إسحاق بن سليمان

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[236 - 341هـ/850 - 953م]

هو من مؤسسي المدرسة الطبية القيروانية التي ازدهرت بفضل الأطبّاء الثّلاثة: إسحاق بن عمران وإسحاق بن سليمان وأحمد بن الجزّار. ولد أبو يعقوب إسحاق بن سليمان في مصر حوالي سنة 236هـ/850م في عائلة يهودية. تعلّم الطبّ منذ الصّغر. وسرعان ما اشتهر به. وشاع ذكره طبيبا كحّالا. فاستقدمه إلى القيروان الأمير زيادة الله الثّالث آخر الأمراء الأغالبة سنة 293هـ/905م. وقد روى ابن أبي أصيبعة نقلا عن ابن الجزّار في كتابه أخبار الدّولة (وهو كتاب مفقود لم يعثر عليه إلى اليوم) قصّة وصول إسحاق بن سليمان إلى بلاط الأمير. فقال: (حدّثني إسحاق بن سليمان المتطبّب قال: لما قدمت من مصر على زيادة الله بن الأغلب وجدته مقيما بالجيوش في الأربس، فرحلت إليه. فلمّا بلغه قدومي (وقد كان بعث في طلبي وأرسل إليّ بخمسمائة دينار تقوّيت بها إلى السّفر) ، فدخلت إليه ساعة وصولي، فسلّمت وفعلت ما يجب أن يفعل للملوك من التعبّد. فرأيت مجلسه قليل الوقار، والغالب عليه حبّ اللهو وكلّ ما حرّك الضحك. فابتدأني بالكلام ابن خنيس المعروف باليوناني، فقال لي: تقول إنّ الملوحة تحلو. قلت نعم. قال: وتقول إنّ الحلاوة تحلو. قلت نعم. قال لي: فالحلاوة هي الملوحة، والملوحة هي الحلاوة! فقلت: إنّ الحلاوة تحلو بلطف وملاءمة، والملوحة تحلو بعنف. فتمادى على المكابرة وأحبّ المغالطة.فلمّا رأيت ذلك قلت له: تقول أنت حيّ؟ قال نعم. قلت: والكلب حيّ؟ قال نعم. قلت: فأنت الكلب والكلب أنت! فضحك زيادة الله ضحكا شديدا. فعلمت أنّ رغبته في الهزل أكثر من رغبته في الجدّ). واستوطن إسحاق رقّادة. وتتلمذ للطّبيب المشهور إسحاق بن عمران ببيت الحكمة بيت الحكمة الإفريقي بالقيروان في القيروان. وأكمل إسحاق معارفه في الطبّ حتى أصبح يدرّسه ويعلّمه غيره. ولعلّ أبرز تلاميذه أحمد بن الجزّار الذي ذكره في مؤلّفاته ونقل عنه الأدوية الكثيرة. وكان إسحاق بن سليمان عالما موسوعيّا. وفي ذلك قال ابن أبي أصيبعة إنّه كان مع فضله في صناعة الطبّ بصيرا بالمنطق متصرّفا في ضروب المعارف. وبعد وفاة آخر الأمراء الأغالبة وتولّي العبيديين الحكم، بقي ابن سليمان في خدمة الامارة. ونال لديهم جميعا كلّ تقدير وتبجيل. وعاش ابن سليمان طويلا إلى أن تجاوز المائة سنة، حسب ما أورده ابن أبي أصيبعة وكذلك ابن جلجل الذي قال أيضا إنّه عاش مائة سنة ونيفا. ولم يتّخذ امرأة ولا أعقب ولدا. ويقول ابن أبي أصيبعة إنّه مات قريبا من سنة 320هـ. ولكنّ من الثابت أن وفاته كانت بعد سنة 341هـ/953م، أي بعد تولّي المعزّ لدين الله الحكم بإفريقيّة. ودفن بمقبرة اليهود بالمهدية.

مؤلفاته:

ألّف إسحاق بن سليمان كتبا كثيرة في الطّبّ والفلسفة والمنطق باللّغة العربية، كما ألّف كتبا في الدّيانة الموسوية باللغة العبرية. وبلغ عدد كتبه العلمية، حسب ما ورد في عيون الأنباء لابن أبي أصيبعة، اثني عشر عنوانا. يقول في هذا الصّدد إنّ إسحاق كان متصرّفا في ضروب المعارف. ويقول ابن جلجل: كان إسحاق طبيبا فاضلا بليغا مشهورا بالحذق والمعرفة، جيّد التصنيف بالعربية. وهذه قائمة بتآليفه، حسب ترتيب ابن أبي أصيبعة:

  • كتاب الحميّات (في خمس مقالات).

وتوجد من هذا الكتاب مخطوطة باللغة العربيّة باسطنبول وأخرى بـلا يدن.

  • كتاب الأدوية المفردة والأغذية
  • كتاب البول
  • مختصر كتاب البول
  • كتاب الاسطقسات
  • كتاب الحدود والرّسوم في الطبّ
  • كتاب بستان الحكيم
  • كتاب المدخل إلى المنطق
  • كتاب المدخل إلى صناعة الطبّ
  • كتاب في النبض
  • كتاب في الترياق
  • كتاب في الحكمة
كما نُسبت إلى إسحاق بن سليمان التآليف التالية:
  • كتاب رفع مضار السّموم
  • كتاب السقيا
  • رسالة في مزاج دمشق وضعها المؤلّف في مصر.

وقد ترجم معظم هذه التآليف لأهمّيتها، من اللغة العربية أو من العبرية، حسب التحرير، إلى اللغة اللاتينية التي كانت، مع اليونانية، من اللّغات العلمية في أوروبا وبلاد الغرب. ونشرت الترجمات اللاتينية كاملة في لايدن بهولندا سنة 921هـ/1515م، أي في القرن السادس عشر. وهو ما يدلّ على أنّها كانت تدرّس حتى ذلك العهد. وقد ظلّت تآليف ابن سليمان تدرّس في كليات الطبّ بأوروبا طيلة قرون، لما لها من شأن عظيم. ومن المؤسف عدم توفّر المخطوطات العربية لتآليف إسحاق بن سليمان، إذ أنّ جلّها يوجد في مكتبات البلدان الأوروبية، باللغتين العربية واللاتينية (لايدن - أوكسفورد - مدريد - مونيخ - باريس - اسطنبول وغيرها) وترجع بعض التّراجم اللاتينية إلى قسطنطين الافريقي الذي ترجمها في القرن الحادي عشر الميلادي.