«الموشحات التونسية»: الفرق بين المراجعتين

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سطر 1: سطر 1:
الموشح أو التوشيح وجمعهما موشحات وتواشيح ومنهما عنوان كتاب "جيش التوشيح" للشاعر الوزير لسان الدّين ابن الخطيب صاحب الموشح الشهير:
+
الموشح أو التوشيح وجمعهما موشحات وتواشيح ومنهما عنوان كتاب "جيش التوشيح" للشاعر الوزير لسان الدين ابن الخطيب صاحب الموشح الشهير:
 
<poem>
 
<poem>
 
جادك الغيث إذا الغيث هَمَا  
 
جادك الغيث إذا الغيث هَمَا  

مراجعة 09:57، 28 ديسمبر 2016

الموشح أو التوشيح وجمعهما موشحات وتواشيح ومنهما عنوان كتاب "جيش التوشيح" للشاعر الوزير لسان الدين ابن الخطيب صاحب الموشح الشهير:

جادك الغيث إذا الغيث هَمَا
يا زمان الوصل بالأندلس
لم يكن وصلك إلاّ حلما
في الكرى أو خلسة المختلس

وهو أرقى ما وصل إليه الشعر العربي كما قال العلاّمة التونسي ابن خلدون.

اعتبر الموشح من سلالة فنون القول الأربعة.والموشحات، هو جمع موشّح وتوشيح يجمع على تواشيح ولعلّ الميزة التي تميّز كلّ منهما هو أن يكون الموشح غزليّا في حين يكون التوشيح دينيّا. أمّا سرّ تسميتهما بالموشحات فهو من باب التشبّه بالوشاح أو القلادة التي تضعها المرأة وتكون حبّاتها في نسق تنظيم الحجارة الكريمة كاللؤلؤ والجوهر فيتفنّن الجواهري في ترتيب تلكم الدّرر تركيبا محكما يرتضيه الذوق السّليم والحسّ المرهف وقد يبدأ بحبّتين من نوع واحد ثمّ ثلاث من نوع آخر فواحدة من نوع ثالث.

ويمتاز الموشح بنظام التداول بين القفل، أي المذهب والطالع والأبيات أي الأدوار، وبالخرجة التي تكون في آخره إمّا بالعاميّة أو بالاسبانيّة ومثال ذلك يأتي في موشحة ابن سهل الاشبيلي والملحّنة في نوبة رمل الماية ووزن الخفيف وهي مصطلحات تقرب من بحور الشعر مثل بحر الرّمل ثمّ بحر الخفيف.

أمّا عن نشأة هذا النوع من الشعر العربي فقد اختلفت حوله الرّوايات فمن المؤرّخين الّذين يعتقدون أنها مشرقيّة المنبت في حين يرى آخرون أنّ الموشحات قد نشأت في بلاد الأندلس وكانت نتيجة انصهار الثقافتين العربية الاسلاميّة والاسبانيّة المسيحيّة ولا أدلّ على ذلك أن الكلمة الأخيرة في الموشح تعرف باسم اخرجةب وهي إمّا بالعاميّة أو الاسبانيّة.

ولئن أشار العلاّمة التونسيّ ابن خلدون في المقدّمة والمقّري في كتابه "نفح الطّيب" وابن خلكان في كتابه "وفيات الأعيان" إلى أن مخترع الموشح هو مقدم ابن معافر القبري الضرير شاعر الدّولة المروانيّة في القرن الثالث للهجرة/التاسع الميلادي فإنّ مؤرّخي الأدب العربي في المشرق يزعمون أن تلكم الموشحات هي بضاعتنا رُدّت إلينا باعتبار أن أوّل من نظم الموشحات في المشرق هو ابن المعتزّ المتوفّى في القرن الثالث الهجري.

وهكذا فنحن أمام روايتين إحداهما تنسب نشأة الموشح في بيئته الأندلسيّة في حين تنسب الرّواية الثانية نشأة الموشح في بيئة المشرق العربي باعتبار أن الأغراض الأدبيّة في فنّ الموشحات لا تخرج عن المدح والهجاء والغزل وهي أغراض متداولة كأغراض الشعر العربي بالمشرق قبل بروزها ببلاد الأندلس.

