المنجي سليم

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1908 - 1969م]

المنجي سليم

سياسي تونسي بارز.

نشأته ودراسته في تونس وباريس (1908 - 1935)

ينتمي المنجي سليم إلى عائلة تركيّة ذات أصل يوناني، إذ قدم جدّه الأعلى إلى تونس مع الجيش التركي إبّان الاحتلال العثماني في آخر القرن السادس عشر. أمّا جدّه الجنرال سليم فقد تولّى خطّة وزير الحرب في آخر عهد الصادق باي (1877 - 1882) وإليه تنسب عائلة سليم.

وقد ولد المنجي بن العابد سليم في 15 سبتمبر 1908 في حيّ الحلفاوين من ربض باب سويقة، وعلى وجه التحديد في نهج الزاوية البكرية زنقة الحرب. وبعد أن حفظ نصيبا من القرآن الكريم في كتّاب الحيّ، التحق بالمدرسة الصادقية حيث زاول دراسته الابتدائية والثانوية إلى أنّ أحرز شهادة ختم الدروس الثانوية والجزء الأوّل من الباكالوريا في دورة جوان 1927. وإثر ذلك واصل دراسته الثانوية بمعهد كارنو في السنة الدراسية 1927 - 1928 وأحرز في آخر السنة الجزء الثاني من الباكالوريا (شعبة الرياضيات). وإثر ذلك تحوّل إلى باريس لمزاولة دراسته الجامعيّة، وكان هدفه التخصّص في الهندسة. وبناء على ذلك فقد التحق بمعهد سان لويس في باريس لمواصلة دراسته في الرياضيات العليا والاستعداد للمشاركة في مناظرة الدخول لمدارس المهندسين في آخر السنة الدراسية 1928 - 1929. لكنّه قرّر في مستهلّ السنة الجامعيّة 1932 - 1933 تحويل اتّجاهه من الهندسة إلى الحقوق. فالتحق بكليّة الحقوق في باريس حيث واصل دراسته إلى أنّ أحرز الإجازة في هذا التخصّص.

نشاطه السياسي في باريس

كان الطالب المنجي سليم إلى جانب مواصلة دراسته العليا في باريس يقوم بنشاط سياسي مكثّف. فقد انضمّ منذ حلوله بالعاصمة الفرنسيّة إلى جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين بفرنسا التي تأسّست منذ سنة 1927 للدفاع عن أبناء المغرب العربي المزاولين لدراستهم العليا بفرنسا، وللنضال أيضا في سبيل تحرير الشمال الافريقي (تونس والجزائر والمغرب) من ربقة الاستعمار الفرنسي الغاشم. وقد أحرز الوطني المنجي سليم ثقة زملائه الذين انتخبوه رئيسا للجمعية في سنة 35 - 1936. كما أسهم في جميع المؤتمرات التي عقدتها جمعية طلبة شمال إفريقيا على التوالي: في تونس (أوت 1931) والجزائر (أوت 1932)، وقد تحوّل المنجي سليم الطالب في الهندسة آنذاك إلى مدينة الجزائر على رأس وفد يضمّ الشيخ محمد الصالح النيفر المدرّس بجامع الزيتونة وثمانية طلبة تونسيّين منهم أحمد بن ميلاد والحبيب ثامر وعلي البلهوان، وعيّن رئيسا للجنة تعليم اللغة العربية. ثم شارك في المؤتمر الثالث المنعقد في باريس (ديسمبر 1933) وفي المؤتمر الرابع المنعقد بتونس (أكتوبر 1934)، وانتخب بالاجماع رئيسا للمؤتمر. وأخيرا شارك في المؤتمر الخامس الذي انعقد بمدينة تلمسان في سبتمبر 1935، برئاسة الحبيب ثامر، وعيّن عضوا في لجنة مقاومة الأميّة بشمال إفريقيا، ومقرّرا في لجنة المسائل العامة.

