عدنان الشواشي

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

1-المولد والنشأة:

عدنان الشواشي

هو عدنان بن عثمان بن عبد الحكيم الشواشي ولد بتونس العاصمة في 29 ديسمبر 1951 من عائلة عريقة أصيلة ولاية باجة أين ترعرع وقضى طفولته، توفيت أمه وعمره سنة واحدة وقد كان وحيد الأخوة. والده "عثمان" ينتمي لسلك التعليم ويشغل كذلك رئيسا للأنشطة الثقافية بباجة، أما جده فقد كان قاضيا وفي نفس الوقت إماما خطيبا، وقد كان له الفضل الكبير في تنشئة وتعليم الفنان "عدنان الشواشي" حيث يقول عنه :«بصفتي كنت الطفل الوحيد الموجود في العائلة بما أن أمي توفيت وأنا عمري سنة فقد تربيت بين أحضان جدي» الحمادي ،محمد أنيس، عدنان الشواشي : دراسة تحليلية لبعض أعماله، رسالة ختم الدروس الجامعية لنيل شهادة الإجازة الأساسية في اختصاص موسيقى وعلوم موسيقية، إشراف نبيل عبد المولى، تونس، المعهد العالي للموسيقى، 2012، ص. 12.إذ كان يصطحبه معه للمحكمة وللجامع وكان في المنزل يخاطبه باللغة العربية الفصيحة ليزيد في تكوينه.


2 - بدايته الفنية:

يعتبر المحيط العائلي للفنان "عدنان الشواشي" من أهم الأسباب التي جعلته يغرم بالفن، فقد كان جده يملك جهاز راديو من نوع تيساف وقارئ أصحنة بيضفون، وكان جده يستمع كثيرا للمدارس الفنية الشرقية القديمة مثل الشيخ سيد الصفتي، سلامة حجازي، علي الدرويش، عبد الحي حلمي ... وكثيرا ما كان الفنان "عدنان الشواشي" يستمع إليهم بشغف، فتربت أذنه على سماع هؤلاء المشائخ وهو في سن السابعة وبدأ يحفظ أدوارهم وموشحاتهم. عند ذلك قرر الفنان "عدنان الشواشي" تعلم العزف على آلة موسيقية، فقام بشراء آلة عود وشارك في اللجنة الثقافية، وهناك تعرف على الأستاذ "منور زروق" وهو فنان عصامي وعازف عود ممتاز ويحفظ الكثير من الموشحات والمالوف والأدوار والأغاني، وقد كان هو المسؤول عن نادي الموسيقى في اللجنة الثقافية. لاقى "عدنان الشواشي" كل الترحاب من الأستاذ "منور" الذي أعجب بصوته فقام بتبنيه وتأطيره وتعليمه آلة العود، كونه يرى أن عازف العود إما أن يجيد الغناء أو فليختر آلة أخرى. بدأ "عدنان الشواشي" تعلم كيفية العود وشد الريشة من دون تعلم النظريات والصولفاج والمقامات إذ يقول" أتذكر أني بدأت عزف سماعي بياتي إبراهيم العريان وأنا لا أعرف حتى أسامي الدرجات "الحمادي، محمد أنيس، عدنان الشواشي : دراسة تحليلية لبعض أعماله، رسالة ختم الدروس الجامعية لنيل شهادة الإجازة الأساسية في اختصاص موسيقى وعلوم موسيقية، إشراف نبيل عبد المولى، تونس، المعهد العالي للموسيقى، 2012، ص.13.. قد شد العود شغف "عدنان الشواشي" فصار يقضي كل وقته بعد الدراسة في العزف على العود حتى أنه بينما كان أترابه يقضون العطل في اللهو والراحة، كان هو يذهب إلى منزل جدته في مدينة قرطاج بيرصا ويقضي الوقت كله في العزف ولا غيره. وفي سن الثانية عشر تعرف "عدنان الشواشي" على الأستاذ "الهادي المقراني" في المعهد الثانوي بباجة أين بدأ بتعلم النظريات والصولفاج، ولم يجد صعوبة في التلقي بما أنه كان يعرف التراقيم وغيرها من المسائل ولكن بدون مسمياتها، إضافة لما يمتلكه أستاذه من قدرة على إيصال المعلومة. وقتها أُعجب "الهادي المقراني" به فتبناه وقرر إعطاءه دروسا في الموسيقى خارج المعهد بغية مزيد تطوير موهبته الفنية، إضافة لتعليمه آلة موسيقية أخرى وهي الكمنجة الغربية، وواصل الفنان عدنان الشواشي دراسته للموسيقى حتى وصوله الباكالوريا. عد ذلك كان المنعرج الفعلي في دخول الفنان "عدنان الشواشي" لميدان الفن، إذ شارك في برنامج كبير آنذاك وهو "نجوم الغد"، إيمانا منه بأن البرنامج سيكون المحطة المهمة التي ستعرّف به والتي سيشتغل فيها وسينمي موهبته وإمكانياته، رغم معارضة الأب "سي عثمان" الذي كان يرى أن الفن يجب أن يبقى هواية. كان البرنامج فرصة للفنان "عدنان الشواشي" للدخول إلى الإذاعة التونسية وللتعرف على أساتذة وعمالقة كبار في الساحة الفنية التونسية أمثال "عبد الحميد بن علجية"، "الهادي الجويني"، "علي السريتي" الذين وجد منهم كل التجاوب والتعاون، حيث كان "عبد الحميد بن علجية" هو الذي يقوم بتدوين الأغاني، فيما يقوم "الهادي الجويني" بإعداد كل ما هو تقني في استوديو التسجيل في الإذاعة.

