«شجرة النخيل بتونس»: الفرق بين المراجعتين

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سطر 6: سطر 6:
 
* المنطقة القاريّة المتاخمة للصحراء وتضم جهتين مهمّتين:
 
* المنطقة القاريّة المتاخمة للصحراء وتضم جهتين مهمّتين:
 
الجهة الأولى: واحات [[قفصة]] والجريد
 
الجهة الأولى: واحات [[قفصة]] والجريد
 
 
* الجهة الثانية: واحات [[نفزاوة]]  
 
* الجهة الثانية: واحات [[نفزاوة]]  
  
سطر 17: سطر 16:
  
 
جارة، المنزل، شنني، وذرف، المطوية، مطرش، تبلبو، الحامة، وكان عدد نخيل هذه المجموعة سنة 1841 : 741 187 نخلة.
 
جارة، المنزل، شنني، وذرف، المطوية، مطرش، تبلبو، الحامة، وكان عدد نخيل هذه المجموعة سنة 1841 : 741 187 نخلة.
 
 
* واحات الجريد وقفصة: - منطقة قفصة:
 
* واحات الجريد وقفصة: - منطقة قفصة:
  

مراجعة 09:51، 29 ديسمبر 2016

تعتبر تونس إحدى البلدان المنتجة للتمور والمهتمّة بشجرة النخيل في شمال إفريقيا. فقد كانت موطنا لاستقرار الانسان الأول، وقامت فيها حضارة زراعية مبكّرة، تركزت بالخصوص على الأشجار المثمرة وأهمّها الزّيتون والنخيل. وتعدّ أرض تونس إحدى منابت النخيل المهمّة، وذلك لتوافر عنصرين مهمّين لنموّه فيها هما : التربة المروّية، والمناخ الحارّ والجافّ. والتربة في تونس جيّدة ليس فقط لانتاج نخيل التمر بل لانبات أفضل الأنواع على الاطلاق، فالمناخ الحارّ والجافّ يعدّ مناسبا جدا لغراسة أشجار النخيل، وخصوصا الأصناف الجيّدة منه بفضل وجود موارد مائية هائلة في مختلف الطبقات. وسواء أكانت هذه الشجرة وافدة على تونس، أم أصيلة، فإنّ الثّابت أنّ جذورها ضاربة في أعماق تاريخها الحضاري، إذ تؤكّد الرسوم على النقود البونيقية وجود النخيل، وهو ما يشير إلى أهمية هذه الشجرة في الحياة الاقتصادية لقرطاج الزّاهرة. وبرزت أهمية النخيل بعد قدوم العرب المسلمين الفاتحين لتونس، واستقرار بعضهم في حقب متفاوتة، بمناطق زراعة النخيل بالجنوب.وقد أشاد الرحّالة والجغرافيون المسلمون الذين مرّوا بجنوب تونس ومنهم ابن حوقل والتجاني بأهمّية وجود النخيل وكثرته في المناطق التي مرّوا بها. ويتبيّن ممّا ذكروه أنّ أشجار نخيل التمر تركّزت في جنوب البلاد بالتحديد في منطقتين:

  • المنطقة الساحلية : وهي تضمّ واحات قابس والجهات المجاورة لها
  • المنطقة القاريّة المتاخمة للصحراء وتضم جهتين مهمّتين:

الجهة الأولى: واحات قفصة والجريد

على أنّ أهمّ نخيل تونس كمّا وكيفا، يوجد في الواحات القارّية وهي واحات الجريد ونفزاوة.وتغطّي مساحة المنطقتين ثلث المساحة الجملية للواحات التونسية، ويتجمّع بها نخيل الدقلة ذو القيمة التجارية العالمية إضافة إلى أنواع أخرى هي أيضا ذات قيمة غذائية وتجارية عالية.

