فريد غازي

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1929 - 1962م]

ولد فريد غازي (محمد بن غازي) في أول فيفري سنة 1929 بتونس العاصمة، زاول دراسته الابتدائيّة بمدرسة خير الدين من 1935 إلى 1941 والثانويّة بمعهد كارنو والمعهد الصادقي حيث وجّه في السنة الثالثة إلى شعبة الديبلوم فحرم من شهادة البكالوريا. ومن أساتذته فيها أحمد عبد السلام وأحمد بكير ومحمود المسعدي. وفيها تجلّى ميله إلى الأدب والنقد فنشر منذ سنة 1946 سلسلة من المقالات عن الحركة الكشفية في العالم وأخرى في تسع حلقات عن أبي القاسم الشابي. وفي السنة نفسها شرع في تسجيل مذكّراته في كراس بعنوان "الليالي إلى الأبد: صحائف من حياتي"، كما كتب مجموعة أقاصيص نشر بعضها، ونظم مقطوعة بعنوان "علمي"، وأعدّ دراسة عن "المرأة والاسلام" فاز بها بالجائزة الأولى في مسابقة مجلّة "سلام إفريقيا" الصادرة بالفرنسية في الجزائر. وحصل فريد غازي على ديبلوم الصادقية سنة 1948 فتولّى إدارة المدرسة العربية الفرنسية بمركز بوغدير في السنة نفسها. وفي السنة الموالية انتقل إلى إدارة مدرسة توجان. وفيهما لم يكن ملتزما بالتوجيهات الرسميّة ولا متّفقا مع المتفقّدين وهو ما جعله يشعر بالوحشة في المناطق النائية فعوّض عنها بالانغماس في تراث الريفيين مشاركا في الأعراس، جامعا الأشعار، مستفيدا من دفاتر العدول. وتزوّج ثم تخلّى عن زوجته متفرّغا للأدب.

نشر ديوانه ليل (Night) وبعض القصائد الأخرى بالعربية والفرنسية. ولم ينشر غيرها ممّا جمعه في ديوانه الثاني المخطوط: "الرجل الحرّ". فكان الأوّل كافيا للفت أنظار الصحف إلى نبوغه فنشرت له الشعر والدراسات.

سافر فريد غازي إلى باريس سنة 1950 ولكن لم تتعلّق همّته بالاجازة إلاّ سنة 1954. وفي تلك السنوات الأربع نشر من جملة ما أعدّ من الدراسات دراسة عن عمّال شمال إفريقيا المهاجرين في مجلة "Esprit" سنة 1952, وأخرى عن "أبي القاسم الشابي من خلال يومياته"، وفصولا من روايته هربت من الماضي، ودراسة عن "ابن المقفّع وآثاره" في مجلة سشمصقس سنة 1954 مقتطفة من رسالة جامعيّة. وأعدّ في السنة نفسها أطروحة عن الشابي بمعهد الدراسات العليا بإشراف المستشرق جاك بارك. تلتها أخرى عن "رسالة الصحابة" لابن المقفّع مع ترجمتها. وكان قادرا على الترجمة، متكسّبا من ترجمة أطروحات المشارقة الذين لا يحسنون الفرنسية.

ويفترض بعضهم أنّه أعدّ مجموعة من الرسائل الجامعية في الوقت نفسه، وحتى قبل الاجازة، فما إن تحصل عليها سنة 1956 حتّى أردفها بديبلوم الدراسات العليا في السنة الموالية ثمّ بدكتوراه الدولة في السنة التالية وبالتبريز بعدها بسنة.

وظلّ غازي الجامعي مثقّفا متواصلا مع الحياة الأدبية والفكريّة في باريس وتونس، فردّ في مجلة "الأزمنة الحديثة" (Les Temps Modernes) - التي كانت تربطه علاقة بصاحبها سارتر (J.P.Sartre) - على مقال روبار مسراحي (Robert Mesrahi) حول إسرائيل والعرب، كما عبّر في مجلة "الفكر" عن آرائه في الثقافة والقصة، وساند البشير خريف في إجراء الحوار بالدّارجة بما كتب عن روايته "إفلاس أو حبّك درباني".

تتجلّى طرافة فريد غازي في شخصيته بدءا بالاسم الذي يمضي به، والذي لا تخفى دلالته، وانتهاء بمواقفه الثورية. وليس صدفة أن يدرس الشابي وابن المقفّع شعراء البصرة في أطروحتيه الرئيسة والتكميلية. ولم يكن هؤلاء، باستثناء أخيهم أبان، متكسّبين بشعرهم، بل كانوا أوفياء لأذواقهم، متمرّدين على تقاليد المربد. وكأّنّه وجد ضالّته فيهم، فكشف عن مذهبهم ودافع عنهم.

