«المحاماة في تونس»: الفرق بين المراجعتين

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سطر 60: سطر 60:
 
=== شعب الدفاع الفرنسيّة الأخرى ===  
 
=== شعب الدفاع الفرنسيّة الأخرى ===  
  
كانت للدفاع الفرنسي في تونس شعب أخرى، أهمّها شعبة المحامين المدافعين تليها شعبة ضباط الاجراءات.
+
كانت للدفاع الفرنسي في تونس شعب أخرى، أهمّها شعبة المحامين المدافعين تليها شعبة ضباط الاجراءات.ويختلف المحامون المدافعون عن المحامين في عدة مسائل، أهمّها أنّ هذا السلك يتبع السلطة العمومية، وأنّ هيئتهم (وهي نقابة) ليست هيئة مهنية، كما أنّهم يعملون في حدود المنطقة الترابية للمحكمة الابتدائية التي ينتصبون في دائرتها بقرار من السلطة الحكومية.
ويختلف المحامون المدافعون عن المحامين في عدة مسائل، أهمّها أنّ هذا السلك يتبع السلطة العمومية، وأنّ هيئتهم (وهي نقابة) ليست هيئة مهنية، كما أنّهم يعملون في حدود المنطقة الترابية للمحكمة الابتدائية التي ينتصبون في دائرتها بقرار من السلطة الحكومية.
 
 
ويشترط في المدافع أن يكون مثل المحامي حاملا للاجازة في الحقوق وأن يكون قد قضى فترة تدريبية مدتها عامان في أحد مكاتب المحامين المدافعين أو ضباط الاجراءات. ولقد تكوّنت الدفعة الأولى للمحامين المدافعين بتونس من المحامين السابقين أمام المحاكم القنصلية الأوروبية السالفة الذكر. وهم خاضعون لأحكام أمر 26 نوفمبر 1841 المنظّم لهذه المهنة في البلاد الجزائرية وهو القانون المنطبق عليهم في البلاد التونسية أيضا وذلك بمقتضى الفصل 10 من قانون 27 مارس 1883, ورئيس المدافعين نقيب.
 
ويشترط في المدافع أن يكون مثل المحامي حاملا للاجازة في الحقوق وأن يكون قد قضى فترة تدريبية مدتها عامان في أحد مكاتب المحامين المدافعين أو ضباط الاجراءات. ولقد تكوّنت الدفعة الأولى للمحامين المدافعين بتونس من المحامين السابقين أمام المحاكم القنصلية الأوروبية السالفة الذكر. وهم خاضعون لأحكام أمر 26 نوفمبر 1841 المنظّم لهذه المهنة في البلاد الجزائرية وهو القانون المنطبق عليهم في البلاد التونسية أيضا وذلك بمقتضى الفصل 10 من قانون 27 مارس 1883, ورئيس المدافعين نقيب.
 
ويعتبر ضابط الاجراءات موظّفا عموميا، بخلاف المحامي المنتمي إلى مهنة حرّة تسيرها هيئة مهنية. وقد تكونّت الدفعة الأولى في تونس من المحامين السابقين أمام المحاكم القنصلية مثلما كان شأن المحامين المدافعين.وعمل ضابط الاجراءات مكمّل لعمل المحامي فهو يقوم بالاجراءات التي ستصبح بمنزلة الوعاء الذي يضع فيه المحامي مادته العلمية وهي القانون أساسا. وقد تداخلت تخصّصات ضابط الاجراءات مع تخصّصات المحامي في تونس في فترات معينة قبل سنة 1941.
 
ويعتبر ضابط الاجراءات موظّفا عموميا، بخلاف المحامي المنتمي إلى مهنة حرّة تسيرها هيئة مهنية. وقد تكونّت الدفعة الأولى في تونس من المحامين السابقين أمام المحاكم القنصلية مثلما كان شأن المحامين المدافعين.وعمل ضابط الاجراءات مكمّل لعمل المحامي فهو يقوم بالاجراءات التي ستصبح بمنزلة الوعاء الذي يضع فيه المحامي مادته العلمية وهي القانون أساسا. وقد تداخلت تخصّصات ضابط الاجراءات مع تخصّصات المحامي في تونس في فترات معينة قبل سنة 1941.

