علي النوري

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1643 - 1706م]

هو علي بن سالم بن محمد بن سالم بن أحمد بن سعيد النوري طبقا لما خطّه على أحد كتبه. انتسب إلى أسرة النوري أصيلة قرية شطورة اللبنانية، وقد قدم جدّه رفقة عدد من أخوته وأبناء عمومته إلى صفاقس مع الجيش العثماني البحري كجنود مجهادين ضد الغزو الإسباني للبلاد التونسية بين سنة 1553م و1574م. وقد تلقّب جزء من هذه العائلة بلقب شطورو نسبة لمصدر القدوم. وتأكّد لقّب النوري في مرحلة من مراحل حياة الشيخ خلال مروره بالأزهر لما تنوّر بالعلم وبدأ بفضله ينير الناس والبلاد. واستمرّ معه هذا اللقب واقتصر عليه خفّة وتفاؤلا. فالشيخ علي النوري هو الأب المؤسس لأسرة النوري الصفاقسية العريقة التي ذاع صيتها معه وبعده لمكانتها العلمية والاجتماعية والاقتصادية، وهي باقية إلى يومنا هذا لما يعرف به أبناؤها من أخلاق عالية وورع إقتصادي.

ولد الشيخ علي النوري الصفاقسي سنة 1053هـ/1643م وفي رواية أخري سنة 1047هـ/ 1637م من أسرة قليلة الموارد، متواضعة الحال كالأغلبية الساحقة من أسر صفاقس التي لم تكن ثرية آنذاك، خلافا لما أصبحت عليه فيما بعد. ولم تكن أسرته تعدّه وهي على مستواها لطلب العلم والمثابرة عليه، لكنّ تعلّقه المبكّر بمبادئ العلم، ورغبته فيه، وذكاءه وطموحه، كل ّ ذلك جعله يطوي مراحل التعلم والمعرفة بسرعة.

قال عنه مقديش مؤرخ صفاقس وأحد تلاميذ تلاميذه "صاحب وقت القرن الثاني عشر بوطن صفاقس، أحيا به اللّه رسوم العلم بهذا الوطن بعد اندراسه وأظهر على يديه التعاليم بعد انطماسها". هذا لا شكّ فيه، ولكنّ عمل الشيخ علي النوري لم يقتصر على هذه الناحية من دنيا الناس وآخرتهم، بل تخطاه ليشمل مختلف مظاهر الحياة والعمل، فكان فلكيا، وطبيبا، وتاجرا، ومرتبا لدفاع المدينة تجاه أعدائها، هدفه في ذلك الرفع من شأن الناس، حسنة منه وإحياء للسنن. وقد أوكل له أهالي صفاقس مهمة تنظيم الدفاع على سواحل صفاقس الممتدة من رأس كبودية: قرية الشابة، الى جزيرة جربة على الحدود مع طرابلس الغرب، فقام بالمهمة أحسن قيام وإشتبك جيش البحرية الصفاقسي مع جيش فرسان القديس يوحانا المالطي وكان النصر لصفاقس بقيادة شيخنا الجليل.

ومردّ سيرته هذه تكوينه العلمي، ووجدانه الديني، وحبه لمدينته التي رأى فيها بالمقارنة بعد رحلة طويلة امتدّت إلى المشرق عبر تونس، مدينة صغيرة، متخلّفة، في حاجة إلى من يدفعها إلى الأمام. ولا شكّ أيضا في أنّ سيرته مرتبطة بالانتعاشة التعليمية والعلمية التي برزت تباشيرها في عهد المراديين بعد انكماش وذبول دام سنوات، ثمّ صار عمل الشيخ النوري أحد وجوهها.

أخذ تكوينه العلمي في مستويات ثلاثة، أقصاها وأرفعها ما تلقاه في القاهرة بالأزهر. تلقّى دراسته الأولى في مدينته على يد من نعتهم مقديش بالفقهاء، وهم فقهاء من درجة ضعيفة ولا شك، وكان الشيخ أبو الحسن الكراي الوفائي نسبا وطريقة، الأزهري تحصيلا أكثرهم عطاء له إذ اكتفت كتب التراجم بذكره دون سواه من الفقهاء الذين أخذ عنهم الشيخ علي النوري مبادئ تعليمه، وتأثّر بروحه الصوفية. وطبقا لعادة أسلافه انتقل الشيخ علي النوري إلى العاصمة تونس، وكان إذّاك ولدا يافعا لم يتخطّ عمره أربع عشرة سنة.

