تصدير

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

تحرص كل جماعة بشرية حية، تواقة إلى أن تكون لها شخصيتها الثقافيّة وطابعها الحضاري المميّز على أن تسجّل ذلك في مدوّنة تجمع ما تشتّت من ذاكرتها وتحتوي على ما تراكم عبر تاريخها المديد من إنجازات ومعارف وخبرات وإسهامات في شتّى مجالات الابداع الانساني لتتشكّل بذلك هويتها الثقافية وخصوصيتها الحضارية النّابعتان ممّا قدّمه المنتسبون إليها من حقبة إلى حقبة ومن جيل إلى جيل في سياق تاريخي وحضاري مترابط الحلقات مكين الوشائج منفتح على الدّوام على الاخر الثقافي بغاية الاغتناء بالجديد المتجدّد من المعارف والمكاسب والخبرات على أساس التواصل بين مختلف التجارب الحضاريّة.وقد عرفت البلاد التونسيّة من العهدين القرطاجنّي والرّوماني إلى الحقبة العربية الاسلاميّة وصولا إلى تاريخها الحديث والمعاصر، علامات مضيئة من العطاء السّخيّ والاسهام المثمر في الحركة الحضاريّة تمثّل في إنجازات عدّة شملت مختلف المجالات العلمية والأدبيّة والفنّية، وأصبح لزاما أن تكون لتونس موسوعتها التي تمثّل مستودع ذاكرتها وهويتها وديوان إنجازاتها وإسهاماتها في إغناء الفكر البشري والحضارة الانسانية التي انبنت على أساس الاتصال والتواصل مع الاخر، على أن تكون الأصالة مرتكزا والعقلانية منهاجا.وقد سبق للمجمع التونسي للعلوم والاداب والفنون "بيت الحكمة" أن خطا في هذا الاتّجاه خطوات تمثلت في إصدار خمس كراسات تجريبيّة خلال الفترة الفاصلة بين 1990 و1995 في إطار مشروع "دائرة المعارف التونسيّة" التي تلقّاها أهل الذكر من الجامعيين والباحثين بالقبول والاستحسان. ولكن استحقاقات المرحلة التاريخية الرّاهنة بما تميّزت به من ثورة معلوماتية هادرة، استوجبت إعداد تصوّر منهجيّ يقصد إلى إصدار "الموسوعة التونسيّة" ليأخذ بمقتضاها العمل السابق طابع التوسّع والدّقة والمنهجيّة العلميّة التي يتطلّبها العمل الموسوعيّ. وقد تشكّلت لهذا الغرض لجنة استشاريّة موسّعة منذ بداية 1996 وأوصت بالخصوص :

1) باعتماد ترتيب ألفبائي وموضوعاتي في الوقت نفسه.

2) بالترجمة للأموات من الأعلام دون الأحياء الذين مازالت مسيرتهم متواصلة وعطاؤهم مستمرّا.

3) بتوخّي الدّقّة والموضوعية وإعطاء المقالات أوفر الحظوظ المنهجية الممكنة.

4) بعدم ذكر أسماء أصحاب المقالات والبيبليوغرافيا المعتمدة في آخر كلّ مقالة لأنّنا أدخلنا على معظمها تغييرات وتعديلات قصد تلخيص بعضها وإغناء البعض الاخر. وهو يجعل مؤلّفيها لا يجدون إلاّ جزءا ممّا قدّموه، إذ لم يكن من الممكن نشرها كما هي. فالشكر لهم مسبقا على تفهّمهم.

وفي هذا الاطار، تمّت مراسلة أكبر عدد ممكن من الجامعيين والباحثين المختصّين ومديري المؤسسات الجامعية والدواوين ومراكز البحث والادارات المركزية للاسهام في تحرير المقالات أو لامْدَاد المجمع بالوثائق والمعطيات التي تستثمر في إعداد الموسوعة وفق المنهجية العلمية المطلوبة، في ضوء التوصيات المذكورة سابقا. فشكرنا العميق لكلّ من استجاب لنا وتجاوب معنا.

وتشكّلت، إثر ذلك، لجنة التحرير التي أوكلت إليها مهمّة التصرّف، بحسب ما تدعو إليه الضّرورة، في صياغة بعض المقالات وفق منهجيّة الكتابة الموسوعية التي تتطلب الايجاز والتركيز والتوازن والموضوعية، كما درجت على ذلك مختلف الموسوعات المنشورة في شتّى بلدان العالم. وانتهت هذه اللجنة التي استغرق عملها قدرا من الوقت غير قليل، واستدعى كثيرا من الجهد بالنّظر إلى كثافة المادّة وتشعّب المسائل المطروحة وتعدّد مجالاتها المعرفية وتفاوت مستوياتها، إلى إقرار بعض المقالات والتصرّف في البعض الاخر. وإنّنا مدركون تمام الادراك أنّ هذه الطبعة الأولى من الموسوعة التونسية تبقى على ما بذلنا فيها من جهد، دون المأمول. ولا حرج في الاقرار أنّ عملنا هذا قد ينطوي على بعض النقائص. وعلى ذلك فالباب مفتوح للزيادة والتنقيح في ضوء ما سيرد على المجمع من ملاحظات وتوجيهات، نحرص برحابة صدر على الاستنارة بها لتسديد العمل ودعمه في طبعات لاحقة. فالتجويد والتحسين لا ينتهيان والتوق إلى الأفضل مرتكز في الطبيعة العلمية لكل مشروع ثقافي. ختاما نتوجّه بجزيل الشكر ووافر الامتنان إلى كلّ المسهمين في إنجاز "الموسوعة التونسية" لما بذلوه من جهود. ونلفت عناية أهل الاختصاص من الجامعيين والباحثين إلى حاجتنا الأكيدة إلى آرائهم ومقترحاتهم التي ستكون نبراسا نهتدي به لتسديد هذا العمل ودعمه.

بيت الحكمة 2008