«الأسرة التونسية»: الفرق بين المراجعتين

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سطر 1: سطر 1:
 
==واقع [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] ==  
 
==واقع [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] ==  
 
تطور عدد الأسر التونسيّة في ظرف ثلاثين سنة من 873.900 أسرة سنة 1966 إلى 2.474.600 أسرة حسب آخر النتائج الاحصائيّة، سنة 2009.  
 
تطور عدد الأسر التونسيّة في ظرف ثلاثين سنة من 873.900 أسرة سنة 1966 إلى 2.474.600 أسرة حسب آخر النتائج الاحصائيّة، سنة 2009.  
وانخفض حجم [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] إلى معدل 4.21 أفراد وتراجع مستوى الخصوبة من 7.5 أطفال للمرأة سنة 1956 إلى 3.2 أطفال سنة 2009. وسجل ارتفاع كبير لمُؤمل الحياة عند الولادة بلغ 74.5 سنة (سنة 2009) كما زادت نسبة المسنين لتصبح 9.8 % تقريبا من مجموع السكان في السنة نفسها بعد أن كانت لا تتجاوز 5,5% سنة 1966, وهو ارتفاع ملحوظ ولّد حاجات جديدة كالتكوين في طب الشيخوخة وتطوير إمكانات صناديق التقاعد والحيطة الاجتماعيّة واعادة تنظيمها واستغلال موارد بشريّة ظلت معطلة بحكم التقاعد.
+
وانخفض حجم [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] إلى معدل 4.21 أفراد وتراجع مستوى الخصوبة من 7.5 أطفال للمرأة سنة 1956 إلى 3.2 أطفال سنة 2009. وسجل ارتفاع كبير لمُؤمل الحياة عند الولادة بلغ 74.5 سنة (سنة 2009) كما زادت نسبة المسنين لتصبح 9.8 % تقريبا من مجموع السكان في السنة نفسها بعد أن كانت لا تتجاوز 5,5% سنة 1966, وهو ارتفاع ملحوظ ولّد حاجات جديدة كالتكوين في طب الشيخوخة وتطوير إمكانات صناديق التقاعد والحيطة الاجتماعيّة وإعادة تنظيمها واستغلال موارد بشريّة ظلت معطلة بحكم التقاعد.
 +
 
 
تعيش [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] حاليا تحوّلا كبيرا في تركيبتها الديمغرافية إذ أصبح النمط النووي أي التنظيم الأسري المتكون من زوجين وأبناء النمط المسيطر (70% من الأسر التونسيّة) وتقلصت الأسر الممتدة إلى أقل من الثلث. أما على المستوى الجغرافي فقد تجاوزت نسبة الأسر التي تعيش في المناطق البلدية نسبة الأسر التي تعيش في المناطق غير البلدية (70% مقابل 30%).
 
تعيش [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] حاليا تحوّلا كبيرا في تركيبتها الديمغرافية إذ أصبح النمط النووي أي التنظيم الأسري المتكون من زوجين وأبناء النمط المسيطر (70% من الأسر التونسيّة) وتقلصت الأسر الممتدة إلى أقل من الثلث. أما على المستوى الجغرافي فقد تجاوزت نسبة الأسر التي تعيش في المناطق البلدية نسبة الأسر التي تعيش في المناطق غير البلدية (70% مقابل 30%).
 
وحسب الاحصائيات المتوفرة بدفاتر الحالة المدنية بقيت ظاهرة الطلاق مستقرة نسبيا في المجتمع التونسي في حدود 15.3 % من عدد الزيجات المسجلة، باستثناء الفترة المتراوحة بين 1988و 1990 إذ تجاوزت هذه النسبة معدل 20% لأسباب تتطلب مزيدا من الدراسة والتعمق وانخفضت بداية من سنة 1991 ثم عادت بعد ذلك إلى مستواها المعهود.
 
وحسب الاحصائيات المتوفرة بدفاتر الحالة المدنية بقيت ظاهرة الطلاق مستقرة نسبيا في المجتمع التونسي في حدود 15.3 % من عدد الزيجات المسجلة، باستثناء الفترة المتراوحة بين 1988و 1990 إذ تجاوزت هذه النسبة معدل 20% لأسباب تتطلب مزيدا من الدراسة والتعمق وانخفضت بداية من سنة 1991 ثم عادت بعد ذلك إلى مستواها المعهود.
ونتيجة للاختلاط المدرسي والمهني ولحركة السكان، إضافة إلى التوعية الصحيّة تراجع الزواج بالأقارب الذي كان النمط المحبذ في المجتمع التونسي التقليدي إذ نجد صداه في الأغاني والحكايات الشعبية (التغني خاصة ببنت العم).ويعتبر المسكن اللائق من مقومات الحياة الكريمة ومن أسس المواطنة ويحظى لدى [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] باهتمام بالغ إذ لا تتردد في الاقتراض وبيع بعض ممتلكاتها لبناء أو اقتناء مسكن مناسب يأويها ويستجيب لمتطلبات عصرها وينفق التونسي 22% من ميزانيته لتوفير السكن.وتفيد إحصائيات سنة 2009 أن 78% من الأسر التونسيّة تملك مساكنها وأن نسبة المساكن البدائيّة تقلّصت من 44 % سنة 1966 إلى 1.2% سنة 2009. وبينت إحصائيات سنة 2009 أن 86.5% من الأسر تتمتع بالماء الصالح للشراب وتستفيد 99.6% من الأسر بالنور الكهربائي وتمتلك 96.7% من الأسر جهاز تلفزة وتمتلك 93.0% من الأسر ثلاجة وتمتلك 68.8% من الأسر آلة طبخ بالفرن وتمتلك 26.1% من الأسر جهاز هاتف قار.
+
 
 +
ونتيجة للاختلاط المدرسي والمهني ولحركة السكان، إضافة إلى التوعية الصحيّة تراجع الزواج بالأقارب الذي كان النمط المحبذ في المجتمع التونسي التقليدي إذ نجد صداه في الأغاني والحكايات الشعبية (التغني خاصة ببنت العم). ويعتبر المسكن اللائق من مقومات الحياة الكريمة ومن أسس المواطنة ويحظى لدى [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] باهتمام بالغ إذ لا تتردد في الاقتراض وبيع بعض ممتلكاتها لبناء أو اقتناء مسكن مناسب يأويها ويستجيب لمتطلبات عصرها وينفق التونسي 22% من ميزانيته لتوفير السكن. وتفيد إحصائيات سنة 2009 أن 78% من الأسر التونسيّة تملك مساكنها وأن نسبة المساكن البدائيّة تقلّصت من 44 % سنة 1966 إلى 1.2% سنة 2009. وبينت إحصائيات سنة 2009 أن 86.5% من الأسر تتمتع بالماء الصالح للشراب وتستفيد 99.6% من الأسر بالنور الكهربائي وتمتلك 96.7% من الأسر جهاز تلفزة وتمتلك 93.0% من الأسر ثلاجة وتمتلك 68.8% من الأسر آلة طبخ بالفرن وتمتلك 26.1% من الأسر جهاز هاتف قار.
 