سكن بالمدرستين الشماعية والمنتصرية، ولازم الزيتونة وقرأ على أجلّة مشايخها. ذكر بعضهم في فهرسته وأثنى على المشايخ عاشور القسنطيني، وسليمان الأندلسي، ومحمد القروي، وثابر على طلب العلم متحدّيا الفقر وضنك العيش مستعينا عليهما بمساعدة أهل الخير والصلاح. كان مروره بتونس حاسما في تكوين مداركه، والتعرّف إلى أعلى درجات العلم في بلاده، وذلك لاتّصاله بمجتمع حضري يختلف عن مجتمع مدينته. فصفاقس وإن كانت مشدودة إلى عاصمتها، تتأثر بأحوالها وإن بعدت، فالحياة فيها في القرن السابع عشر في كلّ مستوياتها كانت أدنى ممّا هي عليه بالعاصمة، ولعلّ الشيخ علي النوري صار يدرك بعد مروره بتونس ما ينقص مدينته من العلوم وسبلها. واستكمل الشيخ علي النوري دراسته العليا بمصر التي انتقل إليها سنة 1663م بمساعدة بعض أهل الخير والصّلاح، ولم يكن في انتقاله إلى مصر مستنبطا ولا مجددا. فانتقال المشايخ والطلبة إلى المشرق عادة قديمة متأصّلة اتّبعها المغرب بأسره، هدفها الاستكثار من لقاء الأعلام، والحصول على إجازاتهم بأسانيدهم في رواية الكتب والعلوم، والاطّلاع على كتب جديدة، واقتباس مناهج في التعليم، وقبلة الطلبة آنذاك مصر وجامعة الأزهر.

أخذ عن جماعة من المشايخ الأعلام في القاهرة وفي الأزهر علوم عصره: الفقه والحديث والسيرة والمغازي والتفسير والقراءات والنحو والتوحيد وعلم الميقات. ومن مشايخه الذين ذكرهم وذكرتهم له كتب التراجم محمد بن عبد اللّه الخرشي البحيري، وإبراهيم الشبرخيتي، وشرف الدين يحيى أبو المواهب، ويحيى بن محمد الشاوي الملياني الجزائري، وعلي الشبراملسي، ومحمد بن محمد الأفراني المغربي السوسي وغيرهم من مشايخ المشرق والمغرب المقيمين بمصر، وبفضلهم تعرف على السلف الثابت من أساطين العلوم الدينية. والشيخ محمد بن محمد بن ناصر الدرعي المغربي من أجلّ شيوخ علي النوري وأكثرهم تأثيرا في سيرته الروحية، لقيه بالأزهر فأحيا فيه النزعة الصوفية التي غرسها فيه شيخه الأوّل أبو الحسن الكرّاي. أخذ عنه الطريقة الناصرية، واتبع مسلكه وصار قدوته في حياته الروحية والعلمية "يثني عليه ويحتجّ بمواقفه في مقاومة بدع التصوّف (الحضرة ومظاهر الدروشة) ".

لا نعرف كيف كانت حياة الشيخ علي النوري بمصر ونميل استنتاجا إلى أنّه مارس التجارة على هامش شواغله العلمية، ونال منها مالا، ودليلنا أنّ أحد كبار التجار عرض عليه التزوج من ابنته، وما كان ذلك ليحصل لو كان بعيدا عن الوسط التجاري، ولو لم يكن ثريا لما تسنّى له تأسيس زاويته منذ رجوعه إلى وطنه دون الاستعانة بأحد، ولو لم يكن له عمل تجاري سابق واستمرار حضور فيه لما بقي على اتّصال بالتجار المتعاملين مع مصر يمارس معهم التجارة عن طريق القراض.

