علي الدوعاجي

من الموسوعة التونسية
نسخة 09:33، 20 فبفري 2017 للمستخدم Bhikma (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1909 - 1949م]

علي الدوعاجي

هو علي بن صالح الدوعاجي، أديب تونسيّ جمع بين الفنّ والأدب والصحافة والشعر والزجل والمسرح والموسيقى. ولد بحاضرة تونس في 4 جانفي 1909. وهو من أصول تركية. ولقبه دالّ عليه وعلامته (جي) التي تلحق عند الأتراك بمهنة الشخص التي يمتهنها. تربّى علي الدوعاجي بين أحضان أمّه نزهة بنت شقشوق (تونسية من جزيرة قرقنة) ذات الأصول الثريّة تربية مدلّلة. وأحاطته برعاية مفرطة لأنّه الوحيد الذي بقي لها من البنين، ولأن والده تركه يتيما وهو في سنّ الثالثة أو الخامسة حسب الروايات. ولم يطل التحاقه بالتعليم الزيتوني وتردّده على المدارس العرفانية إذ سرعان ما ألحقته أمّه بالتجارة. فعمل صانعا لمدة سنة في متجر بن عوالي ثم معاونا في متجر باجي المبزع. ولكنه وانقطع عن عمله بسبب إقباله على مخدر الكوكايين. ولزم بيته يكتب الأزجال والقصص والتمثيليات ويرسم ما طاب له من رسوم ساخرة. ويجمع الباحثون في سيرته والمدوّنون لأطراف منها على أنّ أمّه بحنانها الفيّاض قد ولدت فيه الصدمة تلو الصدمة لأنهّا منعته خوفا عليه من ممارسة حقّه في العمل سواء في متجر كان يفكّر في بعثه أو في فلاحة كان يبتغي من ورائها رعاية أملاكهم. ولعلّ بعض هذه الخيبات عمّقت في نفسه الشعور بالصغار والشعور بعدم القدرة على تحمّل المسؤولية. فكانت جولته بين حانات المتوسّط محاولة منه للخلاص من ربقة الأم. لكن كل ذلك لم يزده إلاّ إحباطا وإفلاسا معنويا وماديا. فزاد إقباله على المخدرات يطلبها حتى أصيب بالسلّ ومات في مستشفى الرابطة بالمدينة يوم 27 ماي 1949 ميتة المشرّدين وشيّعه مشيّعون لم يتعدّ عددهم أربعة عشر شخصا كان من منهم زين العابدين السنوسي والهادي العبيدي ومحمد بن فضيلة.

التعليم والثقافة[عدّل]

لئن كانت "مقاعد الدرس لم تقطّع سراويله" إذا استعرنا عبارة صديقه محمد العريبي، فإنّ ثقافة الكتب والدوريات التي كان يقبل على النهل منها بعد أن تطيب سهراته وثقافة الحياة بهزلها وجدها التي كان يعبّ منها، ليلا نهارا كانتا لديه المعين الذي لا ينضب، يستقي منه ما طاب له من موضوعات وأساليب ورؤى هي جوهر ما به يكتب في صنوف الأدب والفن. وقد تناول دارسو سيرته بالرصد والتحليل جوانب من ثقافته وسلوكه وشخصيته. والمحصّل من كلّ هذا ميله إلى السلوك البوهيمي ونزعته إلى قراءة الأدب الخفيف الساخر الذي لا يخلو من ظرف ومجون في المجلات على وجه الخصوص،. كما يسجّل له إقباله على الأدب العربي والعالمي وإتقانه للاقتباس والترجمة.

