مجاز الباب

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
قنطرة مجاز الباب

هو ممبرسّة في العهد الروماني وممرسّة في العهد الأغلبي. أمّا اسمه الحالي فلموقعه الاستراتيجي بسبب جسره على مجردة الواصل بين جهة تونس والشمال الغربي على الطريق الرئيسة الموافقة تقريبا للطريق العتيقة الرابطة بين قرطاج وتبسّة. فهو بوّابة لمطمور روما، أي بلاد باجة، ومعبر للجيوش عبر العصور.

لقد أقام المهاجرون الأندلسيون سنة 1609م قريتهم الجديدة على الآثار التي وجدوها. وأتت البنايات الحديثة على ما تبقّى من العهود القديمة. وما أمكن إدراكه اعتنى المعمّرون الفرنسيّون بجمعه في ضيعاتهم، ثمّ نقل بعضه بعد الاستقلال إلى مقرّ المعتمدية. وهو نقائش وتماثيل وأعمدة وتيجان عثر عليها بمناسبة أشغال البناء والتجهيز في المدينة وأحوازها.وبقيت قطع أخرى في مكان اكتشافها كالتي بمدرسة الرحيبة الابتدائية، على حين نقل المراقب المدني إلى داره المجاورة للجامع الكبير لوحة فسيفساء كبيرة زيّن بها جدار الطابق العلوي، فهي تُرى اليوم من الخارج. وإلى عهد قريب كانت ترى الغرف والمواجل الأثرية حتّى أزيلت لبناء القباضة الجديدة والمكتبة العمومية.

وهكذا لم يبق من معالم ممرسّة غير بقايا الجسر والباب المتحكّم فيه حسب صورة قديمة موضّحة بأوصاف رحّالة أجانب أمثال غيران (V.Guérin) وبايسونال وكانيا. وفي أوّل العهد العربي وحتّى نهاية القرن الثالث الهجري/9م، على الأقلّ، كانت مجاز الباب مركزا لتعليم الفقه المالكي. درّس بها أسد بن الفرات. وكان معه سليمان بن عمران الذي كان لا يكاد يفارقه، وإليها كان يتنقّل بعض علماء تونس من أصحاب علي بن زياد. على أنّ الأخبار عنها ضنينة طوال العهد العربي، فلم تصبح مذكورة إلاّ منذ استيطان الأندلسيين بها. ويبدو أنّ جماعات عربيّة تعايشت فيها قبلهم، مثل البحرينيين والبلديين. ولم يكن اندماج الوافدين عليهم سهلا. ثم التحق بهؤلاء وأولئك نازحون من ماطوس من أقصى الجنوب وآخرون من رياح، من العروسة وقبلاّط وبوعرادة.

ومازالت هذه المدينة النشيطة تستقطب طلاّب الشغل منذ إحداث المنطقتين السقوية والصناعيّة، فكان توسّعها على حساب الطابع الأندلسي الذي تلاشى حتى من جامعها الكبير بسبب التوسعة الحديثة. ولا يُرى من معالمها اليوم إلاّ القنطرة المراديّة المبنية سنة 1088هـ/1677م، بجوار آثار الجسر القديم، وبأوسطها نقيشة. ولا شكّ في أنّ مجاز الباب التي تعدّ اليوم أبرز أقطاب التنمية الجهويّة قد تضرّرت فيما مضى طوال الفتنة الحسينية الباشية وما تسبّبت فيه من مناوشات مع الجزائريين، كما تضرّرت من مظالم البايات والأزمات. وكذلك في حوادث الحرب العالمية الثانية.

وكانت للمعمّرين الفرنسيين الأرض الخصبة ومركز السلطة وقد زارهم رئيس فرنسا فاليار سنة 1912 والمقيم العام دي هوتكلوك يوم 25 فيفري 1953. وأحدثت لفائدتهم البلدية في 15 نوفمبر 1892 وأنشئت محطة الأرتال وخصّصت لهم مقبرة مسيحية، فضلا عن مقبرة قتلى الكومنولث من ضحايا الجيش الانڨليزي عند تصدّيهم للقوّات الألمانية. ومازال المعمار الأوروبي دالاّ على كثافة معمرّ يها ولو أنّ الأحياء منهم غادروها إثر الجلاء الزراعي فأهملت ضيعاتهم. ومنذ ذلك العهد حافظت سوق مجاز الباب الأسبوعيّة التي تنعقد كلّ يوم اثنين على دورها في اقتصاد الجهة. وأمّا في الأدب فذكر مجاز الباب مقترن بذكر الشاعر أبي القاسم الشابي الذي استقرّ فيها مع أبيه القاضي الشرعي.