حسن الغربي

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1925 - 1999م]

يعتبر الفنان حسن الغربي من أكبر روّاد العزف على آلة القانون. فقد درس تقنيات عزفها في عصامية نادرة بقناة لا تلين على اعتبار أنّ تلك الالة تعدّ دخيلة على التخت العربي التقليدي التونسيّ. ففي عصر الفنان حسن الغربي لم يوجد إلاّ عدد قليل من العازفين، أغلبهم من الفنانين اليهود أمثال مْريْدخ سلامة وابنه يوسف سلامة. وقد انضم إلى فرقة الإذاعة التونسيّة سنة 1957، أمّا العازفون من المسلمين فإنهم يُعدّون على أصابع اليد أمثال محمّد الجبوزي - وهو أحد مؤسّسي الرّشيديّة سنة 1934 - والمرحوم حمّادي عبد الرزاق شهر حمّادي الحجّام الّذي يُعدّ من أبرز عازفي فرقة المعهد الرّشيدي. وللأمانة التاريخيّة نشير إلى أنّ آلة القانون لم تكن متداولة في القرن العشرين رغم أنها مذكورة في بعض الأشعار حيث وصفت بحمار التخت لأنها كانت الرّكيزة الأساسيّة في تعديل أوتار الالات الأخرى مثل العود والكمان فضلا عن تحمّلها وزر التنفيذ في دقة مصاحبة الوصلات الغنائيّة مثل التراثيات. ولا أدلّ على ذلك من أن فرقة الإذاعة التونسيّة قد استقدمت عازف القانون المصري فهمي عوض لمرافقة المجموعة الصّوتيّة في أدائها للموشحات الشرقيّة والأدوار المصريّة والقدود الحلبيّة. ومازالت تلكم التسجيلات موجودة بخزينة الصّوتيات لتقوم شاهدا على فترة الخمسينات من القرن العشرين. ولئن تحدّث المؤرّخ عثمان الكعّاك عن خاله أحمد الوافي في كتابه الّذي أصدرته الرّشيديّة سنة 1982 - وقد كان يعزف آلة القانون - فإننا لا نملك أيّ وثيقة تاريخيّة أو تسجيلات صوتيّة تدلّ على ذلك في حين أنّ الفنان خميّس الترنان قد عزف آلة القانون في بداية حياته الفنيّة ليتفرّغ بعد ذلك لعزف آلة العود برديفيها المشرقي والتونسي، كما عزف النفخيات مثل الناي تيمّنا بأستاذه السوري علي الدرويش الحلبي منذ سنة 1930. لذلك، عُدّ الفنان حسن الغربي من العازفين العصاميّين على تلك الآلة البكر خاصّة أنّه لم يكن يوجد أستاذ واحد لتدريس آلة القانون. وهي الآلة التي لم تدرج في البرامج التعليميّة للمعاهد الموسيقيّة في الثلاثينات والتي كانت حكرا على أفراد الجالية الأجنبيّة المقيمة ببلادنا. ولم يجد الفنان حسن الغربي أستاذا يدرّسه العزف على تلك الآلة عندما واصل دراسته الأولى بالمعهد الرّشيدي على يدي الموسيقار محمّد التريكي الذي كان أوّل أستاذ ينتصب لتدريس الموسيقى بالرّشيديّة غداة انبعاثها سنة 1934 وكان أحد مؤسّسيها. وقد صرّح الفنان حسن الغربي بأنه كان يتدرّب مع عازف الرّباب الدّكتور بلحسن قرزة على بعض المعزوفات مثل البشارف والسماعيات سنة 1947.

ولد حسن الغربي يوم 15 سبتمبر 1925 بحي باب الجزيرة بالعاصمة. وكان يعمل نجّارا وقد تكُون مهنته تلك سهّلت عليه صناعة تلك الآلة التي عشقها إلى حدّ الهيام. وبعد أن أكمل سنة 1947 دراسته بالرّشيديّة تحوّل إلى العاصمة الفرنسيّة سنة 1950 حيث بقي عازفا في بعض الفرق الموسيقيّة المغاربيّة التي كانت تضمّ عازفين من الجزائر والمغرب وتونس إلى سنة 1956 تاريخ إعلان الاستقلال. فكانت عودته النهائيّة إلى أرض الوطن.

وفي العاصمة الفرنسيّة كانت له عدّة لقاءات مع فريد الأطرش ومحمّد عبد الوهاب. وقد عمل مع صفيّة الشامية في مقهى المرحوم الفتوكي والد المطربة وردة الجزائريّة التي كان الجمّوسي يرعى خطواتها الأولى مع حسن الغربي الذي سجّل بعض المعزوفات المنفردة في صلب الأوركستر السّمفوني الفرنسي فضلا عن مرافقته للفنان محمّد الجمّوسي في تسجيل جلّ أغانيه. وفور عودته إلى الوطن سنة 1956 بادر بالانضمام إلى الفرقة البلديّة التي لم تستمرّ طويلا باعتبار أن جل عازفيها من الرّشيديّة وفي مقدّمتهم خميّس الترنان. لذلك، انضمّ حسن الغربي إلى فرقة الإذاعة غداة انبعاثها سنة 1957. وتولى قيادة الفرقة الموسيقيّة الثانية، كما تتلمذ للأستاذ الفنان المصري عطية شرارة الّذي كان مرفوقا بعازف القانون عبد الفتاح منسي وقد استقدمهما من مصر مدير الإذاعة آنذاك البشير المهذبي. وفي سنة 1975 نظّم المجمّع العربي للموسيقى مسابقة في الارتجال عزفا على القانون. فكانت الجائزة الأولى من نصيب الفنان حسن الغربي الذي فاز على بقيّة العازفين المشاركين من كل البلدان العربيّة.وعندما استعذب الاستقرار في الوظيفة الاداريّة لفرقة المحطّة تفرغ حسن الغربي لتطوير آلته المحبوبة من حيث تعديل الأوتار التي تجاوزت ثلاثة وسبعين وترا وتقنية استعمال الفرداش في نقر الوتر ونبره بالبنان.

وأسّس حسن الغربي فرقة موسيقيّة ضمت أبرز العازفين مثل عبد الحميد بن علجيّة بالناي وأحمد حمزة بالعود ومجموعة عازفين الكمان مثل عبد الرّزاق الصبّاغ وإبراهيم المناعي. وعُرفت تلك الفرقة باسم فرقة العصر. ولحّن لمطربة الجيل عليّة ذلك اللحن المميّز للحصّة الرّياضيّة الإذاعيّة "الرّياضة يا شباب قوة وصحّة للأبدان" كلمات الشاعر عبد المجيد بن جدّو. ولحّن أيضا للمطربة نبيلة التركي أغنية "العربية وعليها سالف عرضتني تملأ في القلة" تأليف عبد السّلام النوّالي وأغنية "يا تونس يا عزيزة عليّ" كلمات محمد النوري وغناء عمر العزالي وللمطربة صفيّة الشاميّة أغنية "ذنب أشكون قلبي حبّك" كلمات حمّادي مالك. وللهادي القلاّل أغنية "قلبي نار" وكلمات المختار فخري الّذي ألف له أغنية ثانية بعنوان "يا فايزة بالزين" غناء عز الدّين إيدير. وظلّ حسن الغربي مستقرّا في وظيفه الإداري بالإذاعة. وتفرّغ لرعاية ابنته سندة الغربي بطلة تونس في السّباحة آنذاك. وقد وجد فيها شبابه خاصّة أنّه كان من أبطال تونس في رياضة الجمباز. وتوفّي سنة 1999.