«محمد بدرة»: الفرق بين المراجعتين

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
 
سطر 1: سطر 1:
 
[1900 - 1973م]
 
[1900 - 1973م]
  
محمد بن عبد اللّه بدرة سياسي ورجل أعمال ولد بتونس العاصمة في 26 أوت 1900، وهو ينحدر من عائلة أصيلة جزيرة [[جربة]]، من قرية المحبوبين بمعتمدية ميدون. زاول دراسته الابتدائيّة بمدرسة السّلام القرآنيّة التي تقع في دار بالزّيّ بنهج المستيري ، ومؤسّسها ومديرها هو محمّد الشّاذلي المورالي. أمّا تعلّمه الثّانوي، فقد كان بالمدرسة الصّادقيّة، وذلك من أكتوبر 1919 إلى جوان 1919. وكان بين زملائه في الدّراسة: [[الحبيب بورقيبة]]، و[[محمد عطيّة]]، و[[عبد العزيز العروي]]، و [[البشير المتهنّي]].
+
محمد بن عبد اللّه بدرة سياسي ورجل أعمال ولد بتونس العاصمة في 26 أوت 1900، وهو ينحدر من عائلة أصيلة جزيرة [[جربة]]، من قرية المحبوبين بمعتمدية ميدون. زاول دراسته الابتدائيّة بمدرسة السّلام القرآنيّة التي تقع في دار بالزّيّ بنهج المستيري ، ومؤسّسها ومديرها هو محمّد الشّاذلي المورالي. أمّا تعلّمه الثّانوي، فقد كان بالمدرسة الصّادقيّة، وذلك من أكتوبر 1919 إلى جوان 1919. وكان بين زملائه في الدّراسة: [[الحبيب بورقيبة]]، و[[محمد عطية]]، و[[عبد العزيز العروي]]، و [[البشير المتهنّي]].
  
 
والتحق في أكتوبر 1919 بمعهد كارنو لاتمام دراسته الثّانويّة، لأنّ المدرسة الصّادقيّة لم تكن تهيّئ تلامذتها آنذاك لشهادة الباكالوريا. وقد أحرز [[محمد بدرة|محمّد بدرة]] هذه الشّهادة في سنة 1921. ثم سافر إلى فرنسا في جولة خاصّة، تعرّف فيها إلى عدّة شخصيّات أدبيّة وفنّية، ثم رجع إلى تونس، وشغل وظيفة مترجم ومنشئ بالوزارة الكبرى، ثم انتقل إلى وزارة العدل، وذلك من سنة 1921 إلى سنة 1926
 
والتحق في أكتوبر 1919 بمعهد كارنو لاتمام دراسته الثّانويّة، لأنّ المدرسة الصّادقيّة لم تكن تهيّئ تلامذتها آنذاك لشهادة الباكالوريا. وقد أحرز [[محمد بدرة|محمّد بدرة]] هذه الشّهادة في سنة 1921. ثم سافر إلى فرنسا في جولة خاصّة، تعرّف فيها إلى عدّة شخصيّات أدبيّة وفنّية، ثم رجع إلى تونس، وشغل وظيفة مترجم ومنشئ بالوزارة الكبرى، ثم انتقل إلى وزارة العدل، وذلك من سنة 1921 إلى سنة 1926

المراجعة الحالية بتاريخ 11:54، 24 فبفري 2017

[1900 - 1973م]

محمد بن عبد اللّه بدرة سياسي ورجل أعمال ولد بتونس العاصمة في 26 أوت 1900، وهو ينحدر من عائلة أصيلة جزيرة جربة، من قرية المحبوبين بمعتمدية ميدون. زاول دراسته الابتدائيّة بمدرسة السّلام القرآنيّة التي تقع في دار بالزّيّ بنهج المستيري ، ومؤسّسها ومديرها هو محمّد الشّاذلي المورالي. أمّا تعلّمه الثّانوي، فقد كان بالمدرسة الصّادقيّة، وذلك من أكتوبر 1919 إلى جوان 1919. وكان بين زملائه في الدّراسة: الحبيب بورقيبة، ومحمد عطية، وعبد العزيز العروي، و البشير المتهنّي.