كما أنّ أصحاب الرّواية الأولى يؤكّدون أن ابن عبد ربّه صاحب كتاب العقد الفريد المتوفيّ في سنة 328 هجرية قد تتلمذ على يديه مبدع الموشحات في الأندلس وهو ابن معاف الفريري الذي كان يعيش مثل المعتزّ في القرن الثالث للهجري.

ولئن اتحدت الرّوايتان بخصوص البعد الزماني أي القرن الثالث الهجري فإنهما تختلفان في إسناد المبادرة الأولى للمعتزّ المشرقي أو مقدم الأندلسي.

على أنّ الجميع قد أجمع على الشاعر الأعمى التطيلي المتوفّى سنة 520هـ، في حين أننا لم نظفر بأيّ توشيح لمقدم ابن معافى فضلا عن الاختلاف في رسم اسمه، فتارة ابن حمّود القبري الضّرير وتارة أخرى مقدم ابن محمود ابن معافى القبري نسبة إلى مدينة قبرى بالأندلس.

على أن أبرز الوشّاحين بالأندلس هو الحكيم أبو بكر ابن باجة الذي مدح أمير سرقسطة فأكرمه وأقسم أن لا يعود إلى بيته إلاّ مشيا على الذهب، لكن الشاعر الحكيم قد خشي حسّاده فاقتصر على وضع قطعتين فقط من الذّهب في عقبي نعله حتى لا يكذّب قسم الأمير.

أمّا عن البناء الهيكلي للموشح فيحدّثنا عنه ابن سناء الملك المتوفى سنة 608هـ في كتابه دار الطرّاز في صناعة الموشحات وأنواعها بقوله:

الموشح أقفال وأبيات ويُحدّد عدد كلّ منهما حيث سمّي الموشح الذي يبدأ بالأقفال "الموشح التامّ" والّذي يبدأ بالأبيات "موشح أقرع".

ويُردّد القفل في الموشح التامّ ستّ مرّات وخمس مرّات في الأقراع في حين أن البيت لابدّ أن يتردّد في التام والأقرع خمس مرّات. ومهما يكن من أمر فإن الموشح وخاصّة منه النعماني هو أرقى ما وصل إليه الشعر العربي من كمال وجمال كما يقول العلاّمة ابن خلدون: وسواء ظهر الموشح بالمشرق أو الأندلس فإن الموشح يراعي جانب التلحين من حيث الترنمات والاهات والارتجالات اللحنيّة والتصرّف النغمي في الأداء.

اتصل الموشح بالثقافة الأوروبيّة من خلال الأندلس وتأثر بالمياه العذبة والعصور الفخمة التي بناها ملوك الطوائف وانشغلوا بالأدب والطّرب عن السّياسة والحكم فكانت الأندلس مهد الموشح ومُلهم وشّاحيه وتسبّبت في ضياع ذلك الفردوس المفقود في الأصالة الحضاريّة العربيّة الاسلاميّة التي أشعّت على إسبانيا الأندلسيّة طوال ثمانية قرون. أمّا إذا كان الموشح قد كتب بالعاميّة فإنه يتحوّل إلى زجل يحتضن هو الاخر خرجة أو قفلة بالعاميّة أو الاسبانيّة في حين أنّ الشغل هو ضرب من الموشحات يوشح بمفردات باللهجة التركيّة تفرضها الدّباجة اللحنيّة في إطار المحسّنات البديعيّة لتلكم المآثر التراثيّة في رصيد الحضارة العربيّة الاسلاميّة.

الوشاحون التونسيون

أمّا الوشّاحون التونسيّون فقد تأثّروا بالابداعات الشعريّة للوشاحين الأندلسيّين مبنى ومعنى ومغنى باعتبار أن مرجعيتهم هي أمّهات المصادر المعياريّة، لعلّ أبرزها كتاب "جيش التوشيح" للوزير الأديب الأندلسي لسان الدّين بن الخطيب ودار الطرّاز لابن سناء الملك.

