النعمان بن محمد
[توفي سنة 363هـ/974م]
هو أبو حنيفة النعمان بن أبي عبد الله بن محمد بن أحمد بن حيون التميمي المميّز لدى الاسماعيلية بالقاضي النعمان عن صاحب المذهب الحنفي. عاصر الفاطميين في إفريقية وخدم عبيد الله الفاطمي حوالي سنة 313هـ/930م. وفي أيام المهدي والقائم والمنصور عمل على حفظ تراث مذهبه ونشره. وفي أيّام القائم تولّى القضاء بطرابلس وكذلك في أيّام المنصور والمعزّ بالقيروان قبل الرحيل إلى مصر وقال عنه ابن خلكان أنّه كان رئيسا للقضاء كما كان داعيا للمذهب الإسماعيلي بكثرة مؤلّفاته فيه وفي المناظرة والتأويل والسيرة والتاريخ والوعظ بما يفوق الأربعين كتابا، لم يبق منه اليوم أكثر من النصف، أهمّها كتاب دعائم الاسلام في ذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام في مجلّدين بحجم سبعمائة صفحة للواحد. وهو العمدة اليوم في اليمن والهند. وفيه زاد على قواعد الاسلام الولاية والطهارة.وقد أسهب الدعاة المتأخّرون بدءا بالداعي عماد الدين إدريس مؤلّف "تاريخ الدولة الفاطمية" في مدحه حتى رتّبه الداعي حميد الدين الكرماني الفارسي في كتابه "راحة العقل" بعد القرآن والحديث.
ومن أهم مؤلفات النعمان كتاب الايضاح في مائتين وعشرين كرّاسا، والينبوع، ومختصر الاثار، والطهارة، ومختصر الايضاح، وكيفيّة الصلاة، ومنهاج الفرائض، واختلاف أصول المذاهب، وأساس التأويل، والعقيدة المختارة، وشرح الأخبار وغيرها من الكتب مع رسائل في الردّ على الشافعي وابن قتيبة وأحمد بن سريح البغدادي. والمتداول من كتبه افتتاح الدعوة وابتداء الدولة (تحقيق وداد القاضي، بيروت، ط2 تحقيق فرحات الدشراوي تونس 1975، 143+396ص)، والمجالس والمسايرات (تحقيق الحبيب الفقي وإبراهيم شبوح ومحمد اليعلاوي، تونس ص 658 ،1978)، والهمّة في آداب اتّباع الأيمّة (مختارات منه ترجمها إلى الانڨليزيّة Mustali وضىعوقن، باكستان 1950) والاقتصار (تحقيق وحيد ميرزا، دمشق 1957) ودعائم الاصلاح (تحقيق Fyzee, القاهرة 1952) وأسرار التأويل (تحقيق عارف ثامر، بيروت 1980) والأرجوزة المختارة (تحقيق Poonawala, مونريال، ص 366 ,1970) وتربية المؤمنين أو تأويل دعائم الاسلام (تحقيق عادل عوّا، دمشق 1958).
ويعدّ "الافتتاح" مرجعا أساسا عن انتشار التشيع انطلاقا من سيرة أبي عبد الله الداعي الصنعاني وبداية حكم عبيد الله المهدي. ويعتبر كتاب المجالس والمسايرات وثيقة مباشرة عن الدور المغربي من تاريخ الفاطميين من خلال سير المهدي والقائم والمنصور والمعزّ. وفيه استقصاء لأحكام أئمّة من آل البيت مثل جعفر الصادق وأبيه محمد الباقر وجدّهما علي بن أبي طالب، وردّ على خصوم المذهب الاسماعيلي. وتبرز في الكتاب شخصيّتا النعمان قاضيا وفقيها والمعزّ عبقريّا على صغر سنّه. وفيه أيضا رسائل وأخبار تكشف عن علاقات الفاطميين بأمويي الأندلس والبيزنطيين. من ذلك تفاصيل تتعلّق بمسلمي جزيرة إقريطش (Crète) الذين كانوا تحت حكم العباسيين يستنجدون بأعدائهم الفاطميين لحرب البيزنطيين وهو ما يدلّ على قوّة الدولة الفاطمية وطرائف كالتي كشفت اختراع قلم الحبر بأمر المعزّ.
أمّا كتاب "الهمّة" فقد احتوى - كما دلّ عليه عنوانه - على القيم الأخلاقية الواجبة على أتباع الأئمّة كالتواضع والحلم والوفاء والجهاد معهم ودفع الخمس من الأموال إليهم وما يقابلها لدى الأيمّة كالتقوى والمعرفة وحسن سياستهم لأتباعهم والعدل بينهم. وكأّنّ النعمان قاضي قضاة الاسماعيليين أراد بهذا الميثاق نشر التشريع الاسماعيلي. ولا غرو إذ كان الساعد الأيمن للمعزّ ولسانه حتّى إذا مات القاضي بمصر في جمادى الاخرة سنة 363هـ/974م صلّى عليه الإمام وورّث أبناءه زعامة الدعوة.
