فرقة الإذاعة التونسية

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

عوامل عدّة سياسية وثقافية واجتماعية وفنيّة دفعت نخبة من المثقّفين والموسيقيين والشعراء التّونسيّين إلى بعث فرقة الإذاعة للموسيقى والغناء غداة الاستقلال في فيفري 1957، وقد كان الرّهان على الأغنية والموسيقى مثل غيرهما من مجالات الثّقافة التّونسيّة في سبيل نحت المعالم المميّزة للشّخصيّة الحضاريّة الوطنيّة. وقد ضمّت فرقة الإذاعة عند تأسيسها أبرز الموسيقيين والمغنّين الموجودين، وهم الذين سيكون لهم فيما بعد عميق الأثر في بلورة شخصيّة الأغنية التّونسيّة الحديثة (أغنية النصف الثاني من القرن 20 م). ونذكر منهم علي السّريتي (ولد سنة 1918) و صالح المهدي (ولد سنة 1925) و قدّور الصّرارفي (1913 - 1990) وحسن الغربي (1925 - 1999) والهادي الجويني (1909 - 1991) وعبد الحميد السلايتي (1919) وعبد الحميد بلعلجية (وُلد سنة 1931) ومحمد سعادة (ولد سنة 1937) والطاهر بدرة، ورضا القلعي (1931 - 2004).

وتولّى الاشراف على تمارين هذه الفرقة كلّ منخميس الترنان بالنّسبة إلى تعليم الغناء التّونسي التّقليدي (المالوف والفوندوات) وعطية شرارة (مصر) بالنسبة إلى تعليم الموشحات والموسيقى الشرقية. وتشكلت لجنة أدبية لتنظر في نصوص الأغاني، ضمّت نخبة من أبرز الشعراء والأدباء منهم الهادي العبيدي (1911 - 1985) وجلال الدين النقاش (1913 - 1989) ومحمّد المرزوقي (1916 - 1983) وأحمد خير الدين (1967 - 1905), ومنوّر صمادح (1931 - 1997) ومصطفى خريّف (1967 - 1909), ثم عبد المجيد بن جدّو (1918 - 1994) ونور الدين صمّود وجعفر ماجد. والتحق بهذه اللّجنة جمع من أبرز الموسيقيين المؤسّسين. وضمن المجموعة الصّوتية الأولى لفرقة الاذاعة برزت أصوات جيّدة آلت إليها فيما بعد الرّيادة في الغناء. من هذه الأصوات عُلَيّة ونعمة وأحمد حمزة ومحمد أحمد ومحمد الفرشيشي والهادي القلال وزهيرة سالم وصفوة ومصطفى الشرفي ويوسف التميمي والهادي المقراني والشاذلي أنور وسلاف وتوفيق الناصر... وبدأت حركة الانتاج الغنائي لفرقة الإذاعة تتكثّف وتنوّع في أساليبها ومضامينها. وهو ما أدّى إلى ذيوعها وانتشار أدائها في المناسبات والأفراح، لخفّتها التي لم تكن متوفّرة دائما في الغناء الكلاسيكي المتقن، الموشّحات الأندلسية ونوبات المالوف، وبفضل إدماج اللآلات الغربية كالأورغ والڤيتار والبزق وإدخال تقنيات جديدة في التلحين والآداء. وقد مثّل هذا التيار الموسيقي الجديد رضا القلعي وعبد الحميد ساسي والشاذلي أنور ومحمد الجمّوسي والهادي الجويني والبشير جوهر وقدّور الصرارفي، فشاعت أغنيات مثل "يا دار الحبايب" و"يا فاطمة يا بنت العم" و"ملاك" للهادي القلال و"التيلفون" و"الليل آه يا ليل" و"لوام الهوى" و"توسمت فيك الخير" لنعمة و"شهلولة" لأحمد حمزة و"آه من العينين" و"قدك يسحر" لمحمد أحمد و"ظلموني حبايبي" و"ماله لا" و"غالي" و"الساحرة" لعلية و"بين الخمايل" و"أنا جيت يا رمّال" و"داية من زين العلالي" ليوسف التميمي، و"لا نمثلك بالشمس ولا بالقمرة" لمصطفى الشرفي، وكذلك شاعت أغاني علي الرياحي (1912 - 1970) والهادي الجويني (1910 - 1982) ومحمد الجموسي (1982 - 1910)، والطاهر غرسة (1933 - 2003) الذي استنبط وصلات خاصة بالمناسبات. وأغلب هذه الأغاني استطاع أن ينتشر ويرسخ في الذاكرة خلافا لأغاني أواخر القرن العشرين. ولئن دوّنت الرشيدية المالوف فإنّ فرقة الإذاعة سجّلت الكثير منه بإشراف وزارة الثقافة وبالتّعاون مع دار ثقافات العالم بباريس، وذلك منذ سنة 1959. فسجّلت نوبة الذيل بمشاركة خميّس ترنان وقدّور الصرارفي في العزف وإدارة عبد الحميد بلعلجية، ثمّ نوبة العراق ونوبة الرّمل سنة 1960, ونوبة الاصبهان سنة 1960, وقد طبعت هذه التّسجيلات على إسطوانات ليزر(C.D).