كان بإمكانه أن يتزوّج في مصر ويقيم بها وله من التأهّل والامكانات العقلية والعلمية ما يرشّحه لأن يكون على حظوة المشايخ المغاربة في المجتمع المصري ومكانتهم بالأزهر، ولكنّه لم يفعل. وما ذكره مقديش من أنّ الشيخ علي النوري رأى شبحا بالليل يحثّه على الرجوع إلى المغرب لينوره بعلمه، يدلّ على طموحه، أكثر ممّا يدلّ عليه، فإنْ ترك مصر مع ما فيها من جاذبية فلأنّه كان يطمح إلى الاسهام في النهوض بالمغرب المتأخّر. فهل تحقّق له ما أراد؟ رجع محمّلا بإجازات مشايخه إلى صفاقس مسقط رأسه سنة 1078هـ/1668م وعمره خمس وعشرون سنة. ولم يقتصر عمله منذ الأيام الأولى على تعاطي العلم والتعليم وإرشاد الناس، بل كانت مشاركته في المجتمع الصفاقسي كاملة، ولكنّ التعليم كان سبيله الأوّل لرفع مكانته الاجتماعية، وفتح عقول وقلوب الناس إلى أعماله، وأقواله، وإشاراته، في مختلف مستويات الحياة العلمية والروحية والعملية.

من أبرز أعماله تأسيسه للزاوية النورية لقراءة القرآن والتأثير الروحي، وتلقين العلم، فكانت في آن واحد زاوية ومدرسة. وقام الشيخ علي النوري فيها بالدورين معا، وهي موجودة بحومة اللولب المجاورة لحومة الرقة التي اشتهرت بحركتها العلمية بفضل جامعها وشيخه أبي الحسن بن محمد الربعي المعروف باللخمي المتوفّى سنة 478هـ/1085م. فحركة الشيخ علي النوري بزاويته امتداد لحركة علمية سابقة تعطّلت بعد أن أنارت هذا الحي القريب من الجامع الكبير إنارة فريدة. ولعلّ اختيار علي النوري لمكان زاويته فيه قصد الاحياء وفيه وفاء للشيخ اللخمي الذي طبع العلوم بمنهجه في صفاقس وصار قدوة.

وكانت الزاوية النورية على شكل المدارس المحدثة في ذلك العصر، أساسها بيت للصلاة، وغرف لسكنى الطلبة. وقد خصّص الشيخ علي النوري الغرف العلوية لطلبته. وكان يبرّهم بالطعام ويكسوهم، ولعلّه في ذلك كان يؤدّي دينا عليه، هو برّ المحسنين الذين مكنوه من التفرغ للتعلم والنبوغ عندما كان فقيرا.

كان الشيخ علي النوري يتولّى التدريس بنفسه، ويتناول عدّة أبواب، ذكر منها علي بن خليفة المساكني أحد تلاميذه النحو والتوحيد والأصول والحديث. ولا شكّ في أنّه خاض مع تلاميذه في عدّة أبواب أخرى: القراءات والفقه والمناسك والفلك التي ألف فيها كتبا. ومدّة الدراسة بالمدرسة النورية خمس سنوات بين ابتدائي وثانوي، وبعدها يتأهّل الطالب ليلتحق بالزيتونة أو بالأزهر لاستكمال معارفه. ومن الطلبة من كان يكتفي بتلوين معارفه في صفاقس عن الشيخ عبد العزيز الفراتي، أو في الزاوية الجمنية بجربة. وفي الميدان الديني كان الشيخ علي النوري يواظب في زاويته على الأوراد والوظائف في كلّ مساء وصباح، وقراءة تلاميذه القرآن بحضرته على أسلوب الدور البصيري.

اشتهر الشيخ علي النوري في الآفاق بعمله ودروسه، فكثر طلبته ومريدوه من أهل صفاقس وضواحيها، ومن الساحل، والقيروان، وحتى من المغرب، وصارت زاويته محطّ الراغبين في العلم والمتعطشين لارواء الروح الدينية.

