الشاذلي زوكار

من الموسوعة التونسية
نسخة 09:33، 24 نوفمبر 2016 للمستخدم Admin (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب' [1931 - 2008م] ولد الشاذلي زوكار بمدينة المنستير في السادس والعشرين من الشهر الثاني لسنة 1931 في أس...')

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1931 - 2008م]

ولد الشاذلي زوكار بمدينة المنستير في السادس والعشرين من الشهر الثاني لسنة 1931 في أسرة محافظة شديدة التعلق بالتقاليد العربية الاسلامية. وكان والده الشيخ أحمد زوكار مؤدب الحيّ يصحبه معه بنفسه إلى كتّابه.

ومسك لوحته. وحفظ سور القرآن الكريم عن ظهر قلب. ثم انتقل إلى المدرسة العربية الفرنسية ليزاول بها دراسته الابتدائيّة. وفي هذا الحين شاءت ظروف الحرب العالمية الثانية أن ينقطع الشاذلي عن الدراسة. ولم يبق أمامه إلا أن يقضي وقته بين تعلّم حرفة النسيج في دكان صديق والده ومطالعة ما يجده أمامه من كتب ونشريات. وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها التحق الشاذلي بالفرع الزيتوني بالمنستير في أوائل سنة 1947. ثم ما لبث أن تحول إلى العاصمة ليواصل دراسته في جامع الزيتونة ويجلس إلى كبار مدرّسيه ويسجّل في الان نفسه بالمدرسة الخلدونية، التي كانت تدرّس اللغات الأجنبية والعلوم الصحيحة وتنظّم دوريا منابر حوار ومحاضرات وندوات في مختلف القضايا الوطنية والعربية وفي شؤون الدّين والفكر والأدب.

ولم يقتصر نشاطه في العاصمة على الدراسة وحدها. بل اندمج في الحركة الوطنية. وانضم إلى جمعية صوت الطالب الزيتوني التي كانت فصيلا فعّالا في الصراع مع السلطة الاستعمارية الفرنسية. وصار أحد عناصرها البارزة. وواصل الشاذلي زوكار هذا النشاط المزدوج: الدراسة من جهة ومناصرة الكفاح التحريري في تونس وخارجها من جهة ثانية، حتى أحرز سنة 1954 شهادة التحصيل المنظّرة بالبكالوريا. ولم يتردد في حزم أمتعته والتوجه إلى القاهرة. فحّل بها سنة 1954. وخيّل إليه في هذه الفترة أنه يعيش حلما جميلا، وهو يدرس بجامعة القاهرة ويتفاعل مع حيوية المناخ الثوري السائد في محيطها.

وبعد أربع سنوات من الدراسة الجامعية، أحرز الشاذلي زوكار الاجازة في اللّغة والاداب العربية.

وكان في أثناء إقامته بالقاهرة قد طوّر تجربته الابداعية ووسّع أفقها وطعّمها بأفكار جديدة ونهل مباشرة من معين الأدب العربي وروّاده في مصر وانبهر انبهارا شديدا بشخصية طه حسين، كما كان قد انّبهر من قبل في تونس بشخصية الفاضل ابن عاشور. وكان يرى في هذين العالمين البارزين رمزين شامخين من رموز المجد، إذ يمثلان عنده أنموذج الوفاء لجوهر الحضارة العربية الاسلامية والأخذ في الوقت ذاته بلبّ الثقافة الغربية وآدابها ومناهجها العلمية.

عاد الشاذلي زوكار إلى تونس رغم انبهاره بالمناخ الثقافي والسياسي المفعم بالحيوية والتغيير في مدينة القاهرة. انتدب سنة 1958 للعمل بالاذاعة الوطنية الفتية إذاك، بصفة مراقب للانتاج الأدبي. وقد شجعته هذه الصفة على ابتكار بعض البرامج الثقافية والاجتماعية بإمضائه، مثل "هذه تونس" و"من كل بستان زهرة" و"ملتقى الاذاعات". وقد كانت هذه البرامج فرصته الذهبية ليبثّ من خلالها بذكاء بارع ما يؤمن به من أفكار ورؤى، ولاسيما في المسائل الأدبية والثقافية وكان طموحه يرمي إلى العمل في المجال الديبلوماسيّ. وقد تحققت الخطوة الأولى في تعيينه بصفة ملحق ثقافي وإعلامي ببيروت، ثم في الخطة نفسها بجدة، ثم بصفة مستشار في السفارة التونسية في القاهرة، ومنها إلى الكويت في المهمّة ذاتها.