الشخصية والسلوك والرؤية للحياة[عدّل]

علي الدوعاجي مزيج عجيب من كلّ شئ، عصاميّ وبوهيمي يعاقر الكتاب والخمر والحشيش والنساء مثلما يدمن على مجالس الفن والأدب والتمثيل والموسيقى والغناء. والكلّ في عرفه تسلية وسخرية ومعرفة وإمتاع والكلّ مادّة للكتابة والتأمل والضحك المرّ، ينهل من معينها، ويشتقّ من رحيقها مرّ الكلام وعذبه ولاذع القصّ وأطرفه وهجين الكلام وأفصحه. فهو حرّ كطيف النسيم وساخر بالريشة والفرشاة والقلم وصادح بمواقف لا تلين مادام يعاشر أساطين الأدب التونسي وروّاد فكر النهضة والتجديد. لذا لم يكن إلاّ واحدا من ثلاثة هو والشابي والحدّاد. ولم تكن زمرة جلاّسه لتتّسع أو تضيق إلاّ بحسب المقاهي التي كان يقبل على الجلوس فيها أو حسب أحواله النفسية والماديّة وإن اتّسعت الدائرة فلتشمل طائفة من المبدعين والكتاب كلّ في مجاله يحلّي هذه المجالس بالطرفة النبيهة والفكرة اللامعة وما تجود به الذاكرة من تالد التراث أو طارف القراءة والابداع في ثقافات الأمم.

لقد أقبل علي الدوعاجي على الحياة بملاذها إقباله على القراءة والكتابة بأنواعها والفن بصنوفه. ولم يحفل برعاية صحّته ولا بالبحث عن الأمان والاستقرار تحت سقف أسرة وزوجة بل كان ينام النهار ويسهر الليل بأكمله ثلثاه للمتع والأصحاب وما تبقى للقرطاس والقلم. وكان الدوعاجي متقلّب المزاج سوداويّ الطباع يغلب عليه التشاؤم والشعور الممضّ بالغربة حينا ويقبل على الآخرين بالنكتة ويبشّ في وجوههم ويهشّ إقبال المتفائل بالحياة. ويملأ مجالس خلاّصه بالسرور والحبور أحيانا. ولم تكن حياته على وتيرة واحدة من الرضى والقبول. وإنّما اهتزّ كيانه لمّا بدا يفقد ما ورث من أرض ومال وهو الغنيّ بثروة أهله لا بأعماله. فساءت صحّته واكتسح حياته الفقر والعوز. وتسلّل إليه اليأس والقنوط. وزاده خبر موت صديقه الأعزّ محمد العريبي بؤسا على بؤس.

أخذ علي الدوعاجي يتردّد على مقاه بمدينة تونس منها "المرابط" و"القصبة" و"البانكة العريانة" ومقهى "الحاج علي" بربض باب سويقة الشعبي حذو السّور. وهناك كان يحضر مجالس أدبيّة يشارك في مناقشة نخبة من مبدعي العصر من فنّانين وصحافيين ورجال مسرح وشعراء منهم أبو القاسم الشابي ومصطفى خريّف وعبد الرزاق كرباكة الشعراء، والطاهر الحدّاد المصلح الاجتماعي وعلي الجندوبي (1909 - 1966) والهادي العبيدي (1911 - 1966) الصحفيان، وعبد العزيز العروي رجل الاعلام والمسرحي ومحمد العريبي الأديب والصحفي المذيع ومحمود بيرم التونسي الصحفي والشاعر والزجّال وزين العابدين السنوسي (1901 - 1965) الأديب صاحب مطبعة العرب ومؤسّس مجلة "العالم الأدبي". وقد نعت هؤلاء وغيرهم بجماعة تحت السور

لمحة عن أدبه[عدّل]