لذلك، نسجوا على منوال التواشيح الأندلسيّة من حيث هيكلتها البنائيّة كالأقفال والأسماط والأدوار والأبيات، وحافظوا على تسميات الموشّح بين نُعْماني وأقْرعْ وتامّْ.

كما حافظوا على الوحدة الايقاعيّة من حيث التفعيلة العروضيّة والجرس الموسيقي لمآثرهم الشعرية الموسيغنائيّة. وهكذا جمع الوشاحون التونسيّون بين صناعة الشعر وفق المنظوم الخلدوني وصناعة الألحان على حدّ قول بن سينا في رسالته الشفاء. لذلك غلب على الأغراض الأدبيّة لتواشيحهم الغزل الحالم واللحن النّاغم لوجه ناعم وثغر باسم. فلا غُرْو أن يقتفي الوشّاحون التونسيّون أثر الوشاحين الأندلسيّين ويبدعون في معارضة آثارهم الأدبيّة.

وفي هذا السّياق الأدبي والتاريخي تبرز المعارضات الشعريّة التي تميز بها توشيح ابن سهل الاشبيلي الأندلسي والذي ورد لحنا في نوبة رمل الماية والايقاع الخفيف وطالعه:

هل درى ظبيُ الحمى أن قد حمى

قلب صبّ حلّه عن مكنس

فهو في حرّ وخفق مثلما

لعبت ريح الصّبا بالقبس

وعارضه الأديب الوزير لسان الدّين بن الخطيب بموشح جاء فيه:

جادك الغيث إذا الغيث هما

يا زمان الوصل بالأندلس

لم يكن وصلك إلاّ حلما

في الكرى أو خلسة المختلس

أمّا المعارضات التونسيّة فهي عديدة مثل معارضة الشاعر محمد قبادو في كتاب الباشي تأليف حمودة بن عبد العزيز (1202هـ/1788م) وتحقيق محمّد ماضور، نشر الدّار التونسيّة للنشر (1970 انظر صفحة 21) وأيضا موشّح ابن الخلوف 1504هـ (قابل الصّبح الدّجى فانهزما) كذلك الشّأن بالنسبة إلى الشاعر التونسي نورالدّين صمّود في توشيح من نوع التّام:

أيّها الشادي الذي غنّى كما

كان أهْل الفنّ في الأندلس

إنّ رُوحي تشتهي نغما

كرحيق في ثغور الأكوس

وينبغي الاشارة إلى أنّ أشهر المعارضات قد بلغت مائة قصيدة معارضة، انطلقت من الشاعر الحُصري القيرواني صاحب:

يا ليل الصّبّ متى غده أقيام السّاعة موعده

ثم الشاعر المصري أحمد شوقي :

مضناك جفاه مرقده وبكاه ورحّم عوّده

مولاي وروحي بيده قد ضيّعها سلمت يدهُ

ناقوس القلب يدقّ له وحنايا الأضلع معبده

ثمّ الشاعر أبو القاسم الشابي في قصيد لحّنه محمّد سعادة. وكذلك مصطفى خريّف في:

العهد هلمّ نجدّده فالدّهر قد انبسطت يدهُ

وقد وجد طريقه إلى التلحين من قبل الموسيقار المصري الرّاحل عبد العزيز محمّد، فضلا عن قصيده حورية الموج ألحان وغناء لوردكاش، فلا غُرْو أن يتنافس الوشّاحون التونسيّون على معارضة موشّحة ابن سهل الاشبيلي التي لئن وردت ملحّنة في طبع تونسيّ وهو رمل الماية فإنّ معارضة لسان الدّين ابن الخطيب قد لحّنت واشتهرت بصوت فيروز التي غنّت أيضا قصيدة أبي حسن الحصري القيرواني في توزيع للأخوين الرّحباني.

كذلك الشّأن بالنسبة إلى موشّح تونسيّ ملحّنه مجهول الهويّة وتأليفه مشرقي لصفي الدّين الحلّي:

كلّلي يا سحب تيجان الرّبى بالحلي

واجعلي سوارها منعطف الجدول

كما توجد رواية مصريّة لذلك الموشّح مثلتها الفرقة المصريّة للموسيقى العربيّة بإدارة عبد الحليم نويرة، الأمر الذي جعل المشارقة يقولون "إن الموشّحات الأندلسيّة بضاعتنا رُدّت إلينا".

