محمد النخلي

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
محمد النخلي

[1896- 1924م]

مولده ونشأته ومراحل دراسته

ولد الشيخ محمد بن محمد بن حمودة النخلي بالقيروان في شهر ربيع الأوّل سنة 1286هـ الموافق لشهر جوان سنة 1869م. ولما بلغ الخامسة من عمره التحق بكتّاب عمّه الشيخ محمد بن رمضان النخلي، فحفظ القرآن الكريم بأكمله وبعض متون النحو والفقه. وتعلّم مبادئ اللغة العربية والعلوم الشرعيّة على أيدي بعض شيوخ القيروان وفي طليعتهم الشيخ عمر عيسى. لكنّه لم يقتصر على الدروس التي كان يلقيها عليه شيوخه، بل عكف على مطالعة أمّهات الكتب العربية في شتّى الفنون كاللغة والمنطق والعروض والبلاغة. فتفتّقت قريحته وبدأ في نظم الشعر، وعندئذ تعلّقت همّته بالتحوّل إلى تونس العاصمة لمواصلة دراسته بجامع الزيتونة. وتحقّق له ذلك في مستهلّ السنة الدراسيّة 1886 - 1887 وقد بلغ من العمر سبع عشرة سنة. فتتلمذ لنخبة من المدرّسين المشهورين عندئذ أمثال المشايخ سالم بوحاجب وعمر بن الشيخ ومحمد النجّار وأحمد بن مراد والطيّب النيفر وصالح الشريف ومصطفى رضوان ومحمد بن يوسف ومحمود بن محمود وحمّودة تاج.

واسترعى الشابّ محمد النخلي من أوّل وهلة انتباه أساتذته بما وهبه الله إيّاه من ذكاء، وقدرة على الاستيعاب والاقبال على طلب العلم، إذ لم يكن يقتصر على الدروس النظامية التي كانت تلقى بالجامع الأعظم، بل كثيرا ما كان يتردّد على شيوخه في بيوتهم ويستفيد من دروسهم. فقطع مراحل التعلّم بسرعة، إذ لم يكن بجامع الزيتونة وقتئذ نظام يضبط المراتب بالسنوات. وانتقل بنجاح من مرتبة إلى مرتبة إلى أن أحرز شهادة التطويع في شهر جوان 1890 بعد قضاء مدّة وجيزة في الدراسة لا تتجاوز الأربع سنوات (1886 - 1890). وتصدّر للتدريس بجامع الزيتونة بصفة متطوّع، بالإضافة إلى انخراطه في سلك شهود العدالة، فكان يقضي السنة الدراسية في التدريس بالحاضرة ثمّ يعود في العطلة الصيفية إلى مسقط رأسه القيروان لمباشرة الاشهاد في مكتب عمّه الشيخ سالم النخلي.

انضمامه إلى هيئة التدريس بالجامع الأعظم

إلى جانب الدروس التي كان يلقيها بجامع الزيتونة بصفة متطوّع، كان الشيخ النخلي يتابع هو نفسه دروس المرتبة العليا استعدادا للمشاركة في مناظرة التدريس من الطبقة الثانية. فلما أعلن عن فتح هذه المناظرة، شارك فيها مع عدد من أقرانه، منهم الشيخ حميدة النيفر والشيخ عثمان بن المكّي والشيخ الصادق داود. وكان النجاح حليفه في شهر جوان 1895، وبذلك دخل سلك المدرّسين الرسميين، وأقبل على الاضطلاع بمهمّته التعليمية بكدّ وجدّ لا يعتريهما كلل ولا ملل. وفي السنة الموالية تاقت نفسه إلى الارتقاء إلى رتبة مدرّس من الطبقة الأولى، وهي أعلى مرتبة في سلك التدريس بجامع الزيتونة عهدئذ، قبل أن تحدث المرتبة العليا، فما إن شغرت خطة مدرّس مالكي من الطبقة الأولى حتى شارك في المناظرة التي فتحت لسدّ ذلك الشغور، مع المشايخ عمر بن عاشور والطاهر النيفر الثاني ومحمد النيفر صاحب عنوان الأريب. ولكن حالته الصحيّة لم تسمح له بالنجاح، وكان الفوز حليف الشيخ عمر بن عاشور. فأعاد الكرّة في السنة الموالية، ولكن رغم تألقه أعلنت لجنة الامتحان عن فوز الشيخ محمد النيفر نجل القاضي المالكي بتونس الشيخ الطيّب النيفر.

