الجامع الحنفي بباجة

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الجامع الحنفي بباجة

يعد من أعرق الجوامع الحنفية بالشمال الغربي للبلاد التونسية ، أمر بإنشائه مراد باي الثاني قبل سنة من وفاته أي سنة 1085هـ/1674م ، وذلك على يد الحاج بقطاش داي وهو لا يبعد سوى مائة متر تقريبا عن الجامع الكبير المالكي، كما يحتل موقعا استراتيجيا بالنسبة إلى المحاور العمرانية لمدينة باجة. يتم الدخول إلى هذا الجامع عبر أربعة أبواب، ثلاثة منها شرقية تفضي إلى الصحن، وواحد غربي ينفتح مباشرة على الصحن. ورغم أنّ الجوامع الحنفية تعرف بصومعتها المثمّنة الشكل مقارنة بصومعة الجامع المالكي ذات الشكل المربع، فإنّ صومعة هذا الجامع المنسوب إلى المذهب الحنفي، مربعة الشكل بخلاف السائد، حيث لم تحضر فيها بصمات الفن المعماري التركي على غرار الجوامع الحنفية بمدينة تونس أو مدينة بنزرت..إلاّ في حلية القبة الخزفية وما علاها من تفافيح وراية وهلال. فطرازها الموحّدي يجعلها ضمن المرجعية المعمارية الإفريقية الأصلية.

أمّا المنبر فاتّبع الطراز العثماني المتمثل في المنبر المبني على غرار منابر الجوامع الحنفية بالبلاد التونسية، وهو مكسوّ من جميع جوانبه بألواح رخامية ملوّنة. يصل ارتفاعه إلى 2.80 مترًا وينتهي بقوس حدوي نصف دائري متناوب الفقرات. أمّا مصعده فيتألف من سبع درجات، وعلى جانبي المنبر يوجد شريط زَخرفي يتكوّن من وشاحين أسودين متحابكين. أمّا في أعلى هذا المنبر فنجد مجلسًا تنفتح عليه من جهة القبلة شمسيّة وينتصب عليه جامور صغير هرمي الشكل يحوي بدوره أربعة أعمدة صغيرة تحمل عقدًا منفرجا كقاعدة القوس الحاملة للجامور.

كما نلاحظ وجود سدّة تعرف ب سدّة الخوجات على غرار الجوامع الحنفية وهي من العناصر الجديدة التي أدخلها الأتراك على عمارة المساجد بالبلاد التونسية، هذا إضافة إلى وجود سدّتين أخريين: الأولى في الجهة الجنوبية الشرقية من بيت الصلاة، والثانية في الجهة الشمالية. وإضافة إلى العناصر الأخرى والتحويرات التي حدثت فيه فإنّ اللاّفت للانتباه هو أنّ هذا الجامع الحنفي لم يتأثّر كثيرا بالطابع المعماري والزخرفي الذي عرفته الجوامع الحنفية الأولى التي تأسّست في عهود الحكام المراديين مثل يوسف داي وحمودة باشا المرادي ، إذْ تم الاستغناء عن الصومعة المثمنة رمز الجوامع الحنفية والصحن الذي يحيط ببيت الصلاة من الجهات الشرقية والشمالية والغربية، كما تخلّى عن الواجهة المزخرفة، بل تأثّر في جزء كبير من ملامحه العمرانية والزخرفية بالمساجد المالكية التي كانت بجواره مثل جامع أحمد الجزّار بطرازه الأغلبي والجامع العتيق بطرازه الفاطمي اللذين يمتازان بالصّلابة مثل سائر الجوامع الإفريقية.