ديدون وإيني

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
ديدون

هما بطلا فيرجيل في تأليفه الشهير الأنياذة . (ENEIDE) وديدون هو اللقب الذي خلعه كل من انيوس (ENNIUS) وجستون نافيوس (JUSTIN NAEVIUS) وسافيوس (SEVIUS) على أميرة صور عليسات التي أصبحت عند اليونانيين تسمىّ عليسة. قصة تأسيسها لقرطاج جاءت في سجلّ كلّ هؤلاء وغيرهم بداية من تيمي (TIMEE) في القرن 3 ق م. وكل الروايات انطلقت من البداية نفسها (وهي قتل زوجها) واختتمت بالنهاية نفسها. وهي انتحار عليسة.

ارتبطت ديدون بحدث تأسيس قرطاج على شواطئنا وارتبطت كذلك بقصة حبّها لايني التي أبدعها خيال فيرجيل. وقد أذكت هذه القصة منذ العصور القديمة خيال الفنانين والشعراء. فأعادوا صياغتها في أعمالهم الفنية والأدبية. ومن أقدم اللوحات الفنية التي شخصت ديدون وإيني هي تلك التي اكتشفت في عدة منازل داخل موقع بونبي (POMPEI) الروماني في إيطاليا نذكر منها لوحة المنزل عدد 6 المحفوظة حاليا في المتحف الوطني بنابولي (NAPLES).

ويشاهد في جزء من أجزاء هذه اللوحة ديدون في قصرها جالسة على عرشها وبجانبها شقيقها ووصيفتها تنظر باكية إلى عشيقها إيني وهو يغادر شواطئ إفريقيا على متن باخرة. وتواصل الرسوم في القرنين 5 و6 تشخيص العاشقين في مشهدين يصور أحدهما لحظة فراقهما - وقد شُبّه العاشقان آنذاك ب Apollon و Diane - ويصور المشهد الآخر الخروج إلى الصيد. وقد شبّها آنذاك ب Dionysos و Ariane.

لوحة ديدون وإيني للرسام Pierre Narcisse Guérin

وشغف بحكاية العاشقين من غير الرسّامين أدباء كبار نذكر منهم أوفيد (ovide) وأغسطين (Augustin) وترتوليان (Tertullien) وجيروم . (jérôme) ولم تعد ديدون كما يلقبها الأفارقة آنذاك ملكة قرطاج فحسب. بل أصبحت رمز إفريقيا ولقبها عليسة (Ellissans) الذي أعطاه إياها سيليوس إيتاليكوس (Silius italicus) أصبح يقابله بينيكوس (Punicus). وفي أواخر القرون الوسطى اكتسحت رسوم الثنائي التآليف الأدبية خاصة منها الفرنسية والألمانية والايطالية. وفي القرن 15 أحصيت 12 تأليفا تحتوي على رسوم من الأنياذة (Eneide) منها التأليف الفرنسي عدد 8200 المحفوظ في المكتبة الوطنية الفرنسية.

وفي الساحة الأدبية أخذ تاريخ إيني مكانه منذ القرن 12 في التأليف الضخم الموسوم بالتاريخ القديم حتى فترة قيصر. في أواخر القرن 14 ظهر مؤلف مستقل عنوانه تاريخ إيني مسجل بالمكتبة الوطنية الفرنسية، يصور ديدون تنتحر بالسيف في حين يغادر إيني وحاشيته قرطاج على متن ثلاث بواخر. "إنني وفية لزوجي الأول ومستعدة أن أرمي بنفسي في النار فداء له عوض أن أرتبط بعشيق آخر ألزمني به فرجيل (Virgile) وهو إيني (Enée) الذي كان قد توفيّ 300 سنة قبل ولادتي". هذا ما جاء على لسان ديدون في الحوار الثالث للموتى القدامى من كتاب فنتونال (Fontenelle) الذي نشر سنة 1683. فبين سقوط طروادة Troie وتأسيس روما يأخذ عشق إيني لامرأة من قرطاج (وهو في الوقت نفسه عشقه لقرطاج) معانٍ سياسيّة. فقد حدّد مصير قرطاج بعشقه لديدون. وما شعور ديدون بالذنب إلا انعكاس لشعور بلدها بالذنب أيضا إزاء روما. لذلك يتحقق ثأرها مع الحروب البونيقية. وفي القرن 17 تأخذ ديدون مكانها بجانب سوفينيب (Sophonisbe) وكليوبترا (Cléopatre) اللتين عرفتا النهاية نفسها.

و في مطلع القرن التاسع عشر تهافت جيل آخر من الشعراء والكتاب مثل شتوبريان وفلوبر على إعادة اكتشاف موقع قرطاج حاملين معهم المشهد الذي تركه فيهم فرجيل (Virgile) حول ظروف تأسيس المدينة. وهي ظروف مأسوية ودموية. ولكنه أضفى عليها في الوقت نفسه مسحة غرامية حتى تبقى خالدة.