وقد حزّت هذه النتيجة في نفس الشيخ النخلي الذي حبّر في سيرته الذاتية صفحات مفعمة بالحسرة والتألّم من موقف بعض علماء المسلمين "الذين تدفعهم أغراضهم وأمراض قلوبهم إلى دوس الفضيلة، وإن أدّى إلى إحياء الرذيلة، والتعصّب على الغريب، وإن ظهرت تباشير نفعه ومحاسن صنعه، تعصّب الجاهليّة الأولى إلى بيوت يسمّونها بيوت العلم وهي بيوت الكبر والجهل والتقليد والجمود". ولكنّ هذا الفشل لم يثبطّ عزيمته فثابر على القيام بوظيفته بكفاءة فائقة وقدرة على التبليغ، في انتظار فتح مناظرة أخرى لانتداب مدرّس من الطبقة الأولى، وهذا ما تمّ في نوفمبر 1902، فشارك في المناظرة وفاز بالخطة عن جدارة.

وقضّى الشيخ محمد النخلي زهاء الخمس وثلاثين سنة في التدريس بجامع الزيتونة وبجامع عقبة بالقيروان في أثناء العطلة الصيفيّة. وأسهم في تكوين فئات متتالية من العلماء الذين تقلّدوا أسمى المناصب العلمية والدينية والسياسية، منهم شيخ الاسلام محمد الطاهر ابن عاشور وشيخ الجماعة محمد الصادق النيفر والعلاّمة محمد البشير النيفر وشقيقه إبراهيم النيفر وشيخ الاسلام محمد العزيز جعيط والشيخ معاوية التميمي ورئيس جمعية العلماء الجزائريين الشيخ عبد الحميد بن باديس والمناضل الطرابلسي سليمان الباروني وغيرهم. وقد درّس طوال هذه الفترة أغلب الكتب المتداولة في جامع الزيتونة في شتّى العلوم والفنون مثل النحو والبلاغة وعلم اللغة والأصول والمنطق وعلم الكلام والفقه والحديث والتفسير، أمّا طريقته في التدريس فقد قال عنها أحد قدماء تلاميذه وهو أحمد توفيق المدني ما يلي: "كانت طريقته في التدريس من أمثل الطرق وأفضلها. كان يعمد إلى المسألة فيوسعها تبيانا وتوضيحا، ويحقّق القول فيها تحقيق درّاكة خبير، ويهدي الجالس بين يديه سواء السبيل إلى الاستفادة من كلام الكاتبين، وهو يسمعك من آيات فصاحته وبلاغته بلا تعب ولا كلفة، ما يستهوي لبّك وسمعك ويبهر بصرك وبصيرتك".

أفكاره الاصلاحيّة

تلك هي نبذة من حياة الشيخ النخلي العلميّة. أمّا فيما يخصّ أفكاره الاصلاحيّة، فإنّنا نجد صدى لها في كلّ ما كتبه من نثر وشعر وفي كلّ ما نشره من دراسات وفصول. ففيما يتعلّق بالاصلاح، قال في سيرته الذاتية: "يوجد في فطرة العبد منذ نشأته العلمية ميل كلّي إلى مطالعة الجرائد السياسيّة والمجلاّت العلميّة، والتآليف المستحدثة في الفلسفة وعلم الاجتماع، وعشق بلغ حدّ الغرام والهيام بالاصلاحات والتنظيمات بشرط أنّ يكون عليها طابع الدين...". ويضيف قائلا: "وكنت ولوعا جدّا بمبادئ الأستاذين الحكيمين الشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده. فقد طالعت ما كتباه من التآليف العجيبة وعرفت كنه ما يرميان إليه من إعادة مجد الاسلام بواسطة فهم القرآن ومجاراة الأمم الأوروبية في العلوم والترقيات البشريّة، وأودّ أن تكون بتونس نهضة علميّة كالتي بمصر والهند وتركيا". وبالفعل فقد كان النخلي يتابع نشاط زعماء الاصلاح بالمشرق مثل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا ويطالع مؤلّفاتهم وكتاباتهم بمجلّة المنار منذ صدورها في سنة 1898. من ذلك أنّه لما طالع رسالة التوحيد للشيخ محمد عبده وجّه إليه مكتوبا في ربيع الأوّل سنة 1318هـ/جويلية 1900م نوّه فيه بتلك الرسالة التي قال عنها: "إنّها لو جعلت أساسا للتعليم لاسترحنا من كتب قشورها أكثر من لبابها، ولكنّا بلينا بتقليد كلّ قديم والشغف بالثناء على العظم الرميم... ". فأجابه الشيخ محمد عبده بمكتوب مؤرخ في 15 جمادى الأولى سنة 1318هـ/سبتمبر 1900م، أوصاه فيه بالخصوص "بمزاولة البحث فيما ينقّي العقائد من شبه الاشراك وغرور اليأس والطمع وجراثيم التواكلّ والكسل، وبنشر ذلك بكل وسيلة تمكّن منها، ثمّ الصبر على ما يقول المقلّدون ويهذي به المتكبّرون ممن يلقّبون بالعلماء وهم لا يعلمون...".

