أحمد السقا

من الموسوعة التونسية
نسخة 15:10، 24 نوفمبر 2016 للمستخدم Admin (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب' [1891 - 1957م] هو واحد من المناضلين الأحرار بناة الأسس لحركة التّحرير الوطني التونسيّة الحقوقي ا...')

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1891 - 1957م]

هو واحد من المناضلين الأحرار بناة الأسس لحركة التّحرير الوطني التونسيّة الحقوقي المكافح المؤلّف المحامي الأستاذ أحمد السقّا الذي ألّف أطروحة عن نظام الحكم في الاسلام نال بها شهادة الدكتوراه في الحقوق. الأستاذ السقّا ينتمي إلى الجيل الأوّل من الأحرار الدستوريين، مهّد لظهور الحركات الوطنيّة ولتأسيس الحزب الحر الدستوري وخدم الحركة بإخلاص في ظلّ الزعيم الشيخ عبد العزيز الثعالبي، وبلّغ في الديار الفرنسية صوت تونس وقرع الأسماع باستغاثتها واستنجادها ومطالبتها بنيل حقوقها وحريّتها واسترجاع استقلالها والحصول على سيادتها فوق أرضها. ينحدر من عائلة عريقة بالمنستير ومن أسرة تتمتّع بالجاه بين أبناء بلدها وكثير من أفرادها من الموظّفين السامين.

ولد سنة 1891 بالقراعية من المنستير. وكان أبوه محمّد الصالح السقّا عاملا (قايد) عزل عن وظيفته من أجل نشاط ابنه أحمد في الحقل السّياسي الوطني.

ولأحمد السقّا إخوة أربعة وأخت وحيدة هي السيّدة ناجية زوجة الوزير محمّد الصالح مزالي.

تخرّج أحمد السقّا في معهد كارنو الثانوي بتونس محرزا شهادة الباكالوريا ثم التحق بباريس ودخل كليّة الحقوق ودرس بها حتى أحرز الاجازة في الحقوق وأعدّ بعد ذلك أطروحة في "نظام الحكم في الاسلام" نال بها شهادة الدكتوراه في الحقوق سنة 1916. دخل مكتب المحامي الأستاذ الفرنسي برطون وعمل معه مدّة طويلة جدا إذ مكث بباريس قرابة الأربعين عاما.

مكّنته هذه التجربة من أن يطّلع على دقائق مهنة المحاماة ويغوص في أغوارها لمعرفة الاجراءات القانونيّة وحلّ المشكلات الناجمة عنها ومعرفة الطرق الموصلة لفضّها.

وفي أثناء إقامة أحمد السقّا بفرنسا تزوّج من امرأة فرنسيّة توفّيت قبله بسنوات وله ابنة وحيدة هي السيّدة مريم.

نشاطه السياسي والوطني

إثر انتهاء الحرب العالميّة الأولى وانتصار الحلفاء وانهزام تركيا تبعا لحليفتها ألمانيا ثم اقتسام تركة "الرّجل المريض" وتصريحات الرئيس الأمريكي ويلسون بأنّه من حقّ الشعوب تقرير مصيرها بنفسها، تحرّك الوطنيّون الأحرار في كلّ الأقطار مطالبين بحقوقهم ورفع أيدي الاستعمار عنهم.

كان أحمد السقّا يتّقد نشاطا وحماسة ويتألم من الظّلم ويأمل في العدل، فنشط سياسيا بفرنسا واتّصل بقادة أحزاب اليسار الذين يرفعون شعارات مساندة لحق الشعوب المضطهدة في تقرير مصيرها. وكتب في الصحف التقدميّة ودافع عن قضيّة بلاده طالبا إنصافها وتحقيق آمالها ومطامحها وإرجاع الحريّة والاستقلال إليها وإعطاءها الحق في تقرير مصيرها ومساعدتها على تنفيذ ذلك.