مراجعة 13:22، 29 ديسمبر 2016

حين تتحدث الموسوعات والمعاجم الخاصّة بالعالم العربي الاسلامي وبحضارته عن قطاع القضاء، تذكر خطة مساعدي القاضي وهما في الغالب عدلا الاشهاد، ولا تذكر خطّة المحاماة، وذلك رغم أن المحاماة شكل من أشكال الوكالة وهي الوكالة على الخصام، وهي مباحة في التشريع الاسلامي. فالفقيه محمد بن الجزي الغرناطي المالكي (ت693 - 741هـ/1294 - 1340م) مثلا يقول: "الوكيل من جاز له التصرّف لنفسه... توكيلا خاصّا من قبض أو بيع أو خصام". فما هي الأطوار التاريخية للمحاماة في تونس؟

المحاماة قبل الفتح الاسلامي

لقد وُجد القضاء بالبلاد التونسية قبل دخول الاسلام، ولذلك وجدت المحاماة. ومن أهم المحامين الذين عملوا في تونس نذكر سبتيميس سيفيروس (Septimius Severus) وفرنتو (Fronto) (100م - 175م) الذي انتقل إلى العمل في روما، مثل زميله المحامي مينيسيوس فيليكس (Minicius Felix) والمحامي كابيلا (Capela). وكان من أشهر المحامين أيضا كوينتوس ترتوليانوس (Quintus Tartilianus).

المحاماة بعد الفتح الاسلامي

لا يمكن الحديث عن مهنة المحاماة في تونس قبل ق 19م، سواء تعلّق الأمر بالمحاماة الأهلية أو بالمحاماة الأجنبية في تونس. فقبل سنة 1952 لم يكن الفرد من سلك الدّفاع الأهلي يسمّى "محاميا" وإنّما كان السلك يعرف ب"الوكلاء"، سواء الوكلاء أمام المحاكم الشرعية، أو الوكلاء أمام المحاكم العدلية التونسية والمعروفة أيضا باسم "محكمة الوزارة". وإنّ اختيار لفظ "الوكيل" دون لفظ "المحامي" قد يكون متأثرا بالعبارة الفقهية "الوكالة على الخصام" التي ذكرنا أنّ الفقيه ابن الجزّي قد استعملها، كما استعملها الفقيه ابن عاصم (1359 - 1426م) إذ قال في تحفة الحكّام: ومن على خصومه معينه توكيله فالطول لن يوهنه.وهذه العبارة الجاري بها في أدبيّات الفقه الاسلامي تصحّ أيضا خارج هذه النّسق، باعتبارها المقابل للفظ الفرنسي (Procureur). وفي المقابل أثبت القلقشندي (756 - 821هـ/1355 - 1418م) أنّ الحضارة العربية الاسلامية قد استعملت لفظ "المحامي" ولكن لتدلّ على معان أخرى مثل "مستشار" الدّولة، و"السّفير"، أو ما يقرب من معنى المبعوث الخاصّ اليوم.وتونس مثل بقيّة بلدان العالم العربي لم تستعمل لفظ "مدّرة" الذي اقترحه المجمع اللغوي بالقاهرة سنة 1893م ليعوض لفظ محام، بل إنّ هذا اللفظ هو الذي سيفرضه الاستعمال قانونا وواقعا.

الوكالة على الخصام أمام المحاكم الشرعية

ظهرت في تونس زمن العهد الحفصي خطّة الوكيل المأجور على الخصام "وهي تقريبا خطة المحامي". ويقول روبار برونشفيك في كتابه تاريخ إفريقية في العهد الحفصي: "هناك وكلاء وهم عبارة عن معتمدين مقابل أجر". وهو ظهور محتشم لأنّ المؤرخ نفسه يقول في موطن آخر:"لا أثر لوكلاء الدّعاوى أو المحامي..." فكأنّ برونشفيك يقصد أنّ الخطة لئن وجدت فهي لم ترتق إلى مصاف الوظيفة الاقتصادية والاجتماعية. أمّا في العهد الحسيني (1705م - 1957م)، فإنّ خطة الوكالة على الخصام قد أصبحت نوعا من "المحاماة في القطاع العام"، إذ بدأ العمل بنظام الوكلاء على الخصام بصفتهم ممثّلين للادارة مثل "وكيل الخصام ببيت المال" وقد كانت مهامّه في عهد حمودة باشا الحسيني (1782 - 1814م) "أنّ يحضر الوكيل المجالس الشرعية ويساوى الطالب (كذا) للباي في التناصف..." ويبدو أنّ الوكيل لدى المحاكم الشرعية قبل سنة 1856م كان عادة من أعوان المجلس الشرعي، إذ جاء أمر 14 نوفمبر 1856م مانعا الجمع بين الخطتين بما ارتفع بالخطة إلى مستوى اجتماعى أرقى ممّا كانت عليه. وحين تأسّست المحاكم العدلية التونسية بداية من سنة 1861م، لم يكن آنذاك للوكلاء لدى المحاكم الشرعيّة حقّ الترافع أمام هذه المحاكم الجديدة ولا أمام محاكم الأحبار اليهود. وقد أنهى قانون 28 فيفري 1952 المؤسس لخطة "المحامي التونسي" وجود خطة الوكيل الشرعي.