وتمتلك 89.2% من الأسر هاتفا جوالا واحدا على الأقل، كما تمتلك 14.4% من الأسر حاسوبا و 14.6% من الأسر يستعمل أحد أفرادها الأنترنات.
 
وتمتلك 89.2% من الأسر هاتفا جوالا واحدا على الأقل، كما تمتلك 14.4% من الأسر حاسوبا و 14.6% من الأسر يستعمل أحد أفرادها الأنترنات.
  
 
==تطور [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] ==  
 
==تطور [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] ==  
 +
 
رغم أن الأسرة تعيش تحولات عدّة أهمها الانتقال من النمط الممتد إلى النمط النووي، فإنها مازالت تحافظ على بعض خصائصها التقليديّة وتشهد في آن واحد تطورا ملحوظا في مجالات أخرى لذلك يمكن الحديث عن ثوابت وتحولات في حياة [[الأسرة التونسية]] الحالية.
 
رغم أن الأسرة تعيش تحولات عدّة أهمها الانتقال من النمط الممتد إلى النمط النووي، فإنها مازالت تحافظ على بعض خصائصها التقليديّة وتشهد في آن واحد تطورا ملحوظا في مجالات أخرى لذلك يمكن الحديث عن ثوابت وتحولات في حياة [[الأسرة التونسية]] الحالية.
  
 
===الثوابت ===
 
===الثوابت ===
  
لقد سبق أن بيّن الأستاذ عبد الوهاب بوحديبة كيف أن الرجل التونسي في أثناء فترة الاستعمار وخاصة في المدينة تستهويه ملذات الحياة العصريّة التي جاء بها الأوروبيون إلى بلاده لما يكون خارج البيت، لكنّه لا يتردد في التقيّد بضوابط الأسرة لما يعود إليه، وبذلك تكون قد حافظت على هوية المجتمع التونسي وقاومت الانسلاخ والذوبان.
+
لقد سبق أن بيّن الأستاذ [[عبد الوهاب بوحديبة]] كيف أن الرجل التونسي في أثناء فترة الاستعمار وخاصة في المدينة تستهويه ملذات الحياة العصريّة التي جاء بها الأوروبيون إلى بلاده لما يكون خارج البيت، لكنّه لا يتردد في التقيّد بضوابط الأسرة لما يعود إليه، وبذلك تكون قد حافظت على هوية المجتمع التونسي وقاومت الانسلاخ والذوبان.
 
ونلاحظ اليوم وجود بعض المستقرات في حياة [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] تسم شخصيّة التونسي وتسهم بعض خصائصها في التماسك الاجتماعي.
 
ونلاحظ اليوم وجود بعض المستقرات في حياة [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] تسم شخصيّة التونسي وتسهم بعض خصائصها في التماسك الاجتماعي.
 
فمازال التونسيون بما في ذلك الشباب يولون أهمية كبيرة لحياة الأسرة وللقيم التي تقوم عليها مثل التضامن واحترام الوالدين، وإذا انتقدوا بعض مظاهر التشدد في العلاقات الأسريّة فإنهم لا يشككون أبدا في الأسس والمبادئ الجوهريّة التي تقوم عليها هذه الروابط.
 
فمازال التونسيون بما في ذلك الشباب يولون أهمية كبيرة لحياة الأسرة وللقيم التي تقوم عليها مثل التضامن واحترام الوالدين، وإذا انتقدوا بعض مظاهر التشدد في العلاقات الأسريّة فإنهم لا يشككون أبدا في الأسس والمبادئ الجوهريّة التي تقوم عليها هذه الروابط.
 
وخلافا لما هو معروف في البلدان الأوروبيّة حيث تهجر نسبة مهمّة من الشباب الأسرة منذ فترة المراهقة لتنضمّ إلى مجموعات الأصدقاء فإنه من النادر جدا بل من الاستثنائي أن نرى شابا أعزب (ذكرا أو أنثى) يخرج عن الأسرة ليسكن بمفرده أو مع أصدقائه في المدينة نفسها أو القرية التي يعيش فيها والداه.
 
وخلافا لما هو معروف في البلدان الأوروبيّة حيث تهجر نسبة مهمّة من الشباب الأسرة منذ فترة المراهقة لتنضمّ إلى مجموعات الأصدقاء فإنه من النادر جدا بل من الاستثنائي أن نرى شابا أعزب (ذكرا أو أنثى) يخرج عن الأسرة ليسكن بمفرده أو مع أصدقائه في المدينة نفسها أو القرية التي يعيش فيها والداه.
 +
 
بل إن وضعا جديدا أصبح يميّز [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] وهو احتضانها لأبنائها الأعزاب لفترة أطول من ذي قبل لتأخّر سنّ الزواج، نتيجة ظروف الحياة العصريّة (التعليم، الشغل...). فقد بلغ متوسط العمر عند الزواج 34 سنة لدى الرجل و28 لدى المرأة سنة 2000 ونتيجة لذلك يعيش 50% من الرجال و28% من الفتيات تتراوح أعمارهم بين 30 سنة و34 سنة في تونس داخل أسرهم في هذه السن.
 
بل إن وضعا جديدا أصبح يميّز [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] وهو احتضانها لأبنائها الأعزاب لفترة أطول من ذي قبل لتأخّر سنّ الزواج، نتيجة ظروف الحياة العصريّة (التعليم، الشغل...). فقد بلغ متوسط العمر عند الزواج 34 سنة لدى الرجل و28 لدى المرأة سنة 2000 ونتيجة لذلك يعيش 50% من الرجال و28% من الفتيات تتراوح أعمارهم بين 30 سنة و34 سنة في تونس داخل أسرهم في هذه السن.
 
وعلى عكس الثورة الشبابيّة التي عرفتها أوروبا الغربيّة خاصة في الستينات من القرن العشرين إذ اتهمت الأسرة بالرجعية والتسلط فإن أحوال الأسرة تعدّ أولويّة في شواغل الشباب التونسي إذ تحتل المرتبة الثانية (44.4%) بعد وضعيتهم المالية (50.5%).
 
وعلى عكس الثورة الشبابيّة التي عرفتها أوروبا الغربيّة خاصة في الستينات من القرن العشرين إذ اتهمت الأسرة بالرجعية والتسلط فإن أحوال الأسرة تعدّ أولويّة في شواغل الشباب التونسي إذ تحتل المرتبة الثانية (44.4%) بعد وضعيتهم المالية (50.5%).
سطر 21: سطر 25:
 
فقد وجدنا أن 83.4% من المقيمين بمراكز رعاية المسنين بتونس ليس لهم أبناء وأن 44% لم يتزوجوا قط. وهو ما يدل على أن أغلبية هؤلاء النزلاء تفتقر إلى السند العائلي.
 
فقد وجدنا أن 83.4% من المقيمين بمراكز رعاية المسنين بتونس ليس لهم أبناء وأن 44% لم يتزوجوا قط. وهو ما يدل على أن أغلبية هؤلاء النزلاء تفتقر إلى السند العائلي.
 