لكنّ العلاّمة التونسيّ عبد الرحمان ابن خلدون يؤكّد أن الموشّح إبداع أندلسي، يعود إلى مخترعه الأوّل الوشّاح حمود القُبْري، وبرز فيه الوشّاح الضرير الأعمى التطّيلي صاحب الموشح الشهير: باسمٌ عن لئال.

على أنّ رصيد الأدب التونسي من الموشّحات مازال يرْفُلُ في حلل الثّراء الابداعي والحسّ الامتاعي لكثرة الوشّاحين لعلّ أبرزهم ابن الخلوف، توفي حوالي سنة 910هـ/1504م مثلما أشار إلى ذلك الباحث التونسي هشام بوقمرة الّذي نفض الغبار عن خمسة تواشيح وهي على التوالي:

1 - نبّه النائم تغريد الحمام 2 - أحدق الفجر عين السّحر بلهيب الصّباح 3 - جرّد الأفق صارم الفجر من جبين الغسق 4 - شقّت يدُ الاصباح من الدّجى الأستار 5 - ما سلّ من أسود المحاجر بيض بماالموت مستباحُ

على أن الوشّاح ابن خلوف قد سبقه الشاعر ابن شرف أبو عبد الله المتوفّى نحو سنة 570 هـ وهو ابن شرف الحفيد وله موشّح طالعه :

يا ربّة العقد متى تقلّد بالأنجم الزهر ذلك المقلّد
الموشّحات التونسيّة في ألحان تونسيّة

حظيت الموشّحات التونسيّة التي أبدعها الوشّاحون التونسيّون بصياغة لحنيّة أضفاها الملحّنون التونسيّون، لعلّ أبرزهم الشيخ أحمد الوافي وهو خال المؤرّخ عثمان الكعّاك الّذي ألّف عنه كتابا قيّما أصدرته جمعيّة المعهد الرّشيدي سنة 1982 في عهد رئيسها الأسبق عبد القادر بوسحاب.

وقد ضمّ ذلك الكتاب جل المآثر الابداعيّة لأحمد الوافي، لعل أبرزها ذلك الموشّح الّذي ألفه علي الغراب الصّفاقسي المتوفّى سنة 1183 هجرية وطالعه:

يا لقومي ضيّعوني ورأوا قتلي مباحا

أمّا الشيخ خميّس الترنان (1890 - 1964م) فقد كان مبدعا في النهاوند من خلال تلحين نوبة الخضراء التي ألفها الشاعر الطاهر القصّار احتفاء بعيد الاستقلال، كما ألف توشيحا ثانيّا بعنوان :من رنّة العيدان رقّت حواشي السّمر (طبع النوى)، ولحّن خميّس الترنان أيضا موشحا للشاعر أحمد خير الدّين. ومعلوم، أن موشحات الطاهر القصّار تتغزّل بالمناطق السياحيّة التونسيّة وتُبرز جمالها السّاحر مثل مدينة الورد بأريانة أو مدينة الصّفصاف بالمرسى، التي جاءت معارضة أغنية ابن أبي الضياف وهي من نوع الزجل.

ومن روائع التواشيح التونسيّة تلك الموشّحة التي ألفها تاج العارفين البكري ولحّنها الشيخ خميس الترنان مبتكرا إيقاعا أطلق عليه اسم "الريّان" وهو باب من أبواب الجنّة.

واختار خميّس الترنان من الوشاحين الأندلسيّين الشّاعر أبا الحسن المريني دون أن يقتصر على الوشّاحين التونسيّين، واختار توشيح أبي الحسن المريني. وإذا كان الترنان قد لحّن نوبة الخضراء في مقام النهاوند المشرقي فإنّ صالح المهدي قد فضّل مقام العجم الفارسي ليُلحّن نوبته وهي الخامسة عشرة في سفينة المالوف التونسيّة التي حوت 13 نوبة دوّنها بأكملها بالنوتة الموسيقيّة الموسيقار محمّد التريكي فضلا عن نوبة خميّس التّرنان.