الوكالة لدى محاكم الأحبار

ولئن نُظّمت محاكم الأحبار سنة 1872م، فإنّ الوجود الفعلي لهذه المحاكم سابق لهذا التاريخ ناهيك أنّ أمرا مؤرخا في 3 سبتمبر 1872, قد جاء مانعا عن هذه المحاكم النظر في غير القضايا المتّصلة بالأحوال الشخصية للرعايا اليهود حتّى تبقى القضايا المدنية والتجارية من اختصاص محكمة الوزارة. وكان بإمكان الأحبار أنّ يصبحوا وكلاء لدى هذه المحاكم التي أُعيد تنظيمها بمقتضى أمر 28 نوفمبر 1898. وقد أسّس جوزيف كوهين سنة 1902 مدرسة للشريعة الموسوية (Ecole de droit rabbinique) لتكوين كلّ الأحبار القضاة، والأحبار الوكلاء، وهم المحامون أمام محاكم الأحبار.وقد انتهت خطة الوكلاء لدى محاكم الأحبار بانتهاء العمل بمحاكم الأحبار بعد الاستقلال وتوحيد القضاء التونسي في 6 جويلية 1957. وقد أُزيلت هذه المحاكم إثر صدور مجلة الأحوال الشخصية التي سنّت في 13 أوت 1956 وانسحب هذا الالغاء على حاملي الجنسية التونسية سواء كانوا مسلمين أو يهودا أو مسيحيين. وقد كانت المحطّات الثلاث لتنظيم خطة الوكلاء لدى هذه المحاكم بعد انتصاب الحماية الفرنسية كالاتي: أوّلا أمر 27 ماي 1885 وثانيا أمر 9 ماي 1897 وقد سبق صدور الأمرين المذكورين نشر قائمة في سنة 1883 بالرائد التونسي تتضمّن أسماء 42 وكيلا من مسلمين ويهود وأوروبيين. والطّريف أنّ هذه القائمة قد تضمّنت اسم محامية (امرأة) تسمّى جلادة (كذا) وهو يعني أسبقية المرأة التونسية في ميدان الدفاع حتى بالنسبة إلى أمم أوروبية وغربية بوجه عامّ. وقد مرّت خطة الوكلاء بعدّة محطات في تاريخها وخاصة منها منعرجات السنوات 1907 و1938 و1945 التي جعلت امتحانات الانتداب للمهنة أكثر جدّية بتوخّي الصرامة العلمية. أمّا أهمّ منعرج كان ذلك الذي حدث سنة 1952 عندما أصبح "الوكلاء" يسمّون "محامين" تسيّرهم هياكلّ على غرار ما هو يجري به العمل في قطاع المحاماة الفرنسية بتونس.ويرجع الفضل في ذلك إلى نضال أعضاء "جمعية الوكلاء التونسيين" التي حصلت، بعد كفاح مرير، على الترخيص القانوني سنة 1929. ولا بدّ من ذكر أسماء رجال كانوا وراء هذه المرحلة الحاسمة من حياة المحاماة في تونس أمثال الأساتذة: عبد الرحمان الكعاك (1890 - 1945) والطيّب الميلادي (1906 - 2000م) والمهدي بن ناصر (1896 - 1967) ومحمد الطاهر السنوسي (1895 - 1970) وغيرهم... إنّ "جمعية الوكلاء التونسيين" التي ابتدأت جمعية تعاضدية ودادية سنة 1929 ستصبح هيئة مهنية في 28 فيفري 1952. وعلى غرار عمادة المحامين الفرنسية بتونس، فإن عمادة المحامين التونسيين التي ستسمّى نقابة مثل نقابة المحامين المدافعين، ستكون لها هيئة ونقيب. وكان أوّل نقيب لها عبد العزيز الشابي، ونائب النقيب الطيّب الميلادي، وهو الذي سيصبح نقيبا عميدا فيما بعد، ولها أعضاء نقابة، كما أحدث أمر 1952 هيئات جهوية أمام كلّ مجلس عدلي جهوي يسيرها معتمدون وكتّاب وأمناء مال. وارتدى المحامي التونسي الزّي الموحد بعد أنّ كان بإمكان الوكيل دخول قاعة الجلسة والترافع بالبدلة التي يسير بها في الأسواق. وبعد الاستقلال وُحّد سلك المحاماة على غرار توحيد القضاء وأصبحت المحاماة لا تفرق بين من كان محاميا لدى المحاكم الفرنسية بتونس، ومن كان محاميا أمام المحاكم التونسية، ولا فرق بين تونسي مسلم أو يهودي، ولا بين تونسي وفرنسي، ولا فرنسي مسلم أصيل الجزائر. وكان ذلك على مرحلتين، أولاهما الاتفاقية القضائية الفرنسية بتاريخ 9 مارس 1957 المصادق عليها في 28 ماي 1957, وثانيتهما صدور قانون 15 مارس 1958. تلك هي الشعب الثلاث للمحاماة التونسية، فماذا كان أمر شعب المحاماة الفرنسية بتونس؟