لا يختلف اثنان في القول بنزوع أدب علي الدوعاجي ومسرحه إلى الواقعيّة على وجه الخصوص وبتنوّع مرجعياته الثقافية، وبخصوصية أساليب معاملته للأدب والفن. فعلي الدوعاجي في هذا السياق هو بامتياز "فنان الغلبة" وفنان السخرية، جمع بين فنون القول قصّا ومسرحا وشعرا وأزجالا وصحافة،وبرع في الترجمة، وفصّح العامّي وأنزل الفصيح من برجه العاجيّ، مثلما جمع بين الآداب غربيها وشرقيها، قديمها وحديثها. وصهر كل ّ ذلك صهرا وأذاب هذا الرحيق بشخصيّته الطريفة الظريفة ذوبانا حتى لكأنّه، وهو ابن عصره وزمانه الكوسموبوليتي، قد فاض على زمنه المحلّي فبشّر بالحداثة وأثار قضايا الفقر والحبّ والمرأة والزجل. وتندّر بشخصياته بريشة الفنان الساخر وتعاطف مع الهامشيين والمهمشين تعاطف الكاتب الملتاع بغربة الذات والزمن وبحرمان الفنان من تعاطي الحياة.ولم يكن ليتاح له ذلك كلّه إلاّ باشتغاله بفن القصّ الذي برع فيه عرضا ووصفا، تصريحا وتلميحا، وذروة مكثّفة وقفلة تنمّ عن جودة الصانع في صناعته دون تصنّع، في لغة جزلة صافية الجوهر تنبع من معين اللغة اليومي وترقى به إلى مصافّ الأدب الانساني المسكون بالأوجاع، الصائد للآمال تخييلا والأوهام واقعا مرّا تعيشه فئات الشعب المقيد بسلاسل الفقر والجهل والاستعمار.

إنّ مدارات الكتابة والابداع عنده متنوّعة يمكن تبيّنها في الوجوه الأساسية التالية:

علي الدوعاجي قصّاصا[عدّل]

يجمع مؤرخو الأدب ونقّاده على أنّ علي الدوعاجي، على حدّ قول توفيق بكّار، هو "أبو القصة التونسية بلا منازع". وتعتبر مجموعته القصصية سهرت منه الليالي التي جمع مادتها عزالدين المدني من النصوص المؤسسة لفن الكتابة القصصية بالمعنى الدقيق للمصطلح. ولا يختلف اثنان في طرافة الموضوعات القصصية التي طرق وفي جزالة الأسلوب الفني الذي اختار، وفي فنيات القصّ التي بها عالج هذه الموضوعات الاجتماعية والنفسية. ويجمع دارسو فنّه القصصي على ريادة الدوعاجي في هذا الصنف من الكتابة سواء من جهة الموضوعات المطروقة التي كسر فيها حواجز الأخلاق السائدة والعادات البائدة القائمة على الميز بين الفقير والغنيّ وبين المرأة والرجل أو من جهة تقنيات الكتابة القصصيّة التي برع فيها براعة مخصوصة في عرض الوقائع ووصف الشخصيات وصفا دقيقا بتركيز الاهتمام الذكيّ على التفاصيل الموحية والحركات الدالّة والسمات المفيدة في هيئة من التكثيف وأسلوب من التوليد والتشخيص حينا والترميز الشفيف أحيانا، ترفده في كلّ هذا ثقافة متنوّعة صنعها بالكدّ والجهد ومداومته على تعلّم اللغة الفرنسية التي تعرّف بواسطتها إلى الآداب الأجنبيّة. فكان لبودلير وجاك لندن وشتاينبك وارنست همنقواي النصيب الأوفر في مكوّنات هذه الثقافة. وبمقتضى ذلك كانت له القدرة على الترجمة والاقتباس في مجالي القصّة والمسرح. وبحكم انغماسه في التعرف إلى ثقافة الآخر وآدابه ازداد حذقه لأساليب الكتابة وفنياتها. وانعكس ذلك في موقفه من الأدب العربي السائد وفي منجزه الابداعي حتى دوّخ النقاد في "راعي النجوم" وحيرهم في تجنيس النصّ :فمن قائل إنها قصّة بناء على نشرها في "المباحث" تحت هذا الاسم. ومن قائل إنّها مسرحيّة ومن الدارسين من سمّاها خطابا حواريا أو خطابا قصصيا أو قطعة. وما هذا الاختلاف إلا دليل على براعة الدوعاجي في استخدام الحوار قائما بذاته كما هو الشأن في "راعي النجوم" وفي مسرحه التمثيلي أو مدمجا بالسرد والوصف كما في سائر أقاصيصه.ولكتاباته خصائص جمالية أخرى يعسر حصرها في هذا المقام التعريفي العام أبرزها قدرته على صناعة الحدث المدهش من البسيط وتركيب العقدة وبناء القفلة أسوة بأساطين كتّاب الأقصوصة وعلى رأسهم جوركي وتورجنيف وموباسان. وعموما فقد أجاد إنتاج شخصيات متنوّعة من شرائح اجتماعية وعمرية مختلفة. ورسمها على الورق رسما واقعيا. فأبان عن خيرها وشرّها وحبّها وحقدها واستقامتها وشذوذها. وشرح لنا صدرها وما يدور في خلدها. وكشف عن أحوالها المتناقضة بين الظاهر والباطن والأقوال والأفعال بحسّ الانسان ومشاعر الفنان يغالب الحياة فتغلبه ويصارع الأهواء فتصرعه. وعموما فقد "وهب هذا الأديب من رهافة الحسّ ويقظته ما جعله سريع الالتفاتة رقيق الملاحظة تحسب العين فيه عدسة تختطف الصور والمشاهد اختطافا ثمّ تودعها ذاكرته حتى تكوّنت له ذخيرة هائلة من المشاهد أفرغها قصصا.." ولعلي الدوعاجي وعي بفن القصّة وبحدود وظيفة كاتبها. فهو القائل بصدد تعريف الأقصوصة: "هي صورة صادقة لمنظر شاذ، وعلى شذوذه هذا لا يستغربه القارئ ولا يستنكره، وإنّ دور كاتب القصّة هو عرض الواقع البحت بكلمات واضحة نيّرة وأن يمسك زمام قلمه عن التعاليق الزائدة وعن وصف شعوره الشخصي وعن الوعظ الثقيل"