ورغم أن [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] تطورت في اتجاه استقلال الأبناء بالسكن عند زواجهم فإن جل الدراسات بينت أن مساكن الأبناء لا تبعد كثيرا عن مساكن الوالدين وأحيانا لا يفصل بينها إلا بضع دقائق من الوقت وتتسم العلاقات بينهم بكثافة التواصل.
 
ورغم أن [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] تطورت في اتجاه استقلال الأبناء بالسكن عند زواجهم فإن جل الدراسات بينت أن مساكن الأبناء لا تبعد كثيرا عن مساكن الوالدين وأحيانا لا يفصل بينها إلا بضع دقائق من الوقت وتتسم العلاقات بينهم بكثافة التواصل.
 +
 
ونظرا إلى المشاكل المنجرة عن وجود أسرتين أو أكثر داخل مسكن واحد وهي التي تتفاقم مع تطور الحياة وظهور حاجات ورغبات جديدة، فقد نجحت جل الأسر التونسيّة في التوفيق بين أهمية استقلال الأبناء بالسكن وضرورة المحافظة على علاقات متينة معهم فساعدتهم على توفير الأراضي والعقارات بالهبات المالية والاقتراض ليستقروا بالقرب منها، وهي مساعدة حافظت في آن واحد على اللحمة العاطفية بين الفروع وجنبتهم مشكلات المساكنة.
 
ونظرا إلى المشاكل المنجرة عن وجود أسرتين أو أكثر داخل مسكن واحد وهي التي تتفاقم مع تطور الحياة وظهور حاجات ورغبات جديدة، فقد نجحت جل الأسر التونسيّة في التوفيق بين أهمية استقلال الأبناء بالسكن وضرورة المحافظة على علاقات متينة معهم فساعدتهم على توفير الأراضي والعقارات بالهبات المالية والاقتراض ليستقروا بالقرب منها، وهي مساعدة حافظت في آن واحد على اللحمة العاطفية بين الفروع وجنبتهم مشكلات المساكنة.
وفضلا عن ذلك تبدو العلاقات بين الأسر المنتمية إلى العائلة الممتدة نفسها عادية وأحيانا فاترة بسبب بعض الخلافات الطارئة لكنها تتكثف أثناء المحن والأزمات وتتجاوز أسباب النزاع في شكل مد تضامني جماعي موجه إلى الأسرة المنكوبة.وبجانب الثوابت الايجابية التي بقيت تسم العلاقات داخل [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] وتمتّن لحمتها فإن بعض المظاهر السلبيّة لم تضمحل تماما مثل العلاقات المتوترة أو شبه المتوترة بين الكنة والحماة، فكثيرا ما تتهم زوجة ابنها بالاسراف والتبذير وسوء التصرف وإهمالها لزوجها لكن استقلال الأسر الجديدة بمساكنها قلل من الاحتكاك وخفف من أسباب التوتر بينها.
+
 
 +
وفضلا عن ذلك تبدو العلاقات بين الأسر المنتمية إلى العائلة الممتدة نفسها عادية وأحيانا فاترة بسبب بعض الخلافات الطارئة لكنها تتكثف أثناء المحن والأزمات وتتجاوز أسباب النزاع في شكل مد تضامني جماعي موجه إلى الأسرة المنكوبة. وبجانب الثوابت الايجابية التي بقيت تسم العلاقات داخل [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] وتمتّن لحمتها فإن بعض المظاهر السلبيّة لم تضمحل تماما مثل العلاقات المتوترة أو شبه المتوترة بين الكنة والحماة، فكثيرا ما تتهم زوجة ابنها بالاسراف والتبذير وسوء التصرف وإهمالها لزوجها لكن استقلال الأسر الجديدة بمساكنها قلل من الاحتكاك وخفف من أسباب التوتر بينها.
  
 
===التحولات ===
 
===التحولات ===
  
طرأت على العلاقات الأسريّة ببلادنا تحولات مهمّة من أبرز مظاهرها تقلّص التمييز الذي كان يفصل الذكر عن الأنثى. وبعد أن كانت جلّ الأسر التونسيّة طوال قرون عدّة لا تهتمّ بالبنت إلاّ من زاوية إعدادها للزواج وإدارة شؤون المنزل في حين كانت تحرص في كثير من الأحيان على تعليم الولد وإعداده دائما للحياة المهنيّة، أصبح تعليم البنت لا يقل أهمية عن تعليم الولد، ويعدّ النهوض بالمرأة في مختلف المجالات أحد مقومات الاصلاح الذي نادى به رواد النهضة التونسيّة وتجسّم بعد [[استقلال تونس|الاستقلال]] أساسا في مجلّة الأحوال الشخصيّة التي ألغت في تنقيحاتها المختلفة والمتتالية الاجراءات التمييزيّة التي كانت تثبّت دونية المرأة وعلوية الرجل.
+
طرأت على العلاقات الأسريّة ببلادنا تحولات مهمّة من أبرز مظاهرها تقلّص التمييز الذي كان يفصل الذكر عن الأنثى. وبعد أن كانت جلّ الأسر التونسيّة طوال قرون عدّة لا تهتمّ بالبنت إلاّ من زاوية إعدادها للزواج وإدارة شؤون المنزل في حين كانت تحرص في كثير من الأحيان على تعليم الولد وإعداده دائما للحياة المهنيّة، أصبح تعليم البنت لا يقل أهمية عن تعليم الولد، ويعدّ النهوض بالمرأة في مختلف المجالات أحد مقومات الاصلاح الذي نادى به رواد النهضة التونسيّة وتجسّم بعد [[استقلال تونس|الاستقلال]] أساسا في [[مجلّة الأحوال الشخصيّة]] التي ألغت في تنقيحاتها المختلفة والمتتالية الاجراءات التمييزيّة التي كانت تثبّت دونية المرأة وعلوية الرجل.
 +
 
 
كما تقلّصت الفروق التقليديّة بين الرجل والمرأة بفضل الثورة التعليميّة في البلاد التونسيّة منذ [[استقلال تونس|الاستقلال]] وخاصة بعد سن تعليم أساسي إلزامي سنة 1990 يدوم تسع سنوات، مقصيا كل أشكال التمييز المبنية على اعتبارات جنسية أو صحيّة أو اجتماعيّة.وبمرور الوقت زالت الفروق التي كانت تفصل تعليم الولد عن تعليم البنت فقد التحق 92.5% من الفتيات في بداية السنة الدراسيّة 1998 - 1999 بالمدارس.وبعد أن كانت الطالبات لا يمثلن الا 36.6% من مجموع الطلبة خلال السنة الجامعيّة 1986 - 1987 أصبحن يمثلن 59.7% من جملة المسجّلين في السنة الجامعيّة (2008 - 2009). ورغم اهتمامها الشّديد بتعليم الفتاة فإنّ الأسر التونسيّة لا تزال تعتمد عليها أكثر من الولد في الأشغال المنزليّة (78% من الفتيات مقابل 7% من الفتيان). ولكن قد لا يعني هذا الفرق أن الأسرة تجبر دائما الفتاة على القيام بالأشغال المنزليّة وتتغاضى عن مساعدة الفتى بل يمكن للفتاة أن تتقمّص من تلقاء نفسها الدور التقليدي للمرأة التونسيّة المتجذر في اللاوعي الجماعي فترى نفسها مدعوة أكثر من الفتى للقيام به عند الحاجة، وهو أمر لا يبدو غريبا ونحن نشاهد اليوم إطارات نسائيّة عليا تعد المؤن التقليديّة بالطريقة نفسها المعتمدة من قبل أمهاتهن.
 