واتّسع تأثير الزاوية النورية عن طريق الطلبة التابعين النابغين الذين كوّنوا زوايا أو الذين تعاطوا التدريس في المساجد والأضرحة بالمدينة، أو في مدن أخرى. ومن الطلبة من انتقل إلى العاصمة ليصبح مدرّسا بالزيتونة وغيرها من أماكن العلم والتدريس. ومن الطلبة الذين تكوّنوا في الزاوية النورية، وبقي ذكرهم علماء ومربين في كتب التراجم (من الصفاقسيين) محمد وأحمد ابنا الشيخ علي النوري، ومحمد التونسي، وإبراهيم الجمل، وعلي العش، وأبو عبد اللّه محمد اللواتي، ومحمد الحركافي، وقاسم المؤخر، وهو أكبر تلامذة الشيخ علي النوري سنّا، ومن غير الصفاقسيين محمد بن حمد بن إبراهيم العجمي المكني من أحفاد الولي الصالح الشيخ سالم الغلام صاحب زاوية بني حسان، والقيرواني أحمد بوديدح، وعلي بن خليفة المساكني الذي ارتحل إلى الشرق، وجاور الأزهر وحج، وسار على منهج شيخه علي النوري لمّا رجع إلى مساكن. قال عنه حسين خوجة "ثمّ رجع إلى بلده، وتصدّر للتدريس بمدرسة أبيه، وعمّرها أحسن تعمير، يطعم الطعام للفقراء والمساكين، ويعلّم أولاد المسلمين ويربّيهم تابعا لطريقة شيخه النوري، نفعنا اللّه به. واستفاد منه خلق كثير".

وبفضل دروسه، وتأليفه، وطلبته كذلك، أحيا الشيخ علي النوري السنّة متمسّكا بالمذهب المالكي، ومقتديا بالامام سحنون. وعمل على نشر التصوف الخالي من بدع السماع والرقص، مقتديا بشيخه محمد بن ناصر الدرعي. ولا غرابة في هذا الاتّجاه بالنسبة لمقاييس ذلك العصر لأنّ تعليم الدين إذّاك لم يكن تعليما نظريا بحتا، إذ دخل التصوف المدارس وشاع بين طلبتها الانتساب إلى طريقة من الطرق الصوفية. ومن مآثر الشيخ علي النوري المرتبطة بالتدريس والتأليف، وإحياء تعاليم السنّة على مذهب مالك، وإشاعة العلوم الدينية بين الطلبة والناس، تأسيسه لمكتبة فخمة نفيسة، بقيت لؤلؤة المكتبات بصفاقس أكثر من ثلاث قرون، خاصة بعد أن أتمّ تكوينها ابنه أحمد الذي قيل أنه فاق أباه علما ومعرفة، وقد توفي يافعا لم يتجاوز الخمسة والعشرين ربيعا. أقامها في داره لتفيده وتفيد تلاميذه وعلماء مدينته وفقهاءها المحتاجين إلى الاستفادة لالقاء الدروس، وتقديم الفتاوى، وممارسة القضاء. وأفادت المكتبة أيضا كل ّ من كان يتراسل مع الشيخ، إذ لم يكن يبخل بكتاب عن أحد ولو بالمراسلة. أنفق عليها من أمواله كثيرا، فتجاوزت شهرتها حدود بلده، وقد أشار إليها الوزير السراج في حلله بقوله "وجمع كتبا عدّة، ما أعلم أحدا اليوم جمع ما جمع هو، بحيث أطلق يد شركائه في برّ المشرق مهما رأوا كتابا بلغت الكراسة منه أربعة نواصر يأخذونه ولو كان مكرّرا، فيمسك الطيب من المكررين". وبعد طول زمن، وضياع نفائس منها تبرّع حفيدة المحترم السيّد عثمان النوري بهذه المكتبة في صائفة سنة 1969 إلى المكتبة الوطنية بالعاصمة تونس لتحقيق الإستفادة القصوى منها لفائدة الأجيال المقبلة. وقال عنها محمد محفوظ الذي تولّى ترتيبها إنّها "تحتوي على كتب علوم القرآن من قراءات، وتفسير، وحديث، وفقه، وتصوف، والحساب، وفلك، وطب، وفيها القليل من كتب اللغة والأدب والتاريخ والتراجم".