والتحق في أكتوبر 1919 بمعهد كارنو لاتمام دراسته الثّانويّة، لأنّ المدرسة الصّادقيّة لم تكن تهيّئ تلامذتها آنذاك لشهادة الباكالوريا. وقد أحرز محمّد بدرة هذه الشّهادة في سنة 1921. ثم سافر إلى فرنسا في جولة خاصّة، تعرّف فيها إلى عدّة شخصيّات أدبيّة وفنّية، ثم رجع إلى تونس، وشغل وظيفة مترجم ومنشئ بالوزارة الكبرى، ثم انتقل إلى وزارة العدل، وذلك من سنة 1921 إلى سنة 1926 وفي سنة 1927 ترك الوظيفة، والتحق بحجرتي التّجارة والفلاحة اللتين كانتا في محلّ واحد، نظرا إلى ضعف ميزانيتيهما، وكانتا تخضعان لسلطة كاتب وأمين مال فرنسيّين، تعيّنهما إدارة الاستعمار والفلاحة. وبفضل المجهودات النّاجحة التي بذلها محمّد بدرة، حرّرت الحجرتان من هذا القيد، وذلك بانتخاب كاتب وأمين مال من التونسيّين، مع إسناد خطّة مدير مصالح في الحجرتين إلى تونسي. وفي سنة 1932، سافر محمّد بدرة من جديد إلى فرنسا صحبة محمّد شنيق الذي كان رئيسا للحجرة التّجارية التّونسيّة آنذاك، للتّفاوض مع أرباب صناعة الحرير في عدم صنع المنسوجات الحريريّة التي تزاحم صناعة الحرير التّقليديّة التّونسيّة وتقضي عليها. والملاحظ أنّه كان وقتئذ من مؤسّسي معمل النّسيج الكبير المعروف باسم "الشركة التونسية للغزل والنسيج - ستوفيت "، بمشاركة محمّد شنيق، و محمد العزيز الجلولي. كما أنّه من مؤسّسي معمل الحرير الذي كان يديره حمودة الاسكندراني.

وكان بالإضافة إلى هذا يحرّر المقالات الصّحفية في مختلف المجلاّت الأدبيّة والثّقافيّة والاجتماعيّة، بأسلوب بديع، ومقدرة فائقة على التبليغ، وخاصّة بجريدتي "الزّهرة" و"الزّمان". وفي السنة نفسها، كان من مؤسّسي جمعيّة المؤلفين التّونسيين، وتقلّد رئاستها. وفي هذه السّنة أيضا، قام محمّد بدرة بدور بارز في إقناع محمود بيرم التونسي الذي نفي من مصر إلى فرنسا، بالسّفر إلى تونس، والاستقرار بها، بعد اتّصال جرى بينهما في باريس. وقد أسندت إلى محمود بيرم مهمّة رئاسة التحرير بجريدة "الزّمان" باقتراح من محمّد بدرة، وذلك لمناصرة جماعة محمد شنيق، ولمقاومة مناوئيهم الذين كانوا ينتقدونهم خاصّة على صفحات جريدة "النّديم" لصاحبها حسين الجزيري. وفي شهر أوت 1930، أسهم محمّد بدرة مع عبد العزيز العروي في تأسيس جريدة باللغة الفرنسيّة بعنوان Le croissant (الهلال) ، وهي جريدة وطنيّة كانا يحرّرانها بمفردهما. وفي سنة 1935، شارك في المؤتمر الاقتصادي الذي التأم بباريس، وتولّى الدّفاع عن الاقتصاد التّونسي المهضوم الجانب آنذاك. وفي السّنة نفسها، قام برحلة إلى الأقطار العربيّة صحبة محمّد شنيق، لتمتين العلاقات الاقتصاديّة بينها وبين تونس. وقد قاوم المنافسة غير الشريفة التي كانت تضايق الصّادرات التونسيّة إلى مصر، وخاصّة صناعة الشّاشيّة والمنتجات الصّوفيّة. وفعلا، صادق البرلمان المصري وقتئذ، على قانون صارم لقمع الغشّ والتّدليس في البلاد المصريّة. وهو ما مكّن بعض المصدّرين التّونسيّين من استئناف علاقاتهم التّجاريّة بمصر من جديد.

ولم يقتصر محمّد بدرة في نشاطه على الشّؤون الاقتصاديّة والتّجاريّة والثّقافيّة فحسب، بل تجاوزها إلى مسائل حيويّة أخرى تهمّ الشّعب التونسي، منها قضيّة التّعليم الثّانوي والعالي التي اهتمّ بها اهتماما خاصّا، وقدّم في شأنها التّقارير الضّافية، حتّى حصل على منح وإعانات للطّلبة من الحجرة التّجاريّة التّونسيّة، مكّنت العديد من الشّبان التّونسيين من مواصلة دراستهم سواء بتونس أو بالخارج. وما إن اعتلى محمّد المنصف باي العرش في 19 جوان 1942، حتّى كوّن مجلسا خاصّا برئاسة شقيقه حسين باي لمساعدته على تدبير شؤون البلاد، لعدم ثقته في الوزراء الذين تركهم سلفه أحمد باي. وقد عيّن محمّد المنصف باي محمّد بدرة عضوا في هذا المجلس الذي كان يضمّ نخبة من الوطنيين، أمثال: محمد شنيق، والدكتور محمود الماطري، و محمد العزيز الجلولي، وصالح فرحات، والصادق الزمرلي، ومحمد علي العنابي.

وإثر احتلال تونس من قبل قوّات المحور في نوفمر 1942 قرّر محمد المنصف باي أن يمسك بنفسه بزمام الأمور، بالتّعاون مع مستشاريه، لمواجهة الظّروف الحرجة التي كانت تجتازها البلاد في تلك الفترة الحاسمة من تاريخها، فأمر الوزراء المباشرين لمهامّهم منذ عهد أحمد باي بالاستقالة من مناصبهم، من أجل المصلحة العامّة، وعوّضهم يوم 31 ديسمبر 1942 بوزارة جديدة دون الحصول على موافقة المقيم العام حسبما يقتضيه نظام الحماية، وكان الوزير الأكبر هو محمّد شنيق الذي عهد بإدارة ديوانه إلى محمّد بدرة، نظرا إ لى الرّوابط الوثيقة التي كانت بينهما، وقد قام بالمهمّة الملقاة على عاتقه على أحسن وجه.