نضاله الوطني بعد رجوعه إلى تونس (1935 - 1938)

رجع المنجي سليم إلى أرض الوطن بعد أنّ أحرز على الإجازة في الحقوق. ولم يمنعه انخراطه في سلك المحاماة من مواصلة نضاله الوطني، فكان يحضر الاجتماعات العامة التي ينظّمها الحزب في جميع أنحاء البلاد لتوعية الجماهير الشعبية وإعدادها للكفاح، وأسهم في الجولات التي يقوم بها في داخل البلاد أعضاء الديوان السياسي وفي مقدّمتهم الزعيم الحبيب بورقيبة الكاتب العام للحزب. وبوصفه عضوا بارزا في شعبة الحلفاوين التابعة للحزب الدستوري الجديد، شارك في المؤتمر الثاني للحزب الذي انعقد في أواخر شهر أكتوبر 1937 في نهج التريبونال بالعاصمة. وساند المنجي سليم في أثناء المؤتمر الشقّ المنادي بضرورة الكفاح من أجل تحرير الوطن، من أمثال سليمان بن سليمان والهادي نويرة وعلي البلهوان و محمد الحبيب بوقطفة والهادي شاكر والباهي الأدغم، وانتخب المنجي سليم عضوا في المجلس الملّي.

وبعد توتّر العلاقات بين الديوان السياسي والمقيم العام قاد المظاهرة الشعبيّة التي انطلقت يوم 8 أفريل 1938 من رحبة الغنم والتقت أمام الاقامة العامة بالمظاهرة الثانية التي انطلقت في اليوم والساعة أنفسهما من بطحاء الحلفاوين بقيادة علي البلهوان. ونادى المتظاهرون ببرلمان تونسي وبحكومة وطنية، وطالبوا بإطلاق سراح المعتقلين الدستوريّين. ومن الغد 9 أفريل 1938 حصلت المواجهة بين الجماهير الشعبية وقوّات الشرطة والجيش واندلعت الحوادث الدامية التي أسفرت عن عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف التونسيين. وفي فجر يوم 10 أفريل ألقي القبض على مجموعة من المناضلين والقادة الدستوريّين، وفي مقدّمتهم الزعيم الحبيب بورقيبة وأعضاء الديوان السياسي والمجلس الملّي وأودعوا السجن العسكري بالعاصمة بتهمة التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي.

محنة الدستور الجديد الثانية (1938 - 1943)

كان المنجي سليم من بين الموقوفين في قضيّة المؤامرة، فاعتقل صحبة بقية رفقائه في السجن العسكري ثم في السجن المدني بتونس. وإثر اندلاع الحرب العالمية الثانية نقلوا في أكتوبر 1939 إلى السجن العسكري بتبرسق، ومن هناك نقلوا في 27 ماي 1940 على متن باخرة حربية إلى ميناء مرسيليا حيث اعتقلوا في حصن سان نيكولا. وبعد مدّة قليلة حُوّل عدد من المعتقلين إلى قرية تريتس القريبة من مرسيليا حيث وضعوا تحت الاقامة الجبريّة. واحتفظت السلطة في حصن سان نيكولا بسبعة معتقلين اعتبرهم بيروطون، وزير الداخلية في حكومة المارشال بيتان، أشخاصا خطيرين وهم: الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف وسليمان بن سليمان والمنجي سليم وعلي البلهوان والهادي نويرة ومحمود بورقيبة. وإثر انهزام فرنسا واحتلال الجنوب الفرنسي في نوفمبر 1942, قرّرت السلطة الألمانية إطلاق سراح القادة الدستوريين المعتقلين في حصن سان نيكولا فنقلتهم من مكان إلى مكان إلى أن أفرجت عنهم في ديسمبر 1942 وأمرت بترحيلهم إلى روما حيث نزلوا في 9 جانفي 1943 في ضيافة الحكومة الايطالية. وفي شهر فيفري 1943 عاد المنجي سليم إلى أرض الوطن والتحق بصفوف الحزب الدستوري الجديد الذي استأنف نشاطه منذ ديسمبر 1942 بقيادة الدكتور الحبيب ثامر. ثم تعطّل هذا النشاط مرّة أخرى إثر دخول الحلفاء إلى تونس في 7 ماي 1943 وخلع المنصف باي في 14 ماي وانتهاج السلطة الفرنسية من جديد سياسة القمع والاضطهاد في عهد المقيم العام الجنرال ماسط. ولم ينفرج الوضع نسبيّا إلاّ بعد أن وضعت الحرب أوزارها في ماي 1945.