النخيل في تونس في العصور الحديثة

إنّ أوّل معلومات دقيقة عن النخيل بتونس في العصور الحديثة تعود إلى عهد المشير أحمد باي في منتصف القرن التاسع عشر، إذ قدّم لنا هذا الباي أول إحصائية لنخيل البلاد وذلك عندما أراد فرض ضريبة على أشجار النخيل في المناطق المنتجة له. وكان هدف الباي توفير المال لمشروعاته الاصلاحية المكلفة. فوظّف ضريبة على أشجار النخيل والزيتون سمّيت بقانون النخيل والزيتون. لذلك أصبحنا منذ تلك الفترة نعرف الكثير عن أهمية هذه الشجرة ودورها الاقتصادي والاجتماعي. وقد وضّح لنا الاحصاء عدد النخيل وأنواعه وجهات إنباته بكلّ دقّة ومن ثم حدّدت لنا الدفاتر الجبائية ثلاث مناطق هامة :

  • واحات قابس: تضمّ ثماني واحات هي :

جارة، المنزل، شنني، وذرف، المطوية، مطرش، تبلبو، الحامة، وكان عدد نخيل هذه المجموعة سنة 1841 : 741 187 نخلة.

  • واحات الجريد وقفصة: - منطقة قفصة:

تحصي الدفاتر فيها أربع واحات هي : قفصة، لالة، القصر، القطار. وكان عدد نخيلها سنة 1851: 142 34 نخلة.

  • منطقة الجريد : تضمّ أربع واحات أيضا هي: توزر، الوديان، الحامة، نفطة، وبلغ عدد نخيلها في نفس السنة أيضا : 676 775 نخلة.
  • واحات نفزاوة : تحصي الدفاتر نخيل هذه الجهة في 43 تجمّعا سكانيا واحيا بلغ عدده سنة 1852 ما يزيد قليلا على 000 300 نخلة.

ونلاحظ أنّ هذا الاحصاء عرّفنا على عدد النخيل المنتج وجهاته الهامّة بالبلاد وأبرز لنا ثلاث مناطق كبرى تعدّ وقتها : 559 297 1 نخلة.والعدد كما يبدو هامّ مقارنة بعدد سكان تلك المناطق في تلك الفترة التاريخية.

تطور غراسات النخيل في تونس خلال الفترة الاستعماريّة

شهدت غراسة النخيل تطورا ملحوظا منذ بداية الفترة الاستعمارية، وبرز هذا التطور في أوائل القرن الحالي على أيدي المعمّرين وذلك بعد أن أدرك هؤلاء أهمية زراعة النخيل في مناطق الجنوب بوصفها مصدرا للربح الرأسمالي. خاصة أنّ بعض القادمين منهم من المناطق الجزائرية المجاورة والمنبتة لهذه الشجرة كانوا قد اكتسبوا خبرة في زراعة أنواعه وكيفيّة الاستفادة منها، وبالذات نوع تمور الدقلة الذي دخل التصنيع وسوق التصدير بعد ظهور فئة من التجار الفرنسيين في مرسيليا تتحكّم في تجارة التمور بأوربا. واستفاد المستعمرون من السيطرة الاستعمارية بعد صدور أمر من الحكومة في 24 ديسمبر سنة 1885 بتأميم الموارد المائية السطحية والباطنية للايالة التونسية ومن ثمّ احتكرت المصالح الاستعمارية حقّ توزيع رخص التنقيب عن المياه واستعمال التجهيزات المائية. لذلك شهد قطاع النخيل بواحات الجنوب ابتداء من سنة 1905 تجديدا على مستوى الغراسات وعلى مستوى السقي، وبرز هذا التطور في الفترت الأولى في مجالين :

  • المجال الأول: التركيز على نشر نخيل الدقلة بطرق حديثة كانت مطبّقة بالجزائر (كتصفيف أشجار النخيل والتخفيض من عددها في الضّيعة الواحدة وتحسين طرق الريّ وخدمة الأرض).
  • المجال الثاني: تحدّد في إدخال التقنيات في التنقيب عن المياه واستعمال تجهيزات مائية جديدة في سقي النخيل تتناسب والمساحات المغروسة.

