«الحلفاء-الواقع والآفاق»: الفرق بين المراجعتين

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
ط (نقل Marwa صفحة الحلفاء : الواقع والافاق إلى الحلفاء-الواقع والافاق دون ترك تحويلة)
(لا فرق)

مراجعة 13:16، 16 ديسمبر 2016

تنتمي الحلفاء إلى الفصيلة النّجيلية، وهي نبات معمّر يوجد بشمال إفريقيا فحسب ويغطّي مساحات شاسعة خاصّة بالمناطق القاحلة للبلاد التّونسية في شكل خصلات وموائد. لهذه النّبتة أهميّة اقتصاديّة واجتماعيّة ولها استعمالات متعدّدة، كما أنّها تقوم بدور فعّال في حماية أديم الأرض من الانجراف والانجراد.

وقد بيّن الكثير من الباحثين أنّ الكساء النّباتي الحالي لموائد الحلفاء لا يعتبر ذروة نموّ النّبات لكنه يعدّ مرحلة تطوّر ارتدادي. ويعتبر لونí ولوهورو (Long et Le Hourou 1954) أنّ موائد الحلفاء ليست النّبات الطّبيعي والأصلي لكنّها حلّت محلّ الأشجار اللّيفية التي انقرضت عندما استقرّت السّهوب النّحيليّة. ويتّفق المتخصّصون في علم المناخ أنّه منذ ما يربو على ألف سنة تميّز المناخ في تونس باستقرار بارز (1969 ولوهورو Le Hourou) ونحن نورد هذا المعطى في هذا المجال بالذّات لنؤكد أنّه لا يمكن اعتبار المناخ عاملا مسؤولا عن تدهور الكساء النباتي وإتلاف الغابات والتصحّر المتواصل بحيث تعزى هذه المظاهر أساسا إلي عمل الانسان.

تقدّر بعض الدّراسات التّراجع السّنوي لمساحات الحلفاء ب 1500 هكتار سنويا وفي ظرف 79 سنة تمّ إتلاف ما يقارب 59% من المائدة التّونسية. لكنّ هذه النّسبة مهما كانت مقلقة فهي لا تعكس إلا جزءا من الواقع لأنّها لا تمثّل سوى المعدّل الذّي يخفي التقدّم الحاصل في وتيرة تبدّد المائدة.

وإذا تواصلت نسبة التّراجع بهذا النّسق فلن تتعدّى المساحات المتبقّية ربع ما كانت عليه منذ 100 سنة خلت. ومثل هذه الأرقام تدعو إلى بعث مشروعات مختصّة في آجال قريبة تتطلّب تدخّلا ناجعا لاجتناب إتلاف هذه الموائد وإعادة إعمارها.

أسباب تدهور موائد الحلفاء:

استصلاح الأراضي:

منذ القديم عرفت موائد الحلفاء تعاقب أجيال إنسانيّة مهمّة. وإذا اعتبرنا منطقة القصرين، الاطار الجغرافي لهذه الموائد، فإنّ نسبة 77% من سكّانها كانوا من البدو ينتشرون في مجموعات صغيرة مكوّنين بذلك ما يسمّى الدوّار وسط موائد الحلفاء ويعيشون أساسا من قطاف الحلفاء وتربية الماشية وبدرجة ثانية من الفلاحة. وهو ما يدفع بهم إلى استصلاح الأراضي واستغلالها في الزّراعة على حساب مساحات الحلفاء.

وتتعرّض موائد الحلفاء إلى الاتلاف خاصّة في السّهول (المنخفضات والوديان) حيث كانت دائما مستهدفة من الاستصلاح المفرد باستعمال الحرق والمحراث وكلّ أنواع الالات الفلاحيّة. وقد انتشرت حدائق المرتفعات المحيطة بسبيطلة والقصرين وحاجب العيون وجلمة وبن عون والحفي وحقولها على حساب موائد الحلفاء التي استصلحت وغرست لوزا وزيتونا وبناء على ما تقدّم تنحصر موائد الحلفاء حاليّا في جبال يكون الوصول إليها صعبا.أمّا على مستوى السّهول فهي متلفة تماما مع تزايد الضّغط البشري عليها.ولم يبق من موائد السّهول إلا ما وجد على القشرة الكلسية غير الصالحة لزراعة الأشجار والحبوب.

الرّعي المفرط:

كانت منطقة الوسط للبلاد التونسية ومازالت منطقة لتربية الماشية (ماعز، غنم، بقر، خيل...) وهي تربية توسيعيّة تقام على أراض واسعة مع بذل جهد قليل للعناية بها. ويتجاوز عدد رؤوس الماشية بكثير قدرة المائدة على توفير المرعى.أضف إلى ذلك النقص الشديد للعلف. وهو ما يؤدّي إلى نتيجة واضحة ثابتة. وهي تدهور المائدة واندثار آلاف هكتارات الحلفاء.

وفي هذا المجال صدرت دراسة بمجلّة (Sécheresse) تحمل عنوان: "تراجع الحلفاء مؤشّر انجراد السهول الجزائيّة" (Aidoud et Touffet 1996) تؤكّد أنّ الرّعي المفرط هو السبب الأساس لتراجع موائد الحلفاء هنالك، كما أنّ استئصال نوع مثل الحلفاء له نتائج وخيمة على توازن مجمل النظام البيئي إذ يؤدّي خاصّة إلى إفقار التنوّع النّوعي وإتلاف خصائص التّربة.