وقد تأثّر محمد بدرة لاقدام السّلط العسكريّة الفرنسيّة في 14 ماي 1943 على خلع الملك الشّرعي ورمز السّيادة التّونسيّة، وكان من أبرز مؤسّسي الحركة المنصفيّة التي كانت تتألّف من أتباع جميع المنظّمات الوطنيّة، والأحزاب السّياسيّة التّونسيّة، ما عدا الحزب الشّيوعي. وقد أمدّ محمّد بدرة الجنرال الصّادق الزّمرلي، مدير تشريفات المنصف باي الأسبق، بكثير من الوثائق والمعلومات لتمكينه من تحرير التّقرير الذي قدّمه إلى السّلط الفرنسيّة بالجزائر للدّفاع عن الملك المخلوع، وتوضيح مواقفه الحقيقيّة تجاه المحور.

ولمّا لاحظ إصرار الحكومة الفرنسيّة على عدم رفع هذه المظلمة الصّارخة، نظّم حملة شعبية واسعة النّطاق في جميع أنحاء البلاد، ولا سيّما في العاصمة، فأبعدته سلطة الحماية إلى توزر في 21 مارس 1944، وأفرجت عنه في 28 أفريل من تلك السّنة. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، ونقل المنصف باي من الجزائر إلى مدينة "بو" Pau في جنوب فرنسا سنة 1945، انضمّ محمد بدرة إلى الهيئة الوطنيّة التي تحمل اسم لجنة الدّفاع عن المنصف باي، وهي تضمّ بعض أفراد العائلة الحسينية، ووزراء المنصف باي، ورجال الحركة الوطنيّة، وفي مقدّمتهم: الحبيب بورقيبة، ومحمود الماطري، وصالح فرحات، ومحمد الفاضل ابن عاشور. وقد أصدر محمّد بدرة باسم هذه اللجنة، وبالاشتراك مع العابد بوحافة نشرة باللغة الفرنسيّة بعنوان "الكتاب الأبيض"، لتسليط الأضواء على الأحداث التي سبقت خلع المنصف باي، وتوضيح مواقفه تجاه المحور، والمطالبة بإرجاعه إلى عرشه، وقد وزّع الكتاب الأبيض على المحافل الدّوليّة في أوروبا والولايات المتّحدة، وأحرز نجاحا باهرا...

وفي سنة 1948، انتخب محمّد بدرة رئيسا للحجرة التّجاريّة التونسيّة، وتجدّد انتخابه لثلاث دورات متتالية. وفي سنة 1950, عيّن وزيرا للشّؤون الاجتماعيّة في حكومة التّفاوض الأولى برئاسة صديقه محمد شنيق، وفي 14 جانفي 1952، قدّم الوفد الوزاري التّونسي المؤلّف من صالح بن يوسف وزير العدل، ومحمّد بدرة وزير الشؤون الاجتماعيّة، الشّكوى التّونسيّة في شأن الخلاف الحاصل بين تونس وفرنسا إلى الأمانة العامّة للأمم المتّحدة، إثر فشل المفاوضات التونسيّة الفرنسيّة. وفي يوم الاربعاء 26 مارس 1952، ألقى القبض على أعضاء الحكومة التّونسيّة وعلى رأسهم الوزير الأكبر محمد شنيق وأبعدوا إلى قبلّي بالجنوب التّونسي، كما نقل الزّعماء: الحبيب بورقيبة، والمنجي سليم، والهادي شاكر ومن معهم من معتقل طبرقة إلى رمادة في أقصى الجنوب التونسي. وما إن بلغ إلى علم الوفد التونسي بباريس خبر هذه التّدابير التي اتّخذت بالبلاد التّونسيّة ضدّ أعضاء الحكومة التّونسيّة حتّى اختفى صالح بن يوسف ومحمّد بدرة من باريس، والتحقا بالقاهرة.

وإثر دخول اتّفاقيات الحكم الذّاتي حيّز التّطبيق، عيّن محمّد بدرة في سبتمبر 1955 وزيرا للفلاحة في حكومة الطاهر بن عمار الثّانية. وفي 25 مارس 1956، انتخب عضوا في المجلس القومي التّأسيسي ضمن الجبهة الوطنيّة. وفي 3 فيفري 1959, التحق بالسّلك الدبلوماسي، وعيّن سفيرا في كلّ من ليبيا وسوريا والكويت ومصر وإيطاليا واليونان. وبعد رجوعه إلى تونس، انتخب رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي من سنة 1970 إلى سنة 1973، ثم عيّن رئيسا لمجلس إدارة الاتّحاد البنكي للتّجارة والصّناعة. وفي يوم السّبت 11 أوت 1973، توفّي محمّد بدرة عن سنّ تناهز 73 عاما.