3 -المشوار الفني:

بدأ المطرب "عدنان الشواشي" مشواره الفني سنة 1975 بأغنية أولى بعنوان "نظرة من عينك تسحرني" من كلمات "أحمد خير الدين" وألحان "صالح المهدي"، غنتها "عليّة" قبله ولكنها لم تلق الحظ والنجاح الباهر والرواج إلا مع "عدنان الشواشي" والسبب يكمن في الدور الذي صارت تلعبه التلفزة والمنوعات في ترويج الأعمال، بعد ذلك قام بكتابة بعض الأعمال وتلحينها لاقت استحسان المستمعين مثل "يا ليل جمالك" و"يا زمان"، وفي أواخر السبعينات تعرف الفنان "عدنان الشواشي" على صديق عمره ورفيق دربه الشاعر "الحبيب محنوش" الذي كان هو الآخر آنذاك في بداياته، وقد كان يسجل المدائح والأذكار في الإذاعة، ويمتاز عن بقية الشعراء بكونه يغني وله دراية بالمقامات الموسيقية. كوّن "عدنان الشواشي" و"الحبيب محنوش" ثنائي متكاملا جدا، فقد أثمر تعاملهما الأول أغاني قيمة مثل "عيني على سحر الهوى"، "يا ناس ما أحلى السهر"، "ابكي يا عين" وغيرها من الأعمال الناجحة بكل المقاييس في تلك الفترة. بعد ذلك النجاح جاءت الفرصة مناسبة "لعدنان الشواشي" للصعود على مسرح قرطاج الدولي سنة 1980 وكانت تلك إحدى المحطات المهمة جدا في حياته. وقد شاركه الحفل آنذاك كل من "لطفي بوشناق" الذي غنى قدود حلبية و"لطيفة العرفاوي" غنت لأم كلثوم، و"عبد القادر العسلي" غنى لوديع الصافي، و"منية البجاوي" التي غنت أغاني شرقية، فيما اختار "عدنان الشواشي" أن يغني من رصيده الفني الخاص على عكس بقية فناني السهرة، و قد كانت هذه السهرة له أشبه بفرصة أخرى لمزيد التعريف بأغانيه ولكي تصل أكثر للمستمعين نظرا لما يملكه مسرح قرطاج من صيت وشعبية. وفي تلك السهرة كانت هناك صدفة ومفارقة طريفة عجيبة، إذ ولما كان عدنان يتأهب للصعود على الركح بدأت الأمطار في التهاطل وبدأ الناس في المغادرة، فقرر "عدنان الشواشي" البدء بأغنية "يا ناس ما أحلى السهر في الليل تحت القمر" ولكن بتغيير كلمة القمر بالمطر لتصبح الأغنية "يا ناس ما أحلى السهر في الليل تحت المطر"، لقت الفكرة القبول عند الناس وزادت هذه الحادثة في شهرته. عد ذلك قام بإعداد وتسجيل ألبوم "عيني على سحر الهوى" في شريط كاسات لقي النجاح في تونس وحتى في بعض الدول العربية نظرا لما فيه من بساطة في تلحين الأغاني التي مست كثيرا المستمعين وسهولة في الكلمات وصلت بسرعة للمتلقي. إثر ذلك قام الفنان "عدنان الشواشي" بإنجاز ألبوم ثاني فيه أغاني لم تقل شهرتها عن الأغاني السابقة، ومن بين هذه الأغاني "يا منسيتني الحرمان" وقام هذه المرة بإثراء الساحة الفنية التونسية بتجربة هي الأولى من