وكان لهذا التطوّر أثره الواضح في زيادة عدد أشجار النخيل الجيّد. ومن ثمّ أصبح يوجد في تونس قطاع نخيل عصري يهتمّ بغراسات الدقلة وتلبية حاجات السوق الخارجية، وقطاع نخيل تقليدي يهتمّ بالأنواع الأخرى لتلبية حاجة المواطن. ويشرف على القطاع العصري المعمّرون، ويسقى بمصادر مائية جديدة هي الابار الارتوازية. أمّا القطاع التقليدي فيهتمّ به الأهالي ويقوم حول العيون الطبيعية القديمة التي تأثرت مع مرور الأيام بعد الاكثار من حفر الابار الارتوازية في الفترة الاستعمارية بالنقص في المياه السطحية الجارية التي يستغلّها الأهالي في ريّ واحاتهم. وانعكس هذا التأثير على الانتاج الذي يديره الأهالي وبالتالي على أنشطتهم الفلاحية. وبرز التطوّر على مستوى الكمّ في عدد النخيل، ولكنّ الزيادة كانت واضحة في نخيل الدقلة أكثر من غيره. فقد كان عددها في نهاية القرن التاسع عشر لا يتجاوز 25 ألف نخلة بينما وصلت في 1920 إلى حدود 60 ألف نخلة. وتمّت التحوّلات في مرحلة ثانية في عهد الحماية على مستوى التصنيع والتسويق، فحتّى بداية الحرب العالمية الثانية كانت مرسيليا تحتكر تجارة التمور وتصنيعها في أوربا، حتى إنّ صناعة التمور في تلك المدينة وحدها ضمّت 6 آلاف عامل ووجد بها 50 معملا للتكييف. ممّا جعل تلك التجارة تحقّق مداخيل مهمّة وفرّت منها تمور الجزائر وتونس 60%.

أنواع النخيل وميزاتها بتونس

إنّ أهمّ ما يميّز غراسات النخيل وإنتاج التمور حاليا بتونس عن غيرها من الدول المنتجة - عدا الجزائر - هو جودة تمور النخيل بصورة عامة ووجود نوع تمور الدقلة بالذات على رأس هذه الأنواع. ونظرا إلى تعذّر حصر تلك إلى الأنواع جميعا وتعدّد ميزاتها في هذا المجال فإننا نكتفي هنا بذكرها بشكل عام دون الدخول في تفاصيل ونورد الاسمين الكبيرين: الدقلة، والمطلق. الدقلة : هذا النوع هو أجود أنواع التمور، ولا يتوفّر منه في العالم حاليا إلاّ في تونس والجزائر والولايات المتحدة. ولا نملك معلومات عن منبته الأصلي ولا عن بداية ظهوره بتونس. وكلّ ما نعرفه هو أنّه كان معروفا في القرن 19 كما ورد في الدفاتر الجبائية لدولة البايات الحسينيين قبل الحماية الفرنسية على تونس. وحتى النصف الأخير من القرن التاسع عشر لم يكن يمثل نسبة كبيرة قياسا إلى الأنواع الأخرى التي تدعى المطلق. ثمّ كان انتشاره بطيئا بعد ذلك بين السكان ولم يتحمّسوا كثيرا لغراسته، إمّا لجهلهم به بحكم جدّته أو لصعوبة الاهتمام بغراسته مع وجود ميزات أفضل في الأنواع الأخرى المنتشرة لديهم والمعروفة منذ القدم.

  • المطلق : هذا الاسم عام يطلق على عدد كبير من الأنواع غير الدقلة. وهذه الأنواع عديدة لا حصر لها أشهرها: العليق، الكنتة، الفرملة، الكسبة. ويضيق بنا المجال لتفصيلها لذلك نكتفي بإيراد ما تختلف به عن الدقلة بهدف توضيح الدور الذي تساهم به في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتأكيد أهميتها في هذا القطاع. وبالرغم من سيطرة تمور الدقلة حاليا على الانتاج والتسويق فإنّ الأنواع الأخرى بقيت موجودة حافظ عليها الفلاح لتلاؤمها مع إمكاناته وظروفه ولاتّصافها بعدة صفات هامة هي:
  • لا تتطلّب عناية كبيرة من الفلاح وذلك لتحمّلها نقص الماء والأسمدة.
  • تثمر بسرعة في مدّة لا تتجاوز ثلاث أو أربع سنوات.

لا تحتلّ أشجارها مساحة كبيرة بل يمكن أن تعيش وتثمر في جذوع مشتركة.

  • تنضج مبكرا ومن ثمّة تطيل موسم الجني العام للتمور.
  • تنتج كميات كبيرة أكثر من الدقلة ولا تتأثر بالعوامل الطبيعية.
  • لها قيمتها التجارية في الأسواق المحلية والوطنية وحتى العالمية.

أمّا نخيل الدقلة فله شروطه الخاصة للانتاج، إذ يتطلب الكثير من الجهد والعناية المكثفة من ذلك أنّه لا يتحمّل أي نقص في الماء أو السماد وهذا قد يصعب على المواطن العادي.