علي الدوعاجي كاتبا مسرحيا[عدّل]

جمع توفيق بكار مختارات من مسرح الدوعاجي الإذاعي ناقلا إياها من أصولها "مخطوطة بيده، ممضاة باسمه،مذيّلة بتواريخها". ووضعها وضع المحقّق في كتاب هو على سبيل الدفعة الأولى أسماه مسرح علي الدعاجي نشرته دار الجنوب تونس في طبعته الأولى سنة 2002. والكتاب يحتوي على مسرحيات ثمان مكتوبة باللهجة الدارجة. ومسرح الدوعاجي الإذاعي متنوّع، طريف المسمع. ومازال الباحثون المحقّقون في نصوصه لا يضبطون له عددا إلاّ على وجه التقريب : فهذا الأستاذ بكّار يذهب إلى القول "لاندري إلى اليوم، على تقصّينا في البحث كم بالضبط ألّف من مسرحيات. جملة ما وقع في يدنا منها وطالعناه يبلغ نحو المائة بين ركحيات وإذاعيات ومن هذه الوفرة انتقينا للقراء خير ما رأينا من النصوص. وشتىّ أنواعها: كوميديا ودرام، وميلودرام، وأوبريت، وأوبرابوف. وكان له ولع بالغنائيات..." وهذا الشيخ زين العابدين السنوسي يرى أنّ علي الدوعاجي كتب ما يربو على مائة وستين تمثيلية إذاعية وخمس عشرة مسرحية ركحية وأنّه كان يقف على إخراج الكثير من مسرحياته بنفسه. وكان ميله واضحا إلى المسرح الهزلي والساخر المكتوب باللهجة التونسية الدارجة.وجعلها "فونتان" قرابة 266 تمثيلية إذاعية يميل أغلبها إلى التمثيل الهزلي وقد مثّل الدوعاجي فيها بعض الأدوار.