كما تقلّصت الفروق التقليديّة بين الرجل والمرأة بفضل الثورة التعليميّة في البلاد التونسيّة منذ [[استقلال تونس|الاستقلال]] وخاصة بعد سن تعليم أساسي إلزامي سنة 1990 يدوم تسع سنوات، مقصيا كل أشكال التمييز المبنية على اعتبارات جنسية أو صحيّة أو اجتماعيّة.وبمرور الوقت زالت الفروق التي كانت تفصل تعليم الولد عن تعليم البنت فقد التحق 92.5% من الفتيات في بداية السنة الدراسيّة 1998 - 1999 بالمدارس.وبعد أن كانت الطالبات لا يمثلن الا 36.6% من مجموع الطلبة خلال السنة الجامعيّة 1986 - 1987 أصبحن يمثلن 59.7% من جملة المسجّلين في السنة الجامعيّة (2008 - 2009). ورغم اهتمامها الشّديد بتعليم الفتاة فإنّ الأسر التونسيّة لا تزال تعتمد عليها أكثر من الولد في الأشغال المنزليّة (78% من الفتيات مقابل 7% من الفتيان). ولكن قد لا يعني هذا الفرق أن الأسرة تجبر دائما الفتاة على القيام بالأشغال المنزليّة وتتغاضى عن مساعدة الفتى بل يمكن للفتاة أن تتقمّص من تلقاء نفسها الدور التقليدي للمرأة التونسيّة المتجذر في اللاوعي الجماعي فترى نفسها مدعوة أكثر من الفتى للقيام به عند الحاجة، وهو أمر لا يبدو غريبا ونحن نشاهد اليوم إطارات نسائيّة عليا تعد المؤن التقليديّة بالطريقة نفسها المعتمدة من قبل أمهاتهن.
ومع أن المرأة تضطلع بدور شبه كلي في القيام بالأشغال المنزلية فإن بوادر التعاون بين الزوجين في كلّ المجالات التي تهمّ الأسرة بدأت تظهر. فقد بينت دراسة قامت بها وزارة شؤون المرأة والأسرة أنّ 36% من الأزواج يُشْركون زوجاتهم في أخذ القرار ويرى 88% من المستجوبين أنّه يجب على الزوج استشارة زوجته قبل اتخاذ أي قرار في حين يرى 56% من الأزواج أن أخذ القرارات تبقى في نهاية المطاف من مشمولات الرجال.أما المظهر الثاني من التحولات التي تعيشها [[الأسرة التونسية]] فهو تقلص الثنائيّة التي كانت تفصل الأدوار الرجالية عن الأدوار النسائيّة (المرأة تهتمّ بالداخل والرجل يهتمّ بالخارج).لكن هذا التغيير كان في اتجاه اضطلاع المرأة بأدوار خارج البيت أكثر من اضطلاع الرجل بأدوار داخله، فقد أصبحت المرأة تخرج إلى الأسواق لشراء ما تحتاجه الأسرة وتصطحب أبناءها إلى المدارس وتتصل بالمدرسين وبأعوان الادارات والمصالح العموميّة.
+
 
 +
ومع أن المرأة تضطلع بدور شبه كلي في القيام بالأشغال المنزلية فإن بوادر التعاون بين الزوجين في كلّ المجالات التي تهمّ الأسرة بدأت تظهر. فقد بينت دراسة قامت بها وزارة شؤون المرأة والأسرة أنّ 36% من الأزواج يُشْركون زوجاتهم في أخذ القرار ويرى 88% من المستجوبين أنّه يجب على الزوج استشارة زوجته قبل اتخاذ أي قرار في حين يرى 56% من الأزواج أن أخذ القرارات تبقى في نهاية المطاف من مشمولات الرجال. أما المظهر الثاني من التحولات التي تعيشها [[الأسرة التونسية]] فهو تقلص الثنائيّة التي كانت تفصل الأدوار الرجالية عن الأدوار النسائيّة (المرأة تهتمّ بالداخل والرجل يهتمّ بالخارج). لكن هذا التغيير كان في اتجاه اضطلاع المرأة بأدوار خارج البيت أكثر من اضطلاع الرجل بأدوار داخله، فقد أصبحت المرأة تخرج إلى الأسواق لشراء ما تحتاجه الأسرة وتصطحب أبناءها إلى المدارس وتتصل بالمدرسين وبأعوان الادارات والمصالح العموميّة.
 +
 
 
ولعل أبرز ظاهرة في هذا المجال هي اشتغال المرأة خارج البيت (81% من النساء في سن العمل يشتغلن خارج البيت) ويبدو حضور المرأة بارزا خاصة في قطاع الوظيفة العموميّة حيث تمثل النساء 43% من مجموع العاملين به.أما أكثر كثافة نسائيّة فنجدها في قطاع التعليم والصحة (47.9% في التعليم الأساسي 45% في التعليم الثانوي 28.4% في التعليم العالي 33% في الصحة العموميّة مقارنة بمجموع العاملين) ويشغل [[النسيج في تونس|قطاع النسيج]] والفلاحة أكبر عدد من اليد العاملة النسائيّة في القطاع الخاص.
 
ولعل أبرز ظاهرة في هذا المجال هي اشتغال المرأة خارج البيت (81% من النساء في سن العمل يشتغلن خارج البيت) ويبدو حضور المرأة بارزا خاصة في قطاع الوظيفة العموميّة حيث تمثل النساء 43% من مجموع العاملين به.أما أكثر كثافة نسائيّة فنجدها في قطاع التعليم والصحة (47.9% في التعليم الأساسي 45% في التعليم الثانوي 28.4% في التعليم العالي 33% في الصحة العموميّة مقارنة بمجموع العاملين) ويشغل [[النسيج في تونس|قطاع النسيج]] والفلاحة أكبر عدد من اليد العاملة النسائيّة في القطاع الخاص.
 
وإضافة إلى ما سبق، يمكن اعتبار الاستقلالية النسبية للأسرة النّوَاة عن العائلة الممتدة من أهم التحولات الاجتماعيّة في تونس. فخلافا للنمط التقليدي الذي كان يسيطر على الحياة الاجتماعيّة وهو خضوع الأسر الجديدة لتقاليد المجموعة (العائلة الممتدة في الوسط الحضري والقبيلة في الوسط الريفي) وأعرافها. وذلك بتدخل عدّة أقارب وخاصة كبار السن في حياة الأسرة الجديدة مثل كيفيّة التسيير لشؤون المنزل وتربية الأطفال والعلاقات الزوجية فإن [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] الحالية أصبحت في استقلالية نسبية عن العائلة الممتدة وتدير أكثر شؤونها بنفسها.
 