نشاط المنجي سليم بعد انتهاء الحرب (1945 - 1951)

بعد هجرة الزعيم بورقيبة إلى الشرق في مارس 1945 واستقرار الدكتور سليمان بن سليمان بمسقط رأسه زغوان إثر رجوعه من المنفى في سنة 1943، لم يبق من أعضاء الديوان السياسي المنتخب في أثناء مؤتمر نهج التريبونال سوى صالح بن يوسف الذي فكّر في اختيار عناصر بارزة من المناضلين لقيادة الحزب مؤقّتا ريثما تسمح الظروف بعقد مؤتمر وطني لانتخاب ديوان سياسي جديد. فألحق حينئذ بالديوان السياسي ثلاثة أعضاء من المجلس الملّي وهم: المنجي سليم (الذي عهد إليه بإدارة الحزب) وعلي البلهوان والهادي نويرة. ثم أضاف إليهم في فترة لاحقة المناضل الباهي الأدغم الذي عاد من الجزائر في سنة 1944، بعد أن أطلق سراحه من السجن بمقتضى عفو صادر عن رئيس الحكومة الفرنسيّة الوقتية الجنرال ديغول، في حين تكفّل صالح بن يوسف بالكتابة العامة في غياب الكاتب العام للحزب الزعيم الحبيب بورقيبة. وتخلّى المنجي سليم منذ ذلك الحين عن المحاماة ليتفرّغ للقيام بمهامّه الجديدة على رأس إدارة الحزب في مثل ذلك الظرف الدقيق الذي شهدته البلاد غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية.

واستقرّ في مكتب المحامي الحبيب بورقيبة الواقع في شارع باب سويقة في قلب المدينة العربية، وقد أصبح المقرّ الرسمي للحزب الدستوري الجديد. وتهافت المناضلون على مقر الحزب من كل ّ حدب وصوب للاتصّال بالمدير الجديد الذي شرع في استقبال المناضلين القادمين من مختلف أنحاء البلاد، وفي زيارة كافة المدن والقرى لاعادة تنظيم هياكل الحزب. كما ساعد، بالاشتراك مع الكاتب العام، على بعث المنظمات القومية. وأسهم المنجي سليم إسهاما بعيد المدى في تنظيم مؤتمر ليلة القدر الذي انعقد بتونس في 23 أوت 1946 بمشاركة قادة الحزب الدستوري بشقّيه القديم والجديد وممثلي المنظمات القومية وأرباب المهن الحرّة والوطنيّين المستقلين. وقد صادق المؤتمر بالاجماع على لائحة تطالب بالاستقلال التام. وألقي القبض على المنجي سليم وزجّ به في السجن المدني بالعاصمة ضمن المعتقلين الستة والأربعين من المشاركين في المؤتمر، ولم يفرج عنهم إلاّ يوم 23 سبتمبر 1946. وفي 17 أكتوبر 1948 انعقد المؤتمر الثالث للحزب الدستوري الجديد في دار سليم الكائنة بالعاصمة نهج الزاوية البكريّة، زنقة الحرب. وانتخب المؤتمر في خاتمة أشغاله الزعيم الحبيب بورقيبة رئيسا للحزب والدكتور الحبيب ثامر المقيم آنذاك في القاهرة نائبا للرئيس وصالح بن يوسف كاتبا عاما للحزب وعلي البلهوان والهادي نويرة كاتبين عامين مساعدين، والمنجي سليم عضوا في الديوان السياسي ومديرا للحزب. ولما تألّفت وزارة التفاوض الأولى مع الحكومة الفرنسية حول الاستقلال الداخلي، برئاسة الوزير الأكبر محمد شنيق، وبمشاركة الكاتب العام للحزب صالح بن يوسف الذي عيّن وزيرا للعدل، كان المنجي سليم يتابع عن كثب سير المفاوضات، مع الاستعداد لخوض المعركة الحاسمة في صورة فشل تلك المفاوضات. وهذا ما وقع بالفعل.