وكان لا بدّ للشيخ علي النوري من مداخيل مالية مهمّة لينفق على أسرته، ومكتبته، وزاويته، وطلبته، فلم تكن الزاوية النورية تتلقّى إعانة من الدولة، شأنها في ذلك شأن بقية الزوايا التي أسسها أصحابها آنذاك. لذلك كان يتعاطى الحياكة في داره، والحياكة أهمّ صناعة في مدينته، وكانت مربحة لارتباطها بالتجارة الشرقية، وينفق منها على نفسه مالا حلالا، متبعا سنّة سار عليها بعض أسلافه. ومارس التجارة عن طريق القراض، والفلاحة عن طريق الإستصلاح والشراكة على النمط السائد في قومه، ضامنا حقوق الجميع. والتجارة والفلاحة، عنصران متكاتفان متكاملان، وأصبحت أعماله الاقتصادية هذه، وهو على ثقة قومه بعلمه وتقواه ونشاطه، قدوة لغيره، ونشطت الحركة الاقتصادية على أساس السنّة والعفة. وأقبلت عليه الدنيا فلم يستأثر بها إذ سخّر القسط الأوفر من أمواله وأملاكه الواسعة التي اكتسبها في صفاقس، وقرقنة، وقابس، والساحل، لرعاية الزاوية وتجهيزها، ودفع مرتّبات الفقراء، وقدّم المنح في شكل مآكلّ وملابس للطلبة المقيمين بها، وشراء الكتب. وفي آخر أيامه أوقف عليها كلّ أملاكه تقريبا، حسب وصيته المحفوظة نسخة منها بمتحف الفنون والتقاليد الشعبية بصفاقس، والمسجّلة تحت رقم 1107.

ألف الشيخ علي النوري كتبا عدّة، ذكرها حسين خوجة في ذيل البشائر، ومحمد مخلوف في شجرة النور الزكية، ومقديش في نزهة الأنظار، وضبطها الشيخ محمد محفوظ في تراجم المؤلفين:

في القراءات:

  • تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين عمّا يقع لهم من الخطأ حال تلاوتهم للكتاب المبين.

نشره الشيخ الشاذلي النيفر سنة 1974 بتونس.

  • غيث النفع في القراءات السبع، طبع عدّة مرات.

وفي الفقه:

مقدمة في الفقه والتوحيد، شرحها الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي المصري، وشرحها هو دون أن يستوفي شرحها وسمّاها "الهدى والتبيين فيما فعلُه فرض عين على المكلفين".

  • مناسك شرحها الشيخ محمد بن يوسف الكافي، وسمّى شرحه: هبة الناسك على تأليف الشيخ علي النوري في المناسك. طبع بمصر سنة 1330هـ/1918م.
  • رسالة في تحريم الدخان.
  • رسالة في حكم السماع ووجوب كتابة المصحف بالرسم العثماني.

وفي الأدعية:

  • معين السائلين في فضل رب العالمين، توجد نسخة منه بالمكتبة الوطنية، بتونس وفي التوحيد:
  • عقيدة اختصرها من العقيدة الصغرى للشيخ السنوسي، وشرحها في حياته الشيخ علي بن أحمد الحريشي الفاسي نزيل المدينة المنورة، وسمّاه "المواهب الربانية على العقيدة النورية"، وشرحها الشيخ علي الشريف الزواوي، وأحمد بن أحمد بن عبد الرحمان الفيومي الغرقاوي المصري المالكي، وسمّاه "الخلع البهية على العقيدة النورية" وشرحها كذلك الشيخ أحمد العصفوري التونسي، وسمّاه الفوائد العصفورية على العقائد النورية.

وفي الفلك:

  • المنقذ من الوحلة في معرفة السنين وما فيها والأوقات والقبلة. طبع في تونس.

