جامع الهواء

من الموسوعة التونسية
نسخة 13:33، 24 فبفري 2017 للمستخدم Bhikma (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث
جامع الهواء

يسمى أيضا جامع التوفيق. وهو من مآثر الأميرة الحفصية "عطف" زوجة أبي زكرياء وأم الخليفة المستنصر، سنة 650هـ الموافق لسنة 1252م. وقد أقيم هذا الجامع الحفصي في الحي السلطاني الذي كان يقطنه عدد من الأعيان وشيوخ الموحّدين وخدمة البلاط الحفصي. ويعرف هذا المكان أيضا فيما بعد ب "رحبة الغنم" وقد أنشئ على ربوة جنوب القصبة، واشتهر هذا المعلم الديني بروّاده من المتصوّفة والمرابطين والمتعبّدين الباحثين عن الخلوة والدّرس. وكان سبب تسميته ب جامع الهواء أيضا لحسن مناخه وارتفاع موقعه. وقد رتّب فيه المستنصر دروسا في العلوم الشرعية ومختلف الفنون خصّ بها عددًا من العلماء الوافدين من بلاد الأندلس، كما درّس به (بعد المستنصر) علماء من إفريقيّة مثل العالم الفقيه ابن عرفة وكذلك بعض تلاميذه. وأنشأت الأميرة "عطف" بجوار هذا الجامع مدرسة اشتهرت بنفس تسمية الجامع الأولى وهي المدرسة التّوفيقية التي كانت دارجة في العهد الحفصي. وكانت لهذا الجامع ومدرسته أوقاف كثيرة لتمويل النشاط الروحي والعلمي لهذا المُركّب الروحي والعلمي.

أمّا الجانب المعماري فيتمثّل أساسا في الصحن وهو مساحة مكشوفة مُسوّرة ودون أروقة على ثلاث جهات (الشمالية والغربية ثم الشرقية) عدا جدار القبلة. وقد اشتملت الزاوية الشمالية - الغربية للمعين المنحرف على صومعة مربعة ذات طابق وحيد يعلوه الجامور. مع الملاحظ أنّ هذا الجامع هو من صنف الجوامع التي اضطلعت بوظيفة عسكرية نظرا لموقعه الاستراتيجي الهام والمطلّ خاصة على الجهتين الغربية نحو الأراضي الغربية المنخفضة في اتّجاه الشمال الغربي والجزائر، والشمالية باتّجاه القصبة وما يليها من الأراضي المنخفضة في الهضاب الشمالية المؤدّية إلى بنزرت.

فالمنارة قامت بدور برج المراقبة ولايزال هذا الجامع يحتفظ بآثار بُرجيْن اسطوانيين في الزوايا. أمّا بيت الصلاة فهو مستطيل الشكل إلاّ أنّه يتميّز بجدرانه الخارجية الصلبة. وينقسم إلى سبعة بلاطات وستة أروقة، وجميعها مسقوفة بأقبية مُتصَالبة مدعّمة بعقود رافدة. أمّا الأعمدة فتختلف جذوعها من حيث الطول والقطر وطبيعة الحجارة المستعملة إذْ نجد المرمر والڤرانيت والحجر..وهي أعمدة جُلب أكثرها من المواقع الأثرية الرومانية، إضافة إلى بعض التيجان التركية وهي شاهدة على التجديدات في العهد العثماني. أمّا القبّة التي تعلو المحراب فهي مُبرّجة على شكل شبه بيضوي ميّزها عن النوع المتداول في قباب القرنين الرابع والخامس الهجريّين (العاشر والحادي عشر م).