وإضافة إلى ما سبق، يمكن اعتبار الاستقلالية النسبية للأسرة النّوَاة عن العائلة الممتدة من أهم التحولات الاجتماعيّة في تونس. فخلافا للنمط التقليدي الذي كان يسيطر على الحياة الاجتماعيّة وهو خضوع الأسر الجديدة لتقاليد المجموعة (العائلة الممتدة في الوسط الحضري والقبيلة في الوسط الريفي) وأعرافها. وذلك بتدخل عدّة أقارب وخاصة كبار السن في حياة الأسرة الجديدة مثل كيفيّة التسيير لشؤون المنزل وتربية الأطفال والعلاقات الزوجية فإن [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] الحالية أصبحت في استقلالية نسبية عن العائلة الممتدة وتدير أكثر شؤونها بنفسها.
وقد ساعدت عوامل كثيرة على بروز هذه الاستقلالية لعل أهمها تلاشي النمط الاقتصادي العائلي التقليدي القائم على الاشتراك في وسائل الانتاج والتلبية الجماعية للحاجات بعد أن تطوّر العمل المؤجر وبعث المشروعات الفردية على نحو لافت وتراجع ظاهرة الزواج بالأقارب التي كانت تحمل مضامين عشائريّة لا تترك إلا مجالا ضيّقا لتصرف الزوجين، وأخيرا انفراد الأسر التونسيّة بمساكن مستقلة، ف[[استقلال تونس|الاستقلال]] الذاتي يبدأ قبل كل شيء ب[[استقلال تونس|الاستقلال]] المكاني.
+
 
 +
وقد ساعدت عوامل كثيرة على بروز هذه الاستقلالية لعل أهمها تلاشي النمط الاقتصادي العائلي التقليدي القائم على الاشتراك في وسائل الانتاج والتلبية الجماعية للحاجات بعد أن تطوّر العمل المؤجر وبعث المشروعات الفردية على نحو لافت وتراجع ظاهرة الزواج بالأقارب التي كانت تحمل مضامين عشائريّة لا تترك إلا مجالا ضيّقا لتصرف الزوجين، وأخيرا انفراد الأسر التونسيّة بمساكن مستقلة، فالاستقلال الذاتي يبدأ قبل كل شيء بالاستقلال المكاني.
 
لكن لم تقطع هذه الاستقلالية النسبيّة للأسرة النواتية العلاقات مع مجموعة الأسر المنتمية إلى العائلة الممتدة بل تتكثف الاتصالات في أثناء المواسم والأعياد والأفراح ويتجلى التضامن في شتى مظاهره عند تعرض بعضها إلى أزمات أو مصائب.
 
لكن لم تقطع هذه الاستقلالية النسبيّة للأسرة النواتية العلاقات مع مجموعة الأسر المنتمية إلى العائلة الممتدة بل تتكثف الاتصالات في أثناء المواسم والأعياد والأفراح ويتجلى التضامن في شتى مظاهره عند تعرض بعضها إلى أزمات أو مصائب.
 +
 
ولعل استقلال الأسرة النواتية عن العائلة الممتدة أو العشيرة يسّر الحوار داخل الأسرة وهو المظهر الأخير للتحولات الأسريّة الذي نريد إبرازه. فقد تقلّصت السيطرة التقليديّة للوالدين على الأبناء في اتجاه علاقات أكثر ديمقراطيّة، فبدأت تظهر تقاليد حوار بين الأولياء والأبناء اذ تبين أن أكثر من نصف الأولياء في المناطق البلدية (58%) ونصفهم تقريبا في المناطق غير البلديّة (49%) يناقشون مع أبنائهم الموضوعات التي تهمّهم.
 
ولعل استقلال الأسرة النواتية عن العائلة الممتدة أو العشيرة يسّر الحوار داخل الأسرة وهو المظهر الأخير للتحولات الأسريّة الذي نريد إبرازه. فقد تقلّصت السيطرة التقليديّة للوالدين على الأبناء في اتجاه علاقات أكثر ديمقراطيّة، فبدأت تظهر تقاليد حوار بين الأولياء والأبناء اذ تبين أن أكثر من نصف الأولياء في المناطق البلدية (58%) ونصفهم تقريبا في المناطق غير البلديّة (49%) يناقشون مع أبنائهم الموضوعات التي تهمّهم.
 +
 
وتقلص عامل السن محددا سوسيولوجيا للعلاقات بين الأجيال بعد أن كانت القدرة والمهارة والقيادة تقاس بالسن وظهرت الكفاية المبنية على التعليم وولجت الأجيال الجديدة بقوة باب الحداثة مثل التمكن من الاعلامية ومن اللغات فضعفت السلطة التقليديّة المبنيّة على الأقدميّة، بل أصبح أولياء كثيرون يعتمدون على أبنائهم في التعامل مع مقتضيات الحداثة، ورغم هذا بقي احترام الوالدين قيمة تتجاوز الملابسات الظرفية.
 
وتقلص عامل السن محددا سوسيولوجيا للعلاقات بين الأجيال بعد أن كانت القدرة والمهارة والقيادة تقاس بالسن وظهرت الكفاية المبنية على التعليم وولجت الأجيال الجديدة بقوة باب الحداثة مثل التمكن من الاعلامية ومن اللغات فضعفت السلطة التقليديّة المبنيّة على الأقدميّة، بل أصبح أولياء كثيرون يعتمدون على أبنائهم في التعامل مع مقتضيات الحداثة، ورغم هذا بقي احترام الوالدين قيمة تتجاوز الملابسات الظرفية.
  
 
==وظائف [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] ==  
 
==وظائف [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] ==  
 +
 
ظلت [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] لقرون عدّة الملجأ الوحيد الذي يقي الفرد غوائل الدهر كالفقر والمرض واليتم والتّرمل، إلا أن الوظيفة الحمائيّة للأسرة تقلصت منذ ظهور نظام الضمان الاجتماعي وخاصة بداية انتشاره في القطاع الخاص انطلاقا من سنة 1960.  
 
ظلت [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] لقرون عدّة الملجأ الوحيد الذي يقي الفرد غوائل الدهر كالفقر والمرض واليتم والتّرمل، إلا أن الوظيفة الحمائيّة للأسرة تقلصت منذ ظهور نظام الضمان الاجتماعي وخاصة بداية انتشاره في القطاع الخاص انطلاقا من سنة 1960.  
 
وإضافة إلى ما سبق أصبحت المدرسة تتقاسم مع الأسرة وظيفة التنشئة الاجتماعيّة بعد أن كانت الأسرة تضطلع بها بمفردها، ولكن لم يخل الاشتراك في هذا الدور من تناقضات بين القيم الأسريّة المرتبطة بإرث اجتماعي موغل في القدم والقيم المدرسيّة المتأثرة بمضامين الحداثة.
 
