أبو الحسن بن شعبان

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1897 - 1963م]

ولد أبو الحسن بن شعبان بتونس سنة 1897 وتوفيّ بها في 11 ماي 1963. نشأ في أسرة تقيّة ذات تقاليد صوفية متوارثة. وظهر نبوغه باكرا وأصبحت الصحف التّونسيّة تلهح بقصائده حتّى قبل إتمام دراسته وتخرّجه في جامع الزيتونة سنة 1915. تولّى التّدريس بمدرسة ترشيح المعلّمين بتونس فكوّن أجيالا من المعلّمين كان تأثيره فيهم بارزا بشهادة أحد تلاميذه: "إن تأثير أستاذنا ابن شعبان كان يتجلّى في سحر شخصيّته الجذّابة وفي أناقة مظهره ودماثة أخلاقه وخصوصا في رقّة ذوقه. كانت شخصيّته هي شخصية الأديب المحض الذي يحبّب إليك الأدب حين يدرّس عصوره ويغريك بالتعلّق بالشعر حين ينشدك المختار من نماذجه ويجعلك من المتعصّبين للعربية المتعشّقين لها حين يدلّك على أسرارها ومواضع الجمال فيها.وكانت دماثة أخلاقه تجعله قريبا من تلاميذه محبوبا لديهم متجاوبا معهم مؤثّرا فيهم بالقدوة والمثال، فكنّا نشعر أثناء الدرس أننا نواجه أخا كبيرا لنا قد سلم من صلف الأساتذة واستعلائهم". (محمّد الحليوي: "في الأدب التونسي"، ص 152). وكان أبو الحسن بن شعبان شاعرا محافظا مقلّدًا في أسلوبه وموضوعاته ومواقفه الفكريّة. فإن نظم في الأخلاق فهي الأخلاق التي أقرّها الدين. وإن نظم في المرأة تصدّى في بعض قصائده لدعاة السفور. وإن نظم في الشؤون الدينيّة لم يتردّد في مدح زعماء الزّوايا والطّرق الصّوفية والدفاع عنهم. لكنّ ذلك لم يمنعه من "الالتزام" بما كان يقع أوّلا في وطنه - الذي كان يعشقه ويتغنّى بجماله - وبما كان يحدث ثانيا خارج وطنه من أحداث. ففي وطنه، يكاد لا يهملُ حدثا ذا شأن، مادحا الرّجال العاملين في حقل الحياة العامّة، مهنّئا أصدقاءه ومعارفه برتبة أو وظيفة، راثيا من مات منهم بدافع عاطفي أو وطنيّ، مشاركا في النّوادي والجمعيّات الثّقافيّة، مستقبلا الوفود التي تأتي إلى تونس في مهمّة أدبيّة أو علميّة، محرّضا على الاكتتاب في لجان الاسعاف والاغاثة، ناظما الأناشيد الحماسيّة لتغذية النّزعة الوطنيّة في الشّباب. وحتّى في السّنوات الأخيرة من حياته ورغم حالته الصحيّة، لم يهمل الاهتمام بالأحداث الكبرى التي حدثت بعد الاستقلال مثل معركة الجلاء وغيرها. أمّا خارج وطنه، فقد شهّر بهول الحرب العالميّة الأولى وظلّ يستقبل في مفتتح كلّ سنة هجرية كلّ عام جديد متسائلا عمّا يخبّئه للبشريّة من بشائر أو ويلات ومن أمل للسلم أو استمرار للحرب. ورثى الرئيس الأمريكي "ولسن" - وقد سمّاه "زعيم السلم " - مثنيا على مساعيه التي بفضلها حقنت الدّماء ولاح النّور بعد الظلام على حدّ تعبيره. وأعلن غضبه على الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك حين أعلن سقوط الخلافة وطرد آخر خليفة عثمانيّ من تركيا... وفي كلا اتجاهيه، كان الشعر عند أبي الحسن بن شعبان وسيلة لخدمة الأخلاق والمجتمع قبل أن يكون فنّا وابتكارا.