المهدي عبيد الله الفاطمي

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[ 259 - 322هـ/873 - 934م ]

هو عبيد الله بن محمّد بن الحسين بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب. ولعل اسم عبيد الله تصغير انتقاص من خصوم الدعوة، ففي أوّل جمعة له برقّادة ذكره الخطيب فقال: أبو محمد عبد الله الإمام المهديّ بالله أمير المؤمنين (المقفّى 4 / 558).

الشك في نسبه الفاطمي

تساءل المؤرخون عن حقيقة انتسابه إلى آل البيت، هل هو من سلالة عليّ أم هل هو من ذرّيّة ميمون القدّاح الداعي، بل زعم بعضهم أنّ أباه يهوديّ. وقد عرض المقريزي طويلا في الاتّعاظ (1 / 22) وفي المقفّى (4 / 525) أقوال الطاعنين في علويّته والمصدقين لها، وقال في خاتمة النقاش: "هذه الأقوال موضوعة افتراها أعداء القوم لينفّروا الناس منهم" وأيّد استنتاجه برأي شيخه ابن خلدون (4 / 547).

ولادته

ولد بسلميّة من بلاد حمص بالشام وقيل ببغداد وقيل بالكوفة سنة 259 أو 260هـ/874م وخرج منها سنة 293هـ/905م متنكّرا قاصدا المغرب حيث سبقه الداعي أبو عبد الله الشيعيّ إلى بلد كتامة ليمهّد لقيام الدولة. فمرّ بمصر وكاد أن يقع في قبضة الملاحقين له من جواسيس الخلفاء العبّاسيّين وولاتهم بمصر وإفريقيّة، ووصل بعد مغامرات كثيرة إلى سجلماسة في ذي الحجّة سنة 296 أوت/سبتمبر 909م فاعتقله صاحبها اليسع المدراري وبقي في الاعتقال هو وابنه أبو القاسم إلى أن جاء أبو عبد الله في جيش من الأنصار الكتاميّين فخلّصه وبايعه بالامامة ودخل به رقاّدة في ربيع الاخر سنة 297هـ/ديسمبر 909م بعد أنّ أجلى منها الأمراء الأغالبة.

المهدية الفاطمية

وأسس في سنة 303هـ/915م بمكان على البحر يعرف بجمة، وهي "جزيرة متّصلة بالبريّة كهيئة كفّ متّصلة بزند" (اتّعاظ 1 / 70) تدعى جزيرة الفار، مدينة سمّاها باسمه وانتقل إليها في صفر سنة 308هـ/أفريل - ماي 920م وبنى بها قصرين، قصره هو وقصر ابنه ووليّ عهده أبي القاسم الذي سيخلفه بلقب القائم بأمر الله وأنشأ بها ترسخانة تتّسع لمائتي مركب للجهاد في البحر. وكان بناؤه للمهديّة تحسّبا لما ستتعرّض له الدولة من ثورات، حسب ما يجدونه في كتب الجفر والملاحم من تنبّؤ بالغيب، وقد تبسّط مؤلّفوهم في هذه المملكة عند أئمّتهم ورووا منها كلّ عجيبة. وفعلا كانت المهدية بسورها السميك وأبوابها الثلاثة الحديدية وأبراجها وأهرائها ومواجلها خير معقل للدولة أيّام ثورة أبي يزيد النكاري.

قتل أبي عبد الله وأخيه أبي العبّاس

ووقعت حركة تمرّد من بعض شيوخ كتامة، لعلّ السبب فيها غيرة الأخوين أبي عبد الله الشيعي وأبي العبّاس المخطوم من عبيد الله وقد استأثر بالحكم دونهما "فعظم عليهما الفطام عن الأمر والنهي والأخذ والعطاء" (1 / 350) وأخذا يشكّكان في كونه هو المهديّ الحقيقيّ فقتلهما سنة 298هـ/910 - 911م وأخمد ما تبع قتلهما من انتفاض ببلد كتامة" وخلص له الملك فملك إفريقيّة والمغرب وطرابلس وجربة وصقلّيّة (ابن جمّاد 11). وجرّد ابنه ووليّ عهده أبا القاسم في جيش كثيف دفعة أولى في ذي الحجّة سنة 301هـ/ماي 914م إلى مصر فملك برقة والاسكندريّة والفيوم. وفي العام الموالي جهّز أسطولا إلى الاسكندريّة فتملّكها ولكنّه لم يدم بها بسبب تصدّي مؤنس الخادم له وقد أرسله المقتدر العبّاسيّ إلى مصر في جيش قويّ. وأعاد الكرّة سنة 306هـ/918م وعزّز الحملة بإسطول فيه 80 مركبا بقيادة سليمان الخادم ويعقوب الكتاميّ فواجههم المقتدر ب25 مركبا من طرسوس مجهّزة بقاذفات النفط فدارت معركة بحريّة برشيد وانهزم الأسطول العبيديّ وتمّت الغلبة لمؤنس فتلقّب بالمظفّر (اتّعاظ 1 / 77).

وجرّد أبا القاسم أيضا في حملة إلى المغرب في صفر 315هـ/أفريل 927م لملاحقة محمد بن خزر الزناتي وقد ثار عليه ففاته وتوغّل في الصحراء، فرجع أبو القاسم واختطّ في طريقه بوادي سهر على أرض بني كملان مدينة سمّاها باسمه: المحمّديّة، وهي فيما بعد المسيلة، وجعل عليها أميرا يدعى ابن الأندلسيّة وأمره بادّخار المؤونة فيها احتياطا، فكانت قاعدة للمنصور الخليفة الثالث في محاصرته لأبي يزيد صاحب الحمار.

وفاة المهديّ

توفّي بالمهديّة يوم 14 ربيع الأوّل سنة 322هـ/4 مارس 934م عن 62 أو 63 سنة بعد 24 سنة من ولايته، فكتم أبو القاسم موت أبيه مدّة حتى يوطّد ملكه بشرقيّ إفريقيّة وغربها، وحين تمّ له ذلك أعلن موته وأمر بالبكاء عليه في القيروان وغيرها من الأمصار.

أعماله وطقوسه

أبطل صلاة التراويح في رمضان، وأحدث القنوت قبل الركوع في صلاة الجمعة، والجهر بالبسملة في الصلاة المكتوبة وعوّض في أذان الصبح عبارة: الصلاة خير من النوم بعبارة: محمد وعلي خير البشر، وزاد في كلّ أذان: حيّ على خير العمل. ولكنّه حين كثرت الفتن بين أنصاره وأهل القيروان "كفّ الدعاة عن طلب الناس بمذهب التشيّع". هذا قول المقريزي (4 / 561) وهو متعاطف مع "الأئمّة الحنفا"، أمّا مؤرّخو القيروان فقولهم مخالف.

ببليوغرافيا

  • ابن حماد أبي عبد الله محمد بن علي، أخبار ملوك بني عبيد وسيرتهم ، تحقيق إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1960
  • إدريس عماد الدين الداعي: تاريخ الخلفاء الفاطميين بالمغرب قسم من كتاب عيون الأخبار، نشر محمد اليعلاوي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1985.
  • الداعي إدريس عماد الدين ، عيون الأخبار وفنون الآثار، تحقيق محمد اليعلاوي، الجزء الخاص بالمغرب تحت عنوان، تاريخ الخلافة الفاطمية بالمغرب، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1990.
  • الدواداري أبو بكر بن عبد الله بن أيبك ، الدرة المضيئة في أخبار الدولة الفاطمية،تحقيق صلاح الدين المنجد،القاهرة، 1961