كما اختار صالح المهدي الجمع بين الوشاحين التونسيّين والوشاحين الأندلسيّين، من ذلك أنه بدأ نوبته بابن زيدون وطالعها:

لعمري لئن قلّت إليك رسائلي

لأنت الّذي نفسي عليه تذوب

فلا تحسبوا أني تبدّلت غيركم

ولا أنّ قلبي من هواك يتوب

أما من الوشّاحين التّونسيّين فقد اختار زرياب موشّح محمد الشافعي :يا هلال قد سرى وارتسما، وأدرجه في نوبة العجم عُشيْران.

كما أضاف في نفس النوبة موشّح محمد ماضور وهو من أصل أندلسي ومولود في بلدة سليمان بالوطن القبلي وهو بعنوان :حكم الهوى فنون تقضي على النّهى (إيقاع برولْ) وقد حقّق الدكتور الهادي الغزي ديوان ماضور ونشره معهد بورقيبة للّغات الحيّة سنة 1997 وفي نفس النوبة لحّن صالح المهدي موشح أحمد الكيلاني التونسي إلى جانب موشح الوشاح الأندلسي عبد الله ابن زمرك.

وأخيرا فإنّ الشاعر المصري محمود بيرم التونسي قد ألّف موشّحا بعنوان :اعطفي عدل قوامك، لحّنه الهادي الجويني وغنّته المطربة عليّة.

وقد تطول القائمة الاسمية للوشّاحين التونسيّين وهم كُثر، إذ يؤكد السّياق التاريخي في البحث الأدبي بروز السّلطان المريني الّذي احتلّ تونس لمدّة سنتين وأصهر مرّتين مع السّلطان الحفصي كوشّاح ذي قامة مديدة، حيث ألّف موشّحا لحّنه الشيخ خميّس الترنان وطالعه في نغمة العود والسّلافة وقد صاغه في مقام العجم العُشيْران.

كذلك الشّأن بالنسبة إلى أبي العبّاس أحمد المنتاني، الّذي أورد ذكره ابن سعيد في كتابه "المغْرب" كوشّاح بارز وكاتب لدى أبي سعيد عثمان ابن حفص صاحب إفريقيّة فقد ألّف توشيحا بعنوان: اشرب على مبسم الزّهر حين رقّ الأصيل كما ألّف محمد بن صالح عيسى الكناني القيرواني المتوفّى سنة 1292 هجريّة وهو أيضا صاحب كتاب "تكميل الصّلحاء والأعيان" عدّة موشّحات.

أمّا الشاعر محمّد بن يونس التميمي تلميذ الشيخ إسماعيل التميمي والشّيخ إبراهيم الرّياحي فقد أوْرد ذكره ابن أبي الضياف وأشار إلى أنّه توفّي سنة 1846 ميلاديّا وكان حُلو الحديث لطيف الذّوق وأبدع في موشّحة طالعها: الدّهر كم فيه من عجائب كم أعجز العقل والفكر

وأمّا محمّد ماضور فقد وُلد ببلدة سليمان سنة1737م وتنحدر جذوره من بلاد الأندلس وتوفّي بتونس سنة 1811م وترك ديوانا مخطوطا به بعض الموشّحات. وقد لحّنه الفنان صالح المهدي شُهر زرياب في مقام العجم عُشيْران وصاغه في إيقاع البرْول في نوبته، إلى جانب موشّح أحمد خير الدّين بعنوان :يا تونس الأنس حيّا الله منك الثّرى. كما لحّن صالح المهدي موشّح الشاعر محمّد الشافعي وأدرجه في نوبته في إيقاع الخفيف، فضلا على تلحينه لموشّح الضّرير التطّيلي وهو بعنوان: "باسم عن لال" واشتهر بصوت صباح فخري وله عدّة معارضات.

لقد ظلّ الوشّاحون التونسيّون (وهم أكثر مما ذكرنا) يبدعون تارة بالاضافة الابداعيّة وتارة أخرى بالمعارضة الامتاعيّة إثراء للرّصيد الأدبي العربي مبنى ومعنى ومغنى.