الاستغلال الصناعي:

كان استغلال الحلفاء اعتباطيا لا يخضع إلا لقاعدة الطلب، إذ كان يستمر على امتداد السنة ثمّ حدّد ب 9 أشهر ف 6 أشهر، كما أنّ توزيع نقاط الاستغلال على مستوى المائدة غير محكم. فهو استغلال مبالغ فيه بالنّسبة إلى الموائد القريبة من مركز الجمع، في حين يبقى هذا الاستغلال ضعيفا بالمناطق البعيدة وصعب المنال.وفترة الجمع لا تحدّد حسب بيولوجيا النّبتة. فالاستغلال في أثناء الفترة الخضريّة يعرقل نموّها، كما أنّ لجني المحصول في الفترات التي تكون التربة مغمورة بالمياه أ وجافّة نتائج سلبيّة لأنّه يؤدّي إلى اقتلاع جزء من النّباتات بجذورها.

مفعول الطفيليّات:

تتعدّد الطفيليّات التي تصيب نباتات الحلفاء. فهي إمّا من فصيل الحشرات أو الفطريّات. وتكون نباتات المناطق المستغلّة منهكة ومن ثمّة أكثر عرضة لهذه الطّفيليّات، إذ تجد صعوبة كبيرة في التجدّد خاصّة أنّ بقايا أوراق الفروع المتآكلة بالفطريّات تتراكم وسط الخصلة وتكوّن تلبّدا يسمّى ركاما يخنق براعم المركز وهو ما يمنع الخصلة من التّجدّد.بعد أن ذكرنا جلّ أسباب التدهور من المهم التعرف إلى بعض خصائص هذه النّبتة.

خصائص نبتة الحلفاء

مثلما كانت الحلفاء نباتا معمّرا فإنّها تظهر تفاعلات بيولوجيّة مرتبطة وثيق الارتباط بالظّروف المناخيّة ونوعية التّربة والوسط البيئي. ويتميّز هذا النّبات ببعض الخاصّيات البيولوجيّة نذكر بعضها:(التّكاثر الخضري والتّكاثر الجنسيّ) وأيضا تتميز الحلفاء بخصائص تّشكيليّة وتّشريحيّة: (الخصلة بجزئيها الهوائي والتّحأرضي) إضافة إلى الخصائص البيئيّة المتمثلة أساسا في المناخ والتّربة ومقاومة الجفاف.

كيف يقاوم تدهور موائد الحلفاء؟

بعد التعرّض إلى أسباب التّدهور، يحسن تقديم بعض الحلول الملائمة، كما ارتأتها بعض الدراسات:

  • تنظيم استغلال المراعي
  • تنظيم الاستغلال الصّناعي للحلفاء
  • تمديد موائد الحلفاء: (التجديد عن طريق التكاثر الجنسي/التّجديد بالحروق/الحشّ/التنظيف والتّخفيف/تقشيش الموائد/التفريج/المكننة).

إنّ الأهمّية الاقتصادية للحلفاء معروفة منذ زمن بعيد. والمكانة التي تحتلّها في صناعة الورق تبرّر أهمّية هذا النوع النّباتي في برامج البحث التي تتناول بالدّرس الأنواع الغابية.

وفي الميدان الفلاحي لا يزال للحلفاء دور مهمّ في الموارد العلفيّة، في الماضي بالنّسبة إلى الابل وفي وقتنا الحاضر بالنسبة إلى قطعان الماعز والغنم خاصّة في سنوات الجدب. وعلى المستوى الاجتماعي تقوم الحلفاء بدور مهم في استيعاب اليد العاملة.فإلى جانب القطاف لتمويل المصنع، تمكّن صناعة المنتجات الحرفيّة من تشغيل يد عاملة طيلة مدّة طويلة من السّنة (ما يعادل ثلثي الوقت). وعلى مستوى البيئة تسهم الحلفاء في تثبيت التّربة ومقاومة الانجراف. وعلى سبيل المقارنة قد تدهورت المناطق التي استصلحت. وتعرّت بسرعة.فالحلفاء بفعل تركيبة خصلتها تكوّن وسيلة ناجعة وملائمة للمنطقة لحماية أديم الأرض إذ تكوّن حاجزا بيولوجيّا لزحف الرمال.

واعتبارًا لأهمّيتها في ميداني الفلاحة والاقتصاد ونظرًا إلى أثرها الحاسم في المحيط يصبح من الضّروري تطوير برنامج بحث يكون هدفه تجديد موائد الحلفاء. وفي هذا الاتجاه اعتنى المعهد الوطني للهندسة الرّيفية والمياه والغابات بهذه النّبتة اعتناء خاصّا. وكانت محلّ اهتمام الباحثين في عدّة دراسات تناولت عدّة جوانب لها صلة بها. فمنذ 1963 وضع برنامج بحث مواز لبرامج دراسة موائد الحلفاء وتهيئتها.

وفي سنة 1978 صيغ برنامج متعدّد التخصّصات، ورسم له هدف يرتكز على معالجة النّقاط التّالية:

  • بيئة الحلفاء (المناخ - التّربة - الانجراف....).
  • فينولوجيا الحلفاء
  • الأصول الوراثيّة للحلفاء
  • تهيئة موائد الحلفاء
  • مكننة موائد الحلفاء
  • تحسين الانتاجيّة لموائد الحلفاء بتجربة الطّريق الزّراعيّة.