عبد العزيز العروي

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1898 - 1971م]

لشخصية الاذاعي والأديب والصحفي عبد العزيز العروي وقع خاص في وجدان التونسيين والمغاربة جميعا، تلك الشخصية التي كانوا يدركون من خلالها أبعاد الحياة اليومية، ويتعلمون من أسمارها الحكمة الشعبية والأمثال المتداولة في اللسان الدّارج. وتبدو لهم حكايات العروي بمنزلة موسوعة مبسطة تروي أساطير الملوك والسلاطين وملاحم الأبطال، وهي تبرز في مختلف تلويناتها وسياقاتها انتصار الخير على الشرّ ولو بصعوبات وبتضحيات كبيرة. كان عبد العزيز العروي يبدو قادما من أزمان غابرة، من أعماق "ألف ليلة وليلة"، فيكفي أنّ يدق على ناقوسه النحاسي الكبير ويقول: "يحكيو على سلطان كان في قديم الزمان..." لتنصت الاذان فإذا بالقصة تعالج قضايا اجتماعية وتسخر من مظاهر انهيار القيم، وتؤسس بذلك لتوازن اجتماعي جديد دون أنّ تفقد طابعها الفني الذي يعتمد الخيال وتوظيف التاريخ البعيد للانسانية حيث يشتبك الواقع بالأسطورة إلى حدّ يصعب التمييز بينهما. وللأديب عبد العزيز العروي تجربة رائدة في الصحافة والنضال الوطني. كتب بالعربية والفرنسية وترجم، واحترف النقد الفني والمسرحي، وحوكم من أجل آرائه. وُلد عبد العزيز العروي بالمنستير سنة 1898 وبها زاول دراسته الابتدائيّة ثم التحق بالمدرسة الصادقية بالعاصمة حيث اندمج في المحيط الاجتماعيّ، وتشرب روح النضال الوطني. فعمل في البداية بإحدى الادارات، ثم مستكتبا لدى محام بالعاصمة بعد أن طاف بمختلف جهات الجمهورية إلى جانب "القايد" الذي عمل معه في خطة كاتب. ومنذ سنة 1928 بدأ العمل في جريدة "النهضة" بعد أن تعرّف إلى مؤسسها المحامي حسن قلاتي، فتولّى ترجمة بعض الأخبار الصادرة بالصحف الفرنسية. وفي السنة ذاتها كلّف بالاشراف على شؤون الادارة والاشهار والطباعة بالجريدة إلى جانب مهامه في التحرير والترجمة. وفي أوت 1930 بادر عبد العزيز العروي بإصدار صحيفة إخبارية أسبوعية بالفرنسية عنوانها "الهلال". ولم تنضو هذه الصحيفة تحت لواء أي تنظيم حزبي أو سياسي آنذاك، غير أنها سعت إلى الدفاع عن تونسيين بمختلف فئاتهم، وعارضت تنظيم المؤتمر الافخارستي بتونس. وممّن شاركه الكتابة بنفس الصحيفة زميل دراسته محمد بدرة، لكنّ السلط الفرنسية سارعت إلى إيقاف هذه الصحيفة في 28 نوفمبر 1930 بعد أن صدر منها 13 عددا. في بعض الحوارات التي أجريت معه لاحقا تحدّث العروي عن هذه الفترة مقارنا بين الاعلام في الثلاثينات والأربعينات والاعلام في الستينات. فيقول: كلّ جريدة في الماضي كانت تشتمل على افتتاحية أي مقالة حول السياسة في البلاد وفي أغلب الأحيان كانت المقالة تهتم بالسياسة في الشرق. وكان الناس يهتمّون بالخصومات، فإذا اندلعت خصومة بين شخصين فإن القرّاء يقبلون على الجريدة، وتزيد في طبع أعدادها التي كانت في الطبعة الواحدة لا تتعدّى ألفي نسخة. وعند بعث الاذاعة التونسية سنة 1938 كان عبد العزيز العروي وجها من أبرز وجوهها وتولّى الاشراف على برامجها في قسمها العربي من سنة 1949 إلى سنة 1956. وظل العروي بعد الاستقلال رائدا فن القصّ والسمر بالاذاعة الوطنية التونسية، وواصل نشراته الاخبارية باللهجة الدارجة وكان قد بدأها منذ فترة الاستعمار.