ومن فرط إعجاب النّخلي برسالة التوحيد أنّه تولّى تدريسها لتلاميذه ومريديه بالقيروان، وفي مقدمتهم الشاعر القيرواني صالح السويسي، في أثناء العطلة الصيفية، فأثار غضب المشايخ المحافظين الذين شنّوا عليه حملة شعواء في تونس للتشهير به من أجل اتّباعه منهج الشيخ عبده، واتّهموه ب"فساد العقيدة والحياد عن مذهب أهل السنّة". ولكنّ الشيخ النخلي لم يتأثّر بمعارضة خصومه الرجعيين، بل استمرّ في دعوة المسلمين إلى الأخذ بأسباب الحضارة الحديثة، وتلقيح الثقافة العربية الاسلامية بالعلوم التطبيقية التي استمدّت منها الدول الأوروبية قوّتها المادية وسيطرتها على مختلف أصقاع العالم. وقد نشر في جريدة "الحاضرة" في 30 أفريل 1900 قصيدة بليغة لحثّ المسلمين على مجاراة الغربيين في نهضتهم العلمية والفنية والاقتصادية، طالعها (طويل) : هو المجد في الاسلام أثّله العلم إليه دعا دين به انقشع الوهم.

إصلاح التعليم

وبناء على ذلك طالب الشيخ النخلي بتطوير برامج التعليم الزيتوني التي لم تعد في نظره تتماشى مع مقتضيات العصر الحديث، إذ لم تزل مقصورة على حفظ المتون والشروح والحواشي، كما نادى بضرورة تجديد الطرق والأساليب التربوية بإعمال العقل وتوخّي سبل الفهم والادراك، وعلى أساس هذه الأفكار أيّد مطالب طلبة الزيتونة الذين أضربوا عن الدروس سنة 1910 للمطالبة بإصلاح التعليم في معهدهم، وأسهم مع عدد من زملائه المدرّسين أمثال محمد الطاهر ابن عاشور ومحمد الخضر بن الحسين والصادق النيفر والطيب رضوان في بعث جمعية زيتونية على غرار جمعية قدماء الصادقية التي أنشئت في أواخر سنة 1905. لكنّ حكومة "الحماية" لم توافق على إنشاء هذه الجمعية بدعوى أنّ ذلك من شأنه "أنّ يؤدّي إلى خرق سياج الاحترام بين الأساتذة والتلامذة".

ومن ناحية أخرى انتقد الشيخ النخلي البرامج والمناهج الجاري بها العمل بالمعهد الصادقي الذي حاد المشرفون على حظوظه من الفرنسيين عن الأهداف التي رسمها له خير الدين باشا عند تأسيسه في سنة 1875، فاستغلّ فرصة تعيينه عضوا في لجنة إصلاح التعليم بالمعهد الصادقي للمطالبة بالزيادة في الحصص المخصّصة لتعليم اللغة العربية والعلوم الشرعية وتجديد طرق التدريس، ولكنّه اصطدم بمعارضة مدير التعليم العمومي لويس ماشويال، ومدير الصادقية ماريوس دلماس الذي كان، على حدّ قوله، "متعصّبا على اللغة العربية وأبنائها". ولقد سخّر الشيخ النخلي قلمه للدفاع عن اللغة العربية وإبراز مزاياها، ودعوة أبنائها للنهوض بها. وحرّر عدّة فصول ومقالات لهذا الغرض، منها الرسالة القيّمة التي نشرها بتونس ومصر سنة 1909 تحت عنوان "حياة اللغة العربية"، وأعاد ابنه نشرها بتونس سنة 1937.