المحاماة الأوروبية في تونس

هذا الفرع من المحاماة في تونس أوروبي قبل أنّ يصبح فرنسيا. ذلك أنّ المحاكم القنصلية أوروبية وليست فرنسية فقط. يقول أحد القضاة الفرنسيين: "حين رسّخت فرنسا حمايتها بالبلاد التونسية كانت لمعظم الأمم الأوروبية تقريبا محاكم قنصلية وكانت كل ّ واحدة من هذه المحاكم القنصلية تطبّق قوانينها الوطنية ولذلك فإنّنا سنجد محامين أوروبيين منتصبين في تونس قبل انتصاب الحماية، مثل المحامي دافيد كاردوزو (David Cardoso) المولود بتونس سنة 1852, وهو إيطالي الأصل، ومثل المحامي فيكا (Vica) من أعوان القنصل الفرنسي روسطان، ومن مساعديه في فجر انتصاب الحماية بتونس، وهو إيطالي أيضا. ومثلهما لافوكاتو لانكي الذي انتصب بتونس منذ جوان 1871 على أقلّ تقدير، ولعل اسمه الصحيح بلانكي.ولا نفسّر وجود هؤلاء المحامين السابق لانتصاب الحماية الفرنسية إلاّ بكونهم محامين أمام المحاكم القنصلية.

