حديقة إشكل

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

الموقع الجغرافي

توجد الحديقة بسهل ماطر على مسافة 75 كلم شمال العاصمة وعلى 25 كلم جنوب غربي بنزرت وعلى 15 كلم من منزل بورقيبة وعلى المسافة نفسها من ماطر. وتتبع الحديقة من حيث التقسيم الاداري ولاية بنزرت.

المساحة

تغطي الحديقة الوطنية بإشكل مساحة 12.600 هكتار موزعة على النحو التالي:

جبل إشكل 1.363 هكتارا

بحيرة اشكل 8.500 هكتارا

المستنقعات 2.737 هكتارا

يبلغ ارتفاع أعلى قمّة للجبل 511 مترا فوق سطح البحر في حين ينزل مستوى سطح البحيرة من متر إلى مترين تحت سطح البحر في الصيف.


تأطيرها القانوني

الأمر الرئاسي عدد 1608 لسنة 1980 المؤرّخ في 18 ديسمبر 1980.

الحديقة

بحكم منظرها الطبيعي وتركيبتها الجيولوجية المتميزة وثروتها الحيوانية والنباتية التي لم يلحق بنظامها الفطريّ خلل يذكر، تكوّن الحديقة الوطنية بإشكل وحدة فريدة من نوعها بتونس وحتى بالمغرب العربي. تتكوّن الحديقة من جبل إشكل المنتصب في عزلة عمّا حوله وبحيرة إشكل والمستنقعات الجانبية المحيطة بها. مناخ المنطقة متوسطي شبه رطب، ويبلغ معدل الأمطار به 625 مم سنويا، وخاصية سيلان المياه بجهة إشكل تجعل منها منطقة رطبة ذات أهمية مناخيّة عالية. يربط وادي تينجة بحيرة إشكل بالبحر عَبْرَ بحيرة بنزرت، لذلك فهي لا تجفّ أبدا إذ تغذيها الأودية بمياه الأمطار شتاء وبحيرة بنزرت بمياه البحر صيفا. تعتبر المنطقة الرطبة بإشكل من أهمّ المناطق التي تشتو بها الطيور المائية القادمة من شمال أوروبا إذ تأوي كل سنة من 200.000 إلى 400.000 طائر، والأصناف الموجودة فيها أكثر من غيرها هي البط الصفّار Anas penelope، والعفّاس الأحمر Aythya ferina, وأبو مغرفة Anas clypeata، والحذف الشتوي Anas crecca، والغرّ Fulica atra، أمّا الأوزّ الأرمد Anser anser فبحيرة إشكل هي أهمّ محطة تشتو بها بشمال إفريقيا.

تعتبر أيضا منطقة إشكل مرحلة مهمّة لعدّة أنواع تشتو جنوب الصحراء، ومنها: الحذف الصيفي Anas querquedula، والحجوالة Philomachus pugnax، والبقوية السلطانية Limosa limosa، كما تعبر منها الآلاف من طيور الزرزور Sturnus والخطاف Hirundo وغيرها من الجواثم. وتوجد بها من ناحية أخرى بعض الأنواع النادرة كبط شوّال Oxyura leucocephala، والحذف المعرّق Anas angustirostris، والغرّة الزرقاء Porphyrio Porphyrio، وعدّة طيور معششة بالجبل أو بين قصب المستنقعات. وتأوي المستنقعات جاموس إشكل Bubalus bubalis والكثير من الضفادع والحشرات. أغلب ثدييات الحديقة من اللواحم باستثناء الخنزير البري Sus scrofa، والدلدل Histrix cristata. وسلق الماء Potamogeton pectinatus يُعْتَبَرُ من أهمّ النباتات بالبحيرة، أما المستنقعات فنجد بها القصب Phragmites، والسمار Joncus، وحلاّل الشواطئ (المصّ)Scirpus، كما نجد السرمقيات Salicornias بالأماكن المالحة.