الاصلاح الديني

أمّا فيما يخصّ الاصلاح الديني فقد دعا الشيخ النخلي، مثل زعماء الاصلاح المسلمين في المشرق، إلى تطهير العقيدة الاسلامية ممّا علق بها من رواسب الخرافات والأوهام، وما اختلط بها من باطل مناف لروح التوحيد الخالص، كالاعتقاد في الأولياء الصالحين وتقديس أضرحتهم وزواياهم، كما دعا إلى تحرير الفكر الاسلامي من قيود التقليد والجمود والتحجّر ونادى بإعمال العقل لفهم النصوص الدينيّة فهما جيّدا وتأويلها تأويلا صحيحا، لأنّ الله كرّم الانسان بالعقل وجعله بمقتضاه خليفته في الأرض، وما تأخّر المسلمون دينا ودنيا إلاّ بسبب الجمود والتقليد وتعطيل الاجتهاد.

واستغلّ بعض العلماء المحافظين قضية "المسخ" التي أثارها عدد من طلبته، لشنّ حملة صحفية شعواء على الشيخ النخلي، لأنّه أكّد في أحد دروسه عرضا، اعتمادا على رأي أحد المحدّثين الكبار - وهو مجاهد - أنّ المسخ الذي ورد ذكره في القرآن في قوله تعالى (قلنا لهم كونوا قردة خاسئين)، ليس المقصود به مسخ الانسان إلى قرد، وإنما هو مسخ الأخلاق والملكات، تمسخ أي تتغيّر من فاضلة إلى رذيلة. فثارت ثائرة شيوخ الزيتونة الذين اعتبروا أنّ الاعتقاد في مسخ الصور ركن أساس من أركان الدين وتهجّموا على النخلي ورموه بالضلالة وطعنوا في عقيدته. لكنّه لم يضعف ولم يستكن، بل ظلّ متمسّكا بآرائه الاصلاحيّة ومواقفه الرائدة. وقد شدّ إزره في محنته نخبة من تلاميذه النجباء أمثال محمد الطاهر ابن عاشور ومحمد البشير النيفر وشقيقه إبراهيم النيفر وصالح السويسي.

ولم يقتصر الشيخ النخلي على بثّ أفكاره وآرائه الاصلاحية في أذهان تلاميذه، بل نشرها على صفحات مختلف الصحف والمجلاّت الصادرة بتونس عهدئذ، نخصّ بالذكر منها جريدة "الحاضرة" لسان حال الوطنيّين التونسيّين بقيادة أبي النهضة التونسية الثاني البشير صفر، وجريدة "الزّهرة" ذات النزعة الاسلامية لصاحبها عبد الرحمان الصنادلي، ومجلة "السعادة العظمى" وهي أوّل مجلّة ثقافية تونسية أصدرها الشيخ محمد الخضر حسين سنة 1904، ومجلّة "خير الدين" لصاحبها محمد الجعايبي.

نشاطه الثقافي والعلمي

الجمعية الخلدونية

انخرط الشيخ النخلي في الجمعية الخلدونية منذ تأسيسها سنة 1896، وألقى بها دروسا في الانشاء واللغة والآداب العربية، كما ألّف كتابا في علم الجغرافيا في شكل أرجوزة لتقريب هذا العلم إلى أذهان التلامذة المبتدئين، أسماه "الألفيّة في علم الجغرافيا"، ووضعه في مكتبة الخلدونية على ذمة المطالعين.