المحاماة الفرنسية في تونس

نشرت سنة 1883 قائمة الوكلاء المسلمين واليهود والأوروبيين أمام المحاكم الفرنسية بتونس ونُشرت إلى جانبها قائمة المحامين لدى المحاكم الفرنسية بتونس وكان عددهم في 10 جويلية 1883 ثمانية عشر محاميا. ولئن كان المحامي الايطالي ميشال فيكا ومثله دافيد كردوزو، مذكورين في قائمة 1883, فإنّ المحامي لانكي غير موجود بالقائمة المذكورة شأنه شأن المحامي داسكونا غير الممارس للمهنة بتونس منذ شهر ماي 1883. وكان نشر هذه القائمة بأسماء المحامين نتيجة لصدور الأمر المؤرّخ في 27 ماي 1883 المنظّم للقضاء الفرنسي بتونس والمنظم بالمناسبة نفسها لمهنة المحاماة أمام المحاكم الفرنسية بتونس. وقد انتصب هؤلاء المحامون بالعاصمة وبالمدن ذات الكثافة السكانية الأوروبية. وبما أنّ أوّل قصر للعدالة قد انتصب بقصر الوزير خير الدين (1822 - 1889) في النهج الذي أصبح يحمل اسم "نهج التريبونال" أي المحكمة، فإن من المحامين من انتصبوا بمكاتب هذا النهج نفسه أمثال المحامي ريموند قوتيي فيما توزّع غيرهم على بقية أنحاء المدينة، سواء العربية منها أو الأوروبية. أمّا أولى المدن الداخلية التي انتصب فيها المحامون لدى المحاكم الفرنسية فهي سوسة التي ستنشأ بها محكمة فرنسية سنة 1887 لتليها إقامة عمادة محامين مستقلّة عن عمادة تونس، وكذلك بنزرت التي ستنتصب فيها المحكمة الفرنسية سنة 1942 وسوق الاربعاء (جندوبة اليوم) التي لم تكن بها إلاّ محكمة صلح (محكمة الناحية اليوم) وغيرها من المدن. ثمّ تتالت النصوص القانونية المنظمة للمهنة، وهي نصوص لا تصدر في الغالب إلا لترجيح الكفّة لفائدة المحامين الفرنسيين سواء كان ذلك إزاء المحامين التونسيين، أو إزاء المحامين الأوروبيين من غير ذوي الجنسية الفرنسية، وهم خاصة المحامون الايطاليون. وكانت هيئة المحامين تسمّى "هيئة التأديب" باعتبار أنّ القضية الجوهرية كانت الاستحواذ على سعي المحامين إلى اختصاص تأديب المحامين من المحاكم واعتباره من أخصّ خصوصيات عمادة المحامين. فكانت تنقيحات القوانين المنظمة لمهنة المحاماة الفرنسية بتونس في حدود سنة 1946 كما يلي: أمر 1 أكتوبر1887: تأسّست عمادة تونس العاصمة لتختصّ بتأديب المحامين. ولئن تأسّست عمادة المحامين بسوسة فإنّ التأديب بقي بيد القضاء. أمر 16 ماي 1901: تمكين المحامين الايطاليين من ممّارسة المحاماة في تونس بمجردّ أنّ تتوفّر فيهم الشروط اللازمة لتعاطي المهنة في إيطاليا. أمر 16 نوفمبر 1906: توسيع قاعدة الهيئة الانتخابية لتشمل كلّ المحامين التونسيين والأجانب من غير الفرنسيين لانتخاب عميد وهيئة عمادة كلهم من الفرنسيين. 1908: مواصلة اشتراط الباكالوريا الفرنسية لتعاطي مهنة المحاماة من قبل التونسيين. أمر 20 جوان 1920: تضمين المبادئ التي تضمّنها ميثاق عمادة باريس في قانون المهنة المطبق بتونس، وهي مبادئ ترجع إلى المرسوم الفرنسي لسنة 1822 وهو ما يعني التضييق على كلّ من التونسيين والأجانب لممارسة المهنة. أمر 5 فيفري 1937: زاد في جعل المهنة على مقاس المحامي الفرنسي وقد عزّز هذا الاتجاه أمر بتاريخ 20 أوت 1941 وبمقتضى الاتفاقية القضائية التونسية الفرنسية بتاريخ 9 مارس 1957 بدأت المحاماة الفرنسية تحتضر لتنتهي عمليّا بمفعول قانون 15 مارس 1958 عقب استقلال البلاد. وقد سمح للفرنسيين الممارسين للمهنة بالترافع باللغة الفرنسية إلى حدود خمس سنوات. وبعد ذلك التاريخ فإنّ المحامي مهما كانت جنسيته لا يمكنه الترافع ولا تحرير التقارير الكتابية إلا باللغة العربية (الفصل 4 من الاتفاقية).