تكسو المنحدرات الحادة لجبل إشكل غابة من الزيتون Olea europea والخرّوب Ceratonia siliqua، البرّيين، أما الأحراش الكثيفة أحيانا فهي مكوّنة من الذرو Pistacia lentiscus والعرعر الفينيقي Juniperus phoenicea, والقتم Phillyrea angustifolia, والسكّوم Asparagus acutifolius، والديس Ampelodesma mauritanica، كما نجد بها أيضا الكثير من النباتات الشائعة بإشكل مثل الفربيون (اللبينة)Euphorbes والكبّار Capparis spinosa، والبوحدّاد Erica arborea. وتظهر في الربيع بين هذه النباتات البرية المختلفة أنواع السحلبيات وبخور مريم والزنبقيات والسرخسيات. وتتدفّق في سفح الجبل عيون مياهها كبريتية ساخنة يؤمّها المواطنون للاستشفاء.

الحيوانات البرية

تشتو كلّ سنة بإشكل أكثر من 15.000 من طيور الأوز الأرمد التي تحطّ رحالها بالمنطقة في نوفمبر فتجد فيها الغذاء الكافي من براعم القصب والجذور الحلاّل وسلق الماء. وتغادر تلك الطيور المنطقة في كلّ آخر فيفري إلى بولونيا وتشيكيا وسلوفاكيا حيث تعشش بأعداد كثيرة.

  • تتحصّل مئات الآلاف من البط المهاجر في الشتاء بإشكل على قوتها اليومي المتكون أساسا من حبوب سلق الماء، وينتشر الكثير من هذا البطّ في مختلف سباخ البلاد التونسية وبحيراتها عند نزول أمطار في فصل الشتاء تكون كافية لتعبئة السّباخ والبحيرات.
  • وتعيش الغرة الزرقاء على الدوام بإشكل بين قصب ضفاف البحيرة، وهي من الأنواع النادرة التي تنتمي إلى عائلة التفلقيات Rallidés، ذات لون جميل أزرق مخضرّ ومنقار أحمر. وتمكّنها أصابعها الطويلة من التنقل بسهولة داخل المناقع فوق أغصان القصب وغيره من النباتات المائية الأخرى، وغالبا ما نجدها "مصوّرة" على لوحات فسيفساء العصر الروماني ببلادنا.
  • وتعشّش البلشونيات Ardéidés بإشكل كغيرها من الطيور الأخرى، ومنها ابن الماء الصغير Egretta garzetta، الذي يقيم عشه فوق كومة من القصب اليابس حيث تضع أنثاه من 3 إلى 5 بيضات. ويعيش هذا البلشون على أكل الحيتان الصغيرة الحجم والضفادع.
  • يشتو طائر الرخم Neophron percnopterus الأبيض اللون جنوب الصحراء، لكنه يعشّش في فصل الصيف بالمنطقة الجبلية وينجب مرة في السنة فرخا بلون بني فاتح. ويسمى هذا الطائر أيضا بالأنوق.

وتغري وفرة الغذاء - وهو هذه الأعداد الهائلة من الطيور والضفادع والحشرات - الكثير من اللواحم مثل بنات آوى Canis aureus، والنموس Herpestes ichneumon، والزيردة Genetta genetta، والسنانير البرية Felis libyca، للاقبال على المنطقة.

يوجد حجر الدلدل Histrix histrix بالجبل وسط الاجام أو بين الصخور والدلدل من القوارض الكبيرة الحجم التي تعيش على الجذور والعساقل، وتكسو ظهره أشواك تبلغ من 30 إلى 40 صم طولا يستعملها كحراب للدفاع عن نفسه، أمّا ذيله فتكسوه أشواك لا يتعدّى طولها 5 صم تحدث عندما يؤخذ الحيوان على حين غرّة فرقعة حادة.

  • ويعيش حاليا قطيع من جاموس الماء، سمّيناه جاموس إشكل، داخل المستنقعات. وكانت أنواعه سنة 1882 تعد بالمئات، غير أنّ مواصلة صيده بلا هوادة حتى سنة 1957 كادت أن تتسبّب في انقراضه فلم يبق منه سنة 1960 سوى ثلاثة رؤوس. وتمكنت الإدارة العامة للغابات من إعادة تكوين القطيع بفضل ما اتخذته من تدابير عاجلة للابقاء على هذا الحيوان الذي ظل أصله مجهولا إلى حد الان. وهناك احتمالان يفسّران وجود هذا الجاموس ببلادنا اذ يفترض الأول جلبها من الفينيقيين منذ أكثر من 2000 سنة خلت، في حين يفترض الثاني جلبها من الرومان بعد سيطرتهم على قرطاج.