نوعها وذلك بالقيام بأغاني موجهة للفئة العمرية الصغيرة، يصاحبه في غنائها أطفال يقومون بدور مهم في الأغنية، فأنجز أغنية "احكيلي عليها يا بابا" مع "سنية مبارك" وأغنية "يا بابا الله يخليك" مع "أنيس الصيادي" الذي غنى معه كذلك أغنية "حرمان". و في سنة 1984 قام "عدنان الشواشي" بإنزال أغنية "عيبك" من ألحانه ومن كلمات "الحبيب محنوش" و توزيع "سمير العقربي" وقد قام بتلحينها بآلة البزق، ويقول عدنان الشواشي عن هذه الأغنية : «لو لم أقم بتلحين أغنية "عيبك" بآلة البزق، لكان من الممكن أن يكون اللحن مغايرا لما قمت به»الحمادي، محمد أنيس، عدنان الشواشي : دراسة تحليلية لبعض أعماله، رسالة ختم الدروس الجامعية لنيل شهادة الإجازة الأساسية في اختصاص موسيقى وعلوم موسيقية، إشراف نبيل عبد المولى، تونس، المعهد العالي للموسيقى، 2012، ص.16. عد ذلك جاء ولأول مرة التعامل مع الشاعر "الجليدي العويني" بأغنية "طاوعتك" في مقام العجم عشيران الذي نجده طاغيا في جميع تلاحين "عدنان الشواشي"، ويعود ذلك حسب قوله لتأثره كذلك بالموسيقى الغربية وعشقه لبعض الفنانين الغربيين في تلك الفترة، فنجد هذا المقام أيضا في العمل الموالي والذي يعد من أنجح أغاني "عدنان الشواشي" وهو أغنية "الليلة الليلة" التي اتسمت بسهولة كبيرة وجمال في اللحن وحركية كبيرة في الإيقاع وقد قام بتوزيعها "منير الغضاب" الذي كانت هذه الأغنية محطته الأولى في التوزيع، لقى هذا العمل استحسان المستمعين ومن دلائل شهرة هذه الأغنية اختيار المقدم المرحوم "نجيب الخطاب" هذه الأغنية لتكون أغنية جينيريك منوعته الناجحة التي استقطبت الملايين من المشاهدين "لو سمحتم"، كما قام "عدنان الشواشي" بتصويرها في كليب أخرجه "رياض الكعبي" وكان أول كليب تصوره وتسجله مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية. ومع بداية الألفية الجديدة وفي عصر ظهور الفضائيات وطغيان المال على الفن، وجد الفنان "عدنان الشواشي" كغيره من الفنانين صعوبات كثيرة للوصول بأعماله للجيل الجديد من المستمعين وذلك للدعم المالي الرهيب لبعض الفنانين المشرقيين، وإلى الدور الكبير الذي صارت تلعبه وسائل الإعلام والكليبات في التعريف بفنان ما، فوجد نفسه مع بعض الفنانين في سباق مع ناس مدعومين من شركات إنتاج كبيرة جدا، فقرر التوقف قليلا ومن ثم العمل على إنجاز أغاني جديدة تتماشى وما يوجد على الساحة، مع المحافظة على نفس الخصائص اللحنية والغنائية التي اعتادها الناس فيه والتي تمس مشاعر المستمع على غرار أغنية "كبرت" وأغنية "الناس آش جرالهم".

محمد أنيس الحمّادي