نضاله في أثناء المعركة الحاسمة (1952 - 1954)

اندلعت المعركة التحريريّة الحاسمة في كامل أنحاء البلاد في 18 جانفي 1952 إثر القبض على الزعيم الحبيب بورقيبة ومدير الحزب المنجي سليم وإبعادهما إلى مدينة طبرقة. وانتهج المقيم العام دي هوتكلوك سياسة قمع واضطهاد للوطنيين والتودّد إلى غلاة الاستعمار. فعاش الشعب التونسي في ظروف قمعية قاسية، إذ تتابعت عمليّات الاعتقال والايقاف الاحتياطي، وملئت السجون والمحتشدات بالوطنيين وتعدّدت المحاكمات والأحكام القاسية. ورغم ذلك فقد صمد التونسيّون أمام التعسّف وتطوّرت مقاومتهم على مختلف المستويات واتخذت شتّى الأشكال.

وتمادى المقيم العام في القمع والاضطهاد. فألقى القبض على الوزراء التونسيين يوم 26 مارس 1952 وأبعدهم إلى قبلّي، كما أمر بنقل الزعيم بورقيبة ورفيقه المنجي سليم إلى أقصى الجنوب التونسي. وبقي مدير الحزب معتقلا إلى أن اضطرّت الحكومة الفرنسية إلى إنهاء مهام دي هوتكلوك في سبتمبر 1953 وتعويضه بمقيم عام جديد بيار فوازار الذي تمكّن من استمالة الباي وحمله على تعيين وزارة جديدة برئاسة محمد الصالح مزالي وإصدار إصلاحات 4 مارس 1954 التي لم ترض الوطنيين. لكنّ الزعيم الحبيب بورقيبة الذي نقل منذ يوم 7 ماي 1952 من محتشد رمادة إلى جزيرة جالطة حذّر المناضلين من سياسة فوازار ودعاهم من منفاه إلى رفض الاصلاحات المزعومة. أمّا المنجي سليم الذي أطلق سراحه منذ أواخر سنة 1953, فقد استجاب لتوجيهات رئيس الحزب، واجتمع سريّا بزعماء المقاومة المسلّحة ودعاهم إلى الكفاح، كما دعا جميع المناضلين إلى استئناف المعارضة لافشال سياسة مزالي - فوازار.

وهكذا تعدّدت مظاهر المقاومة الشعبيّة من مظاهرات وإضرابات وضحّى المجاهدون بدمائهم في سبيل تحرير الوطن. واتّخذت المقاومة أشكالا مختلفة حتى بلغت درجة حرب العصابات والتحق المقاومون بالجبال وشنّوا هجوماتهم المتتالية على الجيش الفرنسي الذي مني في شهر ماي 1954 بهزيمة نكراء في معركة ديان بيان فو بالهند الصينيةّ. فأدركت فرنسا أنّ سياسة القمع لا تجدي نفعا وجنحت إلى السلم.

من الحكم الذاتي إلى الاستقلال (1955 - 1956)