أنشأ السلطان الحفصي أبو زكرياء يحيى الأول سنة 1240م محمية خاصة بالجاموس بإشكل. وتواصلت تلك الحماية في عهد البايات الحسينيين وأصبحت تسند مهمة رعاية الجاموس إلى شخص خاص برتبة قايد، ولذلك كانت تدعى الحيوانات آنذاك "بجاموس الباي". وعندما تلقى محمد الصادق باي قبل الحماية بعض رؤوس من الجاموس هديّة من إحدى أميرات صقلية أمر بإطلاقها بإشكل. يزن ذكر الجاموس الأسود اللون طنّا، وعندما يشتدّ الحرّ يقضّي الجاموس يومه في الماء حيث يمكنه أن يغطس فيه بعد غلق خياشيمه.

  • والقضاعة Lutra lutra، من اللواحم النادرة بشمال إفريقيا، تعيش بإشكل في منابت القصب أو بين صخور ضفاف البحيرة. وهي ليلية الطباع، وتكثر حركتها في الليالي المقمرة للبحث عن قوتها المتكون من السراطين والطيور والأسماك والفئران، كما أنّها ماهرة في السباحة والغطس وتساعدها في ذلك قوائمها القصيرة ذات الأقدام المكفّفة وذيلها الطويل الذي تستخدمه سكّانا وتضع الأنثى من 2 إلى 3 صغار بعد حمل يدوم شهرين.

النباتات البرية

منذ حوالي 3000 سنة كانت أغلب سهول الشمال التونسي وتلاله مكسوة بغابات طبيعية من أشجار الزيتون والخروب. ولتوفير مساحات جديدة للزراعة قُضي تدريجيا على تلك الغابات التي لم يزل جبل إشكل يحتفظ بعينة منها. وقد تأثر تكوين أشجار الزيتون البرّي بمفعول الرياح الشمالية - الغربية فأصبحت لها أشكال غريبة.أما ثمارها التي تنضج في الشتاء فتلتهمها الزرازير والعنادل وتلقي بنواها الذي يصبح قابلا للانبات بعد نقعه بمختلف الحوامض المعدية للطيور،وهكذا تتجدّد الغابة.

  • وتتكون الحراج السفلي الكثيفة لغابة الزيتون والخروب والذرو بإشكل من نباتات السكوم Asparagus acutifolius، والقندول Calycotome villosa، والعوسج، والخلنج Arbutus unedo، والكبّار.

وقد أحصى أكثر من 500 نوع من النباتات بالحديقة.

  • وتبرز في الربيع عدة زهور بين الصخور والأشجار أو بالمستنقعات كالزنبقيات Liliacées والربيعيات Crucifères والسوسنيات Liliacées، وما يزيد عن 13 من أنواع السحلبيات Orchidées، كما نجد بين الصخور بالأماكن الندية بعض أنواع السرخس Fougères النادرة.
  • والأورفيس Orphys نبتة من السحلبيات توجد في المواقع الرطبة من المنحدر الشمالي للجبل وتزهر بداية من جانفي حتى مارس، ولمظهر زهورها الذي يحاكي شكل الحشرات جاذبية على البعض منها.
  • وتوجد بالمستنقعات أو على ضفاف البحيرة منابت من القصب والحلال Scirpus والسمار Joncus كلها مخابئ للطيور.
  • والفربيون الشجراني Euphorbia dendroides من النباتات المميزة لإشكل، وهي شجيرة صغيرة لون أوراقها أخضر فاتح وزهرها أصفر.
  • وعلى طول الطريق المحاذية للجبل في اتجاه الشمال الشرقي مرورا بمأوى السيارات بحمام بالعباس حتى المتحف البيئي توجد الطرفاء الافريقية Tamarix africana وهي شجيرة تنبت بالمستنقعات وعلى ضفاف البحيرات تتحمل الرطوبة الدائمة بالأرض ونسبة من الملوحة، ولها أزهار عنقودية وردية اللون.
  • وسلق الماء من أهم النباتات المائية بإشكل يكوّن معاشب مهمّة ببعض جهات البحيرة.

