الجامع الكبير - الفاطمي بالمهدية

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الجامع الكبير بالمهدية

إن أول ما يجلب نظر الزائر لهذا الجامع الفاطمي المعروف بالجامع الكبير هو مدخله الرّئيسي الضخم ارتفاعا وعرضا على غرار أقواس النصر الرومانية وكأنّه باب من أبواب مدينة أو قلعة، فهو مستطيل الشكل، وصل ارتفاعه إلى 8.70 مترًا، أمّا مقاساته فهي: 55.8م على 98.2م. ويجمع المؤرّخون تقريبا على أنّ هذا المعلم الديني لم يبرز للوجود إلاّ في القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي). وقد أشار إليه البكري باقتضاب شديد في كتاب المسالك والممالك (أبو عبيد البكري، كتاب المسالك والممالك، بيت الحكمة، تونس، ج2، 1992). وقد اندثرت جلّ آثاره وأصبح خرابا، ولم ير النّور من جديد إلاّ في ستّينات القرن العشرين إثر مجهودات جبّارة قام بها الأثريون والمهندسون وعلى رأسهم الأثري الفرنسي الشهير ألكسندر ليزين، الذي نشر نتائج تلك الأبحاث الميدانية التي كشفت عن أسسه وأزالت الغموض عن خصائصه المعمارية مع مقارنتها خاصة بنصّ البكري; وقد ضبط تخطيطه الأصلي الذي ساعد المختصين على إعادة تشكيله كما نراه اليوم شامخا قبالة البحر حيث أعيد بناؤه سنة 1964 م على أكمل صورة.

ومن أبرز عناصره المعمارية:

  • المحراب: حيث تمّ اكتشاف ملامح أو بقايا المحراب الفاطمي القديم الذي يتألّف من حنية نصف دائرية باتّساع مترين وبعمق 10،1 متر، وقد زخرفت بتسع حنايا صغيرة تميّزت بالاستطالة. وهذا المحراب المنقوش على الحجر بلغ قطر قبّته 45،5 مترًا.
  • المنبر: فهو يعتبر من روائع الفن الاسلامي البديع، فاستعملت فيه النقوش والزخارف الهندسيّة والنباتية، يحتوي على أحد عشر درجا، ارتفاع الواحد اثنان وعشرون صنتيمترا، وكذلك على أربعة أعمدة خشبيّة مخروطة وأسفله إضافة إلى عشرات القطع المنقوشة بأشكال هندسية دقيقة الصنع.
  • أمّا القبّة الوحيدة هي قبّة المحراب النصف دائرية التي تكاد تكون خالية من الزخارف إلاّ كتابة أرّخت لبناء الجامع وتجديده وفتحه للمصلّين في الثاني عشر من ربيع الأنوار عام 1384هـ/21 جويلية 1964م.

لا يحتوي هذا الجامع على صومعة بل على أربعة صهاريج ماء ضخمة مختلفة الأحجام بلغ ارتفاعها 60,10 من الأمتار، وهو ما يفسّر افتقار مدينة المهديّة القديمة إلى الماء وحاجتها الأكيدة إليه نظرا لامتلاكها منفذا أرضيا وحيدا يسمح لها بالتّزود بالماء والحاجات الأساسية، وهي مدينة عانت من الحصار والهجومات البحرية والبرية الداخلية والخارجية أكثر من ستين عاما وهو ما يُقارب عمر الدولة الفاطمية بالبلاد التونسية قبل انتقالها واستقرارها النهائي بمصر.