وما من شكّ فإن الدوعاجي المسرحي لا ينفصل عن الدوعاجي القصّاص "القنّاص" صاحب القلم اللاذع والدوعاجي الشاعر الزجّال صاحب الصور الطريفة واللغة السهلة الجزلة. والدوعاجي رسّام الكاريكاتور الذي يضحك من الآخرين ومن نفسه هجّاء غمّازا بلغة موليير وبكّاء لمّاحا إلى حدّ الضحك بلغة راسين ما دام "كاتبا ساخر الروح، جريء الفكر، يخفي نابا حديدا وراء البسمة الظاهرة، حيلته، ربّما، في التعبير عمّا لا يباح له أن يقول..فقصر همّه على نقد مظاهر التأخّر في عقلية الناس وسلوكهم عسى أن يتخلّص المجتمع من عبء العادات المعرقلة لنموّه، فيصلح من نفسه، فيقوى، فيتحرّر من كلّ عبوديّة..." وما دام كما قال عنه عزالدين المدني "يضحك من النظام الفاسد القائم في زمنه، ويضحك من نفسه أيضا، لأنّه عاش بائرا مغبونا، مغلوبا طول حياته..."

علي الدوعاجي شاعرا زجّالا ورسّاما كاريكاتوريّا[عدّل]

تبدو العلاقة بين الأشعار الزجليّة التي أنتجها على الدوعاجي والرسوم الكاريكاتورية التي أجراها شديدة الصلة بعضها ببعض لأنها حقّقت مبدأ التحام الصورة بالكلمة في سياق نقد ساخر متنوّع يشمل أوضاع المجتمع وحالات الأفراد عن طريق التصوير الحيّ المباشر. وهو ما يحوّل الأزجال نفسها إلى رسوم ويجعل من الرسوم الكاريكاتورية تنبع من الروح المرحة اللاقطة للتفاصيل التي بها يكتب الدوعاجي أدبه. وعن مضامين هذه الأزجال وشكلها التعبيري يقول محمد صالح الجابري: "لقد كانت أشعار الدوعاجي كلّها من نوع الأزجال الشعبية في لهجة تونسية يتكلّمها أهل العاصمة بعضها أغان عاطفية، وأغلبها مقطوعات من الزجل الفكاهي.

ويلفت النظر في هذه الأزجال أنّ بضعة منها تميّزت بطابع الفن وطرافة الموضوع الذي وقع عليه الشاعر. هي أزجال في الفنان، والشاعر وموقف كلّ منهما من مجتمعه مع إضفاء مسحة اللامبلاة والاحساس بالغبن، والثورة على النفس، إنها مخاض حياته، وبارقة وجدانية مما خلفت ذكريات تحت السور الذي تركته الحرب العالمية الثانية أنقاضا من ماض مندثر".

وقد خصّ عزالدين المدني هذه القصائد العامية المشبعة بنزعة السخرية بقسم مهمّ من أعمال علي الدوعاجي وأسماها ديوان الأزجال والأغاني. ويحتوي هذا القسم على تسعة وثلاثين نصّا زجليا كتبت في أغراض مختلفة وفي مناسبات متعدّدة. ومن هذه النصوص وعددها ثلاثة عشر نصّا ما ينشر لأول مرّة حسب ما يصرّح به جامع النصوص ومحقّقها في الهوامش. ومدار هذه الأزجال والأغاني على موضوعات طريفة ترشح بالظرف واللطافة اللذين تميّز بهما الدوعاجي فنانا وإنسانا. وهي تجمع بين الغزل الخفيف والحكم الساخرة النابعة من التأمّلات في عالم الناس وفي سلوكهم وعلاقاتهم وعواطفهم وتتّصل بعادات المجتمع في الخطبة والزواج والحبّ والغرام والهجر والبعاد ولا تعدم الحديث عن الذات ومغامراتها في الصحو والسكر. بل تتحوّل الذات نفسها إلى موضوع للسخرية واللوم والاحساس بالذنب في إطار كاريكاتوريّ ملئ بالغمز واللمز. وكثيرا ما تطرّقت هذه الأشعار إلى موضوعات مسكوت عنها كتصنيفه للصنائع والأعمال بنفس كوميدي وحديثه عن أنواع البوس والقبل بلهجة المجرب الفطن. وكثيرا ما سمت إلى رصد وضع الفنان المغبون، فنان الغلبة وأبانت عن روح أديب واع بالكلمة وأنواعها وأثرها في الذات والاخرين.مترحمّا حينا على أيام زمان، داعيا الانسان إلى تجاوز النوائب والمواجع ونسيانها بالضحك والبشاشة متغنيا بتراب تونس وألقها وقد لقيت بعض هذه النصوص الحظوة لدى بعض الموسيقيين، فنالت الشهرة ولحّنت في المجالس وفي غير المجالس.