وإضافة إلى ما سبق أصبحت المدرسة تتقاسم مع الأسرة وظيفة التنشئة الاجتماعيّة بعد أن كانت الأسرة تضطلع بها بمفردها، ولكن لم يخل الاشتراك في هذا الدور من تناقضات بين القيم الأسريّة المرتبطة بإرث اجتماعي موغل في القدم والقيم المدرسيّة المتأثرة بمضامين الحداثة.
وقد أدى خروج المرأة للعمل إلى تراجع دور الأسرة في التنشئة التربوية لصالح رياض الأطفال والمدرسة، باعتبار أنها أقدر على تربية الأبناء وفق متطلبات العصر فانجر عن هذا الاعتقاد تخلّ نسبي أو كليّ عن المسؤولية التربوية ارتبط في بعض الأحيان بصعوبات في التكيف الاجتماعي للأبناء.
+
 
لكن على رغم من تقلص بعض وظائف [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] لفائدة مؤسسات اجتماعيّة حديثة فإنها بقيت محافظة على وظيفتها العاطفية وهي خلق اللحمة بين أفرادها وتلبية حاجاتهم إلى القبول والانتماء والعطف ومازال الارتباط قويا بين التونسي وأسرته إذ نلاحظ أنها تجذب بقوة ولو بعد مدّة من الجفاء أفرادها الذين ابتعدوا عنها لسبب أو لاخر.
+
وقد أدى خروج المرأة للعمل إلى تراجع دور الأسرة في التنشئة التربوية لصالح رياض الأطفال والمدرسة، باعتبار أنها أقدر على تربية الأبناء وفق متطلبات العصر فانجرّ عن هذا الاعتقاد تخلّ نسبي أو كليّ عن المسؤولية التربوية ارتبط في بعض الأحيان بصعوبات في التكيف الاجتماعي للأبناء.
 +
لكن على رغم من تقلص بعض وظائف [[الأسرة التونسية|الأسرة التونسيّة]] لفائدة مؤسسات اجتماعيّة حديثة فإنها بقيت محافظة على وظيفتها العاطفية وهي خلق اللحمة بين أفرادها وتلبية حاجاتهم إلى القبول والانتماء والعطف ومازال الارتباط قويا بين التونسي وأسرته إذ نلاحظ أنها تجذب بقوة ولو بعد مدّة من الجفاء أفرادها الذين ابتعدوا عنها لسبب أو لآخر.
  
  
 
[[تصنيف:الموسوعة التونسية]]
 
[[تصنيف:الموسوعة التونسية]]
 
[[تصنيف:الحياة الإجتماعية]]
 
[[تصنيف:الحياة الإجتماعية]]
 +
[[تصنيف:الأسرة]

مراجعة 08:59، 5 جانفي 2017

واقع الأسرة التونسيّة

تطور عدد الأسر التونسيّة في ظرف ثلاثين سنة من 873.900 أسرة سنة 1966 إلى 2.474.600 أسرة حسب آخر النتائج الاحصائيّة، سنة 2009. وانخفض حجم الأسرة التونسيّة إلى معدل 4.21 أفراد وتراجع مستوى الخصوبة من 7.5 أطفال للمرأة سنة 1956 إلى 3.2 أطفال سنة 2009. وسجل ارتفاع كبير لمُؤمل الحياة عند الولادة بلغ 74.5 سنة (سنة 2009) كما زادت نسبة المسنين لتصبح 9.8 % تقريبا من مجموع السكان في السنة نفسها بعد أن كانت لا تتجاوز 5,5% سنة 1966, وهو ارتفاع ملحوظ ولّد حاجات جديدة كالتكوين في طب الشيخوخة وتطوير إمكانات صناديق التقاعد والحيطة الاجتماعيّة وإعادة تنظيمها واستغلال موارد بشريّة ظلت معطلة بحكم التقاعد.

تعيش الأسرة التونسيّة حاليا تحوّلا كبيرا في تركيبتها الديمغرافية إذ أصبح النمط النووي أي التنظيم الأسري المتكون من زوجين وأبناء النمط المسيطر (70% من الأسر التونسيّة) وتقلصت الأسر الممتدة إلى أقل من الثلث. أما على المستوى الجغرافي فقد تجاوزت نسبة الأسر التي تعيش في المناطق البلدية نسبة الأسر التي تعيش في المناطق غير البلدية (70% مقابل 30%). وحسب الاحصائيات المتوفرة بدفاتر الحالة المدنية بقيت ظاهرة الطلاق مستقرة نسبيا في المجتمع التونسي في حدود 15.3 % من عدد الزيجات المسجلة، باستثناء الفترة المتراوحة بين 1988و 1990 إذ تجاوزت هذه النسبة معدل 20% لأسباب تتطلب مزيدا من الدراسة والتعمق وانخفضت بداية من سنة 1991 ثم عادت بعد ذلك إلى مستواها المعهود.

ونتيجة للاختلاط المدرسي والمهني ولحركة السكان، إضافة إلى التوعية الصحيّة تراجع الزواج بالأقارب الذي كان النمط المحبذ في المجتمع التونسي التقليدي إذ نجد صداه في الأغاني والحكايات الشعبية (التغني خاصة ببنت العم). ويعتبر المسكن اللائق من مقومات الحياة الكريمة ومن أسس المواطنة ويحظى لدى الأسرة التونسيّة باهتمام بالغ إذ لا تتردد في الاقتراض وبيع بعض ممتلكاتها لبناء أو اقتناء مسكن مناسب يأويها ويستجيب لمتطلبات عصرها وينفق التونسي 22% من ميزانيته لتوفير السكن. وتفيد إحصائيات سنة 2009 أن 78% من الأسر التونسيّة تملك مساكنها وأن نسبة المساكن البدائيّة تقلّصت من 44 % سنة 1966 إلى 1.2% سنة 2009. وبينت إحصائيات سنة 2009 أن 86.5% من الأسر تتمتع بالماء الصالح للشراب وتستفيد 99.6% من الأسر بالنور الكهربائي وتمتلك 96.7% من الأسر جهاز تلفزة وتمتلك 93.0% من الأسر ثلاجة وتمتلك 68.8% من الأسر آلة طبخ بالفرن وتمتلك 26.1% من الأسر جهاز هاتف قار. وتمتلك 89.2% من الأسر هاتفا جوالا واحدا على الأقل، كما تمتلك 14.4% من الأسر حاسوبا و 14.6% من الأسر يستعمل أحد أفرادها الأنترنات.

تطور الأسرة التونسيّة

رغم أن الأسرة تعيش تحولات عدّة أهمها الانتقال من النمط الممتد إلى النمط النووي، فإنها مازالت تحافظ على بعض خصائصها التقليديّة وتشهد في آن واحد تطورا ملحوظا في مجالات أخرى لذلك يمكن الحديث عن ثوابت وتحولات في حياة الأسرة التونسية الحالية.