دور النخيل الاقتصادي

لقد تعزّزت مكانة النخيل في حياة الانسان بتطور الزراعات المختلفة في العصور الحديثة، وتعدد موارد العيش الزراعية العديدة وذلك باعتباره مورد عيش هامّ وعنصرا من عناصر الانتاج الغذائي في مواطن زراعته، لذلك تعتمد ثمار النخيل لدى عدد من الشعوب الفقيرة في كثير من الأوقات غذاء كاملا خلافا للثمار الأخرى وذلك لقيمتها الغذائية العالية. استفادت شجرة النخيل من الطرق العلمية الحديثة سواء بتفجير المياه، أو تجديد الغراسات، أو بتنوع فصائل نخيل التمر. وبذلك ازداد النخيل أهمية، خاصة بعد دخول إنتاجه ميدان الصناعات الغذائية والتقليدية وبالتالي اقتحامه لسوق التجارة العالمية، ثمّ بما أكّده العلم من القيمة الغذائية والصّحية لثمرة النخيل. ومن ثم بدأت غراسة النخيل تحتلّ مكانا ضمن مخططات التنمية الفلاحية حاليا في البلدان المنبتة لهذه الشجرة بكثرة إدراكا منها لفوائده المتزايدة في القطاع الفلاحي والاقتصاد الوطني. فبلغ عدد أشجار النخيل بتونس حاليا قرابة 000و2.400 نخلة منتجة للتمور منها 000و1.000 نخلة بواحة نفزاوة و000و1.400 بواحات الجريد.وبلغ الانتاج حاليا أكثر من 60 ألف طن للمنطقتين.كذلك يلعب قطاع النخيل حاليا دورا هاما في الاقتصاد التونسي إذ يحتلّ المرتبة الثالثة بعد الزيت والسمك وذلك بما يوفّره من مادة غذائية جيدة، ومن العملة الصعبة التي تبلغ قرابة 15% من قيمة الصادرات.وهذا الدور الذي يؤديه نخيل التمور في تونس يتمثّل في مستويين : المحلّي والوطني :

على المستوى المحلّي

يؤدي التمر دورا مهمّا في غذاء السكّان إذ يعتمد عليه محلّيا في فطور الصباح ثمّ يدخل في عدد من الوجبات، وتبرز أهميته في الربيع وشهر رمضان مع اللبن والحليب، ممّا جعل سكان الواحات يختزنون منه ما يحتاجون لهذا الغرض، وإلى وقت قريب يندر أن نجد أسرة لا تدّخر في المنزل التمور للأكل اليومي.

على المستوى الوطني

رغم أنّ تونس تعتبر منتجا صغيرا للتمور مقارنة مع البلدان العربية الأخرى إلاّ أن جودة تمورها تجعلها من أهمّ البلدان المصدرة للتمور في العالم إذ تحتّل المرتبة الرابعة في العالم بعد العراق والسعودية والسودان من حيث كمية التمور المصدرة. وتحتلّ المرتبة الأولى من حيث القيمة ورغم أنّ كمّية الانتاج في تذبذب نتيجة عدة عوامل الطبيعية منها خاصة، فإنّ مكانة تونس في سوق التمور ما فتئت تتدعّم وذلك لأنّ قيمة التمور التي تصدّرها تونس من النوع الجيّد في الغالب، ويعود ذلك إلى سيطرة تمور الدقلة التي تطوّرت وفاقت كلّ الأنواع الأخرى بعد التوجّه الوطني للاكثار من أشجارها، ثمّ بما تدعّم في تونس من معامل التبريد والتعليب. وهي عملية أساسية وضرورية لتحسين الانتاج وضمان رواجه في الأسواق الخارجية بأثمان مرتفعة. ومن أقوى الأدلة على ذلك ناهز إنتاج الدقلة في الستينات ربع الانتاج ثمّ ارتفع إلى النصف وما تزال نسبته في ارتفاع وهو يقارب حاليا 80%.