وبعد أن تمكّن رئيس الحكومة الفرنسية منداس فرانس من فضّ معضلة الهند الصينيّة تحوّل بنفسه إلى تونس يوم 31 جويلية 1954 وألقى خطابه الشهير أمام محمد الأمين باي في قصر قرطاح، وقد أعلن فيه رسميّا عن اعتراف فرنسا بحقّ تونس في الاستقلال الداخلي، ودعا إلى إجراء مفاوضات لادخال هذا الاعلان حيّز التنفيذ. فتكوّنت حكومة جديدة برئاسة الطاهر بن عمار وبمشاركة أربعة وزراء يمثلون الحزب الدستوري الجديد وهم: المنجي سليم والهادي نويرة والصادق المقدّم ومحمد المصمودي. وبدأت المفاوضات التونسيّة الفرنسيّة في باريس يوم 13 سبتمبر 1954، وكان يمثل الحكومة التونسية ثلاثة وزراء دولة: المنجي سليم ومحمد المصمودي ومحمد العزيز الجلّولي. لكنّ المفاوضات طالت وتعثّرت بسبب الخلاف حول حقوق المستوطينين الفرنسيين المقيمين بتونس ومسألة الأمن، إلى أن أطاحت الجمعية الوطنية الفرنسية بحكومة منداس فرانس. لكنّ رئيس الحكومة الفرنسية الجديد إدغار فور تمكّن من إنقاذ المفاوضات من الفشل إثر اجتماعه بالزعيم الحبيب بورقيبة الذي قرّرت فرنسا إطلاق سراحه فعاد إلى أرض الوطن يوم غرة جوان 1955 وخصّه الشعب التونسي باستقبال عظيم. ووُقّع على الاتفاقيات التونسية الفرنسية يوم 3 جوان 1955. وتكوّنت وزارة الاستقلال الداخلي في سبتمبر برئاسة الطاهر بن عمار وبمشاركة أربعة وزراء تابعين للحزب الدستوري الجديد: المنجي سليم وزير الداخلية والهادي نويرة وزير المالية ومحمد المصمودي وزير الاقتصاد وجلّولي فارس وزير المعارف.

ولقد تعرّض المنجي سليم في أثناء اضطلاعه بمهام وزير الداخلية لمشكلات بالغة التعقّد تتعلق باستتباب الأمن في البلاد بسبب تنطّع الجالية الفرنسية من جهة وظهور انشقاق خطير في صفوف الحزب الدستوري الجديد من جهة أخرى. ذلك أنّ الزعيم صالح بن يوسف الأمين العام للحزب عاد إلى تونس، وأعلن معارضته لاتفاقيات الاستقلال الداخلي التي اعتبرها "خطوة إلى الوراء" مناديا الشعب التونسي إلى استئناف الكفاح المسلّح حتى الاستقلال التام، إلاّ أنّ المؤتمر الخامس للحزب الدستوري الجديد المنعقد بصفاقس من 15 إلى 18 نوفمبر 1955 أيّد سياسة الديوان السياسي واعتبر الاتفاقيات مرحلة مهمّة في طريق الاستقلال التام. وبالفعل ظهرت ظروف ملائمة مكّنت من إجراء مفاوضات جديدة بين الحكومتين التونسية والفرنسية في 29 فيفري 1956، سرعان ما أفضت إلى التوقيع على بروتوكول الاستقلال التام في 20 مارس 1956. وفي الأثناء وقعت بتونس أحداث على غاية من الأهميّة. فقد جرى انتخاب أعضاء المجلس التأسيسي يوم 25 مارس 1956 وانتصرت الجبهة القومية بزعامة الحزب الدستوري الجديد انتصارا ساحقا، كما ألّف الزعيم الحبيب بورقيبة حكومة الاستقلال الأولى يوم 14 أفريل 1956.

نشاط المنجي سليم بعد الاستقلال

عيّن الرئيس الحبيب بورقيبة المنجي سليم أوّل سفير تونسي بعد الاستقلال لدى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، مع القيام بمهمّة تمثيل تونس في منظمة الأمم المتّحدة. ونظرا إلى ما أحرزه من نجاح في المحافل الدولية فقد انتخب رئيسا للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 1961. وإثر انتهاء مهامّه الدبلوماسية عاد إلى تونس فعيّن في أوت 1962 كاتب دولة للشؤون الخارجية واستمرّ في مباشرة خطّته إلى أن عينه الرئيس الحبيب بورقيبة كاتب دولة ممثلاّ خاصّا لرئيس الجمهورية. و إلى جانب مهامّه الحكوميّة ظلّ المنجي سليم عضوا في الديوان السياسي إلى آخر رمق في حياته. فقد جدد انتخابه في جميع مؤتمرات الحزب الدستوري الجديد الذي سمّي منذ سنة 1964 الحزب الاشتراكي الدستوري. ومن المعلوم أنّ هذه المؤتمرات انعقدت على التوالي في صفاقس (1955) وسوسة (1959) وبنزرت (1964). وفي آخر حياته عيّن المنجي سليم وزيرا للعدل من سنة 1966 إلى أن توفّي في 23 أكتوبر 1969.