ويعود الفضل إلى هذه النبتة في توفير الغذاء للآلاف من طيور البط التي تعيش على حبوبها وأحيانا على أوراقها أيضا. وبقاء هذه النبتة مرتهن بنوعية مياه البحيرة.

المعالم الأثرية

يعود اهتمام الانسان بمنطقة إشكل إلى ما قبل التاريخ نظرا إلى ما تشتمل عليه من كهوف ومغارات ومياه معدنية، ويؤكد ذلك ما عثر عليه بالقرب من عيون المياه الساخنة ومواقع الأضرحة القديمة من أدوات الصوان والسبج obsidienne، وهذه مادة بركانية جلبها القدامى إلى إشكل من جزيرة بنتلاريّا منذ حوالي 3000 سنة. وقد استقر الفينيقيون أيضا بإشكل، كما تؤكّده القطع الفخارية التي عثر عليها هناك. وتدلّ الاثار الرومانية التي يمكن مشاهدتها قرب مأوى السيارات بحمام بالعباس أن عيون المياه الساخنة قد استخدمت للاستحمام في العصر الروماني.

المتحف البيئي

يوجد المتحف البيئي في الطرف الشمالي الشرقي للجبل، وقد بني بحجارة الجبل نفسه. والمتحف هو في الوقت نفسه مركز للبحوث واستقبال الزوار وإرشادهم، وتوجد بقاعته الكبرى لوحات معروضة وبيانات وأشرطة مسجّلة تعرّف الجمهور بخاصيات إشكل. يمكن من موقع المتحف البيئي الاستمتاع بمشهد عام لمختلف مظاهر ضفتي الحديقة المتمثلة في مستنقعات جومين من جهة وبحيرة إشكل من جهة أخرى، كما يمكن من هناك مشاهدة الاوز الأرمد والبط الذي يمرّ على ارتفاع منخفض فوق المتحف وخطاف الشواهق وحتى البرني والعقاب. ويكون الوصول إلى المتحف انطلاقا من حمام بالعباس سيرا على الأقدام وعند قطع المسافة الذي يستغرق بضع دقائق يمكن الاستمتاع بمشاهد طبيعية رائعة. وقد هيّئت حول بناية المتحف أماكن للاستراحة، كما يمكن التجول بالحديقة عبر دروب ومسالك بها عدة نقاط لمعاينة النباتات والحيوانات البرية، ومنها المسلك الرئيس الذي ينطلق من المتحف حتى الطرف الشمالي الشرقي لجبل إشكل ومسلك آخر ينطلق من المكان نفسه حتى المغارة الموجودة بحوض عين العتروس في المنحدر الشمالي للجبل. وتحتوي هذه المغارة على رواسب كلسية هابطة وصاعدة وهي في الوقت نفسه تأوي عدّة حمائم وخفافيش. كما يمكن انطلاقا من مركز المراقبة بعين العتروس مشاهدة الغرة الزرقاء وهي تجوس بين القصب وكذلك القضاعة أحيانا.

تاريخ الحديقة

  • 1240: بعث محمية للصيد بإشكل في عهد الحفصيين
  • 1890: 1897 - 1903 - 1926: ترتيب منطقة اشكل تدريجيا ضمن ملك الدولة العام.
  • 1979: ترسيم إشكل في قائمة التراث العالمي الطبيعي من قبل منظّمة الأمم المتّحدة للتربية والثقافة والعلوم.
  • 1980: ترسيم إشكل بقائمة اتفاقية "رامسار" RAMSAR للمناطق الرطبة.
  • 1988: توأمة الحديقة الوطنية بإشكل مع الحديقة الوطنية بالقالة (الجزائر).