتتقاطع وتتعدّد بتعدّد الشخصيات". وعلى هذا النهج يطرح علينا الجابري قضية الانبتات عن الأصل والنزوح من القرية إلى المدينة وما يصاحب ذلك من أزمات نفسية واجتماعية وفكرية يعيشها النازح من جرّاء شبكة من العلاقات والحادثات، منها وبها تتناسل الحكايات: حكاية دربال وحبيبة. وهي الأصل الذي يستقطب أغلب فصول الرواية وحكاية رفيق ولمياء وحبيبة وحكاية حي برج علي الرايس الذي سكنه دربال، قبل أن ينتقل إلى حي ابن خلدون. ومن هذه الحكايات - وقد ركّبها الراوي تركيبا وجعل لها بناء زمنيا معلوما

  • تبدو لنا الشخصيات في ضوء عالمها الخاص والعام "لا يسعدها الوصل ولا الهجر، بل تبقى متذبذبة، حائرة تبحث عن طريق الخلاص في حلول الانهيار واليأس الكبير".

أمّا روايته ليلة السنوات العشر فهي وإن نحت منحى الرواية الأولى وأبانت عن تفاصيل أحداث 26 جانفي1978، متّخذة من الحدث مرجعا تاريخيا، كاشفة عن أحوال العمّال ومعاناتهم، فقد شاء لها كاتبها أن تكون رواية أحداث تجمع بين الذاتي والموضوعي، عن طريق حكاية البطل النازح من الجنوب، هذا الذي ظلّ رغم المصاعب والاغراءات حمّال قيم ومبادئ، بصرف النظر عن عواقبها وهذا الذي عاش قصة "حب مستحيلة". وعموما تظلّ هذه الرواية مثل أخواتها، منغرسة في الواقع الموصوف وصفا أمينا. وقد أسبغ عليها مؤلفها محمّد صالح الجابري من ألوان الفنّ والتخييل ما جعل الرواية وثيقة أدبية أغرت بعض السينمائيين. فأخرجت للناس شريطا مصوّرا يحكي وقائع زمن الجمر، ما دامت لعبة الزمن ببعديه الحدثي والنفسي مفتاحا من مفاتيح قراءة الرواية وتأويل أحداثها وتجسّد علاقة مروان بلمياء، مروان بوصفه صاحب المبادئ والأفكار الاشتراكية ولمياء باعتبارها الشخصية المتقلّبة بين الرجال، أساس الحكاية ومحورا من المحاور الرئيسة التي تتكشّف فيها أوضاع البلاد والعباد وتتداعى فيها القصص والمواقف القديمة والجديدة لتنشئ عالما روائيا يمزج بين سرد الواقع ونسج وقائعه نسجا قصصيا فنيا لا يخلو من صنعة ومهارة. لا شك في أنّ الراصد لمسيرة محمد صالح الجابري، يعسر عليه في هذا السياق أن يحلّل تحليلا تفصيليا جوانب معلنة وخفيّة من حياته وأدبه ومسيرته الثقافية العامة. فذلك موكول إلى الدراسات التحليلية المفصّلة من لدن الذين عاشروه وألفوا صداقته ونبل قيمه وظرف مجلسه. كان الجابري أديبا متكاملا مثله كمثل بعض أقرانه من أدباء جيله.وقد أشار محمود طرشونة إلى هذه الخصيصة بقوله "وبذلك وفّق محمد صالح الجابري بين النقد والبحث والابداع وظهر على الناس في صورة الأديب المتكامل الذي ينطلق من ملكة أدبيّة تخوّل له التعبير عمّا يغمر مخيّلته من صور ويجيش به وجدانه من مواجد ثم يصقلها باكتساب المعرفة وامتلاك أدوات الصناعة. فيراوح بين المجالين اللذين يتعايشان في ذاكرته وذائقته فيشقّ لنفسه مسلكا مخصوصا لا ينقطع مع السابقين ولا يذوب في الغير".

الجوائز والأوسمة

حصد محمد صالح الجابري بعد مسيرة من البذل والانتاج والعطاء الكثير من الجوائز منها:جائزة بلدية تونس عن روايته يوم من أيام زمرا وجائزة الدولة التشجيعية عن قصّته إنّه الخريف يا حبيبتي (1973) وجائزة الدراسات الأدبية عن كتابه الشعر التونسي المعاصر (1975) والجائزة المغاربية عن كتابه النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين في تونس (1982).

وفاته

توفّي الجابري في 19 جوان 2009 بعد مرض ألمّ به وبعد عملية دقيقة أجريت له توقّف في أثنائها قلبه النابض بالحياة والعطاء. دفن بمقبرة "سيدي الجبالي" بأريانة. ففقدت الثقافة في تونس والوطن العربي بوفاته علما من أعلامها المرموقين وعالما من علمائها الموسوعيين وأديبا من أدبائها الأفذاذ الذين سخّروا حياتهم للابداع والتأليف والتعريف بثقافة أوطانهم وأمتهم.وقد تحمّل الجابري عدّة مسؤوليات منها مسؤولية كاتب عام رابطة القلم الجديد وعضوية الهيئة الاستشارية لمعجم البابطين لشعراء العربية في القرنين 19 و20. وهو عضو بنادي القصّة ونادي اتحّاد الكتاب التونسيين.