محمد البشير النيفر

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
محمد البشير النيفر

[1306 - 1394هـ/1888 - 1974م]

الشيخ محمد البشير ابن الشيخ أحمد (1345هـ) ابن الشيخ محمد (بالفتح) (1312هـ) بن أحمد النيفر (1281هـ) الشريف ولد ليلة الاثنين سلخ جمادى الأولى سنة 1306 هـ بتونس. وبعد حفظ القرآن كلّه وإتقان تجويده تلقّى معارفه في جامع الزيتونة عن شيوخه الجلّة أمثال الشيخ العلاّمة المحدّث جدّه للأمّ محمد الطيّب النيفر (1247 - 1345هـ) مسند تونس والعلاّمة النقادة الشاعر الفحل محمد النخلي القيرواني (1342هـ) الذي كثرت ملازمته له واستفادته منه والعلاّمة المؤرّخ الشيخ محمد بن الطيّب النيفر (1330هـ) صاحب عنوان الأريب عمّن نشأ بإفريقيّة من عالم أديب.

وتخرّج الفقيد في جامع الزيتونة سنة 1323هـ حيث نال شهادة التطويع. وهي شهادة انتهاء الدروس به. ولم يقف عند ذلك الحدّ، بل واصل التعلّم والتعليم به يفيد ويستفيد. وشارك في مناظرة التدريس من الطبقة الأولى سنة 1330هـ، كما تفوّق في مناظرة التدريس من الطبقة الأولى سنة 1332هـ وارتقى إلى رتبة الأستاذيّة سنة 1353هـ. وكان في تدريسه مصدر إفادة ومنبع علم فيّاض وتخرّج على يديه الكثير من أبناء الزيتونة في التدريس والقضاء وغير ذلك.

وبجانب التدريس بالزيتونة درّس بالصادقيّة وترشيح المعلّمين وفي كليهما تخرّج على يديه الكثير. وكان تولّيه الامامة والخطابة أصالة سنة 1340هـ بجامع أبي أحمد بعد أن باشرهما مدّة نيابة عن والده. ثمّ تقدّم إلى إمامة جامع الزيتونة والخطابة به سنة 1376هـ إلى أن تخلّى عنهما سنة 1380هـ. وأسندت إليه خطة الافتاء سنة 1359هـ. فكان إمام المستفتين. وبعدها تولى القضاء سنة 1362هـ. ثمّ عاد إلى الافتاء إلى أن استقال من الخطّة سنة 1376هـ. كما تولى خطة حاكم بالمجلس المختلط العقاري. وتوفّي في 26 جمادى الثانية سنة 1394هـ/1974م.إن محمد البشير النيفر هو مثال العالم العامل. فقد كان حريصا على أن يقتفي أثر السلف الصالح فجمع في أخلاقه وأعماله ما هو مطلوب من العالم المسلم. ولم يصانع حين يرى مخالفة المبادئ الاسلاميّة، أو يرى أنّه لا يقوم بالواجب المطلوب من رجل ينتسب إلى العلم حتّى لا يخلّ بأدنى واجب ملقى على عاتقه.

وحين دعاه واجبه الديني إلى أن يعطي رأيه في المتجنّس بالجنسيّة الفرنسيّة لم يحجم عن إعطاء رأيه فيه. وصاحبته محافظته على المبادئ الإسلاميّة طوال حياته. فكان يتّخذ الحيدة في مواقف متعدّدة. وقد دعته هذه المهجة إلى أن يعيش لدينه رجل علم وعمل. لم تكن مواقفه الإسلاميّة مواقف خالية من روح التفكير النيّر الذي يدعو إليه الاسلام. بل هي المواقف الصحيحة الخالدة المبنيّة على الفكر المتفتّح النابع من صحيح العقيدة دون أن يكون فكرا رازحا تحت تأثير الخرافات التي حذّر منها الدين الاسلامي. ويبرز هذا منه أنّه كان متجاوبا مع رجال الاصلاح الديني مثل الشيخ جمال الدين القاسمي الدمشقي المتوفى سنة (1332هـ).

مواقفه الاصلاحيّة

كان البشير النيفر بحقّ من رجالات الاسلام العاملين للعقيدة الصحيحة بقلمه ولسانه وأخلاقه. فقد قضى زهرة العمر كلّها في التدريس. وتواصلت مواقفه الخطابيّة. وعمّت أكثر حياته المديدة بل كلّها. فقد باشر الخطابة زهاء نصف قرن ابتدأها في جامع أبي أحمد بالحيّ الشعبي بالحلفاوين. وانتهى منها في جامع الزيتونة المعمور قبلة التونسيّين الذي تمثل فيه مجد تونس العلمي. كانت خطبه منبرا لنشر الفكر الاسلامي كما هو في عصوره الذهبيّة. فكان بواسطتها يبعث في النّاس الروح الاسلاميّة. وفي الحقيقة أنّ خطبه عبارة عن محاضرات توسّع فيها حسب الزمان والمكان. وهو ما جلب له اهتمام المصلّين. فأقبلوا على سماع خطبه بآذان واعية وقلوب صاغية. وسلك المنهج السوي في التدريس. فجمع في دروسه بين العلم الغزير والفكر المساير للاصلاح مع التزامه في تدريسه تلك الطريقة التي نادى بها صاحب المنار في كتابه المتقدّم. وهي أنّه التزم أن يلقي دروسه بالكلام العربي الصحيح تعويدا للأذان والأذهان على أن تجول في العربيّة الصحيحة لأنّها إذا تعوّدت ذلك جرت على لسانها وأقلامها، عكس الالقاء بغير الفصحى المؤدّي إلى العجز عن التعبير والكتابة.

آثاره

اشتغل بالتأليف، كما اشتغل بالتدريس والخطابة. وترك آثارا جمّة تنوّعت بين دينيّة وتاريخيّة وشعريّة.

1) كتابات متعدّدة تفسيرا للقرآن بناها على الروح الاصلاحيّة التي تشبّع بها من مجلّة "المنار" وغيرها، مع السلامة من المزالق.

2) شمول الأحكام الشرعيّة لأوّل الأمّة وآخرها طبع في المطبعة السلفية بمصر.

3) القصص في القرآن أثبت فيه بناءه على الحقائق التاريخيّة، طبع في تونس.

4) مجموعة الخطب المنبريّة في جزأين.

5) مجموعة مقالاته الاسلاميّة نشر بعضها في مجلّة المنار وغيرها في كبريات المجلات.

6) تاريخ المفتين والقضاة صدّره ببحث جامع في تاريخ الافتاء والقضاء في تونس مع كلّ ما يتّصل بذلك من وصف الزي وبعض الاجراءات التاريخيّة. وأفاض في تراجم رجال الافتاء التونسيّين.

7) التعريف بتاريخ بيته (النيفر) جمع فيه تراجم رجال هذا البيت بإفاضة وإحاطة.

8) ديوان شعر.