وكانت الحركة الوطنيّة بتونس قد استيقظت من جديد بعد غفوة حتّمتها الحرب بضراوتها والاستعمار باستبداده وجبروته.

وفكّر التونسيّون في انتهاز الفرصة لانصاف تونس وتحقيق تصريحات المنتصرين في شأن الحرّيات وتقرير المصير. وسافر الزّعيم الثعالبي إلى باريس وهو رجل فصيح اللسان يمتلك كلّ مواصفات الزّعامة والقيادة إلا أنّه لا يحسن إلا اللغة العربيّة التي يحذقها ويجيد التحدّث بها ويسهل عليه إقناع مخاطبيه بحسن بيانه وطلاقة لسانه وقوة حجّته وتركيزه الاهتمام على الثابت من الحقائق.

وكان الثعالبي في حاجة أكيدة إلى من يعينه ويشدّ عضده من فصحاء الناطقين باللغة الفرنسيّة من أبناء البلاد التونسيّة الموجودين في فرنسا. ووجد ضالّته في أحمد السقّا الذي كان يعيش في فرنسا.

واجتمع التونسيّان الزعيم الثعالبي وأحمد السقّا، وكان اللّقاء في شهر جويلية سنة 1919 وكان من نتائجه بروز الكتاب الشهير "تونس الشهيدة" الذي صدر في جانفي سنة 1920 دون ذكر اسم مؤلّفه. وقد لقي نجاحا باهرا في مختلف الأوساط التونسيّة والعربيّة وخاصّة الفرنسيّة وكان باعثا للحماسة والاندفاع الوطني والتعريف بالقضيّة التونسيّة.

وكان إثر ذلك أنّ تأسّس الحزب الحرّ الدستوري التونسي يوم 17 رمضان سنة 1338 الموافق لجوان سنة 1920 بزعامة الثعالبي. وقد امتحن الزّعيم الثعالبي عقب نشر كتاب تونس الشهيدة، إذ عثر على أصوله ومسودّته في بيته عند تفتيشه واعتبرته السّلط الاستعماريّة عملا ثوريّا يستحقّ المتابعة والعقاب. وألقي القبض عليه في 28 جويلية سنة 1920 بتهمة التآمر على أمن الدولة ونقل إلى تونس مخفورا وأودع السّجن العسكري وحقّق معه ثم أطلق سراحه في ماي 1921. وفي هذه القضيّة عرّف كيف ألّف كتاب تونس الشهيدة وكيف قام بترجمته أحمد السقّا. قال الثعالبي في بحثه إنّه هو الذي ألّف الكتاب ولم يوزّعه بتونس ولاحظ له الباحث بأنه يجهل الفرنسيّة ولا بدّ أنّ السقّا هو الذي كتبه.

وأنكر السقاّ المشاركة في وضع الكتاب إلا أنّ الثعالبي استنطق من جديد فقال: إنّ الرّسائل وا لوثائق المتعلّقة بنشاطه بفرنسا هي من تحرير السقّا بعد إملائها شفاهيا عليه بالعربيّة. أمّا الأمور المهمّة فإنّه يكتبها بنفسه بالعربيّة ويمليها باللغة الدارجة على السقّا الذي يصوغها باللغة الفرنسيّة.

وقد كشفت هذه التصريحات عن كيفيّة تأليف ذلك الكتاب الذي كان بمنزلة الشّرارة الأولى في حرب التحرير التونسيّة. والظاهر أنّ السقّا لم يكن مترجما فقط وإنّما صاحب آراء ومواقف جريئة من الاستعمار ومن الأوضاع السائدة في تونس آنذاك.

وقد عكف السقّا على عمله الوطني ونشاطه السياسي في باريس وأشرف على الشعبة الدستوريّة التابعة للديوان السياسي والموجودة بالعاصمة الفرنسيّة.

وتوفي بالمنستير في 21 ديسمبر سنة 1957 وبها دفن.