المحامون التونسيون في سلك المحاماة الفرنسية بتونس

إذا كان معظم التونسيين يتّجهون إلى العمل في شعب الوكلاء لدى المحاكم الشرعية الاسلامية، ولدى محاكم الأحبار اليهود، ولدى المحاكم العدلية التونسية، وهو ما يخوّل لهم أيضا الترافع أمام المجلس العقاري المختلط (المحكمة العقارية الان) فإنّه بإمكان بعضهم ممّن درسوا في الجامعات الفرنسية التسجيل في جدول المحاماة الفرنسية بتونس، للترافع أمام المحاكم الفرنسية، وهو الأمر الذي يخوّل لهم الترافع أمام كلّ المحاكم التونسية شريطة استصدار أمر عليّ من الباي. وأوّل محام تونسي التحق بالمحاماة الفرنسية بتونس هو الشاذلي البكّوش، المولود سنة 1865 بتونس العاصمة وقد درس في كلّ من معهد سان شارل بتونس وبالمدرسة الصادقية ثم التحق بكلية الحقوق بباريس. وباشر المحاماة بتونس سنة 1888 ثم رحل سنة 1904 إلى مصر حيث مارس نفس المهنة ثم عاد إلى تونس سنة 1906 ليتعاطى المحاماة من جديد. وهو تونسي الجنسية حتى إن ثبت أنّه حصل على الجنسية الفرنسية، وهو أمر مستبعد لأنه سيصبح عضوا في النادي التونسي، كما نعتقد أنّ ثاني المحامين التونسيين في سلك المحامين الفرنسيين بتونس هو خوجة القرمي الذي كان محاميا متمرّنا بمكتب كائن بنهج الجزيرة منذ سنة 1896. وأمّا ثالث المحامين في البلاد التونسية فهو أحمد الغطاس (1875 - 1926م) ويليه في المرتبة الرابعة حسونة العياشي (1873 * 1958م). وأخيرا فإن أحمد بوحاجب سيكون خامس المحامين ثمّ حسن قلاتي (1880 - 1966م). وكانت المصادر التاريخية تذهب خطأ إلى أنّ أحمد الغطاس هو أوّل تونسي تعاطى المحاماة الفرنسية. ولم ينتسب من المحامين التونسيين إلى عضوية هيئة المحامين الفرنسية بتونس إلاّ مصطفى الكعّاك (1893 - 1964م) الذي انتمى إلى الهيئة سنة 1946 بصفة كاتب عام وعبد القادر بن الخوجة الذي انتمى إلى الهيئة نفسها سنة 1946 بصفة عضو مع الاحتفاظ بالجنسية التونسيّة. وفى السنة الموالية 1947 كان مصطفى الكعّاك أوّل تونسي يتولّى خطة عميد لهيئة المحاماة الفرنسية بتونس.

المحاماة في عهد الاستقلال

لقد آل التدرّج في مختلف شعب المحاماة التي وجدت في تونس من سنة 1952 إلى سنة 1958 إلى الانصهار في شعبة واحدة. فإذا كانت في سنة 1952 نهاية شعبتي "الوكلاء لدى المحاكم الشرعية" و"الوكلاء لدى المحاكم التونسية" فإنّ الاتفاقية القضائية التونسية الفرنسية المؤرخة في 9 مارس 1957 والمصادق عليها في 28 ماي 1957 قد أنهت أسباب وجود المحاماة الفرنسية بتونس، كما أنهت مجلة الأحوال الشخصية الصادرة بتاريخ 13 أوت 1956 ثمّ قانون 15 مارس 1958 المنظّم لمهنة المحاماة أسباب وجود خطّة الوكلاء لدى محاكم الأحبار اليهود. وبمقتضى قانون 15 مارس 1958 أصبحت توجد هيئة واحدة للمحاماة يتعايش فيها المحامون التونسيون من مسلمين ويهود ومسيحيين، وكذلك المحامون الفرنسيون والأوروبيون الحاصلون على الجنسية الفرنسية.وقد التحق بعض الفلسطينيين بهذه المهنة في أواسط السبعينات بعد أن تخرجوا في القسم العربي بكلية الحقوق والعلوم السياسية والاقتصادية بتونس. وسمحت اتفاقية التعاون والتبادل القضائي لسنة 1963 المبرمة بين الحكومتين التونسية والجزائرية لمحامي البلدين بالانتصاب في أيّ بلد منهما. وقد جاء قانون 1958 متضمّنا كل الأبواب الكلاسيكية لمهنة المحاماة على الطريقة الفرنسية بما في ذلك تعدد العمادات، إذ أحدثت في أوّل الأمر ثلاث عمادات بحساب محاكم الاستئناف بتونس العاصمة وصفاقس وسوسة، ثمّ بمقتضى قانون 24 ماي 1963 وحدت الهيئات الثلاث في صلب هيئة واحدة، على رأسها عميد واحد. وبمقتضى القانون عدد 87 لسنة 1989 المؤرخ في 7 سبتمبر 1989 كان التمهيد من جديد للامركزية هيكل التسيير مع اختيار الصيغة التوفيقية، وهي المحافظة على عمادة وطنية هي "الهيئة الوطنية للمحامين"، وجعلها تسند صلاحياتها إلى ثلاثة فروع في تونس العاصمة وسوسة وصفاقس. وعلى رأس الهيئة الوطنية عميد واحد، وعلى رأس كلّ فرع جهوي رئيس.وينضمّ رؤساء الفروع الثلاثة وكتّابها العامون آليا إلى مجلس الهيئة الوطنية.