وبالروح نفسها أعدّ غازي دراسته الشهيرة عن "الأدب التونسي المعاصر" لمجلّة "الشرق" (Orient), فكانت تتويجا لجلّ ما كتب عن الرواية والأقصوصة في تونس. وكانت جملة دراساته مرجعا متميّزا للباحثين، فيها تألّق اسمه بباريس وفي تونس التي عاد إليها سنة 1959 بحنين المغترب وبأعمال عدّة وآمال كبيرة حال دونها الموت الذي اختطفه في عزّ الشباب والعطاء يوم 19 جانفي 1962.

وفي بلاده شكّك زملاؤه في شهائده العلمية وهو ما أثّر في موقف الوزارة منه، فلم تعيّنه في الجامعة بل في معهد الدراسات العليا مكلّفا بالدروس التطبيقيّة، ثمّ في دار المعلمين العليا في السنة الموالية موجّها للطلبة في بحوثهم، غير أنّه وقف على زهدهم في البحث بدعوى قلّة وسائله فأعدّ لهم المراجع مرقّمة في مظانّها، وأعدّ للوزارة تقريرا في النهوض بالبحث العلمي، غير أنّ تألّقه تحقّق في الساحة الثقافية مذ شارك بدار الجمعيات في إحياء ذكرى الشابي بمحاضرة عن "تأثير الاداب الأجنبيّة في شعر الشابي"، فكانت فاتحة معاركه الأدبية مع الشاذلي بويحيى والشاذلي الفيتوري وفرحات الدشراوي حول كامو. وازداد نجمه تألّقا بإنتاجه الاذاعي وخاصة ببرنامج "هواة الأدب"، وبمنشوراته في مجلّة "عبقر" التي ترأّس تحرير عدديها الثالث والرابع.

على أنّ مناوئيه تعقّبوه في أخطائه اللغويّة التي ربّما كان سببها تلهّفه على نشر مقالاته دون مراجعة. ولا شكّ في أنّهم لو اطّلعوا على بحوثه الجامعية التي ظلّت منسيّة بمكتبات الجامعة الفرنسية لكفّوا عن تبرّمهم به. لفريد غازي إنتاج غزير ظلّ بعضه مخطوطا فيما ضاع بعضه الاخر.

  • في القصة: مع الزمن (’ 78), علياء (’ 90), قطرة دم (’ 44) ومن المعذّبين في الأرض (’ 75) مهداة إلى طه حسين، انتصار الحبّ (’ 49).
  • في الرواية: الضوء البعيد (’ 166) المأساة يوميّة (225 ص بالفرنسية)
  • في المسرح: ثورة الهند (’ 58) عن "كليلة ودمنة".
  • في المذكرات: الليالي إلى الأبد: صحائف من حياتي (5 - 29) مارس 1946 وبالفرنسية من 1946 إلى 1950 ومن 6 نوفمبر إلى 16 ديسمبر 1948.
  • في الشعر: الرجل الحرّ (’ 60) مجموعتان (60 ص + ص 108)
  • أدب السيرة (100 ص بالفرنسية)
  • الأدب الجزائري (156 ص بالفرنسية)
  • الموشحات الأندلسية، دراسة ونصوص مختارة (’ 86, تقديم إيميليو قارسيا قوميز)
  • مختارات للشعراء العرب بأمريكا الشمالية والجنوبية (250 ص بالفرنسية)
  • أبولينار، الشاعر المحروم من الحبّ (91 ص)
  • في الترجمة: النهر الحرّ لطاغور (’ 127) المناهج لمجموعة من المستشرقين (’ 200)
  • مقامات الهمذاني (’ 120) تقديم ريجيس بلاشير وممّا نشر له من الكتب: - ليل (Night) مجموعة شعرية بالفرنسية، منشورات الشمال، تونس، ط2 / 1949.
    • نصوص مختارة من قصّاص العرب المعاصرين، تونس، الديوان التربوي، 1960.
    • الرواية والقصة في تونس، بالفرنسية، الدار التونسية للنشر، تونس 1970.
    • الشابي من خلال يومياته، الدار التونسية للنشر، تونس 1975.

ومن المقالات: الدكتور محمد فريد غازي، مقالات انتخبها وقدّم لها فوزي الزمرلي، المركز الوطني للاتّصال الثقافي (سلسلة ذاكرة وإبداع)، وزارة الثقافة، تونس 2000.