وللشيخ علي النوري "فهرست" ذكر فيه رواياته عن شيوخه المغاربة والمشارقة وما أجازوه به، والفهارس المغربية والمشرقية التي اتّصل سنده بها، وقال فيها على حدّ تعبير محمد مخلوف في شجرة النور الزكية "ولا نجد كتابا للمتقدّمين ولا للمتأخّرين في جميع العلوم إلا ولنا اتّصال سند يوصلنا إلى مؤلفه" وهي مفقودة. ونلمس من مؤلفاته، واعتناء شيوخ بها في تونس ومصر، مدّة حياته وبعدها، مدى اطلاعه وواسع نظرته وحسن تعبيره، ومكانته العلمية في عصره. ولمكانته العلمية، وحضوره الديني، نظّم الشيخ علي النوري مقاومة مدينة صفاقس لفرسان القديس يوحنا المرابطين بمالطا، وكانت بينهم وبين صفاقس والساحل التونسي معارك حامية لها صبغة دينية، وطبقا لما أمر به الشيخ علي النوري عُزّزت بحرية صفاقس بإنشاء سفن جديدة، وجعل ابن أخته الامام الشيخ أبا عبد اللّه محمد معلّم الأطفال مقدّما على السفن، تأتمر بأمره وقدّمه أمام المقاتلين في الصلاة. فالجهاد في سبيل اللّه من مقومات الدين، وفرسان مالطا كفرة، والعمل على قتالهم ينصهر في مفهوم عمله الديني والقيام به.

إنّ الحظوة التي نالها الشيخ علي النوري في مدينته، والذكر الذي ناله من قتال فرسان مالطة، وامتثال الناس لأمره وإقبالهم عليه، ومناصرته للمذهب المالكي دون الحنفي الذي إليه كان حكام البلاد يدعون، كلّ ذلك جعل السلطة المرادية بقيادة مراد باي الثالث ترتاب في أمره وتظنّ أنّه يعدّ العدّة للانقلاب عليها، فعزمت على إيقافه. ولما بلغه الخبر هرب متخفّيا مع عائلة الشيخ أبي عبد اللّه السيالة إلى زاوية أبي حجبة بين تونس وزغوان سنة 1699. وفي سنة 1700 أسس في منطقة بوعرادة بمحافظة سليانة زاوية العلم وتعليم القرآن الكريم حيث رابط لمدة سنتين، حيث تعرّف إلى إبراهيم الشريف الذي قام بإنقلاب على مراد باي الثالث وأنهى حكم الدولة المراديّة بتونس سنة 1702، وتعرّف في منطقة الكاف إلى الحسين بن علي الشارني الذي لم يكن سوى مؤسس الدولة الحسينية سنة 1705. ثم رجع إلى بلده صفاقس سنة 1702 بعد إزاحة الدولة المرادية. ورآى فيه ابراهيم الشريف أنه رجل علم وصلاح. وصارت السلطة فيما بعد تستشيره وتأخذ برأيه.

لم يكن يطمح من وراء أعماله كلّها في منصب سياسيّ أوحكومي له صبغة دينية أو إدارية، من ذلك أنّه لم يرغب في القضاء ولا في إمّامة الجامع الكبير. ولما عرض عليه إبراهيم الشريف إمامة هذا الجامع وألحّ، رفض. ولما استشاره فيمن يولّي عليه نصحه بعبد العزيز الفراتي خلافا لعادة قديمة تولّى طبقا لها آل الشرفي إمامته جيلا بعد جيل، وعرض عليه إبراهيم الشريف توسيع زاويته بإدخال منازل الأجوار فيها، فأبى.

توفّي الشيخ علي النوري سنة 1118هـ/1706م متأثرا بالتعب والمرض الذي إنتابه أثناء الفترة التي عاشها في شمال تونس الرطب بين جبل زغوان ومنطقة الكاف. ودفن في بستانه الكائن قرب سور مدينة صفاقس من الناحية الشمالية طبقا لوصيته. وطبقا لوصيته كذلك تمّ دفن عدد من تلاميذه الذين ساروا على منهاجه بجواره. ولم ترفع على ضريحه قبة قط، تلبية لرغبته. وخلافا لما كان يشتهي ولما قام به من تقويم مسار الدين، رفعه الناس إلى مقام الأولياء وأسندوا إليه كرامات ذكر بعضها محمود مقديش.