الثوابت

لقد سبق أن بيّن الأستاذ عبد الوهاب بوحديبة كيف أن الرجل التونسي في أثناء فترة الاستعمار وخاصة في المدينة تستهويه ملذات الحياة العصريّة التي جاء بها الأوروبيون إلى بلاده لما يكون خارج البيت، لكنّه لا يتردد في التقيّد بضوابط الأسرة لما يعود إليه، وبذلك تكون قد حافظت على هوية المجتمع التونسي وقاومت الانسلاخ والذوبان. ونلاحظ اليوم وجود بعض المستقرات في حياة الأسرة التونسيّة تسم شخصيّة التونسي وتسهم بعض خصائصها في التماسك الاجتماعي. فمازال التونسيون بما في ذلك الشباب يولون أهمية كبيرة لحياة الأسرة وللقيم التي تقوم عليها مثل التضامن واحترام الوالدين، وإذا انتقدوا بعض مظاهر التشدد في العلاقات الأسريّة فإنهم لا يشككون أبدا في الأسس والمبادئ الجوهريّة التي تقوم عليها هذه الروابط. وخلافا لما هو معروف في البلدان الأوروبيّة حيث تهجر نسبة مهمّة من الشباب الأسرة منذ فترة المراهقة لتنضمّ إلى مجموعات الأصدقاء فإنه من النادر جدا بل من الاستثنائي أن نرى شابا أعزب (ذكرا أو أنثى) يخرج عن الأسرة ليسكن بمفرده أو مع أصدقائه في المدينة نفسها أو القرية التي يعيش فيها والداه.

بل إن وضعا جديدا أصبح يميّز الأسرة التونسيّة وهو احتضانها لأبنائها الأعزاب لفترة أطول من ذي قبل لتأخّر سنّ الزواج، نتيجة ظروف الحياة العصريّة (التعليم، الشغل...). فقد بلغ متوسط العمر عند الزواج 34 سنة لدى الرجل و28 لدى المرأة سنة 2000 ونتيجة لذلك يعيش 50% من الرجال و28% من الفتيات تتراوح أعمارهم بين 30 سنة و34 سنة في تونس داخل أسرهم في هذه السن. وعلى عكس الثورة الشبابيّة التي عرفتها أوروبا الغربيّة خاصة في الستينات من القرن العشرين إذ اتهمت الأسرة بالرجعية والتسلط فإن أحوال الأسرة تعدّ أولويّة في شواغل الشباب التونسي إذ تحتل المرتبة الثانية (44.4%) بعد وضعيتهم المالية (50.5%). وإضافة إلى ما سبق، بقيت رعاية الوالدين عند الكبر من أوكد واجبات الأبناء وهو ما صرح به هؤلاء أنفسهم إذ يرى 98.7% من الشباب أن هذه العناية منوطة بعهدتهم، وهذه مواقف تتجاوز التصريحات المبدئيّة لتتجسم على أرض الواقع. فقد وجدنا أن 83.4% من المقيمين بمراكز رعاية المسنين بتونس ليس لهم أبناء وأن 44% لم يتزوجوا قط. وهو ما يدل على أن أغلبية هؤلاء النزلاء تفتقر إلى السند العائلي. ورغم أن الأسرة التونسيّة تطورت في اتجاه استقلال الأبناء بالسكن عند زواجهم فإن جل الدراسات بينت أن مساكن الأبناء لا تبعد كثيرا عن مساكن الوالدين وأحيانا لا يفصل بينها إلا بضع دقائق من الوقت وتتسم العلاقات بينهم بكثافة التواصل.

ونظرا إلى المشاكل المنجرة عن وجود أسرتين أو أكثر داخل مسكن واحد وهي التي تتفاقم مع تطور الحياة وظهور حاجات ورغبات جديدة، فقد نجحت جل الأسر التونسيّة في التوفيق بين أهمية استقلال الأبناء بالسكن وضرورة المحافظة على علاقات متينة معهم فساعدتهم على توفير الأراضي والعقارات بالهبات المالية والاقتراض ليستقروا بالقرب منها، وهي مساعدة حافظت في آن واحد على اللحمة العاطفية بين الفروع وجنبتهم مشكلات المساكنة.

وفضلا عن ذلك تبدو العلاقات بين الأسر المنتمية إلى العائلة الممتدة نفسها عادية وأحيانا فاترة بسبب بعض الخلافات الطارئة لكنها تتكثف أثناء المحن والأزمات وتتجاوز أسباب النزاع في شكل مد تضامني جماعي موجه إلى الأسرة المنكوبة. وبجانب الثوابت الايجابية التي بقيت تسم العلاقات داخل الأسرة التونسيّة وتمتّن لحمتها فإن بعض المظاهر السلبيّة لم تضمحل تماما مثل العلاقات المتوترة أو شبه المتوترة بين الكنة والحماة، فكثيرا ما تتهم زوجة ابنها بالاسراف والتبذير وسوء التصرف وإهمالها لزوجها لكن استقلال الأسر الجديدة بمساكنها قلل من الاحتكاك وخفف من أسباب التوتر بينها.

التحولات

طرأت على العلاقات الأسريّة ببلادنا تحولات مهمّة من أبرز مظاهرها تقلّص التمييز الذي كان يفصل الذكر عن الأنثى. وبعد أن كانت جلّ الأسر التونسيّة طوال قرون عدّة لا تهتمّ بالبنت إلاّ من زاوية إعدادها للزواج وإدارة شؤون المنزل في حين كانت تحرص في كثير من الأحيان على تعليم الولد وإعداده دائما للحياة المهنيّة، أصبح تعليم البنت لا يقل أهمية عن تعليم الولد، ويعدّ النهوض بالمرأة في مختلف المجالات أحد مقومات الاصلاح الذي نادى به رواد النهضة التونسيّة وتجسّم بعد الاستقلال أساسا في مجلّة الأحوال الشخصيّة التي ألغت في تنقيحاتها المختلفة والمتتالية الاجراءات التمييزيّة التي كانت تثبّت دونية المرأة وعلوية الرجل.

كما تقلّصت الفروق التقليديّة بين الرجل والمرأة بفضل الثورة التعليميّة في البلاد التونسيّة منذ الاستقلال وخاصة بعد سن تعليم أساسي إلزامي سنة 1990 يدوم تسع سنوات، مقصيا كل أشكال التمييز المبنية على اعتبارات جنسية أو صحيّة أو اجتماعيّة.وبمرور الوقت زالت الفروق التي كانت تفصل تعليم الولد عن تعليم البنت فقد التحق 92.5% من الفتيات في بداية السنة الدراسيّة 1998 - 1999 بالمدارس.وبعد أن كانت الطالبات لا يمثلن الا 36.6% من مجموع الطلبة خلال السنة الجامعيّة 1986 - 1987 أصبحن يمثلن 59.7% من جملة المسجّلين في السنة الجامعيّة (2008 - 2009). ورغم اهتمامها الشّديد بتعليم الفتاة فإنّ الأسر التونسيّة لا تزال تعتمد عليها أكثر من الولد في الأشغال المنزليّة (78% من الفتيات مقابل 7% من الفتيان). ولكن قد لا يعني هذا الفرق أن الأسرة تجبر دائما الفتاة على القيام بالأشغال المنزليّة وتتغاضى عن مساعدة الفتى بل يمكن للفتاة أن تتقمّص من تلقاء نفسها الدور التقليدي للمرأة التونسيّة المتجذر في اللاوعي الجماعي فترى نفسها مدعوة أكثر من الفتى للقيام به عند الحاجة، وهو أمر لا يبدو غريبا ونحن نشاهد اليوم إطارات نسائيّة عليا تعد المؤن التقليديّة بالطريقة نفسها المعتمدة من قبل أمهاتهن.

