رودلف ديرلنجي

من الموسوعة التونسية
نسخة 17:33، 23 نوفمبر 2016 للمستخدم Admin (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب' [1872 - 1932م] من الشخصيات الاستشراقية الأوروبية التي استوطنت تونس واهتمّت كثيرا بقضايا الفن الع...')

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1872 - 1932م]

من الشخصيات الاستشراقية الأوروبية التي استوطنت تونس واهتمّت كثيرا بقضايا الفن العربي، وفي مقدمته الموسيقى. شخصية البارون رودلف فرانسوا درلنجي Baron Rodolphe François d'Erlanger (1932 - 1872) الفنان البحاثة الذي كان له دور بارز في المؤتمر الأوّل للموسيقى العربية المنعقد بالقاهرة سنة 1932, وتولى بالتعاون مع كاتبه الباحث التونسي المنوبي السنوسي (1901 - 1966) وجمع آخر من الفنانين وشيوخ الموسيقى من تونس ومصر والشام إصدار ذلك المصنف المرجعي من ستة أجزاء باللغة الفرنسية الحامل لعنوان الموسيقى العربية La musique arabe الذي صار مرجعا ثابتا لدارسي كبرى قضايا الموسيقى العربية، وللباحثين في تاريخها.

ينحدر رودلف ديرلنجي من عائلة أوروبية ذات أصل ألماني وهو فرنسي المولد أنڨليزي الجنسية، وكان والده أحد أكبر الأسماء البارزة في القطاع المصرفي والمالي. وكان يعشق الفنون، وخاصّة الرسم منذ سنوات الطفولة والموسيقى. وصادف أن اعتلّ فبحث عن مكان يمتاز بنقاوة الهواء ليستعيد عافيته فلم يجد بعد جولة بضفاف المتوسط مكانًا راقه أكثر من ضاحية سيدي بوسعيد، تلك المنطقة التي تلتقي فيها روعة جمال الطبيعة بأناقة العمارة التونسية الأندلسية الأصيلة وبعمق الانتماء الروحي إذ ما سميت سيدي بوسعيد بذاك الاسم (وهي التي كانت تسمّى ب"جبل المنار" و"ربوة قرطاجنة") إلاّ بعد أن استقرّ بها الولي الصوفي سيدي أبو سعيد الباجي رفقة عدد مهمّ من كبار صوفية إفريقية في القرن السابع للهجرة/13م.

وقد اقتنى البارون رودلف ديرلنجي قطعة أرض ذات مساحة شاسعة ليشيد عليها قصره الذي اطلق عليه تسمية "نجمة الزهراء" (والذي تحول بداية من سنة 1992 إلى مقر مركز الموسيقى العربية والمتوسطية) ، وبدأ يمارس هوايته وهي الرسم، وقد أعانه الفضاء الطبيعي الساحر لضاحية سيدي بوسعيد على إبداع لوحات زيتية على الخشب وعلى القماش.

واندمج بسرعة مع المحيط الاجتماعي ضمن مجالس الفنّ التي كان يعقدها شيوخ المالوف بسيدي بوسعيد ومجالس الذكر والانشاد التي كان يعقدها الصوفية وعلى الأخص جماعة الطريقة العيساوية. وبدأت تنمو لدى البارون ديرلنجي فكرة إعداد عمل جامع حول الموسيقى العربية في مختلف أنماطها وضروبها، وفكّر في وضع مؤلف موسوعي يؤرّخ للموسيقى العربية ويعرف بأهم مصادرها النظرية التأسيسية، فدعا لهذا الغرض شيوخ الفنّ والمالوف آنذاك ومن أبرزهم الشيخ أحمد الوافي (1850 - 1921) ثم الشيخ محمد غانم (ت1940م) والشيخ خميس ترنان (1894 - 1964) وصالح الرفرافي الذي كان من أوائل من يحذق فنّ الترقيم الموسيقي بتونس، إذ درس بالمدرسة الحربية بباردو.

وشجّع البارون درلنجي الصحفي والأديب الصادق الرزقي (1874 - 1939) على وضع كتابه الذائع الصيت "الأغاني التونسية" , (1915) وانتدب المنوبي السنوسي مترجما وكاتبا خاصا مكلّفا بالبحوث العلمية وما يتّصل بالتوثيق في شؤون الموسيقى ومصادرها.

وفكّر البارون ديرلنجي في تخصيص قسم يتعلّق بالمقامات والايقاعات المتداولة في الشرق العربي فاستقدم للغرض علي الدرويش الحلبي (1880 - 1941) عازف الناي الذائع الصيت، وانطلق في تأليف كتابه الموسيقى العربيّة في ستّة أجزاء. وفي الأثناء برزت فكرة تنظيم المؤتمر الأوّل للموسيقى العربيّة.

وقد رحّب بهذه الفكرة الملك فؤاد الأول ملك مصر آنذاك، وتقرر عقد مؤتمر الموسيقى العربية في مارس - أفريل 1932 بمعهد الموسيقى العربية بالقاهرة، وتباحث البارون ديرلنجي مع الملك فؤاد الأوّل في أمر تنظيم هذا المؤتمر التاريخي والمرجعي. ولمّا أقعد المرض البارون ديرلنجي عن إتمام مهمته هذه واستعصى علاجه على الأطباء، عيّن العلاّمة المؤرخ حسن حسني عبد الوهاب (1884 - 1968م) على رأس الوفد التونسي الذي تكوّن من الفنانين والباحثين:

المنوبي السنوسي ومحمد غانم وحسونة بن عمّار ومحمد المقراني (مغنّ) ، وعلي بن عرفة (رق) وخميس العاتي (نغرزان) ومحمد بلحسن (مغنّ) . ويشار إلى أن هذا المؤتمر لم يهتم بالفن الشّعبي، وفي السنة ذاتها التي عقد فيها المؤتمر توفي البارون ديرلنجي ليترك أمر إتمام كتابه للبحاثة المنوبي السنوسي، علما أنّه لم يصدر منه في حياة البارون إلاّ الجزء الأوّل، وصدرت الأجزاء الأخرى تباعا إلى حدود سنة 1959 تاريخ صدور آخر جزء من هذا الكتاب، عن دار المكتبة الشرقية بول غوتنار بباريس.

ومحور الأجزاء الأربعة الأولى من هذا الكتاب ترجمة للفرنسية لكتاب الموسيقى الكبير للفارابي والرسالة الشرفية لصفي الدين الأرموي، والرسالة الفتحية للاّذقي، وشرح مولانا مبارك شاه لكتاب صفي الدين الأرموي الذي ينسب عادة إلى علي الجرجاني، وكتاب الشفاء لابن سينا رسالة في الموسيقى.

وصدر للبارون كذلك:

Au sujet de la musique arabe en Tunisie - (حول الموسيقى العربية في تونس) 1917 Revue Tunisienne .XXIV.