علي الدوعاجي الصحفي الساخر[عدّل]

جمع الدوعاجي في كتاباته الصحفية بين الأدب والفن. فنقد ظواهر المجتمع وتابع ما يجري فيه من حوادث طريفة. ونقل لنا صورة بيئته ومجتمعه وما كان يدور من محاورات بين جماعة تحت السور. وكان تأسيسه لصحيفة السرور سنة 1936 دليل رغبة في فسح المجال له ولغيره من حملة القلم ليعبّروا عن مواقفهم مما يجري حولهم في المجتمع، تاركا الخوض في موضوعات السياسة لصحيفة الزمان لبيرم التونسي. ولم يكن الخيط الفاصل فيما نشره من مقالات بينّا بين الكتابة الصحفية والكتابة الأدبية القصصيّة. وسعى على نحو متفاوت إلى الابلاغ مستخدما بلاغة السخرية وطلاوة اللغة الفصيحة السهلة وحلاوة وقع العامية في النفوس ليصل إلى شرائح القراء المتعددة. وقد نشرت أغلب مقالات علي الدوعاجي الصحفية والأدبية في الصحف والمجلات مثل "السرور" و"الزمان" و"العالم الأدبي" و"المباحث" و"الزهرة" و"الثريا" و"الأسبوع" و"الشباب" باثا بعض مواقفه الاصلاحية من خلال نقده لعيوب المجتمع ودفاعه عن المرأة والمهمّشين والمبدعين في فنون الكتابة والتصوير والموسيقى.

أعماله[عدّل]

  • سهرت منه الليالي (مجموعة قصصية منشورة في الصحف بين 1935 و1949) ، الدار التونسيّة للنشر،1969، منشورات نادي القصة، جمعها وأعدّها وقدمها عزالدين المدني ولهذا المؤلف طبعات أخرى من بينها طبعة "دار شوقي" 1999 وطبعة "دار الجنوب للنشر" 2002 وطبعة "المغاربية للطباعة والنشر" 2003.
  • جولة بين حانات البحر المتوّسط (في أدب الرحلة وسيرة الذات) ، الشركة التونسية للنشر والتوزيع، 1962. ولهذا المؤلف طبعات أخرى، منها طبعة الدار التونسية للنشر، 1973وقد ترجم الطاهر شريعة هذا المؤلف ونشرته الدار التونسية للنشر، 1979.
  • تحت السور (مذكرات ويوميات وأزجال ومقالات أدبية جمعها عزالدين المدني) ، تونس، الدار التونسية للنشر، 1975.
  • راعي النجوم (نص مزيج بين القصة والمسرحيّة) ، منشورات ثقافية، دار ابن خلدون، 1969 قدمه توفيق بكار وترجمه إلى الفرنسية صالح القرمادي.
  • علي الدوعاجي، الأعمال الكاملة، (يضم أقاصيص الدوعاجي ورحلة بين حانات البحر المتوسط) تقديم بوشوشة بن جمعة، الجزائر، موفم للنشر 1993.
  • علي الدوعاجي، حياته وأعماله، (في جزأين، الجزء الثاني مخصّص لأعماله) درّة المشاط، تونس الدار المغاربية للنشر والتوزيع، مارس 2001.
  • مسرح علي الدوعاجي (جمع ومراجعة وتقديم توفيق بكار) دار الجنوب للنشر، تونس 2002.
  • أعمال علي الدوعاجي (وتضم جولة بين حانات البحر المتوسط وسهرت منه الليالي وتحت السور ورواق علي الدوعاجي للرسوم ومسرح وسكتشات وديوان الأزجال والأغاني، فضلا عن شهادات عنه وبهذا المؤلف نصوص جديدة تنشر لأوّل مرة) إعداد عزالدين المدني، تونس، بيت الابداع العربي، 2010.