إبراهيم الأكودي

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1890 - 1942م]

ولد إبراهيم بن عمر بن حميدة المكنى بالأكودي نسبة إلى مسقط رأسه أكودة سنة 1890. حفظ القرآن وتعلّم القراءة والكتابة ببلدته ثمّ انتقل إلى العاصمة لمزاولة دراسته بجامع الزيتونة. وتعرّف إلى أفراد جمعيّة "الشهامة" التي كانت وقتها بصدد التأسيس ولم تتحصّل بعد على الرخصة القانونيّة. ولما طال انتظار أعضاء الجمعيّة انفصل مع محمود بوليمان و الحبيب المانع وأحمد بوليمان فكّونوا النواة الأولى لممثّلي جمعيّة "الاداب". وكلّف إبراهيم الأكودي بالاشراف على التمارين وضبط العربية مع علي الخازمي المدير الفنّي للجمعيّة، وأسند إليه سنة 1911 دور "صلاح الدين" في مسرحية "صلاح الدين الأيّوبي" لنجيب الحداد. وقد أدّى هذا الدور على أحسن ما يرام ونجح فيه نجاحا فائقا، لكن نظارة الجامع التي كان يرأسها في ذلك الوقت شيخ الاسلام محمود بن محمود قرّرت رفت الطالب إبراهيم الأكودي لأنّه تعاطى التمثيل الذي كان يعتبر عهدئذ "غير لائق". وكان في تلك السنة يستعدّ للمشاركة في امتحانات التطويع فاضطرّ إلى الانقطاع عن الدّراسة والتفرّغ للمسرح. وفي سنة 1913 أغرته جمعية "الشهامة" للعودة إليها بإدخاله في سلك معلّمي المدارس الابتدائيّة الحكومية. فقبل الأكودي الانفصال عن "الآداب" تحت تأثير ذلك الاغراء وعاد إلى "الشهامة" لكنّه لم يمثّل فيها إلاّ دورا واحدا هو دور عبد الله بن مروان في مسرحية "مجنون ليلى" لخير اللّه خير اللّه. ولمّا اندلعت الحرب العالمية الأولى توقّف النشاط المسرحي في البلاد التونسية بصفة عامّة وفي العاصمة بالخصوص. فانتقل إبراهيم الأكودي إلى صفاقس معلّما بالمدارس الابتدائيّة ثمّ استقال وكوّن فرقة تشتغل ببيوت القرى ومعاصرها فكان أوّل من عرّف الجمهور بالمسرح في مختلف جهات البلاد. وبعد الحرب رجع إلى جمعيّة "الآداب" وقام بدور فرعون في أوبرا "عائدة" (تعريب سليم النقّاش) ثم بعدّة أدوار أخرى أشهرها عبد الرحمان في مسرحية "حمدان" (اقتباس نجيب الحداد) كما شارك في مسرحيّة "لصوص الغاب" (لشيلر) واشتغل مع رجل المسرح الكبير جورج أبيض مدّة إدارته لجمعيّة "التمثيل العربي". وفي سنة 1929 طالب إبراهيم الأكودي برفع مرتبات الممثلين إلى 500 فرنك في الشهر. فقرّر رئيس "جمعيّة التمثيل العربي" رفته صحبة مجموعة من الممثلين. وعندئذ كوّن فرقة تحمل اسمه "فرقة إبراهيم الأكودي" وقدّمت هذه الفرقة باكورة أعمالها وهي مسرحية "صلاح الدين الأيّوبي" في 31 ماي 1930 وألقت الفنانة القديرة فضيلة خيتمي بعض مقاطع فنية بين الفصول. ثمّ قدمت في الموسم 1930 - 1931 ثلاث مسرحيات هي "مجنون ليلي" و"القائد المغربي" (عطيل) و"شهداء الغرام" (روميو وجوليات).

وقدّمت في الموسم الموالي أربع مسرحيات هي: عنتر (تعريب إلياس أبي شبكة) تخللتها مقطوعات شعرية من نظم الأكودي "والملك المتلاهي" (لفيكتور هيجو) و"انتقام المهراجا" (تأليف يوسف وهبي). وكان الطاهر بلحاج قد انْضَمّ في الأثناء إلى الفرقة بصفة فني وكان محمود بن عاشور أبرز عنصر في الفرقة التي كانت تضمّ الفنانتين الشقيقتين وسيلة صبري وعزيزة نعيم. وانضم إبراهيم الأكودي بعد ذلك من جديد إلى جمعيّة التمثيل العربي فكلف بالاشراف على التمارين وتعليم الممثلات وضبط اللغة. ولما قرّر مصطفى صفر توحيد الجمعيات والفرق المسرحيّة بتونس في فرقة واحدة هي "الاتحاد المسرحي" اضطلع إبراهيم الأكّودي بمهمّة مساعد المدير العام الفنّي، واستمر في الاضطلاع بهذه المهامّ إلى أن توفي يوم دخول الألمان إلى تونس أثناء الحرب العالمية الثانية وعمره ستون عاما ودفن بالجلاّز في 8 نوفمبر 1942. وكان في تشييع جنازته قلّة من أقاربه وأصدقائه ومقدّري فضله على المسرح التونسي.