دور النخيل الاجتماعي

تساهم الواحات حاليا بدور نشيط في تونس، وذلك بتوفير مراكز الشغل القارة والموسمية بشكل لم يتوفّر في مناطق فلاحية أخرى. حتى أصبحت واحات النخيل بالجنوب منطقة جذب لليد العاملة خاصّة خلال موسم الجني الذي يتجاوز أربعة أشهر في الغالب. ولذلك ساهمت الواحات خاصّة بعد التوسّع الحديث في الغراسات، في تقلّص النزوح والهجرة اللذين تفاقما بعيد الاستقلال. ودعّمت الواحات حركة استقرار الرحل بالتقليل من الارتحال الدائم الذي كان سائدا بالمنطقة زمن الاستعمار. وبدأت اليوم حركة معاكسة في اتجاه النزوح، فتغيّر الاتجاه نحو مدن الواحات. وبالاضافة إلى ذلك ازدهرت فيها حركة الأسواق الأسبوعية في فصل الخريف والشتاء، ونشطت حركة المواصلات منها واليها. ويتجلّى لنا هذا الدور بشكل أوضح فيما يجنيه المواطن من فوائد مباشرة وغير مباشرة من النخلة نوجزها فيما يلي :

  • قيمة التمور الغذائية والصّحية.
  • نواة التمر وبقاياه مادّة مفضّلة لعلف الحيوانات في الشتاء وسنوات الجدب خاصّة.

بقايا العراجين تستعمل حطبا ومكانس وعلفا للابل.

ويستفاد من شجرة النّخيل ذاتها في شتى الأغراض الاجتماعيّة المحلية منها :

  • سعف النخيل مصدر لصناعات متنوّعة كصناعة المراوح والسّلال والسجّاد والطباق وأوعية أخرى عدّة متنوعة.
  • جريد النخيل مصدر مهمّ للحطب ومصدّات الرّمال وسياج للملكية والغرس الجديد.
  • يستعمل خشب النخيل في سقف المنازل والأكواخ وحتى أبواب البيوت.
  • تستخرج من "ليف" النخيل حبال متينة لأغراض متنوّعة.

يتمّ استخراج اللاقمي من النّخل وهو شراب مباح ولذيذ ويوفر موردًا ماليا للفلاّح.

وهكذا ساعد النّخيل وإنتاج التمور على توفير دخل قارّ للأسرة في مناطق الواحات، وبفضله وجدت حركية اقتصادية واجتماعية ميّزت الواحات بطابع خاصّ، أهمّ سماته التعلّق بالأرض والنخلة.أمّا الفائدة الصحّية في التمور فتثبت التحاليل الطبية الحديثة أنّه ذو قيمة غذائية عظيمة، مقوّ للعضلات والأعصاب، وهو من أصلح الأغذية لسهولة هضمه وسرعة تأثيره في تنشيط الجسم ينظف الكبد ويغسل الكلى ولا يمنع إلاّ على البدين والمريض بالسكري. وتضارع قيمته الغذائية ما لأنواع اللّحوم وثلاثة أمثال ما للسمك من قيمة غذائية مفيدة للمصابين بفقر الدّم وبالأمراض الصدرية، يحارب التراخي والكسل عند الصائمين والمرهقين. نتبيّن ممّا تقدم أنّ النخيل كان له دور حضاري بارز على امتداد تاريخ تونس وشاهد حيّ على استمرار الحضارة الزراعية فيها. وهو ما يزال إلى اليوم يواصل أداء دوره، ويحتلّ مكانة هامة في الاقتصاد الوطني. ويمثّل إنتاج التمور موردا فلاحيا ثابتا، متجددا متطورا بفضل ما يدرّه من فوائد تجارية عالية للمواطن والوطن. على أنّه بالرغم من المكانة التي أصبح يحتلّها إنتاج النخيل في المستوى المحلي والعالمي وبالرغم ممّا قدّم من الجهد في دفع هذا القطاع فإنّه مازال يحتاج إلى مزيد من العناية في الواحات القديمة بالخصوص لحاجتها إلى توفير المياه باستمرار وتحسين طرق الري القديمة وتجديد الغراسات. ويحتاج أيضا إلى مزيد من البحوث والدراسات العلمية الهادفة. سواء من جهة تحسين الانتاج، أو طرق الوقاية من الأضرار الطبيعية. وما تحقّق في هذا المضمار يعتبر متواضعا لا يتناسب مع الطموح في تدعيم هذا الانتاج وتطويره، خاصّة أنّ المياه الباطنية والأرض الصالحة للغراسة متوفرة.