المرأة في المحاماة

يعود انخراط المرأة التونسية إلى المحاماة كما أسلفنا في شعبة الوكلاء لدى المحاكم التونسية إلى سنة 1883 وذلك بفضل الوكيلة: "جلادة".ونعتقد أنها تونسية من الجالية اليهوديّة.أمّا في سلك المحاماة أمام المحاكم الفرنسية بتونس فإنّ أولى النساء الملتحقات بالمهنة هي جوليات ماجة زيرح التي التحقت بالمهنة سنة 1916, وهي من مواليد تونس العاصمة. أمّا بعد الاستقلال فإنّ أولى المحاميات التونسيات التي انتسبت إلى المهنة هي ليلى بلحسن التي انضمّت إلى هيئة المحامين سنة 1970, كما أنّ فاطمة الكورغلي هي أوّل محامية تمّ ترسيمها في الجدول الأصلي محامية لدى محكمة الاستئناف في 7 مارس 1975.

المحامية في هياكل التسيير

في فترة ما قبل الاستقلال تعتبر جوليات ماجة زيرح السالفة الذكر أوّل امرأة تتولّى عضويّة هيئة المحامين الفرنسية بتونس. أمّا بعد الاستقلال فان أوّل امرأة انتمت إلى الهيئة الوطنية للمحامين هي راضية النصراوي خرّيجة كلية الحقوق والعلوم السياسية والاقتصادية بتونس، وقد انضمت أوّل مرّة إلى الهيئة سنة 1989. أمّا هيئات الفروع التي ظهرت سنة 1989 فقد بوّأت أيضا النساء مواقع في قيادة المهنة وكانت أوّل محامية تنتسب إلى الهيئات الفرعيّة عزّة الشّابي العضو بهيئة فرع تونس العاصمة.

شعب الدفاع الفرنسيّة الأخرى

كانت للدفاع الفرنسي في تونس شعب أخرى، أهمّها شعبة المحامين المدافعين تليها شعبة ضباط الاجراءات.ويختلف المحامون المدافعون عن المحامين في عدة مسائل، أهمّها أنّ هذا السلك يتبع السلطة العمومية، وأنّ هيئتهم (وهي نقابة) ليست هيئة مهنية، كما أنّهم يعملون في حدود المنطقة الترابية للمحكمة الابتدائية التي ينتصبون في دائرتها بقرار من السلطة الحكومية. ويشترط في المدافع أن يكون مثل المحامي حاملا للاجازة في الحقوق وأن يكون قد قضى فترة تدريبية مدتها عامان في أحد مكاتب المحامين المدافعين أو ضباط الاجراءات. ولقد تكوّنت الدفعة الأولى للمحامين المدافعين بتونس من المحامين السابقين أمام المحاكم القنصلية الأوروبية السالفة الذكر. وهم خاضعون لأحكام أمر 26 نوفمبر 1841 المنظّم لهذه المهنة في البلاد الجزائرية وهو القانون المنطبق عليهم في البلاد التونسية أيضا وذلك بمقتضى الفصل 10 من قانون 27 مارس 1883, ورئيس المدافعين نقيب. ويعتبر ضابط الاجراءات موظّفا عموميا، بخلاف المحامي المنتمي إلى مهنة حرّة تسيرها هيئة مهنية. وقد تكونّت الدفعة الأولى في تونس من المحامين السابقين أمام المحاكم القنصلية مثلما كان شأن المحامين المدافعين.وعمل ضابط الاجراءات مكمّل لعمل المحامي فهو يقوم بالاجراءات التي ستصبح بمنزلة الوعاء الذي يضع فيه المحامي مادته العلمية وهي القانون أساسا. وقد تداخلت تخصّصات ضابط الاجراءات مع تخصّصات المحامي في تونس في فترات معينة قبل سنة 1941.