جمعية قدماء الصادقية

وابتهج ببعث جمعية قدماء تلامذة المدرسة الصادقية في ديسمبر 1905 قائلا بشأنها في سيرته الذاتية: "لقد طفح قلبي سرورا لتأسيس هذه الجمعية، وهذه الضالّة المنشودة التي كنت أدعو الله أن يمنّ بظهورها في البلاد التونسية". وكان من أوّل المحاضرين على منبر هذه الجمعية. فقد ألقى محاضرة في 31 مارس 1906, ألقاها صاحبها في ثلاث حلقات أسبوعية متتالية بعنوان عام: "نضارة التمدّن الاسلامي"، نشر منها بعض الفصول في مجلة "خير الدين" وخصّصها لدراسة الحضارة العربية الاسلامية في عهد كلّ من الوليد بن عبد الملك وأبي جعفر المنصور والمأمون.

لجنة تنظيم الكتب بجامع الزيتونة

وانتخب الشيخ النخلي في سنة 1905 عضوا في هذه اللّجنة التي أسستها الحكومة لضبط فهارس الكتب المحفوظة في خزائن جامع الزيتونة، وعيّنت على رأسها القاضي الحنفي الشيخ إسماعيل الصفايحي. وكانت تضمّ المؤرخ محمد بن الخوجة والمدرسين المشايخ محمد الطاهر ابن عاشور ومحمد النخلي ومحمد النيفر ومتفقّد خزائن الكتب بالجامع الأعظم محمد الحشايشي، وقد باشر النخلي هذه المهمّة مدّة ثلاث سنوات إلى أن فصله الكاتب العام للحكومة التونسية برنار روا بسبب أفكاره الإصلاحية ومواقفه الوطنية.

آثاره ومؤلفاته

  • حياة اللغة العربية، طبعت هذه الرسالة في حياته سنة 1909 وأعيد طبعها سنة 1937 بتونس.
  • سيرته الذاتية، نشرت ضمن كتاب آثار الشيخ محمد النخلي، 1995، دار الغرب الاسلامي، بيروت.
  • حواش على المزهر للسيوطي، (مخطوطة).
  • رسالة في المرأة المسلمة (مفقودة).
  • رسالة في الفقه المالكي (مخطوطة).
  • تراجم بعض الأعلام التونسيين (مخطوطة).
  • تفسير آيات من الذكر الحكيم (مخطوط).
  • كتاب في علم المنطق (مخطوط).
  • شرح منظومة المزني (مخطوط).
  • ألفية في الجغرافيا (مخطوطة)، دار الكتب الوطنية رقم 16580.
  • أرجوزة في المساحة (مخطوطة).
  • منظومة في علم العروض (مفقودة).

مرضه ووفاته

لقد قام الشيخ النخلي بكلّ المناشط المكثّفة والمتنوّعة السالفة الذكر، رغم المرض العضال الذي ألمّ به في وقت مبكّر ونغّص عليه عيشه، وهو داء الزهري. وقد خصّص له بعض صفحات من سيرته الذاتية، فحدّثنا عن تردّده على الأطباء التونسيين والأجانب. وكان عدد الأطباء التونسيين المسلمين لا يتجاوز وقتئذ الاثنين هما، الدكتور البشير دنقزلي والدكتور حسين بوحاجب نجل الشيخ سالم بوحاجب، وكان المريض يتردّد أيضا على بعض الأطباء الفرنسيين والايطاليين ويتابع مرضه عن كثب، ويطالع كلّ ما كتب عنه بالخارج، وخاصة في مصر.

وقد لازمه هذا المرض رغم العلاج، إلى أن أودى بحياته في 11 رجب 1242 / 16 فيفري 1924، ودفن من الغد بالقيروان وشيّعه إلى مثواه الأخير جمهور غفير من التونسيين وبوفاته فقدت تونس علما بارزا من أعلام التنوير الاسلامي والنهضة العلمية بجامع الزيتونة المعمور، ورائدا من روّاد الحركة الإصلاحية في مطلع هذا القرن، سخّر حياته لبثّ أفكاره الإصلاحية في أذهان الناشئة، وحثّ المسلمين على التمسّك بدينهم الحنيف وتخليصه من شوائب الأوهام والخرافات وتحريره من قيود الجمود والتحجّر، والاقبال على العلوم الحديثة بحزم وثبات ليخرجوا أمتهم من التخلّف ويحققوا لها القوّة والمناعة والتقدم.