بشيرة بن مراد

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1913 - 1993م]

تعد رائدة النّهضة النّسائية في تونس في النصف الأوّل من القرن العشرين على الأخصّ، ذلك أنها استطاعت أن تبعث تقاليد العمل السّياسي والنّضالي الوطني وترسي دعائمه في حياة المرأة التّونسية، كما نجحت في أن تكون مثالا يحتذى في هذا المجال بمبادرتها إلى تأسيس أوّل منظمة نسائية تونسية سنة 1936، "الاتّحاد النّسائي الاسلامي التّونسي". ثم إنّها مضت مبكّرا ومنذ انبعاث هذه المنظّمة إلى الكتابة في الصّحف والمجلاّت والمحاضرة داعية إلى تَحْرير المرأة وضرورة تعليمها ومشاركتها الرّجل أعباء النّضال والمسؤولية والبناء، وكانت ضمن المجموعة المؤسّسة لمجلة "تونس الفتاة" تَدْعُو إلى تمتيع المرأة بحقوقها كاملة، وفي مقدمتها حقّ التعليم، مبرزة أن الإسلام جاء ليحرّر المرأة، وليسوي بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات.ولدت السيدة بشيرة بن مراد يوم 11 أوت 1913 في وسط عائلي ديني علمي، وهي ابنة أحد شيوخ الاسلام الحنفي المدرّس بجامع الزيتونة الشيخ محمد الصالح بن مراد (1881 - 1979) صاحب مجلة "شمس الاسلام". وتلقّت بشيرة بن مراد تعليما دينيّا وأدبيّا تقليديا عن بعض الشيوخ بجامع الزّيتونة آنذاك منهم: محمد مناشو وفرج عباس وجدّها أحمد بن مراد الذي كان يلقنها دروسا في الفقه والتفسير صحبة إخواتها شتاء بمنزل العائلة الكائن بتربة الباي بمدينة تونس، وصيفا بدارهم الكائنة بضاحية سيدي أبي سعيد.وبعد أن تعلّمت قواعد اللّغة العربية وقدرا من عيون الشّعر العربي تطلّعت إلى الكتابة والتّأليف وكانت تُمضي مقالاتها الأولى باسم مستعار، وكان الشّيخ محمّد مناشو وراء صقل موهبتها في مجال الكتابة والخطابة.وفي سنة 1929 تزوّجت بشيرة بن مراد بالشّيخ صالح الزّهار (ت 1952) وكان يشغل خطة عدل مبرّز، وقد ساندها في رسالتها وفي مسيرتها النّضالية. كان أوّل نشاط بارز للسّيدة بشيرة بن مراد هو تأسيس جمعيّة نسائيّة تضمّ شمل النّساء النّاشطات في الحقل الوطني والثّقافي بما يخدم القضيّة الوطنيّة ويرتقي بأحوال المرأة التّونسية، وكانت هذه الجمعيّة قريبة من الحزب الحر الدستوري (القديم). وكان تأسيس هذه الجمعية سنة 1936 برئاستها وعضوية السيّدات حبيبة حجّوج وأختها زينب وجليلة مزالي ونبيهة بن ميلاد ونجيبة القروي وحميدة بن مراد وبدرة بن مصطفى وحسيبة غيلب وتوحيدة بن الشيخ ونعيمة بن صالح وآسيا بن مراد. وانتظم مباشرة بعد تأسيس هذه الجمعية النّسائية استعراض نسائي كبير بالعاصمة تقدمته المناضلة بشيرة بن مراد وهي تحمل علم تونس، ثمّ بعثت لهذه الجمعيّة فروع مماثلة داخل أرجاء البلاد. وسعت هذه الجمعية إلى إقامة حفلات خيرية تجمع فيها المساعدات لطلبة شمال إفريقيا من أبناء المغرب العربي الذين كانوا يزاولون دراستهم بفرنسا. وأوّل حفل أقيم في هذا الاطار كان سنة 1937 بدار الفراتي الكائنة بنهج المستيري بباب سويقة، وقد أشرف على هذا الحفل الزّعيم المنجي سليم، وتلا ذلك حفل آخر بسيدي بوسعيد بدار المؤرّخ الأديب عثمان الكعّاك، ونظّمت الجمعية حفل تكريم للطّبيبة توحيدة بن الشيخ إثر عودتها من فرنسا بشهادة الدّكتورا في الطبّ، وعقب ذلك نظّمت حفلة خيريّة بدار الخلصي بتونس. وقد أسهمت هذه الجمعية في دعم النشاط الذي يقوم به فرع الاخاء الطلاّبي بالقيروان وبتونس وألقت السّيدة بشيرة بن مراد صحبة الشّيخيْن محمد المختار بن محمود ومحمود شمام محاضرات على منبر جمعيّة الاخاء القيرواني، دعما للمبادرات الخيريّة لهذه الجمعية. وتوالت مشاركات السّيدة بشيرة بن مراد في مجلّة "شمس الاسلام" منذ صدور عددها الأوّل في 14 مارس 1937 فكتبت مقالا حول "تعاون المرأة والرجل" وإلى غاية العدد الثّامن والأخير، كما كتبت في "تونس الفتاة" حول "المرأة والتعليم". وتميّزت بشيرة بن مراد بنظرتها المعتدلة إلى مسألة حرية المرأة. فقد أوضحت قائلة: "وليست الحرية والمساهمة في الحياة الاجتماعية بابا تلجه المرأة إلى عالم الانحراف، بل عليها أن تتمتّع بحريتها مع حفظ كرامتها وصون عفافها". توفيت في 5 ماي 1993.