وتتويجا لنجاحه في هذه المحطات الديبلوماسية في أكثر من بلد عربي، عين بوزارة الشؤون الخارجية رئيسا لقسم الجامعة العربية.

ولكنه مرّ بهذه الخطة مرور الكرام، إذ لم يلبث أن سميّ وزيرا مفوّضا سنة 1981 بالوزارة نفسها، تمهيدا لتسميته سفيرا لأول مرة في الجمهورية العربية اليمنية التي سيعرف بها فترة من الاستقرار حتى سنة 1990.

وقد كانت حياة الشاذلي زوكار في العمل الدبلوماسي بجميع مراحلها، غنما كبيرا، بالنسبة إلى الكتّاب والمبدعين التونسيين القدماء منهم والمحدثين، إذ دأب على التعريف بهم وبإنتاجهم وإضافتهم إلى الأدب العربي والعالمي، كما كانت أساسا غنما لتمثيل البلاد تمثيلا إيجابيا أسهم في تقوية إشعاعها وتعزيز حضورها في المشرق وبلدان الخليج.

وفيما يتعلق بالبعد الأدبي قد اقتحم الشاذلي زوكار ميدان الكتابة وقول الشعر في وقت مبكّر.

وكان هذا النشاط الفكري هوايته المفضلة، دون أن ينقطع إليه تماما. أمّا الأغراض التي تناولها في نصوصه النثرية والشعرية فقد شملت ما يمكن أن نطلق عليه الوجدانيات. وهو ما كتبه في الحب والصداقة والطبيعة والرثاء، وما عبّر عنه من تأملات وذكريات ورسائل إخوانية.

وشملت كتاباته أيضا النقد الأدبي والشأن السياسي والاجتماعي والتراث الحضاري العربي الاسلامي وانشغل في جانب مهّم من قصائده بقضية الاحتلال المسلط على تونس وكامل منطقة المغرب العربي واغتصاب أرض فلسطين.

وهي كتابات وأشعار ترجمت وطنية الشاذلي زوكار وإيمانه بقوميته وعروبته. وقد جمع طائفة مختارة من أشعاره في ديوانه (للعشق، الوطن) الذي صدر سنة 1997 وقد تجاوز السادسة والستين من عمره. وهو ما يدّل على أنه لم يكن يولي أهمية تذكر لجمع قصائده ونشرها. وكان يقنع بظهورها في الجرائد والمجلات وبثها بين الناس، عبر الاذاعات، أضف إلى ذلك أنه كان شاعرا مقلاّ إلى حدّ أنه يبقى أحيانا نحو ثلاث سنوات دون أن يكتب ولو قصيدة واحدة، كما يؤكدّ ذلك حسين العوري في إحصائه لمجمل أشعار الفقيد. وكان إنتاجه الأدبي مركزا على النثر خاصة وعلى تدفق مقالاته وبثّ برامجه الاذاعية أسبوعيا، دون أن يقتطع ما يلزم من الوقت لكتابة أي كتاب، أو لجمع مقالاته الغزيرة في مؤلف أو أكثر.

ولا يمكن أن نغفل عن دوره الريادي في التجديد وفي خوضه منذ خمسينات القرن الماضي تجربة ما يسمى بالشعر الحر. وكان فضلا عن ذلك مؤسّسا لرابطة القلم الجديد، مع ثلة من الأدباء التونسيين والمغاربة، جاعلا شعار هذه الرابطة: نريد أدبا تريده الحياة.

توفي الشاذلي زوكار بتونس في 4 ديسمبر 2008.