ومع أن المرأة تضطلع بدور شبه كلي في القيام بالأشغال المنزلية فإن بوادر التعاون بين الزوجين في كلّ المجالات التي تهمّ الأسرة بدأت تظهر. فقد بينت دراسة قامت بها وزارة شؤون المرأة والأسرة أنّ 36% من الأزواج يُشْركون زوجاتهم في أخذ القرار ويرى 88% من المستجوبين أنّه يجب على الزوج استشارة زوجته قبل اتخاذ أي قرار في حين يرى 56% من الأزواج أن أخذ القرارات تبقى في نهاية المطاف من مشمولات الرجال. أما المظهر الثاني من التحولات التي تعيشها الأسرة التونسية فهو تقلص الثنائيّة التي كانت تفصل الأدوار الرجالية عن الأدوار النسائيّة (المرأة تهتمّ بالداخل والرجل يهتمّ بالخارج). لكن هذا التغيير كان في اتجاه اضطلاع المرأة بأدوار خارج البيت أكثر من اضطلاع الرجل بأدوار داخله، فقد أصبحت المرأة تخرج إلى الأسواق لشراء ما تحتاجه الأسرة وتصطحب أبناءها إلى المدارس وتتصل بالمدرسين وبأعوان الادارات والمصالح العموميّة.

ولعل أبرز ظاهرة في هذا المجال هي اشتغال المرأة خارج البيت (81% من النساء في سن العمل يشتغلن خارج البيت) ويبدو حضور المرأة بارزا خاصة في قطاع الوظيفة العموميّة حيث تمثل النساء 43% من مجموع العاملين به.أما أكثر كثافة نسائيّة فنجدها في قطاع التعليم والصحة (47.9% في التعليم الأساسي 45% في التعليم الثانوي 28.4% في التعليم العالي 33% في الصحة العموميّة مقارنة بمجموع العاملين) ويشغل قطاع النسيج والفلاحة أكبر عدد من اليد العاملة النسائيّة في القطاع الخاص. وإضافة إلى ما سبق، يمكن اعتبار الاستقلالية النسبية للأسرة النّوَاة عن العائلة الممتدة من أهم التحولات الاجتماعيّة في تونس. فخلافا للنمط التقليدي الذي كان يسيطر على الحياة الاجتماعيّة وهو خضوع الأسر الجديدة لتقاليد المجموعة (العائلة الممتدة في الوسط الحضري والقبيلة في الوسط الريفي) وأعرافها. وذلك بتدخل عدّة أقارب وخاصة كبار السن في حياة الأسرة الجديدة مثل كيفيّة التسيير لشؤون المنزل وتربية الأطفال والعلاقات الزوجية فإن الأسرة التونسيّة الحالية أصبحت في استقلالية نسبية عن العائلة الممتدة وتدير أكثر شؤونها بنفسها.

وقد ساعدت عوامل كثيرة على بروز هذه الاستقلالية لعل أهمها تلاشي النمط الاقتصادي العائلي التقليدي القائم على الاشتراك في وسائل الانتاج والتلبية الجماعية للحاجات بعد أن تطوّر العمل المؤجر وبعث المشروعات الفردية على نحو لافت وتراجع ظاهرة الزواج بالأقارب التي كانت تحمل مضامين عشائريّة لا تترك إلا مجالا ضيّقا لتصرف الزوجين، وأخيرا انفراد الأسر التونسيّة بمساكن مستقلة، فالاستقلال الذاتي يبدأ قبل كل شيء بالاستقلال المكاني. لكن لم تقطع هذه الاستقلالية النسبيّة للأسرة النواتية العلاقات مع مجموعة الأسر المنتمية إلى العائلة الممتدة بل تتكثف الاتصالات في أثناء المواسم والأعياد والأفراح ويتجلى التضامن في شتى مظاهره عند تعرض بعضها إلى أزمات أو مصائب.

ولعل استقلال الأسرة النواتية عن العائلة الممتدة أو العشيرة يسّر الحوار داخل الأسرة وهو المظهر الأخير للتحولات الأسريّة الذي نريد إبرازه. فقد تقلّصت السيطرة التقليديّة للوالدين على الأبناء في اتجاه علاقات أكثر ديمقراطيّة، فبدأت تظهر تقاليد حوار بين الأولياء والأبناء اذ تبين أن أكثر من نصف الأولياء في المناطق البلدية (58%) ونصفهم تقريبا في المناطق غير البلديّة (49%) يناقشون مع أبنائهم الموضوعات التي تهمّهم.

وتقلص عامل السن محددا سوسيولوجيا للعلاقات بين الأجيال بعد أن كانت القدرة والمهارة والقيادة تقاس بالسن وظهرت الكفاية المبنية على التعليم وولجت الأجيال الجديدة بقوة باب الحداثة مثل التمكن من الاعلامية ومن اللغات فضعفت السلطة التقليديّة المبنيّة على الأقدميّة، بل أصبح أولياء كثيرون يعتمدون على أبنائهم في التعامل مع مقتضيات الحداثة، ورغم هذا بقي احترام الوالدين قيمة تتجاوز الملابسات الظرفية.

وظائف الأسرة التونسيّة

ظلت الأسرة التونسيّة لقرون عدّة الملجأ الوحيد الذي يقي الفرد غوائل الدهر كالفقر والمرض واليتم والتّرمل، إلا أن الوظيفة الحمائيّة للأسرة تقلصت منذ ظهور نظام الضمان الاجتماعي وخاصة بداية انتشاره في القطاع الخاص انطلاقا من سنة 1960. وإضافة إلى ما سبق أصبحت المدرسة تتقاسم مع الأسرة وظيفة التنشئة الاجتماعيّة بعد أن كانت الأسرة تضطلع بها بمفردها، ولكن لم يخل الاشتراك في هذا الدور من تناقضات بين القيم الأسريّة المرتبطة بإرث اجتماعي موغل في القدم والقيم المدرسيّة المتأثرة بمضامين الحداثة.

وقد أدى خروج المرأة للعمل إلى تراجع دور الأسرة في التنشئة التربوية لصالح رياض الأطفال والمدرسة، باعتبار أنها أقدر على تربية الأبناء وفق متطلبات العصر فانجرّ عن هذا الاعتقاد تخلّ نسبي أو كليّ عن المسؤولية التربوية ارتبط في بعض الأحيان بصعوبات في التكيف الاجتماعي للأبناء. لكن على رغم من تقلص بعض وظائف الأسرة التونسيّة لفائدة مؤسسات اجتماعيّة حديثة فإنها بقيت محافظة على وظيفتها العاطفية وهي خلق اللحمة بين أفرادها وتلبية حاجاتهم إلى القبول والانتماء والعطف ومازال الارتباط قويا بين التونسي وأسرته إذ نلاحظ أنها تجذب بقوة ولو بعد مدّة من الجفاء أفرادها الذين ابتعدوا عنها لسبب أو لآخر.[[تصنيف:الأسرة]